الفصل الرابع
لم يدر كايل ما الذي سيقوله بعد, كان يرغب في معانقتها لكنها كانت تتصرف بضيق وبرودة.
تمتمت دون أن تنظر اليه" شكرا علي الهدايا"
ارتجفت يداها وهي تقفل صندوق الموسيقي, فتحه كايل ثانية ووضع شهادة تعلم ارقص بداخله.
أجاب وهو يفكر ما الذي عليه أن يفعله ليجعلها تنظر اليه" أنت علي الرحب دائما, فغداء العيد كان رائعا والرفقة كانت أفضل"
"كايل..."
"ما الذي ستفعلينه في ليلة رأس السنة؟"
همست"لا وقت لدي لمثل هذه الأمور"
"لا وقت لديك للقيام بماذا, ريسا؟"
أخيرا رفعت عينيها اليه" وقت للمرح, وقت للمواعدة, وقت لمطاردة كل العلاقات الفارغة"
آلمه ذلك, لكن من خلال النظر الي عينيها, علم أنها جادة بما قالته, وهذه هي المشكلة, أخذ نفسا عميقا وقال" أنت تعلمين ماذا يقال عن الكثير من العمل ولا وقت للتسلية"
أنهت الكلام عنه" وهذا ما يجعلني انسانة مملة جدا, أعلم ذلك"
"كنت أفكر في نفسي ,فأنت لست مملة, أنت مثيرة للاهتمام وتأسرين من يراك, كما وأنك لا يمكن أن تكوني مملة"
لم تعلم كلاريسا ما الذي ستقوله, فهي لم تلتق مرة رجلا أكثر صعوبة من ثنيه عن مقابلتها. نظر الي ساعته واستدار نحو غرفة الجلوس, كل ذلك في حركة واحدة, وهذا ما جعلها تشعر بدوار.
في غرفة الجلوس حيث كانت ستيفاني نائمة علي الصوفا , قال بنعومة" علي أن أذهب"
أعطته معطفه ومن ثم انحني ليمسك بالمزلاجين, ارتدي معطفه دون أن يبعد نظره عنها. قال" لم تجيبي علي سؤالي بعد"
سألته هامسة"أي سؤال؟" قالت لنفسها أنها تهمس لأنها لا تريد ايقاظ ابنتها, لكنها كانت تعلم أن السبب ليس ستيفاني, همست لأنها عندما نظرت اليه كان يخفض جفنيه وهذا ما جعلها تفعل مثله.
قال"لم تخبريني ماذا الذي ستفعلينه ليلة رأس السنة؟"
مجرد ذكره للسنة الجديدة ذكرها ما الذي ستحضره معها هذه السنة, لمعت في فكرها صفحات دفتر المواعيد والتي ملأت بلقاءات مع العرسان ومتعهدي الطعام وكذلك مواعيد العلاج الفيزيائي ل ستيفاني
"لدي عمل يا كايل"
"لديك حفل زفاف ليلة رأس السنة؟"
وعندما أحنت رأسها تابع" وهل ستبقين هناك طوال الليل؟"
"قد أفعل ذلك"
"ليلة رأس السنة هو الوقت المناسب للاحتفال, لا للعمل"
مع كلماته فكرت بتلك الصفحات الأخري في دفتر مواعيدها, الصفحات التي تركتها فارغة بشكل مطلق.
كل عمل ستيفاني طوال الخمس سنوات وكل العلاج الفيزيائي وكل القلق, كل أحلامها لابنتها يقودها الي آخر أسبوع من يناير(كانون الثاني) حيث ستخضع ستيفاني وكما تأمل كلاريسا الي آخر عملية رئيسية, اذا تمت الأمور علي ما يرام أثناء العملية, ففي السنة الجديدة ستري ابنتها تسير بمفردها , وهذا كان الهدف الوحيد ل كلاريسا طوال الخمس سنوات الماضية, منذ اليوم الذي وضع فيه الطبيب ستيفاني بين ذراعيها, منذ اليوم الذي بكت فيه أن هذه الطفلة الرائعة ستواجه الحياة علي كرسي, ومنذ المرة الأولي التي سمعت فيها كلمتي تشويه خلقي ,حتي أقسمت أنها ستفعل كل ما باستطاعتها لتري ابنتها تمشي. لا يهم كم تشعر بالراحة قرب كايل ولا يهم كم يشعرها بأهميتها ولا كم تشعر بالانجذاب نحوه, فهي لا تستطيع الاستسلام لهذا الانجذاب, ولمصلحة ستيفاني لا يمكنها التخلي عن أهدافها
تمتمت " هناك أشياء أخري في الحياة بجانب المرح,كما تعلم"
لم يزعج نفسه بالاجابة علي ذلك وقال بصوته المميز" وماذا عما بعد أن ينتهي الزفاف؟"
"قلت أن لدينا حفلة ماما, حفلة رأس السنة"
نظرا معا الي الفتاة التي كانت تدفع بنفسها لتجلس علي الصوفا وهي تتابع" هل تعتقدين أن كايل يحب أن يأتي؟"
في أوقات كهذه كانت كلاريسا تتمني أن ابنتها ليست دائما مشرقة وفرحة, قالت لها" أنا متأكدة أن لدي كايل مشاريع أخري" ورمت كايل بنظرة متمنية أن يفهمها جيدا
سألت ستيفاني "هل لديك مشاريع أخري,كايل؟"
هذه المرة تلعثم كايل محاولا أن يجد جوابا, راقب ستيفاني تمسك بالعكازتين ومن ثم تحمل نفسها علي قدميها, منذ لحظات شعر بقوة كبيرة من الانجذاب نحو كلاريسا وهو يعانقها والآن هي تنظر اليه وكأنها تتوسله أن يفهم لماذا لا تريد دعوته مرة ثانية.
كررت ستيفاني ما أن وصلت بجانبه" ألديك؟ ستمضي ايمي جو باركر ليلة رأس السنة في فلوريدا عند جدها, لديه حوض سباحة وقالت لي أنها ستسبح في الشتاء, أنا لا أهتم للسباحة ولكنني سأكون سعيدة جدا ان أتيت الي حفلتنا"
ذكر ستيفاني للسباحة أعاد الي مخيلة كايل صورته وشقيقيه وصديقه المفضل جايسون وهم يقفزون ويلعبون بالماء, كانت الصورة واضحة جدا لدرجة أنه كاد يسمع ضحكة جايسون, تركت تلك الذكري احساس بالفراغ, لأن ذلك اليوم كان آخر مرة سبحوا معا.
أجاب بصدق وهو ينظر الي الفتاة والي أمها" لا أعلم ما الذي سأفعله في تلك الليلة"
أجابت ستيفاني" آه, حسنا...ان كنت لا تفعل شيئا فعليك القدوم الي حفلتنا"
لدي ذكريات ذلك اليوم قدرة علي جعل كايل حزينا, والتحدث عن أي شيء يساعد ,سأل كلاريسا" أي نوع من الحفلات ستقيمان؟"
"فقط أنا وستيفاني, وعدتها أن نستأجر فيلما لعالم ديزني وسنشوي حلوي الخطمى فوق النار وسنحتفل بالسنة الجديدة ونحن نشرب الشوكولا الساخنة, لا شيء مثير"
قالت ستيفاني بحماس" هل تريد أن تأتي؟"
أجاب من دون أي وعد" سنري.."
"جيد"
من الواضح أن كلاريسا لم تكن متحمسة لامكانية رؤيته ثانية كما كانت ستيفاني, لم يستطع أن يفهم تلك المرأة ولا يفهم ما الذي يجعلها دافئة وباردة أيضا, والشيء الوحيد الذي يعرفه حقا أنه يريد رؤيتها مرة ثانية.
استدار ليغادر وقال" عيد سعيد"
قالت ستيفاني بصوت عالي" عيد سعيد وآه ...كايل؟ اذا أتيت الي حفلتنا ,هل يمكنك أن تحضر المزلاج أيضا؟"
أغلق القباب وراؤه وهذا ما أنقذه من الاجابة بضيق وتوتر.
************
كانت هناك موسيقي صاخبة في كل مكان ومع كل صخب يقوم به كل شخص لم يعرف كايل كيف تمكن من البقاء هادئا, كانت هناك أوراق للزينة في كل مكان , وكل شخص هناك, والديه وتايلور و ميتش و راين والصغير جوي, الكل سعيد, يضحك ويسخر ويطلب النكات , الكل ما عدا واحد.... وهو كايل, مع أنه لم يكن يرغب في أن يجعلهم يعرفون ذلك.
