كان ستيفن منكمشاً تحت سوط سيده, انحنى واستعد للضربة مرة أخرى. كان يغطي الجزء الخلفي من رأسه بيديه, في محاولة لتفادي أسوأ الضربات.
"أمرتك بإزالة الغرفة حين امتلأت! انظر الآن إلى الفوضى التي تسببت بها!" صرخ سيده.
كان ستيفن يكره الصراخ. لقد ولد مشوهاً, كان ظهره ملتوياً بحدبة دائمة, وقد بدا أكبر من عمره بكثير, كان يصرخ في وجهه منذ كان طفلاً. لم يتكيف أبداً مع إخوته أو أصدقاءه أو مع أي شخص. وقد كان والديه يتظاهران بأنه غير موجود, وعندما بلغ من العمر ما يكفي, وجدوا سبباً لإخراجه من المنزل. لقد كان يسبب لهم الإحراج دائما.
منذ ذلك الحين, عاش ستيفن حياة صعبة موحشة, لقد تُرك ليعيل نفسه. بعد سنوات من العمل في وظائف غريبة ومن التسول في الشوارع عندما يكون في حاجة, وجد أخيراً وظيفةً داخل قلعة الملك, يكدح مع الخدم الآخرين في غرفة حاويات الحجرات. كانت مهمته لسنوات, بالانتظار حتى امتلاء حاوية الحجرة الحديدية الضخمة بمياه القاذورات والمياه الوسخة من الطوابق العليا, ثم نقلها حين تفيض بمساعدة خادمٍ آخر. كانوا ينقلوها من الباب الخلفي للقلعة, عبر الحقول إلى حافة النهر ويلقوها هناك.
كانت هذه وظيفته لسنين تعلم خلالها أن يقوم بها بشكل جيد, وبما أن وضعه كان مدمراً قبل وصوله, فإنه سحب هذا الوعاء لم يؤثر فيه بعد كل ذلك. بالطبع كانت رائحة النفايات لا تطاق, ولكن رغم ذلك ومع مرور الوقت , تعلم كيف يستطيع منع نفسه عن شمها. لقد علّم عقله أن يذهب إلى أماكن أخرى, أن يفر عبر خياله, يتخيل عوالم بديلة ويقنع نفسه بأنه في أيّ مكان ولكن ليس هنا. كانت هدية ستيفن الوحيدة في الحياة هي خياله العظيم, ولم يكن يستغرق الكثير من الوقت لإرساله إلى عالم آخر. كانت له هدية أخرى رائعة وهي قوة ملاحظته. كان الجميع يقلل من شأنه, ولكنه كان يسمع ويرى كل شيء, ويمتص كل شيء مثل الإسفنج. كان أكثر حساسية وإدراك من كثيرٍ من الناس.
وهذا هو السبب في أنه في ذلك اليوم حين انزلق الخنجر في المزلق الحجري, في حاوية الحجرات, كان ستيفن الوحيد الذي انتبه لذلك. لقد سمع اختلافاً في صوت الانزلاق في البداية, ثم سقط شيءٌ ما في الماء بدا غير بشري, كان معدناً. لقد سمع رنة صغيرة حين استقر في الأسفل وحينها عرف على الفور حصول شيءٍ ما غير اعتيادي, كان شيئا مختلفاً. شخص ما رمى شيئا أسفل المزلق, شيء لم يكن من المفترض أن يُرمى. سواء كان وقوعه حادثة أو على الأرجح أنه كان عن قصد .
انتظر ستيفن لحظة كان الآخرون لا ينظرون واقترب من الوعاء خلسة, حبس نفسه, طوى كماً واحداً, أوصله إلى كتفه. أنزل يده إلى الداخل على الرغم من كل تلك القاذورات وفتّش عنه حتى وجده. لقد كان على حق, كان هناك شيءٌ ما, كان طويلاً ومعدنياً. أمسك به وجذبه. لقد شعر حتى قبل أن يصل إلى السطح, أنه خنجر. انتزعه بسرعة, ونظر حوله ليتأكد أن أحداً لم يراه, ثم وضعه في قطعة قماش وخبئه بداخل طوبة مفكوكة داخل الحائط.
أنت تقرأ
مسيرة الملوك ( الكتاب الثاني من سلسلة طوق الساحر )
Fantasiaمسيرة الملوك للمؤلف مورغان رايس رواية مترجمة