سار تور وسط كتيبة ضخمة من أفراد الفيلق, كروهن عند عقبيه, ريس, أوكونور, والتوائم على جانبه, كلهم يتجهون نحو طريق واسعة ترابية لا يبدو لها نهاية. لقد كانوا يسيرون منذ ساعات متجهين نحو الوادي البعيد, يحضرون للمرحلة الأولى من انطلاقهم في رحلتهم إلى بحر تارتوفيان. كان تور يعود بذاكرته إلى ليلته مع جوين, لقد استيقظ مع الفجر ووصل في الصباح إلى الثكنات. لقد انضم إلى الآخرين بينما كانوا يجهزون للانطلاق, حضّر كل أشياءه, أمسك بكيسه ومقلاعه وأسلحته وغادر مع الآخرين في الوقت المناسب تماماً.
لم يكن تور يصدق أنه ذاهب في هذه الرحلة مع جميع هؤلاء الصبية, في طريقه إلى ما يعرف أنه سيكون أصعب مئة يوم في حياته, في طريقه لترك وقت الصبا وراءه والذهاب ليصبح رجلاً. خفق قلبه لترقب هذا. كان يمكن أن يشعر بالطنين الحماسي في الهواء, والتوتر أيضاً. سار بعض الصبية بحماس في خطواتهم, ولكن البعض الآخر بقي صامتاً وعلى وجهه تعابير الخوف. حين وصول تور, سمع أخباراً عن أن اثنين من أعضاء الفيلق فروا خلال الليل, على ما يبدو أنهما كانا خائفين جداً من رحلة المئة يوم. لقد كان سعيداً أن أحداً من أصدقاءه في الفيلق لم يغادر. كان من الممكن أن يغمر تور القلق, ولكن لحسن الحظ أنه كان مشغولاً وعقله في مكان آخر. جويندولين. لقد مرت ليلته معها كالسحابة. لم يستطع نسيان صورة وجهها وصوتها وروحها. كما لو أنها معه الآن, لقد كان يوم ساحراً وليلة من أجمل ليالي عمره. امتلأ قلبه بحبها وهو يفكر فيها, مجرد معرفته أنها موجودة جعله يشعر بأن كل شيء في العالم سيكون بخير, مهما حصل خلال المئة يوم. طالما أنه يملكها, كان لديه سببٌ للبقاء على قيد الحياة وسببٌ للعودة. وهذا من شأنه أن يعطيه قوة خلال هذه الفترة.
لقد بكيا معاً من أجل والدها, ووجودها في جانبه قد أعطاه شعوراً بالسلام والعزاء لم يشعر به من قبل, أن يكون قادراً على تقاسم مشاعره معها جعل كل ذلك أسهل احتمالاً. وقد جعلهما أقرب أيضاً. أغلق عينيه ورأى البحيرة مرة أخرى, ومياهها البيضاء والزرقاء, وتلك الجزيرة, المنعزلة بشكل كاملٍ عن العالم, كان أكثر مكانٍ ساحرٍ قد رآه في حياته. كان يتذكر مشاهدتهم النجوم طوال الليل, وهي مستلقية بين ذراعيه. تذكر كيف نامت هكذا بين ذراعيه وهي تضع رأسه على صدرها. كانت هذه هي المرة الأولى التي تنام فتاة على ذراعيه. خلال الليل كانت هناك لحظات بكت فيها, وكان يعرف أنها تفكر في والدها.
لقد استيقظ تور عندما بدء ضوء الفجر بالبزوغ, ضوء أحمرٌ جميل غطا الأفق مع أول شروق الشمس, وكل شيء كان رائعا في ذلك العالم. كان قد استيقظ وجوين ماتزال على ذراعيه, وزنها على صدره, ودفئها والسكون التام في الصباح الصيفي. كان هناك نسيم خفيف والأشجار تتمايل معه, وكل شيء كان مثالياً. لقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يشعر بها بالمعني الحقيقي للراحة والانتماء والحب. للمرة الأولى كان يشعر أنه مرغوب من قبل شخص ما, وهذا كان يعني له أكثر مما يستطيع وصفه.
أنت تقرأ
مسيرة الملوك ( الكتاب الثاني من سلسلة طوق الساحر )
Fantasiaمسيرة الملوك للمؤلف مورغان رايس رواية مترجمة