شارك بالحديث مع تايلور عن الرهان الجديد, لكنه لم يرتبط بأي كلام, ومن المؤكد أنه لن يقدم علي أمر سخيف بايجاد فتاة يائسة, كما وأه أخبر جميع أفراد عائلته ما الذي يفكر فيه بشأن تركه بمفرده علي العيد.
لقد مر يومان منذ أن رآها ولم يتمكن من ابعادها عن أفكاره ولو للحظة.
قاد ميتش و راين ابنهما جوي الي غرفته لينام, ورمي تايلور بنفسه علي الصوفا المواجهة لكايل قال" كان يجب أن تأتي معنا الي بانكوك كايل, اعتقدت أنني أغرمت لثلاث مرات, ولم أري بحياتي هكذا نساء جميلات في مكان واحد"
قالت ماري هاريس لزوجها وهي تقاطع ابنها الأصغر" تعال ايد, لنذهب ونعد القهوة وتحضر أطباق الحلوي"
غمز ايد لولديه وهو يقول" لا تدعا اعتذارها لصنع القهوة يمر عليكما, هي فقط لا تريد أن تستمع اليكما تتحدثان عن آخر انتصاراتكما"
سألت" تتحدثان؟ بل تتبجحان هي الكلمة المناسبة أكثر, كما وأنني ان تعلمت شيئا واحدا في تربية الصبيان أنه كلما تحدثوا أكثر عن الأمر كان فعلهم أقل"
تفاجأ تايلور وضحك كايل لأول مرة ضحكة حقيقة هذا النهار
سألت أمه كايل" وما الذي يضحكك؟ لقد كنت صامتا طوال النهار, حسب حدسي الأمومي أقول أن هناك شيئا ما له علاقة بامرأة"
انتظر تايلور حتي غاب والديه داخل المطبخ قبل أن يقول" ما الذي يحدث أيها المحتال؟ انا سافرت الي خط الاستواء للقيام بعمل ما, وأنت وجدت من تريدها هنا,اذا أخبرني, من تكون؟"
"من هي من تكون؟" سأل ميتش وهو يدخل الي الغرفة
"المرأة التي يقابلها كايل"
"كايل يواعد امرأة؟" سألت راين وبعدها صرخت بمرح بسبب ضم ميتش لها
فكر كايل, أمر مزعج, هكذا هما راين و ميتش. سعيدان ومغرمان بكل وضوح........ ولهذا هما مصدر ازعاج.
مالت راين برأسها الي جهة واحدة وابتسمت بنعومة الي كايل وهذا ما جعله يشعر بالألم, انها رائعة ومحبة وعطوفة ومثيرة للاهتمام, لا عجب أن ميتش وقع في غرامها, وكل ذلك مزعج بالنسبة اليه, كما وأنها مساعدة كلاريسا ولهو لن يخبر أحدا وبالأخص راين أنه قبل رئيستها في العمل, ولن يخبر ميتش أو تايلور حتي.
قال"ليس هناك ما أصرح به, كما وأنني أرغب في سماع المزيد من الأشياء التي كان تاي يتحدث عنها"
مرت فترة بعد الظهر كالعادة في منزل هاريس, كان هناك الكثير من الضحك والضجة, وتظاهر كايل أنه يستمع الي حديث تايلور عن النساء في بانكوك ولكن فكره كان مع امرأة أخري وهي هنا في جنوب بنسلفانيا.
بعد مرور عدة ساعات كان هو أول من أظهر رغبة في الرحيل وأول من ارتدي معطفه وسار باتجاه الباب.
نادته راين" لا تتصرف كالغرباء, في أي وقت ترغب في لعب كرة السلة مع ميتش تعال مباشرة الي منزلنا"
لم يكن قد اعتاد بعد علي فكرة أن ميتش قد تزوج وسماعه ل راين تقول منزلنا ذكرته بالتغيرات التي حلت بالعائلة, حمل الهدايا التي حصل عليها بين يديه وسار نحو الباب.
استوقفه تايلور" ما الذي ستفعله في ليلة رأس السنة؟"
فكر كايل بدعوة ستيفاني ولكنه قال" لا أعلم بعد, لماذا؟"
"لأن الإخوة جورغنسون سيقيمون حفلة هذه السنة أيضا, لقد تعاقدوا مع فرقة موسيقية واستأجروا صالة وفيها قاعة كبيرة للرقص, يجب أن تكون مناسبة كبيرة لنربح تلك الجائزة من ميتش"
سأل ميتش" تربحان جائزتي؟"
حذر كايل أخيه" لا تسأل"
قالت ماري" وهذا يذكرني, ابنة عمك اميليا اتصلت البارحة وطلبت مني أن أعلمكم جميعا أنها و سوزي تخططان لإقامة حفلة مفاجئة لعيد ميلاد الستين للعم مارتن الشهر القادم, أنتم تعلمون كم أنتم مميزون بالنسبة اليه وكيف ساعدتموه علي ابقاء ذكري جايسون حية لديه طوال تلك السنين" ثم استدارت نحو زوجة ابنها وقالت" تتمني اميليا أن تعطيها بعض النصائح في تنظيم الحفلات يا راين"
قالت راين" العم مارتن, هل هو زوج العمة ميلي؟"
شهق كل من تايلور و ميتش و ايد و ماري معا وقالت ماري باصرار" العمة ميلي متزوجة من العم جو, آوه لا, لم أتمن يوما أن أري ميلي و مارتن معا"
قال ايد ساخرا" لم أتمن أن أراها يوما مع أحد"
وما أن بادر الجميع باخبار راين قصصا مرعبة عن لسان ميلي السليط, أخيرا فهم كايل ما الذي يربكه هكذا طوال النهار, ليس السبب ذكري جايسون, بل كان هناك شيء آخر, كان كايل مع عائلته ولكنه شعر بأنه وحيد.
قال وداعه الأخير واستدار وسار نحو الردهة ونزل الدرج, لم يدرك أن تايلور تبعه حتي سمع صوت أخيه يقول" ما الذي تقوله بشأن الحفلة؟ لقد علمت أن الفرقة الموسيقية رائعة كايل, وهناك العديد من النساء لنرقص معهن"
عدد من النساء للرقص معهن؟ كايل يريد فقط أن يرقص مع واحدة بالذات, استدار ليواجه أخيه ويقول" سأفكر بالأمر تاي, وأعلمك"
*********
صرخت ستيفاني"ماما, هذا صوت كايل! لماذا هو في الراديو؟"
وضعت كلاريسا الفيلم المستأجر علي المقعد بينها وبين ستيفاني وأدارت المساحات علي الحاجب الزجاجي لتبعد الثلج الذي تجمع هناك ونظرت للوراء وبدأت بالخروج من موقف السيارات, قالت تفسر لابنتها" صوت كايل في الراديو كل صباح لأنه يعمل بالاذاعة"
"أنت تقصدين أنه مشهور؟"
"صوته المشهور, عزيزتي" وهذا صحيح, فصوت كايل مشهور جدا. وفي الحقيقة الصوت الناعم المنخفض يسحر النساء في فيلادلفيا وفي المنطقة المحيطة, وقد أصبح اسمه الأول في الاذاعة اذ أن النساء تريد أن تستيقظ علي صوته وشهرته مع المستمعين الرجال تزداد فان لديه طريقة خاصة بالكلام التي تثير اهتمام الجميع
لم تقصد كلاريسا أن تدير الراديو علي محطة كايل والآن بعد أن سمعت ستيفان صوته فهي تشك أن كانت تستطيع تبديلها
"هل تعتقدين أنه سيأتي الي حفلتنا الليلة, ماما؟"
رق قلب كلاريسا لدي سماع سؤال ابنتها, حاولت أن تحضر ابنتها لخيبة الأمل التي ستشعر بها عندما يتغيب كايل عن حضور حفلتها, حاولت أن تفسر لها أنه رجل أعزب وبدون شك لديه حفلات أخري يريد الذهاب اليها
"لا أعتقد ذلك, ستيفاني"
"قال أنه سيري"
"أعلم عزيزتي, الكبار يقولون ذلك أحيانا عندما لا يعلمون ماذا سيقولون"
قرأت كلاريسا الاهتمام في عينيه وأدركت أنه كان ليأتي لو طلبت كلاريسا منه ذلك, لا يمكنها أن تفسر لما لم تفعل, علي الأقل لابنتها البالغة من العمر خمس سنوات
عندما اقتربا من البيت قالت ستيفاني" السيد أبرناتي يعتقد أنه سيأتي"
ابتسمت كلاريسا وهي تقود السيارة عبر الازدحام, ألم تعرف دائما أن لابنتها ارادة قوية؟ والحقيقة أن ستيفاني تؤمن بأحلامها , بعد مرورو عدة دقائق أوقفت سيارتها أمام منزل وبحثت عن رقم جليسة الأطفال التي اتصلت بها راين وبالكاد وصلت الي الطريق الفرعية حتي رأت أمامها فتاة شقراء في عمر المراهقة تنزل علي الدرج
للحظة تخيلت كلاريسا كيف ستبدو ستيفاني وهي في ذات العمر, سيكون شعرها أسود بدلا من هذا الشعر الأشقر وسيطير ورائها بسبب الرياح الباردة تماما كما يفعل شعر جينفير الآن, تخيلت ستيفاني هي من تنزل الدرج وتركض نحوها بساقيها الطويلتين وقامتها الرشيقة بدون عكازين ولا قضبان معدنية.
قالت جينفير" أليس الطقس باردا جدا؟ تقول أمي أنها لم تثلج هكذا منذ أن كنت أنا في مثل عمرك ستيفاني"
فتحت باب السيارة وساعدت ستيفاني بالخروج وبسهولة جعلت كلاريسا تعلم أن ليس عليها القلق مما ستتلقاه ابنتها من عناية.
انشغلت ستيفاني بحماس المراهقة وأمسكت بعكازتيها وأسرعت نحو البسيت ,في الداخل , أعطت كلاريسا التعلمات ل جينفير وتركت رقم هاتفها حيث بامكانها الاتصال بها
سألت ستيفاني" هل ستتأخرين,ماما؟ لأننا لا نستطيع التأخر عن حفلتنا"
"سيكون زفاف صغير زلن يستمر لوقت طويل, علي فقط أن أوصل الزهور وأتأكد من متعهدي الطعام" مدت يدها وأمسكت بساعة ابنتها علي رسغها وأشارت الي الرقم ستة والثاني عشر" سأعود عند الساعة السادسة" طبعت قبلة علي خد ابنتها وأسرعت بالذهاب الي آخر حفل زفاف لهذه السنة.
بعد مرور عدة ساعات وهما في المنزل كانت لا تزال تتحدث عن جينفير لكن فترة المساء التي أمضياها معا وبالرغم من ذلك لم تتوقف الطفلة عن سؤالها عن كايل
وعملت كلاريسا كل ما في وسعها لتأخذ الحديث باتجاهات أخري, أعدتا الحلوي وسمعتا شريط الأغنية الجديدة الذي أحضرته ستيفاني وضحكتا كثيرا علي الزهرة التي أحضرها كايل وهي تتمايل علي أصواتهما, وفي الوقت الذي شاهدا فيه فيلم الأطفال للمرة الثانية توقفت ستيفاني عن سؤال أمها اذا كانت تعتقد أن كايل سيأتي.
نظرت الي ساعتها باهتمام وتنهدت, مع أنها لم تكن متأكدة تماما من الوقت الا أنها أصبحت تجيد الساعة والنصف ومما رأته تستطيع القول أن الساعة قاربت علي العاشرة وكايل لم يأت, نظرت الي الخارج من وراء النافذة وقالت" لا أعتقد أنه سيأتي"
انضمت الي ابنتها قرب النافذة وحاولت أن تظهر في صوتها كل الفرح لتنسي ابنتها خيبة الأمل لعدم قدوم كايل" انظري عزيزتي, ألا ترين أن الثلج رائع الجمال"
لمعت عينا الفتاة بالحماسة وقالت" السيد أبرناتي يقول أن ضوء القمر والثلج لهما قدرة غريبة علي الاحساس بالفرح"
ابتسمت كلاريسا فهي تؤمن بالسعادة والحماسة التي تشعر بها ابنتها ,حاولت ألا تفكر بالعملية الجراحية القادمة أو بالألم الذي ستتحمله ستيفاني وبدلا من ذلك تصورت ابنتها تركض وتلعب وللحظة تخيلت نفسها ترقص.
تثاءبت ستيفاني وبعد فترة قصيرة قادتها كلاريسا بعيدا عن النافذة ,أخذت وقتها وهي تمشط شعرها الطويل وتساعدها علي ارتداء قميص نومها وقرأت لها قصتها المفضلة, وضعت الغطاء حتي ذقن ستيفاني وقبلت ابنتها متمنية لها ليلة سعيدة وتمتمت "أحلام سعيدة"
سألت ستيفاني ما أن وصلت كلاريسا عند الباب" ماما؟"
"نعم"
"اذا أتي كايل بعد أن أنام هل تسألينه أن يأتي غدا؟"
همست كلاريسا" الناس لا تزور بعضها في وقت متأخر عزيزتي"
"لكن ان فعل, هل تدعينه للعودة؟"
كان طلبا بسيطا ولم تستطع أن تجد طريقة لتمنع ابنتها أن كايل لن يأتي, في هذه اللحظة, ستفهم ستيفاني ذلك بنفسها" حسنا"
"تعدينني؟"
"نعم,أعدك"
عندما عادت الي غرفة الجلوس, رتبت الوسائد وطوت كنزة ستيفاني ووضعت الصحون والأكواب فوق بعضها وحملتها الي المطبخ, بعد ذلك أطفأت الضوء في الزاوية وأضواء الشجرة ثم جلست وفتحت دفتر مواعيدها للأسبوع القادم, كانت الساعة قد جاوزت الحادية عشر والنصف قبل أن تنتبه للوقت.
أغلقت الدفتر بعد أن كتبت ملاحظاتها, وأعادته للمكتب, دخلت الي غرفة الحمام وغسلت وجهها وأسنانها وارتدت قميص النوم وروبها. ذهبت للتأكد علي ستيفاني وتذكرت آخر كلمات قالتها لها لهذا النهار, كلمات جعلتها تلتزم بأن تدعو كايل الي المنزل اذا مر بمنزلها.
شعرت بقلبها يخفق بقوة من الألم فتمنت لو أنها تستطيع حماية ابنتها من الألم وخيبة الأمل.
تركت الباب مفتوحا قليلا وشدت الروب علي خصرها وسارت نحو الغرفة لتطفئ النور. شدت انتباهها الي النافذة ووجدت نفسها تحدق بألوان الشتاء الأبيض والفضي والسماء الصافية. منذ خمس سنوات وهي تصارع بقوة لتبني حياة جديدة لها ولابنتها ومع تصميم ستيفاني القوي والعمل القاسي الدائم كانت دائما لا تشعر بالوحدة مطلقا, لكن في الليالي ومثل هذه الليلة بالذات عندما يكون المنزل هادئا وضوء القمر مشعا تشعر بالوحدة كوحدة الظلال التي تسقط علي الثلج.
وقفت كلاريسا أمام النافذة لوقت طويل وهي عاقدة يديها علي صدرها وأفكارها تجول بدون أي أهداف خاصة مستسلمة لشعورها أكثر من عقلها.
في مكان ما خلف البيت القديم لمعت أنوار سيارة من خلال الأشجار, ضائعة في أفكارها بقيت واقفة أمام النافذة منتظرة أن تمر السيارة أمامها.
لم يفكر كايل بالتوقف, لكنه وجد نفسه يوقف سيارته بجانب الشارع, لقد ذهب الي الحفلة وتايلور كان علي حق, الفرقة الموسيقية كانت رائعة ومليئة بالحيوية وصاخبة, والنساء اللواتي رقصن كن كذلك, والمرأة الأخيرة كانت واضحة أنها لا تمانع أن تمضي ليلة رأس السنة برفقته. أبعد ذراعيها عن رقبته ولم يفكر حتي بما قالته مع أنها جذابة, وقال كايل لنفسه أن لا سبب لديه ليشعر أنه نكد المزاج, لكن ما أن أصبحت الدقائق تقترب من منتصف الليل...توجه الي الخارج بمفرده.
عندما صعد الي سيارته لم يكن لديه مكان خاص في فكره ليتوجه اليه, ببساطة انطلق ناحية الشمال وترك أفكاره تقود السيارة , أوصلته مباشرة الي كريكرتون ومباشرة الي كلاريسا.
قال لنفسه أنه مجنون, من المحتمل أنها نائمة, وذكر نفسه أن عليه أن ينهض الساعة الرابعة ليتمكن من قيام عمله الباكر, وعد نفسه أنه ببساطة سيسير علي مهل , ينظر الي نافذتها المظلمة ويتابع السير, لكن نافذتها لم تكن مظلمة...كانت تقف هناك. وهناك نور خافت يشع من ورائها ويلقي بالنور علي شعرها وحول رأسها وكتفيها, خافيا كل ملامحها في الظلام, وللحظة طويلة ,كل ما استطاع القيام به ....
هو التحديق بها.
تخلصت كلاريسا من تأملها ببطء, تعرفت علي السيارة الحمراء التي وقفت أمام منزلها وراقبت الضوء داخل السيارة وهو يتقلب , تنفست بعمق وما أن أغلق كايل الباب وسار عبر الرصيف , وقف ينظر اليها بدون أن يتحرك وهذا ما جعل دقات قلبها تتسارع.
كان ضوء القمر هو الضوء الوحيد في الخارج ومع ذلك لم تشك مطلقا أن نظرات كايل كانت متجهة تماما الي عينيها.
قال" مرحبا" وهذه الكلمة البسيطة جعلت نبضها يتسارع
"لم أكن أتوقع أن تمر من هنا الليلة"
بدا أنه بحاجة لقدرة كبيرة ليتمكن من ابعاد عينيه عن وجهها, وعندما فعل ذلك أخيرا, نظر في عينيها مباشرة قبل أن يقول" حاولت أن أفعل ريسا, لكنني لم أستطع البقاء بعيدا"
تسارعت أفكارها لكنها لم تجد جوابا واحدا.
"هل أستطيع الدخول؟"
تنحت جانبا ودخل كايل ,بالكاد ترك لها مسافة لتغلق الباب خلفه"لم أكن متأكد أنك مازلت مستيقظة"
وقف من دون حراك يبعد عدة خطوات فقط,كانت رائحته باردة كالثلج في الخارج, لكن النظر في عينيه جعلها تتأكد أنه بعيد جدا عن أي برودة
همست"كدت أن أنام, أتيت لأطفئ النور" حاولت أن تستجمع شجاعتها وتراجعت خطوة الي الوراء, سألته بصوت هادئ" لم أنت هنا يا كايل؟"
لم يرفع صوته عن الهمس" لأنها ليلة رأس السنة وليس لدي امرأة لأقبلها"
"اعتقدت أن لديك حفلة الليلة"
"هذا صحيح"
"اذا كان هناك العديد من النساء؟"
"أردت فقط تقبيلك"
سمعت صدي هذه الكلمات في رأسها, وداخل أفكارها متعقبة مقاومتها., راقبته وهو يقترب منها ويعانقها.
تمتمت" ما كان علينا أن نفعل ذلك"
احتاج كايل لكل ما لديه ليبتعد عنها وبعد أن التقي بنظرات عينيها لاحظ الحزن العميق فيهما ولا علاقة له مطلقا بالفرح والأعياد, لقد رآها من قبل عندما نظرت الي القضبان المعدنية علي ساقي ستيفاني.
قالت وهي تبتعد أكثر" الوقت متأخر"
"هل تعلمين ما أنت بحاجة اليه, ريسا؟" وكاد أن يبتسم لنظرتها المترقبة" هل قال لك أحد أن لديك أفكار غريبة؟"
"فقط أنت"
لسبب ما كلماتها أسعدته......فقط أنت.
لم ترتبك تحت نظراته, فكيف لها أن تفعل ذلك وهو ينظر اليها كأنه يري المرأة الأكثر جمالا في حياته كلها؟
وبخت كلاريسا نفسها لعدم تحفظها, فهي تعلم أولوياتها , وهي تعلم أن تكون حكيمة وتفكر بذلك دائما, سألته" هل انتهيت؟" وشدت علي حزام روبها بقوة, كان بامكانها أن تسمع دقات قلبها في أذنيها وهي تنظر في عينيه.
سألها" انتهيت؟ آه, ريسا, نحن بعيدان جدا عن النهاية"
نهاية الفصل الرابع ......
أنت تقرأ
الفارس الاعزب منقوله من منتدى رواياتي روايات عبير دار النحاس
Romanceالمقدمة صرخ كايل" أنا من سيمسك بذلك الرباط, تراجعوا" بدأ الحشد بالعد من رقم عشرة ونزولا, عند الرقم ثمانية , نظر كايل الي منافسيه ليدرس قدراتهم. عند الرقم خمسة, وضع يديه علي ركبتيه. عند الرقم اثنين, تخيل نفسه يضع الرباط علي ساق كلاريسا كوهاغن المتناس...