وغرزت السم في مكمني..

34 0 0
                                    

لم أتوقع. . كل هذا وأن حدوثه لا محالة واقع, كيف لنا ألا ندرك الخطايا و النوايا في نفوس البشر.
نحن بشر لنا مقياس لكل ما حولنا كترمومتر حراري, نقيس إرتفاع و هبوط العلاقات بحواسنا الذاتية و شواهد و وقائع نكذبها بفضل عقلنا الباطن الذي يرفض التصديق..
من شدة خجلي يومها لم أستطع النظر لاری مكان جلوسها سوی أنها بالمقاعد الخلفية, لكن وعلى حين غرة وصل الی سمعي صوتها و كان عبارة عن تجاذب لأطراف حديث بين شخصين يتبادلان الحوار حول موضوع ما, تجهم وجهي وقررت وقتها الالتفات لكي اتأكد. .
"معقول!! لا ؟! لن تكون هي"  فليلی تلك الفتاة الخجولة ذات الغمازة علی وجنتيها و التي تكره تبادل أبسط سلام مع غريب ما..كيف لها أن يكون كل هذا الحديث من طرفها.."انظر يا علي وكفا" هكذا كنت اتمتم لنفسي, فار الدم بعروقي ووسعت حدقة عيني و كانت الشياطين تلعب وتقفز أمامي,  كيف لها أن تكلم و تمزح مع شخص لا يقرب لها بتاتا, فقط لأنه شاطرها كرسي المقطورة, أخاف عليها من نسيم الهواء اذا ما داعب شعرها, فكيف لا يفور التنور وأنا أرى الذئب جالس أمام غزالتي..
رباه رحمتك..هدأت قليلا قبل أن أذهب إليها و اكلمها.
"خالتي, لو سمحتي اذهبي و اجلسي بجانب والدتي فهي تشعر بالضجر" هذا ما استطعت قوله حينها.
جلست ولم أنطق بكلمة واحدة, أما ذلك المتطفل الغريب فكان كل لحظة يحاول قيادة نقاش عن موضوع ما, وهذا ما شد انتباهها فهي كانت تهوی القراءة و كثيرة الإطلاع,  لم أكن أعلم بحبها للنقاش إلا الآن,  و هذا ما ازعجني كثيرا, كيف لم أعرف و هي قريبة الروح و بلسم كل الجروح و أتمنى ألا يتسبب فعلها هذا بكثير من القروح.
حاولت أن أدخل في خضم النقاش وأن آخذ زمام أمور الحوار, و لكن نمطيتي الهادئة لم تكن كافية لشد انتباهها عنه وعن طريقة حديثه المشوقة المليئة بالأحداث و التفاصيل..
حرقت بنار جمر الهوی. .فبت ذاك اليوم معذبا..
لم فعلت هذا بي, لقد رأيت في عينيها خلال لحظات ما لم أراه منها وكنت انتظره خلال ما مضی من تلك السنين..
انعطف القطار بمنحدر,  أحسست حينها بأني انحدرت منه بلا رحمة و بكل قسوة و بشاعة. لقد استثنت وجودي و أحرقت قلبي ونبض فؤادي و كل كياني بطرفها الذي ابی إلا أن تكمل حديثها مع الغريب و تتجاهل وجودي بكل تعنت و جفاء.
حينها نهضت من مكاني وقلت لها بصوت حاد, اذهبي و اجلسي مع خالتي إنها تناديك, ففهمت المغزی من وراء كلامي, فنظرت الي, وكأنها ترسل الي إشارات ليس من حقك فلست بوصي علي. لكنها و حتی لا تحرجني أمام الغريب,  اعتذرت منه ثم رحلت الی مقعد النسوة. ذهبت بعد أن غرزت ذلك السم من عينيها في مكمني ..
وصل القطار الی المحطة المرجوة, ونزل كل منا وهو لا يكلم الآخر,  ولكن الغريب جاء مسرعا ليسلم عليها قبل رحيلنا.
وهنا كان السقوط من أعلى القمة في عرش قلبي,,
#لولونور ✒

حين أری عينيك..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن