الجزء 01

3.1K 41 4
                                    

  ملاحظه :لقد ترك الكاتب النهايه مفتوحه لخيال القارئ


"مايا" فتاة زنجية .. عاشت في ظل رجل هدته الهموم .. وراكوبة ... كانت فتاة عشرينية في قمة الجمال والروعة .. وجهها المضئ رغم سواد سحنتها يدهش كل الناظرين .. قوامها الممشوق كالنخلة .. جيدها الطويل الناعم يجعلك تسكب اكواب الفودكا وتحتسيها دون حساب .. شفتاها كحبات الفراولة ... اناملها الطويلة كصباع موز قطف قبل موعده ..

ذات يوم اختفي الظل الي اﻻبد .. بعد ان تعامدت عليه شمس الفناء .. بكت بحرقة أليمة .. بكاؤها في حد ذاته جمال ... دموعها التي نزلت علي خديها السوداوين ﻻمست كبد السماء فبكت هي اﻻخري .. تنهدت بعمق وكأنها تستنشق اخر اكسجين لها .. زفرت بحرقة .. ونظرت بعينيها الكبيرتين ناصعتا البياض الي قبر امها .. التي لم تراها قط .. ركعت علي قبري والديها ووزعت زهور كانت تمسكها بيديها العاريتين ... نظرت الي السماء وكأنها تلومها .. تركت قبلة في الهواء نحو قبر ابيها .. الان الي اين ؟؟ .. ﻻ ام وﻻ اب .. وﻻ حتي قريب يواسيها .. او مكان تلجأ إليه .. ومرة اخرى نظرت الي السماء ودموعها بللت قميصها الذي يستر عورتها فقط ... لملت مﻻبسها .. قررت الرحيل الي المدينة الكبرى ... وقفت علي حافة الشارع المسفلت .. اشرت لكل السيارات المارة ... توقف احدهم .. ركبت .. ومازالت دموعها تنهمر بغزارة .. حاول صاحب المركبة ان يواسيها .. ونجح .. اغراه جسدها الممشوق .. وضع يده خلف ظهرها .. تحسس جسدها .. لم تمانع .. عدم تمنعها جعل خوفه يطير .. هي مازالت تحدق في نقطة اللانهاية .. هائمة في ذكريات ابيها .. لعبه معها .. تسريحه لشعرها .. يده الحنون التي تربت عليها .. و يد صاحب المركبة وصلت الي صدرها ... رائحة الرغبة بدت علي انفاسه .. مسكت يده ونظرت اليه .. خاف .. وتراجع .. سحب يده في بطئ شديد .. وكأنه يريد ان يستمتع بنعومة هذا الجسد .. رمقته بنظرة خالية من كل الاحاسيس .. نظرة جافة كفصل الصيف .. اشارت له بالتوقف .. وقف .. نزلت ...

سارت "مايا" حوالي 100 كيلو .. وبالرغم من طول المسافة التي قطعتها اﻻ انه لم يظهر عليها اي شئ .. ﻻ تعب وﻻ ارهاق .. جامدة كجمود القطب الجنوبي .. وقفت احدى السيارات .. كان رجﻻ كبيرا في السن .. يظهر علي وجهه الوقار .. اشار لها بأن تركب .. ركبت .. ولم تنبس ببنت شفة ... سألها عن وجهتها .. اكتفت بكلمة "الخرطوم" ... قال لها (المسافة بعيدة شديد .. ودربي ياهو دربك .. ح نقيف كتير عشان نرتاح ..) .. لم تهتم كثيرا بما قاله العجوز .. وركزت بصرها علي اللانهاية ...

حل الظﻻم ... اتجه العجوز بسيارته نحو استراحة علي قارعة الطريق .. نزﻻ من السيارة .. حجز غرفتين متجاورتين .. اشترى زجاجتي حليب وتمر .. اعطاها الحليب والتمر وتمنى لها ليلة سعيدة ... ألقت جسدها علي الفراش ... ونزلت اخر دمعة ... ونظرت الي نقطة اللانهاية مرة اخرى ... ظلت في حالها هذا الي ان اشرقت الشمس ... طرق العجوز باب غرفتها معلنا مواصلة الرحلة ... تحركا .. لم يسألها العجوز قط عما يبكيها ... ارادها ان تأخذ حريتها المطلقة في الحزن .. وكان دائما مايحكي لها عن قصص حدثت معه .. ورغم انها لم تتجاوب معه البتة اﻻ انه لم يتوقف ابدا بل كان يسرد القصة تلو اﻻخرى ...

الأبنوسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن