6- إرتعاشة دائمة في القلب

4.2K 83 1
                                    

عندما فتحت روزالي باب غرفة أدريان في صباح اليوم التالي وجدته يمشي في عرض الغرفة لابسا ثوب نومه وتوقف فجأة عن المشي حين رآها:
" ماذا تعملين هنا في هذه الساعة ؟ هل وصلت لتوك؟".
" حسنا.......أنا...........".
" ظننت انني قلت لك أن تعودي؟".
" ولكن أدريان ، أنا ....". رأت أن من الواجب إخباره بالحقيقة وأن تغامر بتحمل النتائج.
" كنت هنا طوال الوقت ، نمت هنا".
كان غضبه شديدا فاحست بلفحة حرارته على وجهها:
" أنت ماذا؟ نمت؟".
" على الأريكة ، أنا.......أنا وجدت بعض الشراشف والأغطية ، لا يمكنني ان اتركك يا أدريان ، لم تكن بحالة تسمح لي أن أتركك ، كنت مريضا".
" لكنني لم اكن مريضا لتلك الدرجة ، إنظري؟". رفع يديه : " إنني اقف على قدمي وأمشي".
" لم تكن تعلم درجة مرضك في حينه يا أدريان ، لم تكن بصحة تسمح لك بذلك ، لذلك إضطررت ان أبقى ، لربما إحتجت أي شيء في الليل".
ضاقت عيناه قليلا وطفت تعابير السخرية على وجهه:
" بالطبع كان علي أن اتذكر ، فإنك حاضرة لقضاء الليل في المساعدة كما يشهد على ذلك بلا شك واليس ماسون".
كان التلميح بكلماته قد بعث فيها الغضب والألم ، بعد كل الذي عملته له ، كيف يكلمها بهذه اللهجة.
" هل تريد أن تجعلني أكرهك؟ إنني أتعجب !".
قالت من خلال أسنان متشددة من الغضب.
" إنك تقترب من النجاح في ذلك!".
إستمر في حديثه غير عابىء:
" إذن ، فقد غامرت بسمعتك مرة اخرى.......".
" سمعة؟". أطلقت الكلمة وكأنها بصقتها : " إستنادا لأقوالك، لم تبق لدي واحدة حتى أغامر بها ، أما سمعتك فإنني اؤكد لك بأنها ستبقى كاملة غير منقوصة لأنني ساقول لكل فرد ، كان ذلك إقتراحي وإختياري ، ثممن سيعلم أنني بقيت؟".
" مالكة البيت ، في بادىء الأمر ، الآن بعد أن إكتشفتي بأنني لست رديئا كما تتصورين..... هل لك من فضلك ، أن تذهبي؟".
" ولكن يجب ان أهيء فطورك وارتب.......".
بدا وجهه في غاية الإنفعال:
" أقول ل كان تخرجي ، أي إمراة انت ، هل يجب علي أن ارميك خارج البيت ؟ أليس لديك كرامة؟".
"نعم لدي كرامة ، ولكن لدي ايضا عاطفة والأخيرة أقوى من الأولى".
سحب نفسه نحوها:
" ليس هناك غير طريقة واحدة للتعامل معك ، إنني أعلمك أنني رجل عملي ". نظر اليها بقوة: " إنني طبيعي الآن ، وأنت أيتها الحلوة إمراة شابة فاتنة ، إذا لم تخرجي من غرفة نومي وأنا لا أزال مسيطرا على الموقف وأكثر من ذلك على نفسي ". إمتدت يداه الى ذقنها : " فإنني أقول بوضوح بانني لن أكون مسؤولا عما سيحدث بينا في المستقبل القريب".
منتديات ليلاس
ومع ذلك فقد ظلت قوية في موقفها ، لاحظت وجهه الشاحب وعينيه المنهكتين ، فلم تستطع أن تتركه ، إمتدت ذراعاه حول جسمها وإقترب منها ثم تغير موقفه تماما راح خده يضغط على شعرها وبدا ممسكا بها كأنه يريد أن يستقي حياة وقوة لجسمه ، خارت قواه قليلا وهو يتكىء عليها.
" اوه ، ايها الرب ، إنني متأسف يا روزالي ، أرجو المعذرة".
ظلا واقفين لبرهة يمسك أحدهما الآخر ، ثم إقتادته ليجلس على سريره فوضع رأسه في يديه ، همست اليه:
" هل لا زلت تريدني ان أذهب؟".
"نعم ، لا زلت أريدك أن تذهبي".
وبدون كلمة أخرى غادرت المكان بهدوء ، أعادت ترتيب غرفة الجلوس جمعت فراش النوم ثم إلتقطت اشياءها الشخصية وذهبت الى الطابق الأسفل ، رنت الجرس على السيدة فيلدز:
" إنني ذاهبة الآن ، أدريان لا يريدني أن ابقى أكثر الآن ، إنه يقول أن صحته قد تحسنت الان".
بدون تحفظ انطلقت تأوهة من حنجرتها وترقرقت الدموع في عينيها.
" إنه لن يدعني أبقى يا سيدة فيلدز ، قال لي ان أخرج في الحال!".
حصلت روزالي على رقم تلفون والدة أدريان من السيدة فيلدز ورجعت الى بيتها وهي تفكر في كلمات التهدئة التي قالتها لها حول كونه فاقد الوعي ولا يعي كلماته بسبب مرضه ، وأول عمل قامت به هو إدارة قرص التلفون تطلب والدته ، كيف ستكون تلك الإمراة التي رأت صورتها عن كثب ؟ هل ستغتاظ من تدخل إمرأة شابة لم تسمع حتى عنها فضلا عن انها لم تقابلها ؟هل ستكون طيبة إتجاهها أم ستعاملها بإعتبارها انثى يجب أن يطردها إبنها في اقرب فرصة؟ وفي الحال جاء صوت رجل ذو لهجة شمالية واضحة ، أوضحت للرجل أنها تريد ان تتكلم الى جارتهم وأعطت إسمها وفي الحال جاء صوت هادىء ذو نبرة ريفية شمالية لطيفة.
" السيدة كرافورد تتكلم".
" اوه ، سيدة كرافورد ، إنك لا تعرفينني ، إسمي روزالي بارهام".
" نعم سمعت عنك يا عزيزتي ، لا بد انك الفتاة التي ذكرها ولدي في رسائله لي".
تسابق قلبها بفرح شديد.
" أرجو المعذرة يا سيدة كرافورد ، لكن أدريان كان مريضا لبرهة من الزمن ، كنت اعتني به وقد تحسنت صحته الآن لكنه ليس بكامل صحته، ولا يمكن أن يترك لوحده". أخذت نفسا عميقا ثم واصلت الحديث: " كنت ساستمر في العناية به لكنه قال لي أنه لا يريدني ان أقوم بذلك".
" نعم افهم ما تقولين يا عزيزتي ، فإذن تريدينني ان آتي وآخذ مكانك في العناية به؟".
كان صوت روزالي متلهفا وهي تجيب : " هل هذا ممكن ، يا سيدة كرافورد ؟هل بإمكانك ذلك ؟ إنني لم أخبره أنني سأتصل بك ، لأنني أعتقد أنه لن يوافق".
" إنني متأكدة من ذلك يا عزيزتي ، هل تعرف بذلك صاحبة البيت؟".
" لقد أعطتني رقم تلفونك وتقول بأنها بانها ستعيرك سريرا من عندها".
بعد ذلك قالت السيدة كرافورد:
" سأضع بضعة أشياء في حقيبتي وساكون في طريقي قبل أن تقفلي التلفون يا عزيزتي أحس بواجب شكرك على كل الذي عملته من أجله ، لا أعتقد أنك حصلت على كلمة شكر منه".
" لم أعمل ذلك من اجل الشكر يا سيدة كرافورد ، عملت ذلك لأنه هو يحتاج الى ذلك".
" إنني أفهم قصدك يا عزيزتي ، مع السلامة ، لا تقلقي بعد الآن ، ساكون في طريقي في الحال".
قضت روزالي الأسبوع تفكر كيف حال روزالي الآن ، لم تكن ترغب ان تتصل تلفونيا خصوصا وأن المسالة لم تعد تخصها الآن ، لا حق لها بذلك وهي غير ملزمة أن تتصل به ، لقد قال لها بكلمات واضحة ما هو إنطباعه عنها ، خصوصا الآن حيث علمت بإدانته لها مثل ما أدانها زملاؤه بسبب صداقتها مع واليس ، عاد والداها الى البيت راقبت إستغرابهما عندما أخبرتهم كيف قضت عطلتها ، عادت الى العمل منقبضة النفس وكأنها لم تغير شيئا من روتين حياتها ، لم يعد أدريان للعمل بالطبع ، إستلم والدها رسالة تقول ان الطبيب نصحه بأسبوع آخر للنقاهة ، قبل ان يستعيد صحته للعمل ، وكان واليس يرافقها كل يوم للغداء ، لقد علمت أن ليس لديها ما تفقده بعد الآن لو إقترن أسمه بإسمها ، وفي يوم الثلاثاء في الأسبوع الأول من العودة للكلية كانت تعمل في غرفة نومها عندما رن التلفون ، فكرت انه قد يكون نيكول لأنها لم تسمع منه منذ ما قبل عطلة نصف السنة ، قد يكون معتقدا بأنها سافرت في رحلتها.
لكنه لم يكن نيكول.
" روزالي؟".
قفز قلبها من المفاجاة .
" أدريان يتكلم".
" مرحبا ، أدريان".
بدا صوتها خشنا ولم تستطع إخراج كلماتها بسهولة.
"كيف حالك؟".
" احسن بكثير شكرا ، انني افكر إذا امكن أن آتي لاراك ، لبرهة من الوقت هذا المساء".
احست باجراس فرح تقرع حولها:
" بالطبع ، أدريان ، سيسرني ان اراك".
" سأكون هناك، لنقل خلال ربع ساعة".
اغلقت التلفون ، وبعد قليل كانت سيارته في ممر البيت وأضطرت روزالي ان تمنع نفسها من الإسراع الى الباب الخارجي قبل ان يضغط الجرس ، لقد بدا صوت الجرس معبرا عن الفرح ، وقفا هناك ينظران أحدهما للآخر بدون حركة ، ثم قال بإبتسامة مهذبة:
" هل لي ان ادخل يا روزالي ، أم يجب أن ألقي كلمتي على عتبة الباب؟".
" ارجوك ، سامحني يا أدريان ، إن ذلك بسبب رغبتي ان أراك وقد عدت الى حالتك الطبيعية".
ظهرت امها على باب غرفة الدراسة:
" أدريان ، لطيف أن نراك ثانية ، لقد اقلقتنا ". أخذت يده ونادت :" فرانكلين ، جاء أدريان".
رحب فراكلين به مفترضا أنه سيلحق بهم في غرفة الدراسة ، لقد بدا أدريان محرجا ورفع حاجبيه الى روزالي في إستسفار صامت كانه ينتظر منها أن تاخذ المبادرة.
" ادريان يريد أن يراني لبضع دقائق يا بابا".
" آه ، بالطبع تفضلا ، أرجو المعذرة ، سنراك بعد ذلك ربما".
دخلا غرفة الدراسة.
" هل تريد أن تذهب الى الطابق الأعلى أم السفلي ، يا أدريان؟".
" في الطابق الأعلى يا روزالي".
وفي غرفة نومها قالت:
" إجلس يا ادريان ، تبدو أحسن بكثير".
جلس ادريان على الكرسي ووقفت أمامه:
" إنني ادين بالشكر لك يا روزالي ، إنني جئت..........".
"لتشكرني لكل ما عملته وتعتذر".
جلست على حافة كرسيه وأضافت:
" حسنا ، كلا يا أدريان ، لا أريد ايا منهما لا الشكر ولا الإعتذار".
أمسك يدها ووضعها على خده:
" السيدة فيلدز أخبرتني بانني جعلتك تبكين ، أريد أن أعتذر حول ذلك على الأقل".
سحبت يدها منه برفق:
" حسنا ، دعنا نترك الموضوع عند هذا الحد ، يا أدريان".
وقف ووضع يديه على كتفيها:
" هل نأخذ المسالة من ذلك الحد ، أتقصدين ذلك؟".
سحبها اليه لكنها قاومت وأبدت وجها خاليا من التعبير إتجاه وجهه.
" ليس هناك شيء ناخذه يا ادريان ، لا يمكن ان نكون غريبان كما كنا في السابق لأسباب واضحة ، ولكن يبدو واضحا لي هو اننا لا يمكننا لسبب بسيط هو أنه حتى الصداقة تتطلب وجود الثقة ، وأنت لست على ثقة مني".
احست ان الكلمات التي تنطقها تعصر في روحها ، ثم سحبت نفسها ببطء:
" إنني أعرف ما تتصوره حول تصرفي وحول اخلاقياتي....".
" روزالي ، إنني أسحب كل ما قلته، كل كلمة قلتها". إبتعدت قليلا وهزت راسها:
" لا يمكنك ذلك ، كما تعلم ، فأنت تؤمن فعلا بأنني من ممتلكات واليس ماسون".
قام بحركة حادة نحوها وكأنه يريد ان يسكتها:
" تلك الكلمات التي تفوهت بها وانا متاسف الان عليها بشدة قد قلتها تحت ضغط الظروف".
"وإذا قلت لك أنني ذاهبة معه مساء الغد الى البيت لأرى ميلاني وأننا سنأخذها الى المسرح المحلي لرؤية عرض خاص بالأطفال وساقضي جزءا من المساء هناك ، فإن الثقة التي تحاول أن تضعها فيّ ستموت بسرعة موتا بلا ألم".
مثل قلبي في هذه الدقيقة ، همست لنفسها ، وهي ترى وجهه يتحول الى قناع صلب.
كانت شفتاه متسمرتين ، وجلس على الكرسي كان ساقيه لا تملكان القوة الكافية لحمله:
" هل تحاولين طردي؟".
لم تجب على سؤاله وكان هناك سكوت مؤلم ، ثم عادت تساله:
" هل عادت أمك الى بيتها؟".
"نعم هذا الصباح ، أرادت أن تراك ، ولكن أنا....".
" كلا ، كلا انك لم تدعها تتلوث ، لن تدعها تقابل شخصا بهذه المستويات الأخلاقية الضحلة كالتي هي عندي ، تقابل إمراة تتجول مع رجل متزوج يتظاهر بانها زوجته.........".
أدارت وجهها ، لم تتمكن من إيقاف الدموع:
" انك لست احسن من الاخرين".
واجهشت بالبكاء : " إن إتهاماتك خالية من أي أساس ، وحكمك مبني على دليل غير صحيح ، ومهما اعلنت عن براءتي فإنك لن تصدقني ، ولن تنصت الي ابدا".
وقف خلفها وأنزل يديه الى كتفيها ، ثم همس:
" توقفي عن إقران إسمك بإسمه يا روزالي ، ذلك كل ما ارجوه".
" لا استطيع بسبب ميلاني".
" إنك تضعين رأسك في شرك سيقوم هو بالضغط عليه بالتدريج حتى...". وراحت اصابعه تشتد على عنقها : " يحل لك هكذا ، صدقيني ، روزالي ، انا أعرف ذلك ، لقد راينا مثل ذلك من قبل فإنك لم تكوني الأولى بالتأكيد ، عن الإختلاف هنا ، هو ان يلعب اللعبة بطريقتك أنت".
أدارها نحوه ونظر بعمق ولهفة الى عينيها.
" إعملي ما ارجوه منك يا روزالي ، مرة اخرى ارجوك ، أتوسل اليك من اجل مصلحتك إن لم يكن لمصلحة غيرك ، توقفي عن إقران نفسك به".
صار وجهه كوجه الطفل المعبر عن رجاء ، عكس ذلك صورة ملتهبة في دماغها فهزت راسها بالم شديد:
" لا استطيع يا ادريان بسبب ميلاني".
دفعها جانبا ومشى نحوالباب:
" طابت ليلتك يا روزالي ، مع السلامة".
مع تلك الكلمة عرفت نه وضع حدا بينها وبين حياته ، الى الأبد.
يبدوان أدريان قد عزلها تماما عن حياته فعندما يلتقيان قلّ ما أعارها إهتماما ، وعندما كان يجيء الى البيت ظلت هي بعيدة عن طريقه ، حتى أنهما اساءا تقدير حركتيهما فتعثر احدهما بالاخر في القاعة ، إعتذر احدهما للاخر لكن إتصال جسميهما سبب تجددا في إشتياقها له ورفعت عينيها اليه ومعهما توسلت بالصفح ، ورات نظرته الفولاذية فتراجعت.
وبينما قارب الفصل الدراسي على الإنتهاء ، اخبرها والدها يوما بان ادريان قادم ليتناول الطعام مساء غد ، وانه سياتي بجين معه ، لذلك سيكون لديها شخصان إضافيان لأطعامهم غدا.
هبط قبها عند سماعها ، تمنت لو أنها لا تلتقي بهما وحاولت التفكير في طريقة للخروج من ذلك ، لكنها تعرف أنها يجب ان تكون موجودة لتقوم بواجبات الطبخ والمضيفة وخادمة المطبخ.
كانت جين في مزاج مرح جدا في ذلك المساء ، وكان وجهها الجميل قد حمل المزيد من البريق في الأيام الخيرة ، ولاحظت روزالي بقنوط الإهتمام الذي يبديه ادريان في إجابة حاجاتها ، إمتدحت الطبخ بحماس وهي تلتفت الى سارة ، لكن سارة أشارت الى روزالي بتلويح من يديها.
" إشكري إبنتنا يا جين ". علّقت بفخر : " فهي مدبرة البيت ومجهزته في هذه العائلة ، إنها كفوءة في ذلك فأتركها تقوم به".
كانت روزالي تحاول ان تغير الإنتباه عنها ، لذلك بدأت تنظف الأواني الموجودة في غرفة الدراسة.
" إتركيها". قالت أمها كعادتها: " ساجمعها وأنظفهما أنا بعدئذ".
وعندما ذهبوا بدأت روزالي بمهمة الغسيل ، وكانت في منتصف عملها عندما جاء ادريان تناول منشفة وراح يجفف الأواني المغسولة ، لم تنطق كلمة واحدة وكان إنفعالها يزداد بصورة غير معقولة مع مرور كل دقيقة ، كيف يتمكن ان يقف بهذا القرب ومع ذلك يعاملها وكانها غير مرئية ، أي حق يمتلكه عليها وكأنها قد خالفت كل قانون أخلاقي في الكتاب؟ واخيرا نظرت اليه وقد تحشرج صوتها من العاطفة.
" لا حاجة بك أن تساعدني ، لا حاجة مطلقا ، لماذا تتصور أني أرحب دائما بمساعدتك ، إنه شيء أكاد لا افهمه ، عد الى صديقتك إنها تحتاج اليك اكثر مما احتاج انا".
إقترب نحوها وقال : " يبدو انني اتذكرك تقولين مثل هذا من قبل ، وقد كنت أحمق إذ لم افهم الإشارة في حينها ، اما الآن ، فإنني افهم".
رمى المنشفة على الطاولة وتابع:
" فالان إن عدت لأقف هنا ولا شيء آخر أن أخفف عنك بعضا من عملك".
" اشكرك جدا على مساعدتك".
قالت وراء ظهره قبل أن يغلق الباب ، ثم أكملت بسخرية : " التي قدمت بدون داع أو دعوة!".
لكنه وقف خلف الباب مما جعلها تغير نبرتها:
" شكرا لقدومك الى عشاء معسكر العدو".
كان صوتها يتذبذب بحدة وإنفعال لكنها إستمرت:
" إنني اقدر مبادرتك رغم انني اعلم بأنك لا تعني كلمة واحدة مما قلت".

اراد أن يتكلم لكنه صلب من موقفه وعاد الى غرفة الدراسة ، وبعد وقت من الزمن إتصل نيكول:
" مرحبا ، حبيبتي " . قال بدون حياء : " وقت طويل ، لم نركم فيه!".
" بحق السماء ! ". قالت روزالي ضاحكة : " صوت من الماضي البعيد!".
"متأسف يا روزالي ، كنت مشغولا".
" إنني اقدر ذلك يا نيكول ، إنها جميلة جدا".
"من؟".
"جين هيلوود ، صديقتك الجديدة ، ومن غيرها؟".
"جين ؟ إنها ليست صديقتي ، ولن تكون كذلك.
"أوه ، افهم ما تعني ، كانت غير متعاونة وأنت لم تقم باي مبادرة؟ حسنا لماذا لا تأتي هذا المساء ؟ إنها تعمل هنا ويمكن ان نرتب اللقاء على فنجان من القهوة".
" هل صحيح هي في بيتكم الان ؟يا روزالي؟وليس لديك مانع إذا ما........".
"لو كان لدي مانع لما دعوتك ، اليس كذلك؟ ولكن كن متهيأ للمبارزة ، إذ أن لديك منافسا ، صديقها الآخر الدكتور أدريان كرافورد".
" ماذا؟ هو ".قال بلهجة المتحدي : " ساصل خلال عشر دقائق".
وبعد عشر دقائق وصل على عتبة الباب ، أمسك بروزالي وحاول عناقها لكنها قاومت : " لا تجعلنا نكون منافقين في هذا يا نيكول ، لقد إنتهى كل شيء بيننا أليس كذلك ؟ إذا كان هناك شيء ".وكان يهم بالإحتجاج على قولها لولا إنفتاح غرفة الدراسة.
ويبدو أن والدها اخبر الآخرين لأن صوت جين رن بتعجب فرح ، سمعها نيكول فإستجاب وكأنه نداء حب من غابة بعيدة:
"ذلك صوت جين ".تنفس بإبتسامة كإبتسامة البخيل ، ظهرت جين على مدخل الباب فقام نيكول يحملق في وجهها بإعجاب خال من الكياسة :
" جين "تمتم : " أي مفاجأة لطيفة!".
" اليس كذلك !". قالت روزالي : " لقد قلت لك أنها هنا ودعوتك لتراها".
إرتفع حاجبا ادريان بتعبير صامت ساخر.
" هل هذا صحيح يا نيكول ؟". إبتسمت جين وهي تساله : " هل كنت تعرف انني هنا ولهذا السبب انت جئت؟".
بدا أدريان وكانه جرح في القلب:
" ماذا ، جين ، اتهجرينني لاجل رجل آخر وصداقتنا تترعرع لتوها ؟ " وقفت روزالي فجاة وذهبت لتهيء القهوة ، وبينما وصلت الباب وأدارت وجهها لتغلقه ، لاحظت بقايا تهجم واضح عل وجه أدريان ، اغلقت الباب وراءها أحست وكأنها تريد أن تكسر شيئا ا وان شيئا ما لا بد أن يكسر في داخلها ، وعندما دخل أدريان المطبخ وراءها كادت تختطف قدحا وترشفه منه ، إتكا بإعتناء على الحائط وراح يراقبها.
"ما الذي حدث ؟؟ ألا تتحملين أن تاخذي المقعد الخلفي لتغطي عليك امراة أخرى ". قال ساخرا منها ، كانت نظرتها العصبية المنفعلة تكفي لأن تجمده حتى النخاع ، لكنه تماسك ولم يبد أي إرتعاش من مظهره .
"لا أستطيع ان أرى رجلين بالغين ". قالت بإنفعال : " يجعلان من نفسيهما حمارين لأجل فتاة لعوب ، هذا كل ما في الأمر !". كانت يداها ترتعشان لكنها لم تستطع أن تعمل أي شيء حول ذلك إذ يبدو انها لم تعد تستطيع السيطرة عليهما ، جاء ادريان وامسكهما : " إهداي ايتها الفتاة ، سيطري على نفسك".
أحست بلمسته تلسعها كالسلك الكهربائي فسحبت يديها منه:
" أنت لا تختلف عنه في الرداءة ، لن أذهب الى هناك مرة أخرى ، لذلك فامامك المسرح خال ، هذه الفناجين هي للبهو ، وهذان الفنجانان سآخذهما لوالدي في غرفة الدراسة ، سآخذ قهوتي الى الطابق الأعلى الى غرفتي وأتناولها هناك بسلام وهدوء ، ولتحيا الوحدة".
حملت الصينية الصغيرة وسارت نحو الباب :
" ويمكنك أن تخبر صديقي ، تصحيح صديقي السابق ، ان لا يكلف نفسه بتحيتي عندما يغادر ، يمكن أن يقضي وقته بأخذ صديقته الجديدة الى بيتها".
ثم عادت الى سخريتها:
" ما لم تطلب أنت بالطبع شرف مرافقتها ، وفي هذه الحالة فإن عليك ان تتصارع معه في النهاية ، أليس كذلك؟". إبتسم بصورة عصبية وحمل الصينية الأخرى الى البهو ، وبعد ذلك سمعت روزالي جين وهي تغادر ، وبدات سيارة تتحرك ، عندئذ أخذت تفكر من يا ترى قد كسب المعركة لأجل مرافقتها الى بيتها ، ثم سمعت أدريان يضحك في غرفة الدراسة ، وبرعشة من قلبها عرفت الجواب. 

بانتظار الكلام - ليليان بيك - روايات عبير القديمة  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن