الجزء الأخير (النهاية)

787 41 4
                                    





كان آدم واقفا عند طرف الشارع ينتظر بفقدان صبر يمشي ذهابا وإيابا ينظر إلى هاتفه كل لحظة..

- أنا آسفة قد أخرني أبي فطلباته لم ترد الانتهاء،
تعلقت بدراعه لنغادر أين السيارة..

- أنا أنتظرك هنا منذ ساعة ونصف منذ متى تتأخرين عن مواعيدك..!!
- أنا.. هل كنت ملتزمة بمواعيدي؟! أظن أني لم أستعد ذاكرتي كاملة..

قام بلف دراعه حول كتفها: كفاك مزاحا..

ركبا السيارة وغادرا..
- إلى أين ستأخذني..!!
- إلى منزلي..
- هل جننت..!! لن أذهب..
- لا تخافي لن أقوم بأكلك..
أنا أدعوك للعشاء وأنا من سيطبخ لك.. ألا نذهب ونختر لنا مطعما؟

- لا لا فل نذهب، لا أظن أني سأحضى بفرصة كهذه،
أنت مازلت تعاملني بطيبة لأني غادرت المستشفى قبل شهر فقط..

- ياربي لم أرى ناكرة للجميل مثلك، أنسيتي..!! وإن نسيتي عودي لمذكرتك واقرئيها جيدا..

- هل قرأت مذكرتي..!؟ من سمح لك بفعل ذلك..

- أنا آسف لقد رأيت شيئا بسيطا فقط فأنت من كان يطلب مني أن أكتب لك ما نسيتي..

- لن أستطيع نسيان ما فعلته لأجلي أنت ويوسف ما حييت.. ذلك الغبي غادر دون وداعي إنه أخ سيء جدا..

- لقد ودعني أنا، لكنه يعرف أنك لا تتحملين لحظات الوداع..
لقد وصلنا، ستكونين ثاني أنثى تدخل هذا المنزل بعد أمي..

قاد السيارة طويلا داخل أسوار المنزل في طريق ممتد على جنباته نباتات من مختلف بقاع الأرض قبل أن يصل البيت..

- أتسكن هنا وحدك ألا تخاف..!!
- انزلي.. مما سأخاف أيتها الحمقاء..

دخلا المنزل، كانت منبهرة بجماله، وظلت أعينها سارحة في المكان مسحورة بكل ما تراه..

- أيعجبك..؟!
- إنه يشبهك كثيرا.. إن رأيته كنت لأقول أنه منزلك..

ابتسم: سأغير ملابسي حالا ثم أعود، تجولي في المكان كما تحبين..

عاد بعد دقائق..
- أتريدين أن تريني وأنا أطبخ أم ستكتفين بالأكل..!!
- طبعا أريد أن أراك، إنها أمنية حياتي..

دخلا المطبخ.. جلست على كرسي مقابل له..
أحضر لها كأس عصير ليمون: إنه مفيد كما أنه لن يفسد تذوقك للطعام، ساعة وسنتعشى..

كانت تنظر إليه بانبهار فآدم الذي عرفته سابقا لم يكن هذا أبدا وإعجابها به يزداد في كل لحظة تقترب فيها منه أكثر..
كان ينتقل داخل المطبخ هنا وهناك يقلب هنا ويحرك ذاك دون أن تفهم ما يطبخ لكنه يفعل ذلك بحركات احترافية..
بعد مرور ساعة..

- العشاء جاهز، سأغير ملابسي فهناك من سيقدم لنا الطعام..

خرجت رفقته من المطبخ صعد لتغيير ملابسه.. نزل فرأته،
ابتسمت: لماذا تبدو رسميا هكذا؟ لم يستدعي الأمر ارتداءك بدلة..

- لنخرج للحديقة لكن قبل ذلك سأضع هذا الوشاح على عينيك لأني حضرت لك مفاجأة..

- أي مفاجأة..!!
- استديري أيتها الحمقاء، المفاجآت لا تقال لتظل مفاجآت..

غطا عينيها وخرجا للحديقة..
- سنتمشى قليلا لذلك تمسكي بي..

أمسك بيدها وكان يدلها على الطريق حتى لا تتعثر،
وصلا إلى باب البيت البلاستيكي، دخلا فأزال الوشاح عن عينيها..

جالت بنظرها في الأنحاء منبهرة مندهشة بما تراه،
كانت هناك طاولة تتوسط البيت تحيط بها أزهار الزنبق من كل جانب،
بدت كأنها تعيش حلما جميلا، ودون أن تحس بتصرفاتها وجدت نفسها تحتضنه: أنت رائع جدا ولهذا أحبك..

أبعدت يديها عنه: أنا آسفة أعتذر منك، لم أستطع السيطرة على فرحي بالمكان..
أمسكها من يدها: لنجلس..

ما إن جلسا حتى بدأ صوت عزف كمان..
- "إيف ماريا".. إنه عزفك هل سجلته..؟!
حرك رأسه بالإيجاب.. ظلت تنظر إليه ولم تستطع إزالة عينيها عنه.. جاء الطباخ يدفع طاولة تحمل العشاء..

- إن ظللت تنظرين لي هكذا فسأختفي بعد لحظات..
أحنت رأسها خجلا: أنا آسفة..

بعد العشاء جلسا على كرسي في آخر البيت البلاستيكي..

- أيعجبك..!! مشيرا إلى المكان..

- إنه رائع، يشبه منحدر الجبل في كوريا..

- أُنشِئُ غابة استوائية مصغرة في الطرف الآخر من الحديقة..
أمام المنزل ستجدين جميع الأشجار والنباتات التي أحببتها خلال دراستك..

- لماذا تفعل كل هذا..؟!!

جلس أمامها، وأخرج من جيبه علبة، فتحها ليظهر خاتم جميل:
هل تتزوجينني..؟؟

- أنا فتاة صلعاء غادرت عتبة الموت قبل شهر فقط..

- هل تتزوجينني..؟؟
- أنا لست ماهرة في الطبخ مثلك..

- هل تتزوجينني..؟؟

- أنا فتاة مهووسة بالنباتات، قد أتركك بحثا عن نبتة في أحد بقاع الأرض..

- هل تتزوجينني..؟؟

صمتت.. أخذ يدها اليسرى ووضع الخاتم بإصبعها..
- إنه يناسبك فعلا..

بدأت دموعها بالتساقط وهي تنظر للخاتم بإصبعها، نهض واحتضنها..

- لا تبكي أيتها الحمقاء.. لا تدعي والدك يغادر لندن قبل أن أراه..

مسح دموعها بمنديله..
- لقد تسببت لك سابقا بدموع كثيرة، وبعد اليوم لن أدعك تدرفين دمعة..

- متى أحضرت كل هذه النباتات والأشجار هنا..؟!
بدأ بالضحك: هل تحاولين أن تعرفي منذ متى أحبك..؟!

- هل تحبني؟! متى قلت ذلك؟!
لقد عرضت علي الزواج دون أن تخبرني أنك تحبني..

قام بلف دراعه حول عنقها: ليلي عادت لسابق عهدها أخيرا..
أنا أحبك جدا ومنذ أن كنت بغينيا وأنا في كل مرة أحضر نبتة مختلفة للحديقة..
لنذهب تأخرتِ عن العودة للمنزل..

- لا أريد الذهاب..
- انهضي، فعند الثانية عشر لن أضمن ما سأقوم بفعله..

نهضت وأسرعت باتجاه باب البيت البلاستيكي..
- سأعود وحدي فستحل الثانية عشر ليلا ونحن بالطريق..
بدأ بالضحك: حمقاء لنغادر..

غادرا باتجاه منزلها وهي طول الطريق تنظر لخاتمها

- إما أنه أعجبك جدا، أو أنه لا يعجبك..!!
- أخاف أن يكون مجرد حلم..

- هل تريدينني أن ألقى والدك الآن؟!

- سأقول له: عمي زوجني ابنتك المجنونة اليوم حتى تصدق أنها حقيقة..

- سيقول أبي: كيف تقول عن ابنتي مجنونة..؟! ولإظهار حسن نيتك وصدقك عليك المجيء للمغرب وخطبتها أمام عائلتها..

- قال باندهاش: هل سيفعل ذلك حقا؟! سيطلب مني الذهاب المغرب لخطبتك؟!
- لماذا أنت مندهش هكذا..؟! هذا أول شيء سيفعله أبي..

أوقف السيارة أمام منزلها..
- حددي لي موعدا غدا مع والدك..
- لما أنت متسرع هكذا؟! نسيت أن أخبرك بشرطي للزواج بك..
لن تقابل أبي أو نخطب أو نتزوج قبل أن يصبح شعري كبقية الفتيات..

- يا إلهي لماذا أنت هكذا؟! قلت لك أني لست مهتما بشعرك..
- لكني أهتم..!!

- لدي شهر واحد قبل العودة للعمل وأنت تدركين عودتي للعمل ماذا تعني..
بدأت بالضحك: هل تخاف أن تتوتر علاقتنا بعودتك للعمل؟!!

- خائف جدا من هذا الأمر، تعرفين كم شهرا مضى على غيابي عودتي ستجعلني أغرق هناك ولن أجد وقتا حتى للحديث معك بالهاتف..
وضعت يدها على يده: لا تخف من هذا الأمر، أعرف جيدا ماذا تعني إدارة الشركات، حتى لو غبت ستجدني أنتظرك..

نظر إليها..
لا تنظر إلي هكذا سأنزل الآن، سأتساهل معك وسأدعوك للعشاء غدا،
ويمكنك أن تحدث أبي وسنأجل كل شكليات الارتباط فيما بعد..

وضع يده على  رأسها: عندما يصل شعرك عند ذقنك ستصبحين زوجتي بإذن الله..
فتحت السيارة: استعد لإقناع والدي غدا وسنرى بعدها..
.

.

.


- ماري توقفي إلى متى سأجري خلفك، لقد تعبت..

احتضنت الطفلة والدها..

- لقد أصبحتِ عجوزا يا ليلي الجري لخطوات لا تتحملينه..

- وهل تركت لي أنت وابنتك أي قوة لأجري بها..؟!

- ماما عجوز..

بدأوا بالضحك..
- أسمعت يا آدم ما تعلمه لابنتك..

جلسوا جميعا تحت شجرة وارفة الظلال في الحديقة..

- أحب هذه الشجرة..

- إن موطنها هو كندا، من الجميل أن تكون بحديقتنا شجرة كهذه.. والفضل يعود لحبي للنباتات..

- الفضل يعود لي لأني من نقلتها من هناك إلى هنا..

اتكأ آدم على جدع الشجرة، فاتكأت عليه ليلي، جاءت ابنتهما ماري ذات الستة ربيعا تركض إليهما أبعدت أمها واتكأت على والدها..

- لقد أتى اليوم الذي أصبحت أغار فيه من ابنتي..

- لازال هناك كتف خالي في الجهة الأخرى..

غيرت ليلي مكانها لتتكئ على كتف آدم الآخر..
- إنني سعيدة جدا، فكل ما تمنيته من الحياة قد حصلت عليه..

أمسك بيدها: أنا آسف فلم أستطع الوفاء بوعدي بأخذك إلى غابة الأمازون..
ضغطت على يده: وفي المقابل أحضرت لي جميع غابات العالم إلى حيث أنا..

احتضنهما آدم: لنعش بسعادة حتى آخر لحظة في حياتنا..
- سأغمض عيناي وأنام أيقظني عندما يجهز الغذاء..

- ومن سيطبخه..؟!
- أنت..
- وعلى من ستتكئين..؟!
- عليك..
- أيتها المجنونة.. لا أصدق أنك أصبحتِ أمّا ومازلت نفس الطفلة الشقية،
في ساعات أجد ماري أكثر عقلا منك..

لم تستمع إليه وإنما نامت في هدوء..
- لنحمل أمك المجنونة إلى الداخل يا ماري..

حملها وهي نائمة وابنته ماري تتمسك به.. وضعها على الكنبة ودخل المطبخ..

- تعالي يا ماري لنحضر لأمك شيئا تحب أكله..

.

.
The end..

🎉 لقد انتهيت من قراءة زهرة الزنبق..Lily (مكتملة) 🎉
زهرة الزنبق..Lily (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن