6

8K 176 6
                                    


تطلع مالك إلى حضور الندوة التي دعي إليها في إحدى الجامعات المجاورة، فالملقي، ناصر النجم، كان واحدا من أهم رجال الأعمال في البلد بالإضافة إلى كونه بروفسورا في علوم الإقتصاد.

لم يخب ظنه، فالندوة كانت رائعة ومفيدة إلى حد عظيم. ربما تحمس زيادة عن الحد وسأل أسئلة كثيرة، لكن ناصر لم يبدو كأنه كان منزعجا.

كان على وشك الخروج من القاعة عندما سمع صوتا يناديه، ليرى أن ناصر النجم كان المنادي: سم..؟

ابتسم ناصر بأريحية وقورة قبل أن يتكلم، مادا يده لمصافحته: بغيت أعرف اسمك يا ولدي. لاحظت نباهتك في الندوة ما شاء الله..

ابتسم مالك بدوره عندما تخطى تفاجئه وصافحه بقوة: معك مالك زياد السامي..

للحظة، بدا ناصر كما لو أنه صعق من إجابته، لتتغير ملامح وجهه بعد ثانية: فرصة سعيدة.. عندي احساس إننا بنلتقي مرة ثانية إن شاء الله..

تركه ناصر بعد أن شتت سكرتيره انتباهه عنه، ليتساءل مالك عن ماذا كان يعنيه وهو في طريقه للخارج.

:

بغض النظر عن نباهة الفتى وفطنته، شيء مألوف فيه شد انتباه ناصر إليه.. ولا عجب، فقد تبين أنه كان ابن صديقه المختفي منذ أعوام طوال.

"أو يمكن المنفي.." فكر عندما دخل مكتب رأس مجموعة السامي المدبر، جاسر السامي. كان زياد وأبوه كالليل والنهار اختلافا، فبينما كانت العاطفة تقود زياد، كان التحليل البارد البحت مايقود قرارات جاسر. لم يحدث وأن اجتمع رأيهما في شيء..

عرف ما شده إلى مالك عندما رأى الطريقة المعهودة التي نظر فيها جده إليه، تلك النظرة التي أوحت بتقبل كل التحديات بشموح عنيد.

انخرطا في مواضيع جانبية إلى أن قرر ناصر التوجه إلى الأمر الذي زار هذا المكتب من أجله: سمعت إنكم تدورون على أثر زياد بعد كل ذي السنين..

صحيح أن عشرات صفقات العمل جمعت بينهما، لكن هذا لم يقلل من مرارته، فهذا الرجل هو من نفى صديقه من حياته، ليقطع هو ما بقي من علاقاته في عالمه السابق ويموت ليكونوا هم آخر من يعلم.

تنهد جاسر، حزن مكتوم يظهر على ملامحه الصخرية: وش تبغى يا ناصر؟ ما أظنك تفتح في ذا الموضوع بدون سبب.

ابتسم ببرود: أبد سلامتك، بس حبيت أقولك إني التقيت بولد زياد اليوم اللي فات.

تجمد جاسر تماما، لينظر إليه بتحذير: وإنت متأكد من كلامك..؟

بثقة أجاب: إيه، فيه شبه من أبوه.. ومنك.

:

رمش مالك بعدم تصديق، ليردف: تأكد مرة ثانية لو سمحت.

عكــس الرحيــل ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن