أشرقت شمس النهار ليستفيق هشام فيجد والدته تُعِد الفطور..
_هشام :صباح الخير يا ماما
_أمينه :صباح النور ، لابس رايح فين كده مش أخدت اجازة من الشغل.
_هشام :هجيب شوية أكل عشان..
_لم يُكمل فقالت هى مع ابتسامة :عشان هايدى ، على العموم متتأخرش وكمان اللبس اللى انت جايبهولها جميل أوى.
_تنحنح هشام قائلا :احم..طيب أنا هروح عشان متأخرش.
...
وصلت سارة إلى الشركة وكان المصعد معطلاً فقررت الصعود على السلم وبطريقها أخذت تحدث نفسها..
_اهدى يا سارة اهدى ممكن مش هو.. بس ده شبهه أوى.. يمكن ليه توأم أو يخلق من الشبه ٤٠.. طيب لو كان هو.. انتى مكبرة الموضوع ليه بالعكس ده ممكن يحسن من نظرك أدامه..
_قاطع تفكيرها صوته وهو يقول :المرادى متأخرتيش ومفيش أسانسير
_نظرت للخلف فوجدته يصعد على السلم :هاه.. اه.. أيوة
_أدهم :واضح كده انك مش مركزة خالص
_ممكن ثانية ؟
دققت هى النظر به وبعدما تأكدت أنه هو أخذت هاتفها وأخذت تنظر له تارة وتنظر للصورة تارة حتى تأكدت من شكوكها..
_أدهم متعجباً :انتى هبلة؟!
_انت مش فاكرنى؟
_مش فاهم وضحى
_احنا اتقابلنا قبل كده.. مش فاكر ؟
_أيوة فى الأسانسير
_لا لا قبل كده
_ماظنش
_ابتسمت سارة وقالت :طيب أقولك ولا لا
_تقولى ايه!! انتى بتتكلمى بالألغاز ليه
_خلاص مش هقولك اتقابلنا فين.. لازم تعرف لوحدك
_أفهم من كلامك اننا اتقابلنا فعلاً قبل كده ؟!
_سارة وهى تشير برأسهاyes :
_وانتى عارفة امتى
_أيوة
_طيب ما تقولى
_لا اعرف لوحدك
_طيب ولو فكرت كتير وعرفت هستفيد إيه.
_اممم اطلب منى أى طلب وهنفذهولك فوراً
_فكر أدهم قليلاً ثم قال :لو افتكرت هتنفذهولى.. اوك.. توعدينى ؟
_سارة مازحة :أوعدك.. بشرفى
ضحك أدهم ثم وجدا أنهم وصلا إلى نهاية السلم ولم يشعرها بالإرهاق بسبب حديثهما معاً فقال أدهم مداعباً لها :أخيراً بقا ليكى فايدة ،لما الأسانسير يتعطل هجيبك تقفى على السلم.
_ها ها ها طب امشى يا خفيف
_نعم !
_اسفة مش أصدى اجت كده بس بجد بجد سورى أنا عشان بس اتكلمنا وشكلى أخدت عليك بس أنا بجد...
_شششش هو أنا فتحتك اتسدى ،ويلا عشان اتأخرنا على الإجتماع.
..
طوال الإجتماع كان أدهم يراقب سارة ، لا يعلم ما الذى يحدث له ولكن هى الفتاة الوحيدة التى يشعر بالراحة اتجاهها ،هو يكره الفتيات حقاً ولكنها مختلفة عنهم فهى تكلمت معه براحة دون أن تعرف أنه المدير ،لم تحب شخصية المدير صاحب الأموال ولكنها أحبت أن تتكلم معه ذاته وهى تعتقد أنه مجرد موظف ،قاطع تفكيره وهى توجه حديثها له مترجمة كلام الوفد..
_سارة :طالبين يعملوا المشروع فى قرية سياحية
_أدهم :معنديش مانع
_ترجمت سارة كلماته للوفد ثم عادت لتقول له :حضرتك هتعرف أكتر منهم أكيد.. تحب القرية تكون فين؟
_أدهم :ممكن شرم
لم تترجم للوفد ولكنها اقتربت منه قليلا وقالت :مش الساحل يبقى أحسن.
نظر لها أدهم رافعاً لحاجبه فتنحنحت قليلا وترجمت للوفد فوافق وأُعد كل شئ على ذهابهم لشرم الشيخ بعد يومان ،انتهى العمل ثم ذهب أدهم إلى مكتبه وعند دخوله طلب من سكرتيرته أن تُحضِر له ملف سارة وأخذ يفكر أين ممكن أن يكون قد قابلها..
...
عاد هشام إلى المنزل فوجد والدته تخرج من غرفته حاملة الطعام كامل لم يمسه شئ..
_هشام :مأكلتش ؟
_أمينه :تعبتنى معاها من الصبح وأنا بتحايل عليها.
_هشام وقد أخذ منها الطعام :طيب هاتى وجبت أكل كتير شوفى هتطبخى إيه.
_أمينه :يارب تسمع كلامك .
طرق هشام على الباب ودخل عندما سمعها تسمح له بالدخول ،وجدها نائمة على ظهرها وناظرة لسقف الغرفة ،لم يتحدث فقط اكتفى بالنظر إليها.
_هايدى :مش ليا نِفس آكل يا طنط متحاوليش.
_هشام :الكلام ده لطنط مش ليا.
بعدما سمعت صوته ارتفع قلبها وهبط فحاولت أن تعتدل فى جلستها بسرعة ولكنها كانت ضعيفة فلم تستطع فقام هو بترك الطعام على الكرسى وساعدها فى الجلوس فأخذت تعدل من شكل شعرها ،لاحظ هو ارتباكها فنظر إلى الأرض ضاحكاً..وبعدها قام بأخذ الطعام وجلس أمامها على الفراش.
_هشام :يلا كُلى
_لم تجبه فقط ظلت ناظرة إليه فأخذ الملعقة وأمرها قائلا :افتحى بؤك
_قالت هى رافضة :مش ليا نِفس.
_أخذ نفسا عميقا ثم قال :افتحئ بؤك
_وأنا قلت مش ليا نِفس.
_غضب هو واشتد كلامه :يعنى مش هتاكلى هتصومى عن الأكل ،عايزة تموتى
_لم تجبه هى واكتفت بالنظر إليه فقال لها :كُلى يا هايدى بلاش تعصبينى
_وانت مالك بيا.. مش انت مش بتحبنى وخلاص كرهتنى يبقى أموت أولع براحتى
_انتى متخلفة ازاى يعنى مش بحبك وبتحايل عليكى تاكلى
_قطبت جبينها وأظهرت له أنها غاضبة ولكن من داخلها كانت تشعر بسعادة عامرة فقال لها ثانيا :افتحى بؤك
استجابت له وكان يضع الطعام فى فمها ويراقبها وهى تأكل ، وهى لم تحرك عينيها من عليه فى حين كانت والدته تتابعهما وقالت لنفسها..
_الله يرحمك يا أيوب أكدتلى انهم هيرجعوا تانى لبعض قبل ما تموت.
...
فى الشركة انتهى أدهم من عمله مبكراً فذهب إلى البيت مسرعاً وأعَد له كوب قهوه لكى يقرأ ملف سارة..
بدأ يقرأ اسمها وسنها فوجدها تصغره بأربعة أشهر فقط ،أتت عيناه على عنوان منزلها فحدث نفسه..
_مش ده عنوان توحة !!.. سارة تبقى بنت اخوها ؟!..لا أنا لازم أتأكد ،طيب أعمل إيه!!.. فكرة بردو.
ثم أخذ هاتفه واتصل ب فتحية ..
_فتحية :ألو يا أدهم خير
_أدهم :ايه الطريقة دى !!
_بتكلمنى فى وقت متأخر ومصحينى من النوم ليه يعنى
_ده أنا فكرت كده مع نفسى وعشان هسافر بعد بكرا بالليل قلت أوفى بوعدى وأتعزم عندك بكرا.
_فتحية بفرحة :بجد يا أدهم أخيرااا هتيجى.
_شفتى بقا مش حارمك من حاجة بس اعملى أكل حلو مش عايز يجيلى إسهال
_اقفل يا كلب
_ضحك أدهم : تمام سلام.
_أدهم لنفسه :بكرا أروح وأتأكد بنفسى.
...
لم تنم جيداً مثل هذا اليوم منذ أن تركها هشام ولكن بعد إعترافه بحبه لها رغم معرفتها بذلك كان كافياً لتقبلها للحياة مرة أخرى ولكن ما زال حزنها بصدمة والدها فهى كانت تعتقد أن هشام كان يظن بهم السوء لكنه كان محق..
_أمينه بعد أن دلفت إلى الغرفة مع ابتسامه :صباح الخير
_هايدى وقد نهضت من على الفراش واقفة على الأرضية :صباح الخير
_قمتى ليه خليكى نايمة..
_لا مش بحب أنام كتير ولا أفضل فى مكان كده، أنا كنت عايزة أستئذنك بس آخد شاور ولو مفيهاش رخامة أى حاجة ألبسها غير لبس المستشفى ده
_أمينه بابتسامه :صحيح ده أنا نسيت..
ثم توجهت إلى الخزانة وأحضرت حقيبة وأعطتها لهايدى..
_ايه دول ؟!
_هشام راح يجيبهملك مخصوص
_لم تستطع هايدى أن تخفى ابتسامتها فقالت لها أمينه :يلا ادخلى استحمى وأنا هعمل فطار نفطر سوا
_احنا الاتنين بس ؟
قالتها هايدى متلهفة..
_ضحكت أمينه عالياً ثم قالت :لا وهشام معانا
_هايدى وقد بدا عليها الحرج :لا مش أصدى.. أناا بس
_أنا فاهمة كويس يلا روحى بسرعة.
دلفت هايدى دورة المياه بينما خرجت أمينه لتجد هشام يُعِد طعام الإفطار..
_بتعمل الفطار بنفسك.
قالتها أمينة لتثير معه الكلام فيرد هو متسائلاً..
_هى أول مرة ؟
_لا.. بس أول مرة تعمله بالنشاط ده
_نظر لها من زاوية عينيه :والله
_ضحكت أمينه وتحدثت بمياعة :بتاخد شاور وهتيجى على طول
_احم اا شافت الهدوم
_هتلبسهم وهى خارجة
_هشام بصدمة :هى هتمشى ؟!
_أمينه والضحكة لم تفارق وجهها :متقلقش أوى كده ،أصدى هتخرج من الأوضة تفطر معانا
_وضع يده على قفاه :لا مقلقتش ولا حاجة
_أمينه باستهزاء :أه واضح يا حبيبى من غير ما تشرح
_هشام متعجباً لطريقتها :مالك النهارده ؟
قطع حديثهم خروج هايدى من الغرفة وقد كانت رائعة الجمال فالملابس التى اشتراها لها هشام كانت تليق بها وكأنها فُصِلت لأجلها (كانت ترتدى بنطال ضيق من اللون الثلجى وبلوزة واسعة بالون الأزرق الفاتح)
_أمينه وهى تهمس لهشام :عارف مقاسها كمان
_هشام :بالصدفة يا ماما
_أمينه :أيوة ما أنا أخدت بالى
_هايدى :أساعدكوا فى حاجة ؟
_أمينه :لا لا هشام عمل كل حاجة بنفسه،وتعالى نروح السفرة وهو هيجيب الأكل وبالمرة تاكلى وتقوليلى رأيك فى طبيخه
_هايدى وهى تنظر إلى هشام :أها
فى حين ذهاب الاثنتان إلى حجرة الطعام كان يراقبهما وبالأخص هايدى حتى حُرقت يداه بالزيت عن طريق الخطأ فوضعها فى الماء سريعاً فى حين كانت تراقبه والدته وتضحك..
...
نزل أدهم لكى يتناول طعام الفطور مع عائلته لأول مرة منذ بدأ بالعمل،جلس على مقعده على الطاولة أمام عمر بعد أن ألقى السلام عليهم..
_بكر (والد أدهم) :يا ساتر يارب ،انت تعبان يا أدهم ؟
_ضحك عمر على سخرية والده فقام أدهم بركله من أسفل الطاولة وقال لوالده :يعنى أقوم ؟
_مديحة :أبوك ميقصدش يا أدهم بس عشان مش عوايدك تفطر معانا
_أدهم :مش هروح الشركة النهارده فقلت أنزل أفطر معاكوا
_بكر :مش هتروح الشركة ليه ؟
_أدهم :فيه اجازة يومين عشان هنروح شرم نشتغل على المشروع هناك.
ثم وجه حديثه إلى والدته :لوسمحت يا ماما قولى لحليمة تجهز الشنط عشان شكلها هتطول
_بكر :انت هتفضل هناك لحد ما ينتهى المشروع؟
_أدهم :لا معتقدش بس هروح أشوف الأساسيات وأتابعه وبعدين أسيب ناس تكمل على شغلى،عندى لسا شغل كتير هنا متأجل
_بكر :مرتاح مع الوفد الروسى ؟
_أدهم :عادى هى أول مرة بس..
_قاطعته والدته قائلة :كفاية كلام عن الشغل بقا ،مقلتليش ليه يا أدهم انك اجازة النهارده كنت قلت لچودى تيجى
_عمر :ليه السيرة اللى تسد النِفس دى
_مديحة محذرة :عيب يا ولد اتكلم على بنت خالتك حلو
_أدهم :خلص أكلك يا عمر واطلع أوضتى هتلاقى شوكولاته فى الدرج الأخير خُد اتنين عشان الكلمتين دول
_ضحك بكر ثم قام عن السفرة :ريحى نفسك يا مديحة.
_عمر بعد أن قام هو الآخر :أنا كمان هقوم أجيب الشوكلت قبل ما ترجع فى كلامك
_أدهم :عارف لو أخدت أكتر من اتنين هنفخك أنا عاددهم.
_عمر :أوووف ده انت بخيل بخل
_أدهم :نعم.. بتقول حاجة سمعنى
_عمر :بقولك تسلم على كرمك يا أبو الكرم
_أدهم :بحسب
_مديحة :كفاية لماضة يا عمر واجهز بسرعة عشان متتأخرش على المدرسة.
وبعدما صعد عمر التفتت مديحة لأدهم وظلت تنظر له.
_أدهم :متقوليش عشان مش هوافق.
_مديحة :هكلمها وتيجى تسليك
_أنا خارج أصلا
_رايح فين ؟
_أدهم مداعباً لها :هقابل بنت
_بجد يا أدهم ؟حلوة.. طويلة.. قصيرة.. هتجيبها أتعرف عليها امتى ؟
_اهدى يا ماما أنا بهزر معاكى.
_بس انت فيك حاجة متغيرة بقالك يومين ،قولى الموضوع ده أنا ديحه حبيبتك
_لو فيه كنت هقولك بس مفيش حاجة
_عمرك ما ريحتنى
_حضرتك لو تريحى نفسك مش هتحتاجى أريحك.
_ماشى يا أدهم لما نشوف أخرتها معاك.
...
اجتمع هشام ووالدته وهايدى حول الطاولة وبدأوا بتناول الطعام..
_أمينه :ايه رأيك فى طبيخ هشام.
_هايدى :عادى هو مش طبيخ يعنى عمل ايه غير سَخَن وقلى بس.
_أمينه :والملوخية ؟هو اللى عاملها كلها.
_هايدى :لا بيشهق ولا أجدعها ست.
ثم ضحكتا أمينه وهايدى عليه..
_هشام :خلصتوا ضحك ولا لسا ؟
_أمينه :متزعلش يا شوشو
_هايدى بضحكة :شوشو.
_هشام :خلاص بقا انتوا الاتنين.
_أمينه بعد أن أطلقت تنهيدة :بقالى كتير مضحكتش كده ،حاسه انكوا متجوزين.
نظر هشام وهايدى إلى بعضهما ثم أخفضت هى عينيها وساد الصمت قليلا حتى تقطعه هايدى قائلة :أنا أسفة انى عملت إزعاج بس أنا مكنتش عارفة أروح فين ،بس أنا هحجز فى شقة بكرا فى أى مكان وأمشى.
_أمينه :ايه اللى انتى بتقوليه ده هو احنا عملنا معاكى حاجة وحش ؟!
_لا يا طنط مش قصدى بس أكيد تقلت عليكوا وانتوا كنتوا أكتر من أهلى بجد شكرا أوى.
_أمينه :هو عشان ضحكنا شوية تزعلينى.. ما تقول حاجة يا هشام.
_هايدى :يا طنط أنا...
_قاطعها هشام قائلا بحدة وهو ناظراً إلى طعامه :لما نبقى نشتكى ابقى امشى.
_بس بردو الناس هتتكلم و..
قالت حديثها معترضة فقال هو مقاطعاً لها مرة أخرى وقد ظهر غضبه..
_من امتى وانتى بتهتمى بكلام الناس ؟
_أمينه :اهدي يا هشام خلاص.
ثم وجهت حديثها إلى هايدى :وانتى التانية متفتحيش الموضوع ده تانى لما نزهق منك هنبقى نطردك .
ابتسمت هايدى لها ،ثم قامت أمينه وتركتهم يُكملا طعامهما..
_نظر هشام إليها من طرف عينيه لتقول هى :متبصليش كده
_أنا بصيت ؟!
_لا أبدا
_صمت كلاهما قليلا حتى يقول هو :مش حلوة وانتى زعلانه على فكره
_أنا ؟
_هشام محركاً رأسه بمعنى (نعم).
_يعنى انت كداب
_أنا ؟!
_فقامت هى بتحريك رأسها مقلدة له.
_هشام ضاحكاً :ليه بقا ؟
_عشان انت كنت بتقول انى حلوة بكل حالاتى وفى كل الأوقات.
_هشام رافعاً لحاجبيه مع إبتسامه تعلو ثغره :وانتى فاكرة كلامى كويس.
_يا هشام باشا أنا مش بنسى أى حاجة
_هشام مداعباً لها :قصدك مش بتنسى أى حاجة بقولهالك.
_انت مغرور على فكرة
_وانتى حلوة أوى على فكرة
_أخجلتها عبارته فقالت لكى لا تنكشف بصوت رقيق ناظرة إلى الأرض :انت رخم على فكرة
_فقام هشام من مكانه ومال عليها ليقول :وأنا بحبك أوى أوى على فكرة.
ثم أخذ صحنه وصحنها متوجهاً إلى المطبخ تاركاً لها مع إبتسامه وعينان دامعتين من السعادة وقلب يرقص طرباً وأذنان يحتفلان بما سمعتا..
أنت تقرأ
بك أكتمل
Romanceكان تائهاً فكانت هى ضالته.. قال لها ألا تتركها فهو لا شئ بدونها.. فهو.. اكتمل بها..!