10 النهاية

2.8K 91 8
                                    


حدقت به بصمت للحظات و هي نصف مذهولة و نصف متمردة على شعلة الاستمتاع و الثقة التي كانت تتوهج داخل عينيه و حتى و هي تؤكد لنفسها انها تكرهه لاعتباره ما قالته بخفة و تسلية هكذا . الا انها كانت شاكرة له ايضا ان حظها بالنجاح لهذا اليوم المصيري موجود بين يدي خوليو روتسو الواثق تماما من نفسه .
(
عودي الى المنزل . فكري فقط بعرض المساء . بإمكان أي شيء الانتظار الى ما بعد ذلك)
هذا ما قاله لها رون بالضبط . لكن ما اقترحه رون برقة كان عند خوليو روتسو تطمين قادر و آمر
(
حسنا ) قالت بتنهيدة عميقة لكن سواء أكانت هذه تنهيدة رضى لاطلاعه على اكتشافها لمخططه المشين ام انها تعبير عن ارتياحها لسيطرته الكاملة على الوضع هي لم تعرف .
غادرت المكان و خرجت الى الشمس و لسبب غير معروف ابدا لها كأن التوتر و الحنق قد غادراها ليحل مكانهما سلام تام و كامل .
أخيرا و بعد طول انتظار حانت اللحظة الحاسمة و انتهت اللبيسة من وضع اللمسات الأخيرة على ثوب ديمونة و غادرت الغرفة مفسحة المجال لناتاشا بالتمتع بلحظات قليلة مع نفسها . قبل بدء دورها بعد دقائق قليلة .
استجمعت ناتاشا كل جرأتها و ادراكها ان خوليو روتسو سيكون هناك قربها جعلها تدخل المسرح المضيء و تواجه الجمهور الهائل الذي كان يملأ المقاعد و بنظرة واحدة الى الموسيقي اخذت تقوم بدورها و صوتها كالكريستال الصافي و حركاتها طبيعية جدا بتقمصها لدور ديمونة .
علا التصفيق و الهتاف بالفصليين الأولين و أدركت ناتاشا أنها حازت على إعجاب الجمهور . لكن التصفيق كان لها و لباقي الممثلين و المغنيين فدورها الحقيقي هي سيكون الفصل الثالث و يبدو ان الجمهور بدوره كان يؤجل حكمه عليها حتى ذلك الفصل المصيري .
جلست ناتاشا بغرفتها خلال فترة الاستراحة الاخيرة السابقة للفصل الثالث و مع ان خوليو لم يزور غرفتها خلال فترات الاستراحة الا انها لم تكن منزعجة من ذلك فوجوده على المنصة قربها كان كافيا لها و هي لم تكن بحاجة لأي شيء يبعدها عن التركيز الآن .

ادراكها ان حكم الجمهور الحقيقي عليها سيكون في الفصل القادم الان جعلها تشعر بالسعادة لا بالخوف .
(
لا تكوني فائقة الثقة بنفسك ) قالت لنفسها بصرامة ( إنها إحدى أعظم تحديات الأوبرا . لكن بإمكاني فعل ذلك اعرف ان بإمكاني فعل ذلك . طالما انه هناك فإنني لن افشل )
ثم سمعت طرقة على باب غرفتها و دخل ماكس المنتج و وجهه يحمل القلق الواضح .
(
انت تبلين بشكل رائع ناتاشا . كل شيء معد للفصل الاخير )
(
اجل بالطبع .. هل ... هل هناك خطب ما ؟ )
(
حسنا .. لا شيء بالغ الخطورة لقد حدثت مشكلة صغيرة و اعتقد ان رونغ باليارو سينهي الاداء عن خوليو لكن لقد سبق لك و ان عملت معه احيانا و ... )
(
ينهي الاداء عن خوليو ؟ لكن هذا غير ممكن لا يمكن ان انجح بدون السيد روتسو . ما الذي حدث ؟ اين هو ؟ )
دفعت المنتج قليلا و هرعت الى خارج الغرفة .
(
انتظري لحظة انه لم يصب بدرجة خطيرة . لكنه انزلق و هو يتجه الى طاولته قبل لحظات و يعتقدون انه قد فك رسغه . طبيب الأوبرا معه الان . )
(
فك رسغه ؟ رسغه الأيمن ؟ )
(
اخشى ذلك ) رد ماكس
(
اذن .... اذن لن يقدر ان يدير الفرقة ) شعرت فجأة بالرعب و الفراغ ( لكني لا استطيع ان اتابع بدونه ... لا استطيع يجب أن أراه ) .
خرجت من الغرفة و ركضت كالصاعقة الى غرفته و دخلت دون حتى ان تطرق على الباب .
كان خوليو روتسو الشاحب الوجه لدرجة غريبة يجلس على كرسيه و طبيب الدار يتفحص يده اليمنى .
(
اجل . أخشى انك قد شعرت العظم او حتى كسرته . لا استطيع التأكد إلا بعد صورة الأشعة . من الأفضل ان ننقلك الى المستشفى في الحال ) ( كلا ... ) صاحت ناتاشا بذعر من على الباب ( ارجوك ... انا .. لا استطيع المتابعة بدونك ... لا استطيع المتابعة مع أي شخص غيرك . انا خائفة افعل شيئا ما )
و ركعت على ركبتيها قرب كرسيه و ثوب المسرح خاصتها منتشر حولها كالهالة من اللآلئ و الألماس .
(
ارجوك لا تتركني الآن ) و فجأة وضعت رأسها على يده المصابة .
قال الطبيب ( انتبهي )
لكن خوليو اخبره ( اتركها ) و تحرك قليلا و وضع يده اليسرى على رأسها و قال ( اجلسي و لا ترتعبي ناتاشا . ليس عندي أي نية بترك أي موسيقي آخر بأخذ مكاني )
(
آه ) تنهدت بعمق هائل و براحة كاملة
فيما قال الطبيب بقلق ( انت لا تستطيع تحريك رسغك الأيمن سيد روتسو )
(
انا لا انوي ذلك ) رد خوليو ( علي تدبر الامر بيدي اليسرى فقط . و انت ناتاشا . يجب ان تكوني منتبه تماما لانك لن تحظين بنفس القيادة السابقة المعتادة عليها )
(
انا لا أمانع ) قالت بلهفة ( انا لا أمانع طالما انك ستكون موجودا هناك . هل بإمكانك فعل ذلك ؟ هل بإمكانك فعل ذلك حقا ؟ )
(
اجل بالطبع . فليأتي أحدكم بالبراندي . و انهضي عن الأرض ناتاشا انت تفسدين الثوب )
ثم تابع خوليو حديثه للمنتج البالغ القلق ( ليتواجد رونغ باليارو قرب طاولتي في حال حدوث طارئ ما . لكني أظن ان بإمكاني تدبر الأمر )
و كان هناك احتجاج واضح لكنه اسكت الجميع بقراره الصلب و النهائي ( انا من سيدير الفرقة بهذا الفصل الاخير .. انتهى النقاش )

و كان لناتاشا الوقت فقط لتهمس ( شكرا لك . آه شكرا لك ) قبل ان تهرع الى المنصة لتأخذ دورها .
و تبددت الازمة بظرف لحظات كما بدا فناتاشا كانت تدرك و للمرة الاولى بعلاقتهما معا انها بحاجة ماسة لها تماما بنفس حاجتها الماسة له . و بهذا الاقتناع استدعت كل ذرة شجاعة داخلها و كل وحي فني و نظام و موهبة .
و كان الفصل الثالث تماما كما أراداه ان يكون . لم تنس نقطة واحدة من تعليماته . عقلها كان بالغ الصفاء . صوتها تحت سيطرتها الكاملة و تصويرها لشخصية الفتاة البريئة المحكوم عليها بالموت صار حقيقيا و متوسلا و مؤثرا لدرجة ان راندا بيور – الجالسة في مقصورتها – أخذت تذرف دموع التأثر .
كانت ناتاشا تعرف بأعماقها انه سيكون أمامها الان العديد من العروض الأخرى بالسنوات القادمة . لكن شيئا لن يكون بمثل روعة . أمان و جمال هذا العرض العظيم . الليلة هي كليلة الولادة لها . من الصراع الهائل الذي جرى قبلا كانت تنبثق هي الى العالم الذي اراده الله لها .
و فيما دفنت وجهها بين يديها بآخر مقطع من أغنية ( آف ماريا ) أعطاها الجمهور أعظم إعجاب ممكن ان يقدم لفنان . كان الصمت الكامل و الترقب الهائل يغطي الجمهور بأكمله و كل واحد منهم مسحور بالدراما أمامها و لا يجرؤ على كسر قالب السحر المهول هذا بمجرد التصفيق او حتى الهمس .
لم تسمح لنفسها التفكير بذلك قبل إنزال الستار الأخير حيث تفجر هناك التصفيق المدوي و نهض كل من بالقاعة من مكانه تعبيرا عن شدة إعجابه بولادة النجمة الساطعة .
(
ناتاشا .. ناتاشا ) علا الصراخ و الهتاف لها و الممثلين يظهرون بالتالي على عتبه المسرح لتحيه الجمهور و لوحت ناتاشا بيدها للجميع و خاصة لأصدقائها ( بالبلكون ) ثم رأت خوليو روتسو الشاحب بشعره الداكن الرطب قليلا – يخرج من الجهة المقابلة ليحظى بعاصفة التصفيق الأعظم و الأكبر .
وقف بالوسط مبتسما للحظات ثم اشار بيده اليسرى إلى جانب المنصة و دفع احدهم ناتاشا بلطف فسارعت لتنظم إليه .
كان هذا من أروع الأشياء على الإطلاق . ان تقف قربه على منصة أوبرا كوفنت الشهيرة لتشاركه عاصفة التصفيق الغير منتهية . استدار و قبل يدها التي كان يمسك بها – مما أثار عاصفة أخيرا من الهتاف و التصفير و التصفيق – و بالتغطية الكافية لهذه الأصوات – قال لها بهدوء ( شكرا لك يا حبيبتي لقد كنت رائعة )( ماذا قلت ) همست و الستارة تنسدل
(
بالضبط ما اعتقدتني قلته ) رد قبل ان ينضم اليهما بقية الفنانين و تضيع عليها بالتالي فرصة الاستفسار الواضح
من غير المعقول ان قال لها ( يا حبيبتي ) لا شك انه قد تخيلت ذلك لكنه بالطبع اخبرها انها كانت رائعة و هذا وحده يكفيها و يكفيها جدا .
لقد نسيت انها تكرهه . نسيت كل شيء حول دينه و شرائه لسيطرته عليها تذكرت فقط انها قد نجحت و انه قال أنها رائعة .
لاحقا أغرقتها التهاني و هي بغرفة الملابس خاصتها . و وجدت الإزهار تملأ غرفتها من أصدقائها من رون بلوكيو من عائلتها و كان هناك باقة فائقة الروعة مع الحرفين ( خ . ر ) فقط على البطاقة و تحلق الجميع حولها معلمتها و أصدقائها و العديد من الأشخاص الاخرين الذين لا تعرفهم .
و حين سألها احدهم عن موعد حفلتها الثانية اجابت ( لا اعرف هذا يعتمد على السيد روتسو لا اظن انه سيسمح لي بالقيام بالاحتراف بعد ... هو يقول أنني لا أزال بمرحلة التعليم )
(
يا لك من فتاة محظوظة ) علق احد الرجال المتقدمين بالسن و البادي الرفعة ( اذا ما طور روتسو موهبتك بدلا من السماح لهم باستغلالك فلا أمانع القول منذ الان اننا على عتبة اكتشاف موهبة نادرة و فنانة تاريخية . لكن اذا ما بدأت تغنين أي شيء و كل شيء منذ الان فانك ستعرفين الشهرة فقط لثلاث او أربع سنوات ثم ستنطفئين كالمئات من المغنين الآخرين سجلي كلماتي و تقبلي تهنئاتي )

ثم غادر الرجل و اعطاها احدهم هويته فعرفت انه انطونيو باردو احد اهم النقاد الموسيقيين في اسبانيا كلها .
كل شيء حولها كان مثيرا و مذهلا لكنها تدبرت اخيرا من البقاء بمفردها مع صديقتها لوليتا فقط .
سارعت ناتاشا لتقول ( اذهبي لوليتا فورا الى غرفة السيد روتسو و اعرفي ما الذي حدث . اخبريه انني سأوافيه على الفور لأراه فقط اريد ان اخلع هذه الملابس و أزاله الماكياج )
سارعت لوليتا للتنفيذ بحماس و عادت الى غرفة صديقتها بعد دقائق قليلة .
(
سيأخذونه للتو الى اقرب مستشفى لتصوير يده ) قالت لوليتا
يجب ان اراه .سأذهب معه )
(
لا اعتقد انك قادرة على ذلك ) ردت صديقتها
(
لماذا ؟ )
(
حسنا اعتقد ان جوليا بورتيغي تقوم بهذا الدور . فبعد كل شيء هي تعتبره لها وحدها أليس كذلك )
(
بورتيغي . ما الذي تفعله هنا ؟ )
(
تحوم حول روتسو الشهير بهذه اللحظة بالذات لكن دون شك هي كانت مع الحضور اثناء الحفلة . لم تتصوري انه من الممكن لها الغياب عن هكذا عرض مصيري صحيح ؟ و الان هي في الكواليس تقوم بتدبير كل شيء له )
(
لا اصدق هذا لم يكن لها أي دور بإجراءات اليوم )
و اندفعت ناتاشا الى غرفة الموسيقي كان على وشك المغادرة و كان يبدو شاحبا و مرهقا . و كان هناك حشد كبير داخل الغرفة من المنتج الى الطبيب و بعض الفنانين و بالطبع جوليا بورتيغي بجمالها و جاذبيتها . للحظة لم يشاهد هو ناتاشا . جوليا هي من فعلت و ابتسمت لها برقة و حلاوة ( كنت رائعة يا عزيزتي . ستكونين يوما ديمونة جيدة فعلا )
(
شكرا لك سيدتي ) ردت ناتاشا و اقتربت من خوليو روتسو حتى لحظة وصولها اليه لم يكن عندها ادنى فكرة عما ستقوله له و كل ما استطاعت ان تقوله هو ( شكرا لك ... عن الليلة و ... شكرا لك على الازهار الرائعة )
(
آه ... لقد وصلتك ؟ ) ابتسم بخفة لها و استدار قليلانحوها و كأنه ينفرد بها عن الباقين .
(
اجل بالطبع )
(
و هل من تعليق ) استفسر
(
فقط انها رائعة ... و انك قد اخترت أزهاري المفضلة ) ( فهمت ) قال و بدا متعبا فجأة و يشعر بالملل و لأنها لا تريد ان تراه هكذا هذه الليلة من بين كل الليالي قالت برقة بالغة ( هل ترغب بان اذهب معك الى المستشفى ؟ )
كانت جملتها هذه هي غصن الزيتون الذي يخبره بانها تشعر بالصداقة نحوه بالرغم من كل ما حدث بينهما قبل العرض . لكن و لا أي غصن زيتون رفض بهذه الطريقة القاسية التي تلت .
(
لا بحق السماوات ! هل تعتقدين انني بحاجة لك للامساك بيدي ؟ ) ثم استدار نحو الباقين مجددا و بدون كلمة ( تصبحين على خير ) غادر مع بورتيغي و الطبيب . و عادت ناتاشا الى غرفتها محاولة إخفاء الخيبة و اليأس المفاجئ الذي اجتاحها .
لوليتا الفرحة و المليئة بالسعادة كانت بانتظارها فاضطرت ناتاشا لاظهار بعض السعادة . لكنها كانت سعيدة بالطبع . الم تنجح للتو باكثر الامسيات اثارة و مصيرية بحياتها كلها ؟ الم يكن الاصبع المشع بالشهرة و النجاح يشير اليها ؟ اذا لم تستطع ان تشعر بالسعادة و الارتقاء هذا المساء بالذات فلن تشعر بذلك مطلقا في المستقبل .
اجبرت ناتاشا نفسها و بتصميم على الاشراق و السعادة و هي توقع للمرة الاولى بحياتها على دفتر ذكرى المعجبين و هي بطريق مغادرتها للاوبرا و بتناولها للعشاء الفاخر و هي برفقة اصدقائها و السيدة ايزابيلا في سكن الطالبات .
