ما ان اقترب من باب المستودع حتى سمع أصوات مكتومة اثارت ريبته ..... خطر في باله ان جرذا تسلل الى المستودع ليعيث فيه فسادا.... لكن الفكرة التي تلتها لتحتل عقله ان تكون بعض الصناديق المكدسة قد سقطت على ملك وأنها عالقة داخل المستودع هي التي دفعته ليفتح الباب مندفعا صارخا : ملك ......ليواجه ما لم يتوقعه أبدا
ما رَآه أفقده صوابه تماما ......انقض على ادهم يمسك ذراعيه بكل ما اوتي من قوة ويديره ليواجهه.... يهدر في وجهه: أيها الحقير .....ويدفعه ليرتطم بالحائط بعنف مرة تلو مرة..... ليعود صوت انين ملك وهي تبتعد هاربة ليشعل أتون غضبه.... فيهاجم ادهم بعنف اكبر لكما وركلا : لعنة الله عليك ....لم تردعك حرمة منزل عمتك.... لم يردعك انها بنت عمك... شرفك... لعنك الله !..... انهار ادهم على الارض ينزف من فمه وأنفه.... بينما عاود احمد ركله وهو يلهث ويرتجف غضبا.... امسكه من ياقة قميصه ودفعه رغما عنه ليرفع وجهه.... بصق عليه قائلا باشمئزاز: فعلا رائحة الخمر التي تفوح منك هي ما تحتاجه لتكتمل الصورة المقززة لك . مالذي تتعاطاه ايضا أيها الغبي ليفقدك ليس عقلك فقط بل كل ذرة من المروءة......... آه .... ..... شعر بلسعة حادة أسفل عينه اليمنى.... فقد انتهز ادهم الفرصة ليستل موسا صغيرة من جيبه ويجرح بها وجه احمد الذي أخذته المفاجأة فامتدت أصابعه تتحسس جرحه..... مما منح ادهم مزيدا من حرية الحركة ....فلم يتردد لحظة في طعن احمد في خاصرته مما دفعه الى التراجع مصدوما من فعلة من اعتبره اخا له حتى وقت قريب!...... بعيون متسعة راقبه وهو يهرب لا يلوي على شيء.... بينما تدفق سائل دافىء لزج على كفه التي عجزت عن إيقاف تدفق الدم
تجمد الدم في عروق غادة وهي ترى ابنتها ملك تهرع الى الصالة..... وهي تجهش بالبكاء... شعرها عاثت به الفوضى ....اثار كدمات واضحة على وجهها.... وقد فقد قميصها بعض ازراره. بعينين زائغتين تنظر ملك الى كل الوجوه التي احاطت بها .....والدها وشقيقها وعمها وعمتها وامها..... لتلقي بنفسها بين ذراعي والدتها .....لا تجيب أسئلتهم عما حدث سوى بدموعها وشهقاتها
انطلق ادهم كالصاروخ محاولا الخروج من المنزل باقصى سرعة .....مضطرا للمرور من الصالة.... الجمع المشغول بملك لم يستطع الربط بين كل ما يحدث.... لكن مالك اندفع نحو ادهم محاولا ايقافه.... لكنه عاجله بدفعة قوية طرحته أرضا... بينما خرج من المنزل لحظات وكان صوت سيارته يهدر مبتعدا
توترت سمية عاجزة عن التعامل مع كل هذه الصور المتلاحقة..... نظرت الى عيني شقيقها غسان تستمد منه بعض القوة لكنها عوضا عن ذلك رأت نظراته مرتعبة.... أدارت وجهها تلاحق اتجاه نظره.... ليكون مشهد الختام بطله قرة عينها احمد يتهاوى أمامهم وهو ينزف بغزارة
عشرة ايام مرت ....عشرة ايام لم تغادر فيها منزلها .....تحاول جاهدة ان تنسى.... ان تتعافى من تلك التجربة القاسية صحيح انها لحسن حظها لم تكن سوى دقائق معدودة ..... وأنها خرجت منها ظاهريا سالمة... لكن الرعب الذي سكنها ايقنت انه لن يغادرها أبدا..... الم تكن في منزل عمتها ...محاطة بجميع أفراد عائلتها... والدها وشقيقها وعمها... فيهاجمها من هو من لحمها ودمها ...من يفترض ان يكون سندا وحاميا لها ....فأي حمقاء ستكون ان طَمَحَت للامان يوما بعد الآن! . ستعيش وستمضي بها الأيام... لكنها لن تعود لسابق عهدها أبدا . نهضت من فراشها وقد عقدت عزمها على الاتصال بعمتها ....والاطمئنان على احمد للمرة الاولى من بعد الحادثة..... تعلم كم تبدو ناكرة للجميل ....لكنها لم تتماسك الا منذ ايام قليلة ...بعد ان استطاعت السيطرة على نوبات بكائها الهستيرية التي ظلت تنتابها . هاتفها الملقى على المنضدة باهمال لن يفيدها..... اذ لم تكترث بشحنه ! حسنا... لكنها لن تتراجع.... خرجت من غرفتها متجهة نحو غرفة الجلوس ...لكن خطواتها تجمدت في مكانها وهي تسمع صوت عمها .......وقد انتابها ذعر من وجود ادهم معه ....كانت كلمات عمها تتوالى لتخترق بها روحها : الحمدلله ....ما حدث كان طيش شباب عابر ولم يحدث اي ضرر حقيقي .....الموضوع بسيط ....هاهو احمد قد خرج من المستشفى..... ورأيت بنفسك كيف انه لم يتقدم بأي الشكوى .....لانه ادرك خطأه في مهاجمة ابني مما اضطره للدفاع عن نفسه .....ورغم ذلك فقد نال مني ادهم الكثير من اللوم والتقريع .....لكنه كما أخبرتك طائش ....وانت يا اخي من لديك دواء لطيشه .صمت شقيقه غسان شجعه.... ابتلع ريقه وتابع : ادهم معجب ب ملك .....بل يحبها !.....ولا أخفيك انها تميل له ايضا..... واكبر دليل على ذلك كيف استدرجته الى المستودع حيث فقد السيطرة على نفسه....... وكيف تلومه!!..... وهو شاب تفور دمائه وهي فتاة جميلة.... ولديها حركات البنات المعروفة.... ولهذا أنا اطلب يدها لابني ....... لم تستطع ملك سماع المزيد...... هرولت عائدة الى غرفتها.... ارادت ان تغلق الباب لكن غادة لمحتها ولحقت بها .....نظرات الهلع في عيني ابنتها دفعتها لاحتضانها ....وتحركت بها نحو السرير لتجلسها عليه وتحاول تهدئتها.... وقد بدا جسدها يرتجف : بِسْم الله عليك يا ملك!... ماذا حدث يا حبيبتي ؟!.... فجأة انقلبت ملامح الذعر الى غضب عارم.... وملك تقول بشراسة وهي تشد على أسنانها : عمي!عمي يقول أني استدرجت ابنه واغويته !.....ويقترح تزويجي من ذلك الحقير.... وابي ...أخذت دموعها تنهمر بغزارة وهي تتابع :....وابي يستمع اليه ويتركه يقول ما يريد!.... لماذا ؟!؟...لماذا لم يطرده!.... لماذا لم يقل له ان يخرس وهو يتفوه بتلك القذارات عني ...زادت غادة من احتضانها لها : . اهدئي حبيبتي .. اهدئي .....كانت غادة تردد وهي تمسد شعر ابنتها . طرقات خفيفة على الباب أسكتت كل منهما.... فتحت غادة الباب... ليدخل زوجها وشقيقه الذي تقدم نحو ملك يطبع عَلى رأسها قبلة اشعلتها غضبا ورفضا : ما اخبار ملاكنا الصغيرة
يكفي دلالا يا صغيرة.... ادهم يقتله الأسف لانه اخافك على هذا النحو.... لكن عذره انه يحبك كثيرا... وهو جاهز لأي ترضية تطلبينها.... وعندما تزينين بيته ...سيكون امامكما العمر كله ....انت تتدللين وهو يدللك يا عروس.... أخذت تنقل نظراتها بين والدها الذي لا تفهم صمته..... ووالدتها التي ترسل لها إشارات ان اهدئي ولا تتهوري ...بينما تشعر هي بجرحها الذي أملت ان يشفى يفتح من جديد ملؤه القيح.
انتهى الفصل الثالث
أنت تقرأ
اولاد الحلال
Художественная прозаهتفت به بكل أسى : توقف عن تعذيب نفسك انت مقيد بقيود وهمية حبست نفسك في زنزانة انت بنيتها بنفسك حرر روحك انت تستحق ذلك . ارتجف ألما وأجاب بصوت خافت : تلك القيود لا يمكنني ان أتحرر منها فقد كسرتني وانتهى الامر انت فقط لا يمكنك ان تفهمي !. واجهته كار...