تشرق الشمس في بيت على طراز قديم مثل أفلام الأبيض و الأسود ، واسع في حي شعبي ، يعيش فيه ثلاث أشخاص "هي" ، "هو" و أمه . كان البيت من طابق واحد يغطي أغلبيته اللون البني و القليل من الستائر الفيروزية الجميلة، حيث كان البيت مليء بالسعادة و في منتهى البساطة . كانت "هي" الفتاة الاجمل في البيت ، ذات الشعر البني الفاتح القريب إلى خصرها ، نحيفة القامة ، تلبس لباس البيت القطني الواسع ذو النقشة البسيطة بالون الأبيض ، كان سروالها يغطي رجليها حتى عظمة الصاق ، كانت أقمام السترة تغطي يديها حتى بداية ظهور أصابعها . كان شعرها البني مموج و ناعم كالحرير ، حيث كانت هي الأُنثى الوحيدة في البيت ، هي و حماتها ، حيث لم تتعدى هي ال١٦ من عمرها ، حيث أن عمر حماتها كان ٦٠ سنة. كانت السيدة العجوز بيضاء اللون ، شقراء ، ذات العينان الزرقوات وكانت ترتدي مريلة المطبخ ، تقف امام الطابخ تحضر الغداء ، حيث كانت "هي" تنتظر زوجها...حبيبها "هو" الذي كان اجمل الرجال في عينها . كانت حينها تساعد حماتها في عمل المنزل الذي خلى من الأطفال لذالك قل عمل البيت فيه . نظرت مبتسمة من النافذة تطالع حبيبها ، نادت حماتها
-"أمي قد جاء "..."
-حقاً !
ثم ذهبت لتحتضنه قافزة عليه مغمضة عينيها :
-حبيبي
كان هو غريب بعض الشيء . ربت على ظهرها في تعجب . كان "هو" رجل في سن ال ٣٥ من عمره . ترى ما الذي يجعل فتاه في سن ال١٦ أن تتزوج رجل في ذلك السن المبكر و أن تترك دراستها؟! حقاً أنه أمر غريب . كانوا في بداية زواجهما . كلاهما تزوج في ذلك العمر.
كان "هو" مدرس في مدرسة داخلية للبنات وقت ما تعرف عليها . كانت "هي" تلميذة في أواخر سن الخامسة عشر. لم ترى احد من عائلتها قط بل كانت
فتاة يتيمة في مدرسة داخلية في بلدة حلاوتها في بساطتها و بساطت شعبها الذي كان شعب من طبقة واحدة ، طبقة الأخلاق العالية و توسط الدخل ، حيث كان العلماء و الأطباء و المهندسون قليلون و لم تكن الأسعار تكاد أن تشتعل ناراً بل في مكان أشبه بالجنة الصغرى .
تعرف "هو" عليها عندما كان مدرس لغة عربية في هذه المدرسة . عَلِمَ أنها فتاة تصرف عليها مدرستها و لم تكن تعرف احد في حياتها سوى داخلها أشخاص المدرسة و بالطبع البياعين و أصحاب الحرف في الشارع . تعرف عليها و قرر أن يتزوجها ! كان رجل طويل القامة ، متوسط العرض ، ذو شعر و عينين سودتين و اسمر اللون و كان متديناً ، حسون الخلق كبقية الشعب . أحبته هو و كان هو بالنسبة لها حبيبها ، ابوها ، أخاها و أخيراً معلمها. كانت فتاة تنبع فيها الطفولة و الرضا و لأنها كانت مراهقة فكانت عاقلة . وافقت "هي" على الزواج منه حيث أنه لم يحبها كحبيبة و لاكن أحبها كإبنته و ذلك لم يضايقها أو بمعنى أصح لم تلحظ هذا . كانت هذه المرة الأولى له في الزواج .
أنت تقرأ
هما (هي و هو)
Short Storyأحياناً قد تكون اختياراتنا غبية لاكن تأثيرها قد يكون اجمل مما نتوقعه ، يكون القدر قاسياً علينا ثم يطيب جروحنا بقسوة اكبر ثم يحولها إلى مفاجأة ليست على البال، فإن الحب لا يعرف سن او لون او دين فالحب يعمي عيوننا و يفتح اكبر أبواب القلب ، قد تكون صائبة...