(
ستتناولين العشاء لاحقا في السافوي بعد العرض ناتاشا ) تنبأت السيدة ايزابيلا ( لكني سأكون دوما فخورة بالقول انني من طهى لك العشاء باول حفلة ظهور براق لك )
(
شكرا لك . شكرا لكم جميعا ) رددت ناتاشا بصدق ( بما انني لا استطيع تناول العشاء مع اهلي فانتم الوحيدون الذين ارغب بمشاركتهم هذه الليلة )

(
اعتقد انك كنت لتكونين بصحبة خوليو روتسو لو انه لم يكن مضطرا للذهاب الى المستشفى ) علقت ايفا بخفة
(
آه .. لا اعرف كدت ان أموت من الرعب حين سمعت بحادثة انزلاقه معتقدة انه لن يترأس الفرقة في الفصل الاخير )
(
و كدنا ان نموت نحن من الدهشة حين رأيناه يمسك عصاه باليد اليسرى ) اعلنت لوليتا ( يجب ان اقول انه كان جبارا لفعل ذلك . لا شك انه كان يشعر بالالم الكبير ؟ )
(
اجل ) ردت ناتاشا ببطء . و للحظة شعرت و كان يده على رأسها و سمعته يقول ( اتركها )
لكنها تذكرت فجأة ملله و عدم اكتراثه الفظ برفض غصن زيتونها بعد ان انتهت حاجته اليها . و ظلت صامتة الى ان قالت لوليتا ( لقد تلقيت باقات رائعة من الزهور صحيح ؟ )
(
اجل رائعة بما فيها باقتكم ) قالت ناتاشا و هي تبتسم بامتنان للجميع .
(
من ارسل الورود الحمراء؟ ) سألت السيدة ايزابيلا ( الورد الاحمر يعني الحب الحقيقي لا )
(
حسنا ليس بهذه الحالة ) ردت ناتاشا ببرود ( انها من خوليو روتسو )
(
و ما هي الرسالة التي كتبها لك مع الباقة ) سألت ماريانا بفضول
(
فقط خ . ر لم يكن هذا كما توقعتم صحيح )
(
و لا حظا سعيدا . او أي شيء من هذا القبيل ) تمتمت لوليتا بدهشة ( لقد استغرقت ساعتين لاجد الجملة المناسبة لباقتنا )
(
انا واثقة من ذلك لكنك تختلفين بالطبع عن خوليو روتسو ) قالت ناتاشا
(
حسنا . انا بالكاد استطيع تصديق ذلك ) قالت لوليتا و نهضت لتتفحص البطاقات التي كانت موجودة على الباقات و التي جمعتها و ايفا قبل وضع الازهار بالمياه ( اجل انت على حق على الاقل ..........)
صمتت لوليتا فجأه و تناولت ورقة صغيرة و عادت بها الى الطاولة ( اظن ان هناك بطاقة بداخلها ناتاشا حرفي خ . ر على المغلف الخارجي فقط )
(
ماذا ؟) هتفت ناتاشا فجأة و بدهشة ( لم اعرف ذلك ) و بلهفة هائلة رغما عنها تناولت الورقة و فتحتها لتجد بداخلها و بخط جميل و انيق العبارة التالية ( لم تكن فكرتي ان اشتري سلطتي عليك ناتاشا . انا فقط وقعت بحب صوتك و كنت مصمما ان لا ادع أي شخص يفسده الليلة ستكون برهاني عن ذلك . خوليو روتسو )( آه لا ) هتفت فجأة لدهشة الجميع و نهضت ناتاشا من مكانها ( و انا قلت انه لا يوجد أي تعليق )
حدقوا جميعا بملامحها المذهولة لكنها لم تراهم امامها فقط هرعت الى جهاز الهاتف و طلبت رقم منزله .
(
شقة السيد روتسو من المتكلم ؟ ) ردت مدبرة المنزل كما يبدو
(
هل عاد السيد روتسو بعد ؟ )
(
كلا كان عليه الذهاب الى المستشفى بعد العرض لقد اتصل بي منذ لحظات و قال انه يوشك على مغادرة المكان و انه سيتناول العشاء بالخارج قبل عودته الى المنزل . هل تريدين ان تتركي له رسالة ؟ )
(
كلا شكرا لك )
و اعادت ناتاشا السماعة الى مكانها و اتكأت للحظة على الحائط
(
لقد وقع بحب صوتي .. وقع بحب ....لكن اكان الحب للصوت فقط ؟ ) و فجأة اصبح هذا السؤال هو اكثر اسئلة العالم إلحاحا و التي ترغب بسماع الرد عليه . لم يعد أي شيء اخر مهما لا الشهرة و لا النجاح و لا المجادلة و لا السلام . اكان هو يحب صوتها فقط عليها ان تعرف ذلك . و بدون أي اعتبار للوقت او للمكان او للياقة و التحفظ عادت الى غرفة الطعام و قالت ( ايها الاعزاء انا آسفة لكن عليكم متابعة العشاء بدوني يجب ان اغادر )
(
تغادرين ؟ ) صاح الجميع و اضافت لوليتا ( لكنها بعد منتصف الليل )
(
ليس بيدي حيلة . يجب ان اغادر . هناك .. هناك شيء يجب ان استوضحه )
(
لكن الن تنتظري حتى الصباح ) سألتها ايفا .
(
آه كلا ... كلا ) صاحت ناتاشا

(
الى اين ستذهبين ) سألتها لويتا بقلق .
(
لرؤية خوليو روتسو )
(
سيكون حانقا اذا ما أزعجته بعد العرض ) احتجت لوليتا
و قالت السيدة ايزابيلا بصرامة ( لا يمكن ان تزوري رجلا بمنزله بمثل هذا الوقت )
(
لا وقت عندي للتفكير بذلك الان ) ردت ناتاشا و غادرت المكان
سارت لبعض الوقت قبل ان تجد التاكسي و تصعد به متجها الى وجهتها .
(
هذا ما لم استطع ان اتقبله حتى حينها و هذا ما لم اجده قابلا للتسامح منذ ذلك الحين السؤال هل هو يعتبرني هو مجرد صوت )
عاد التعقل قليلا اليها و السيارة تسير بها الى وجهتها و تكاثرت الاسئلة برأسها حول ما ستقوله لربة المنزل بمثل هذه الساعة و حين وصلت الى المكان كان الندم على التسرع قد اخذ منها كل مأخذ لكن لم يكن من مجال للتراجع الان .
نزلت من السيارة و دقت على جرس الباب بأصابع مرتعشة و هي تحضر بذهنها الجملة التي ستقولها لمدبرة المنزل
تلاشت الابتسامة عن وجهها حين فتح الباب و كان خوليو روتسو برداء نوم اسود فاخر يقف خلف العتبة .
(
ناتاشا ما الذي اتى بك بمثل هذا الوقت يا فتاتي ؟)
(
اريد .... اريد محادثتك لو سمحت ) ردت بتوتر
(
بالطبع تفضلي ) قال و تنحى لها و دخلت بإقدامها المعتادة الى الأستوديو فتبعها ببطء و هو ينير الاضواء
ثم وقف و اخذ ينظر اليها ببعض العدائية و التعب و سألها باختصار ( ما الامر ؟ )
(
انه حول .. حول البطاقة على باقة الزهور ) قالت بارتباك
(
آه اجل )
(
لم اكن قد وجدتها حين سألتني اذا .... اذا كان عندي أي تعليق ) وقفت هناك و هي تغلق و تفتح يدها بعصيبة
(
رأيت فقط المغلف اعتقدت انك اكتفيت فقط بوضع اول احرف اسمك على البطاقة ... و حين سألتني لم افهم قصدك بالسؤال )



( فهمت ) قال و فمه يلتوي قليلا ( لكن حين عدت الى المنزل ... قرأت البطاقة )
( اجل )
( اذن ... ماذا ؟ )
( لهذا انا هنا أكان ... أكان صحيحا ما كتبته على البطاقة ؟ )
( انه لم يكن بنيتي ابدا شراء سلطتي عليك ؟ اجل كان صحيحا )
( لا ليس هذه النقطة .. انا اتقبل ذلك الان النقطة الثانية حول ..... حول ...)
( وقوعي بحب صوتك . ؟ ) اكمل الجملة لها باعتبار رقيق لمشاعرها بطريقة لم تعهده بها من قبل ( اجل بالطبع لقد وقعت بحب صوتك منذ اللحظة الاولى التي سمعته بها فورا و بالحال )
(بصوتي ؟ ... فقط بصوتي ؟ )
مرت فترة صمت غريبة ثم ضحك باحتجاج و سأل ( ماذا تردينني ان اقول اكثر من ذلك ؟ انني قد وقعت بحبك انت باللحظة التي رأيتك بها ؟ )
( فقط اذا .... اذا كان هذا صحيحا )
( كلا هذا ليس صحيحا )
( آه ... فهمت ) قالت و غضت بصرها و اخفت برموشها عيونها و هي تجاهد بكل قوة الا تنهار و تبدأ بالبكاء الان و امامه بالذات . لكن و رغما عنها سقطت دمعتان على وجنتاها و رأسها منحني الى الاسفل ثم قال ذلك الصوت المحبب النصف ساخر برقة ( اعتقد انني استغرقت ثلاثة اسابيع و نصف حتي اقع بحبك )
( ايها المتوحش ) صاحت و رفعت عيونها اليه و ودموعها تنهمر على وجهها ( ايها المتوحش كيف تجرأ على تعذيبي هكذا )
( لا اعرف ) قال و صار فجأة بقربها و ذراعه اليسرى حولها ( و لا اعرف كيف بإمكانك ذرف دموعك علي يا حبيبتي الصغيرة الغاضبة . انا لا استحق ذلك )
( كلا انت لا تستحق ذلك ) قالت بين شهقاتها و هي تدفن رأسها بصدره .
( لكني احبك بطريقتي المتعجرفة الغير كاملة و القاسية احيانا .انا اعبدك . هل تستمعين الي ؟ )
طأطأت رأسها مبقية اياه مكانه .

( حسنا استمعي جيدا اذن ) قال بنصف اغاظة و نصف حنان ( لانني لن اتفوه بهذا لك مجددا على ما اظن . انا لا استحقك . انت دافئة و متعقلة و انسانية بالأساس و لهذا انت لا تقاومي متوحش بارد و نرجسي مثلي . حين انظر اليك اشعر و كانني انظر الى الشمس و حين استمع لغنائك اشعر و كانني استمع الى موسيقى الكون . كان من الحتمي جدا لي ان اقع بحبك . المعجزة هي ان تحبينني انت . اذا تزوجتني فلن تكوني دوما سعيدة )
( اذا لم اتزوجك فانني لن اشعر بالسعادة مطلقا ) قالت و هي تنطق فجأة من اعماق قلبها و عقلها معا
( اعرف ان بعضا مما تقوله عن نفسك صحيح لكنني لا اهتم . اعرف انك ستجعلني اذرف الكثير من الدموع لكن ....)
( ليس الكثير يا حبيبتي .. اعدك بذلك و بعض الاسلحة موجودة بين يديك الان اتعرفين .... باعترافي انني احبك لا بل اعبدك فانني اقدم لك السلطة للتحكم بي )
( لكنك قادر تماما على استرجاع ذلك احيانا ) قالت بمرح عارم
( كلا لا استطيع قد لا اكون مانحا كريما او سهل العطاء لكن ما أعطيه لا استرجعه مطلقا لا كلمتي و لا صداقتي و لا حبي )
( هل سبق و ان ... اعطيت حبك لاحداهن من قبل )
( و لا لأية امرأة )
صدقته و عرفت ان كلماته صادقة مدركة ان ما سمعته حوله و حول جوليا بورتيغي مجرد اشاعات .
احاطت رقبته بذراعيها و تنهدت بعمق قبل ان يغرقا سويا بعناق حار ارسل ناتاشا الى عوالم لم تختبرها و لم تعتقد بوجودها من قبل و حين ابعدها قليلا عنه اخيرا نظر عميقا داخل عيونها و حبه يتدفق من كل ملامحه
( قد تكونين ملاكا ناتاشا لكني لست كذلك من الافضل ان تعودي الى سكن الطالبات الان و الا فإن علينا ان نتزوج و على الفور )
( انا لا امانع بذلك مطلقا ... لكن .. )
( لكن علينا الانتظار حتى يوم الاحد ... و تاكدي ان شيئا لن يتغير ببرنامج تدريبك فأنا سأقسى عليك كما اقسى على نفسي بالضبط .... و لكن تذكري مهما قسوت فإنني احبك )
( و تذكر انه مهما تقلبت فإنني احبك )
غرقا مجددا بموجات الحب و نيرانه قبل ان يسير بها الى المصعد و يقول ( منذ الغد سيقدم لك العالم على طبق من فضة . لكن ستمر سنة او سنتين قبل ان تكتسبين الحق بتقبله آمل ان لا يكون الانتظار الطويل مطولا و نحن سويا )
( سيكون قصيرا جدا ) اكدت له بابتسام و هي تصعد المصعد ( اراك بدرس الموسيقى غدا سيد روتسو )
ضحك مربتا على وجنتها و قال ( لا دروس موسيقى غدا ..... غدا سنتحدث و الدرس سيكون يوم الاثنين )
قبلها مجددا و انطلقت الى لحن السعادة الى لحن الحب الابدي معه و له و قربه .

النهاية

🎉 لقد انتهيت من قراءة ابنة الحظ روايات غادة للكاتبة .. اليس بونغمان 🎉
ابنة الحظ  روايات غادة  للكاتبة .. اليس بونغمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن