5

8.4K 171 12
                                    



سفره هذا حمل له الكثير من الأمل. منه سيستطيع دفع ديونه لآخر المطالبين، ليبقى له قرض البنك فقط. الأهم أنه سيبقى من نصيبه كم معتبر سيعطيه لخالته وزوجها ولطيف. كل يوم يعد نفسه أنه سيعوضها ذهبا. يعرف أن طيف ليست بالسطحية ولن تطلب منه فوق طاقته.. "ما راح تطلب أساسأ.." لكن تلك الحقيقة دفعته أكثر في السعي إلى تدليلها كما تستحق.

كلما وجد فكره يذهب إلى طيف، كلما تذكر تلك اللحظات الأخيرة التي جمعتهما.

فعلها.. حقا فعلها. وطيف لم تدفعه بعيدا باعتراض، بل استسلمت له بكل عذوبة فاقت كل آماله.

أترى إذا لم يكن مضطرا إلى الذهاب، هل كان ممكنا أن—

جره صوت صديقه صالح من غيابات أفكاره: مسرع ما اشتقت للمدام! لساتنا في الطريق.

تنحنح بحرج، غير قادر على الإنكار: شوف طريق الأشباح هذا أحسن بدل ما تطقها سواليف.

تجاهل صالح محاولته لإغلاق الموضوع تماما: الله يرحم أيام الثقل وما عندي وقت لخرابيط الحب والهيام، من ساعة ما تزوجت وانت مافي أخف منك.

رد عليه بحقد: بشوف فيك يوم..

تنهد صالح، داعيا من كل قلبه: الله يسمع منك!

ضحك: مشفوح الله لايبلانا..

رد الآخر بخبث: والله أحسن من قيس اللي جنبي.. شوي ويبكي على الأطلال.

ضربه باسما بخفة فوق رأسه. لا يستطيع إنكار كلمة، ولن يفعل.

من كان يدري أن حاله سينقلب بهذه الطريقة.

:

منذ سفر مالك، ابتدأت سلسلة من المكالمات بينهما.

في البداية، كانت مكالماته قصيرة، يسألها عن أحوال المنزل ويوصيها بنفسها وخالته وأبيها. لكن مع الأيام، مكالماته بدأت تطول، والفترات بينها بدأت تقصر. خففت عليها تلك المكالمات عن وحشتها في الملحق، معددة لأيام تمضي ببطئ. لكن الوقت مصيره الإنقضاء، وهاهو بقي يومان على عودة مالك بعد ثلاثة شهور من الغياب.

تمهل مالك لحظة بعد سلامه قبل أن يقول: نفسي أعرف إنتي ليش ما تتصلين؟

ردت وهي تحاول كبت سعالها: مو متعودة..

عرفت من تغير نبرة صوته أنها فشلت في محاولاتها. تسارعت نبضات قلبها لعمق القلق في صوته: تعبانة؟

سعلت لمرات لم تعددها قبل أن ترد بضعف: مو مرة.. نزلة برد بسيطة.

لم يصدقها: مو مرة وبسيطة؟ وهذا اللي اسمعه إيش؟ قولي لخالتي توديك المستشفى.

استنكرت الفكرة: ماله داعي والله، مصيرها بتخف.

رد بحزم وحدة لم تعهدها: طيف. اسمعي كلامي.. وإلا ليش أتعب نفسي؟

عكــس الرحيــل ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن