الفصل الثامن

2.6K 57 9
                                    

تحركت همس بهدوء داخل حرم الجامعة ، ممسكة بيد رجاء ساخطة على التأخير فاليوم أول محاضراتها يدرسها بلال وكان لديها بصيص أمل لحضوره اليوم فقد إفتقدت مشاكساته على مدار الأيام الماضية .

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فرجاء اليوم نسيت ضبط المنبه لتستيقظ همس متأخرة ساعة على موعدها ، فأصبحت تصارع الوقت كي تلحق بمحاضراتها ،رغم معرفتها بأنها لن تلحق بها بكل الطرق .

وبالفعل منذ وطأت قدماها داخل أروقة الحرم الجامعي حتى وصل إلى مسامعها حديث الطلاب بشأن حضور بلال ومزاجه العكر حيث صرخ في أكثر من طالب منذ الصباح ولأسباب تافهة من وجهة نظرهم

وأثناء سيرها مع رجاء إرتطمت بجسد يعلوها بإنشين وربما ثلاثة ، لتهوى هي أرضاً لتصرخب بفزع " حسبي الله ونعم الوكيل فيك أيها الاحمق ، وهل كان ينقصني تأخير الآن فقدت أخر أمل أن يسمح أستاذ بلال بدخولي إلى المحاضرة " .

حاولت رجاء التحدث ولكن إشارة واحدة منه منعتها من التفوه بكلمة ،صدمته بلغت مداها ، هل ما يفكر به صحيح ، وبهدوء أشار إلى رجاء على عينيه ثم وجه سبابته تجاه همس ليرفع يديه بحركة نفي مع تحريك رأسه بنفي ،وكأنه يسألها إذا كانت لاترى .

أومأت رجاء برأسها مؤكدة على كلامه مع دمعة تدلت على وجنتها حزناً وكمداً على حال همس ، ليسحب بلال يد رجاء ويبتعد بها عن همس نطقاً بصوت لا يكاد يسمع " لا تخبريها أنها إرتطمت بي ، وإذهبي بها إلى المحاضرة قبل وصولي إلى القاعة ، إياك وأن تخبريها بأنني عرفت شيئاً عن حالتها ،فأخر ما ينقصها هو شعور الشفقة".

عادت رجاء إلى همس التي مازالت تنفض الغبار الذي لا تراه عن ملابسها وكأنها واثقة من إتساخ تنورتها رغم أن ذلك لم يكن صريح ، ولذا سحبتها رجاء بهدوء من يديها وهي تقول بهدوء كي تبدو صادقة " هيا همسبلال لم يصل إلى القاعة بعد لقد رأيته في الجهة المقابلة ، مازال أمامنا وقت قبل أن يصل ".

تهللت أسارير وجهها لهذا الخبر ،تركت رجاء تسحبها  بأريحية وكأنها تلقت خبر سعيد ، نسيت نداء معدتها لخروجها دون تناول الإفطار ، ونسيت إحساسها بالبشاعة لعدم تمكنها من إختيار ملابسها ،بإختصار نسيت كل شيئ عدا أن بلال عاد وبخير .

جلست في مقعدها بالقرب من رجاء ، سمعت صوته يلقي التحية على الجميع سرعان ما إسترسل بالشرح وهي تخزن كل كلمة في رأسها وفي المسجلة الصغيرة أمامها .

نظر بلال لمسجلتها الصغير ، كيف لم يلاحظ من قبل أنها لا تدون بل تسمع فقط كانت الدلائل أمامه دائماً ، ولكنه لم يكن يراها ، هو فقط كان يسرع بالإتهامات والإهانة .

والقلب إذا هوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن