في منزل في أحد الأحياء الراقية، يسكنه أناسٌ ذوي فكرٍ متحضر ومظهرٍ أنيق ولكن نفوسهم تضج بالحقد والكره الدفين، كان يجلس إبراهيم وزوجته رقية يتحدثان في مواضيع مختلفة
سألت رقية بنبرة يكسوها الشر: متى سيتم تقسيم الورث؟ ألا ترى أنكم أعطيتم محسن مدةً أكثر من اللازم للبحث عن تلك الفتاة البلهاء؟
أجابها إبراهيم بهدوء: بلى فعلنا، ولكن محسن مازال يرفض الجلوس مع المحامي لتقسيم الورث، غير أن ماجد الآن مريض وعلينا الانتظار حتى تتحسن حالته
قالت رقية وهي تهز رأسها: آمل أن يُشفى بسرعة حتى نأخذ الأموال التي انتظرناها لأعوام
تمتم إبراهيم بصوتٍ غير مسموع: سيحصل هذا عاجلاً أم آجلاً، لا تقلقي
***
في شركة الإخوة...
ذهب إبراهيم للشركة وتوجه مباشرةً لمكتب أخيه فهد، دخل عليه ليجده يمسك بأوراق ويفحصها بدقة
جلس أمامه وقال: اترك ما بيدك، لدي موضوع هام
رفع رأسه وسأل: ماذا الآن؟
أجاب إبراهيم بسؤال آخر: متى سنجلس مع المحامي لتقسيم الميراث ونأخذ أموالنا؟
أجاب فهد برزانة: أنت أعلم بحال ماجد وتهرب محسن
رد عليه: يمكننا عقد الاجتماع في منزل ماجد، مرضه ليس بمشكلة، أما محسن علينا إيجاد حلٍ لإجباره
سأل فهد: هل لديك حل؟
رد إبراهيم وهو ينظر أمامه: نعم، سنخبره بأن هناك اجتماع مهم وعليه الحضور، ولكن عليك أخذ موعدٍ مع المحامي
سأل فهد مجدداً: ما رأيك أن نعقد هذا الاجتماع بعد خمسة أيام؟
سأل إبراهيم مستغرباً: ولما هذا الموعد البعيد؟
أجابه وهو يعيد نظره للأوراق: لدى ماجد موعد مع الطبيب بعد أربعة أيام وحينها سيحكم على حالته الصحية، بعدها نقرر أين يكون الاجتماع هنا أم عند ماجد، رفع نظره وأكمل: ما رأيك؟
هز رأسه موافقاً: حسناً لا مشكلة، خمسة أيامٍ ليست ببعيدة جداً على كل حال
هز الآخر رأسه وهو يقول: حسناً اتفقنا
وذهب إبراهيم من عنده تحت مراقبة عينا فهد وهو يحدث نفسه سراً: نعم خمسة أيامٍ ليست ببعيدة وحينها ستذهلك المفاجأة التي حضرناها لك، ستذهلك كثيراً.
***
الموقع: دار الأيتام
الزمن: بعد حادثة زيارة ليلى بيومين.. السادسة فجراً
استيقظت شوق لتجد لمار مستيقظة، تقف بجانب النافذة تنظر للأفق ولشروق الشمس، اقتربت منها لتجدها تبكي بصمت وتبدو بعيدةً كل البعد عن الواقع، أدمعت عيناها حزناً على صديقتها التي ستفارقها كما علمت، فراقها ليس بيدها ولكنها السبب فيه نوعاً ما.
التفتت لمار لتُفاجأ بوقوف غزل، لتجدها هي الأخرى تبكي، مسحت دموعها بسرعة لتكون سنداً لصديقة قلبها كما كانت لها دوماً، سألتها بنبرةٍ حاولت أن تكون مرحة قدر المستطاع: لما أنتِ مستيقظة الآن يا كيس النوم؟
ابتسمت غزل لمحاولة لمار وارتمت في حضنها فوراً لتجهش معها في بكاءٍ شاركت فيه الاثنتان معاً، لم تنطقا بحرف واحد لأنهما ببساطة يفهمان بعضهما، يمكن لأنفاسهما السريعة ودموعهما الكثيرة أن تحكي للأخرى ما بها، يكتفيان بنظرات العيون عن صوت الكلام
ابتعدت غزل عن لمار وأمسكت كتفيها قائلةً: أقسم لكِ أني لن أنساكِ، حتى إذا فقدتُ ذاكرتي مجدداً فاعلمي أنكِ باقية في قلبي
ابتسمت لمار لها قائلة: أنا أثق بحُبك لي، وأثق بكِ أكثر من نفسي حتى، احتضتنها مجدداً لتكمل: ثم من قال لكِ بأني سأسمح لكِ بأن تنسيني، أنا سأبقى ملتصقة بكِ للأبد ولن تتخلصي مني أبداً، ابتعدت ليكون دورها لتمسك كتفي غزل مهددةً -كما اعتادت أن تفعل-: أفهمتِ يا صديقتي أم أفهمكِ بطريقتي؟
هزت غزل رأسها بسرعة تمثل الخوف وهي تقول: فهمت فهمت
ضحكتا معاً وارتمت كل واحدة بحضن الأخرى مجدداً لتهمسا معاً في نفس الوقت: أحبكِ جميلتِي
***
في اليوم التالي تقابل محسن وعزيز في أحد المراكز الحكومية لإتمام آخر الإجراءات لاستعادة هوية غزل التي سُجلت منذ ثلاثة أعوام في سجلات المفقودين، بعد عمل الإجراءات اللازمة وأثناء خروجهما من المركز سأل عزيز: متى سنأخذ غزل من الدار؟
أجاب محسن وهما يصعدان للسيارة: سنذهب غداً إن شاء الله، ولكن أين ستسكنان؟
أبتسم عزيز وأجاب: سنسكن في شقتي
سأل محسن بنبرة مترجية: لما لا تعودان وتسكنان معنا كما كنا من قبل؟
أجابه عزيز: هذه رغبتي أنا، ولا أعتقد بأن غزل لديها مانع في ذلك
رد محسن متفهماً: حسناً كما تشاء واعلم أن منزلي في استقبالكما في أي وقت
ابتسم عزيز لعمه بامتنان وهمس شاكراً: أشكرك يا عمي
***
اقترب وقت المواجهة للجميع وبدأ العد التنازلي لكشف الحقائق، مواجهة غزل ولمارلفراق بعضهما، مواجهة عزيز لعمه واستعادة حقوقه، مواجهة إبراهيم للحقيقة التيستصدمه بلا شك، مواجهة الحقيقة المخفية في الماضية، مواجهة سر الحقد الدفين بينالإخوة، ومواجهة وكشف كل ما أُخفي خلال السنوات الماضية.
أنت تقرأ
مفقودة
Short Story«"ما اسمكِ أيتها الصغيرة ؟!" صمت آخر ساد المكان وفراغ كبير اجتاح عقلي وسؤال وحيد يتكرر صداه داخلي.. من أنا !!» *** «سأله محسن مستغرباً صمته: ماذا هناك ريان؟ هل يوجد ما تود إخباري به؟ تنهد ريان بعد أن أخذ نفساً عميقاً: لقد رأيت غزل!» *** دخل ذلك الش...