17

11.1K 180 20
                                    



أتاها صوت مالك يقول بغيظ مكتوم خلال السماعة: توني عرفت إن كان عندك صفوف خطاب فجدة.

قطبت طيف حاجبيها: أي صفوف؟ كلهم عشرة..

رد عليها بحدة: وعشرة مو كثيرة؟

ارتسمت على شفتيها ابتسامة، لم تظن أبدا أنها سترى مالك مغتاظا هكذا. أكانت هذه غيرة؟: ما جو ورى بعض، وأصلا يا إما أمهاتهم أو أخواتهم اللي كانوا يسألوا، ولا أنا مافي أحد يدري عني..

أكانت تتوهم أم سمعته يتمتم "في واحد منهم كان يدري عنك.."؟: وذولي ما لقوا يخطبوا لعيالهم غيرك؟

هزت كتفيها، كأنها تراه: صارت كذا.. ما أعطيتهم بال بأية حال، كنت أرفضهم قبل لا يتكلموا..

سألها عندها بصوت لم يخالطه الغيظ، بل فضول مترقب مستدرج: وليه ترفضين؟ ليه ما شفتي نصيبك وإنتي مو دارية حتى ويني فيه؟

احمرت بخجل، كان يجب عليها توقع مسار هذه المحادثة. لم تجد شيئا تجيب به سوى: متطلباتي كانت عالية..

لم يبد في صوته التصديق، لكنه في نفس الوقت ظهر في صوته الرضا الغامر: متطلبات عالية، هاه..؟

فاجأها عندها تركه للموضوع وخوضه معها في موضوع آخر مختلف بالكلية.

:

لم تكن هديل فظة حانقة عادة، لكن رغما عنها وجدت قلبها يقسو للقيا تلك التي ذكرتها بمرارة فقد ولدها البكر. لن تسمح لها بأن تكون سببا بفقدان حفيدها، أثر ولدها الغالي، أيضا.

لكن رغما عنها، لاحظت أشياء كثيرة عن تلك الطيف مع مضي الأيام.

لاحظت اهتمامها بمالك. لا تتركه يخرج دون إفطار، حال مغاير لما كان عليه قبل مجيئها، فقد كان مالك يفطر معهم في الأوقات القليلة التي يكون فيها جده حاضرا البيت. كانت تغسل ملابسه بنفسها، مستغنية عن الخدم. كانت تحرص على راحته، على عدم إغراق نفسه في العمل كعادته.

لاحظت إنعزالها، لا تخرج من جناحها إلا لضرورة. في بادئ الأمر ظنت هديل أنه كان تكبرا منها، ترفعا عن الاختلاط بهم. لكن بعد زياراتها لها، لم تعد تظن ذلك. أصبحت ترجح أن السبب كان عدم تقبلهم لها، وفي هذا.. لا تلومها على إنطوائيتها.

لاحظت طبعها الهادئ المريح الذي جعل هديل تكمل زيارتها، تتطلع لها حتى، الذي جعلها تنطق مصارحة لها، تنخرط في أحاديث متنوعة. عرفت ما علق حفيدها بها.. هادئة صامتة تلك الشابة، لكن عندما تنساب في الكلام، فكلامها يسحر.

لاحظت مدى عمق مشاعر تلك الطيف لمالك وهي تحكي عنه، تعطيها قصة مختصرة عن زواجهما. ليست تلك بنظرة من تزوجت عن طمع. ذكرتها بنفسها في صغرها، ليس بطبعها وتصرفاتها، بل الحب الصارخ في عيونها.

عكــس الرحيــل ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن