الفصل الرابع عشر

4.8K 72 20
                                    

وقفت همس بشموخ أمام ذلك المنزل العتيق إعتقدته قصراً ولكن رجاء أكدت على أنه مجرد منزل من عدة طوابق محاط بحديقة يعلوها سور عالي.

تلمست رباط عينيها الأبيض بيديها ونطقت بدلاخلها بجمود فقط بضعة اسابيع أخرى" جملة بسيطة كررتها بداخلها طوال الأيام الماضية منذ أفاقت من المخدر بعد العملية الجراحية.

نطقت رجاء بسخرية ممزوجة بالحسرة "إعتقدته قصراً، ولكنه مجرد بناية قديمة جداً أظنها أيلة للسقوط ، أجمل ما هنا هي الحديقة ضخمة واسعة وفسيحة ، وعلى مايبدو أن هذه الحديقة تلقى عناية خاصة ، ولكن بالنسبة للبناية اقل ما يقال عنها أنها حقيرة ، مسكننا المتواضع السابق كان اكثر رقياً".

إبتسمت همس وهي تستمع لتعليقات رجاء كيف ستعجب رجاء بمنزل كل ما يمثله هو قيمته التاريخية ، رجاء ربما تستوعب القيمة المادية ولكن القيمة التاريخية والأصل والجذور تصعب على فتاة افقها ضيق وتفكيرها محدود كرجاء.

نزلت من السيارة تتبعها رجاء المتذمرة والتي ترغب في العودة الشقة الأنيقة ذات البناية الراقية من وجهة نظرها .

أمسكت رجاء بيد همس وطلبت من سائق السيارة إنزال الحقائب وضغطت الجرس لتستمع إلى الرنين وهي تلقي جملة جديدة ساخرة عن مدى قدم الجرس "جرس الجدة بطة".

إنفجرت همس من الضحك بعد تلك الجملة ترى ماذا ستكون ردة فعل اهل البيت حينما يخالطون رجاء ويعرفون كمية الرفض بداخلها للمنزل.

إنفتح الباب بهدوء لتنطق الخادمة مرحبة بينما تتساءل عن هوية القادمين، وحينما تحدثت رجاء بعجرفة مصطنعة مخبرة إياها بأنهن على مواعد مع صاحب المنزل السيد محمود أمسكت همس نفسها عن الإنفجار من الضحك لإسلوب رجاء وتمنت لو كانت مبصرة في تلك اللحظة كي ترى تعابير وجه رجاء.

تقدمتهن الخادمة إلى الصالون ، وفي الداخل تغيرت نظرة رجاء كلياً وهي تمسك بيد همس وتسحبها بهدوء وهي تشرح لها مدى روعة وفخامة المكان في الداخل وأنه لا يمت بصلة إلى المنزل المتهالك من الخارج.

كانت همس تستمع بإنصات شديد تحاول الإلمام بكل التفاصيل ، فها هي الآن في منزل طفولتها المزعوم ، بين جنبات الماضي الحارقة بكل مآسيه، والواقع بكل قسوته، بينما المستقبل غامض ولا يبشر بخير .

كل شيئ بدا مهم حتى نفس الهواء في هذا المنزل رائحة التاريخ ، فها هو الشيئ الذي لطالما إستمعت لوالدتها وهي تروي  عنه،  نسبها العريق وتاريخ عائلتها المبهر والذي كانت تحلم بأن تعيش فخره.

دلفت إلى الغرفة إمرأة متصابية تحمل بقايا من جمال الماضي وكثير من زيف الحاضر كما وصفتها رجاء هامسة ، ملابس غير محتشمة لا تليق بسنها الذي أرجحته رجاء إلى قرابة الخمسون عاماً .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 07, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

والقلب إذا هوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن