تناقض

654 54 13
                                    

تأخر الوقت وأصبحت الساعة الحادية عشر مساءً، لم يمتلك ذلك الفتى اليائس أي مكان يلجأ إليه سوى ذلك القصر المشبوه، أخذ يجر قدميه على الأرض متمنيًا أن يطول الطريق ولا ينتهي أبدًا، تمنى لو أنه يمشي إلى أن تنتهي حياته ولا يصل إلى وجهته

بعد صراع نفسي وامنيات لم تتحقق وصل، وقف عشر دقائق مترددًا هل يدخل أم لا، تنهد ودخل القصر متوجهًا إلى غرفته، فرآه اليكساندر وسأله:
"ما خطبك اليوم؟ لماذا تتصرف بطريقة غريبة ووجهك شاحب؟ أخبرني مالذي يشغل بالك أصبحت قلقًا عليك"

ضحك في داخله وقال محدثًا نفسه:
"ويدّعي أيضًا أنه قلقًا علي كأنه لم يفعل لي شيء سابقًا"

ثم رد عليه:
"لاشيء، فقط أشعر بدوار خفيف"

قال اليكساندر:
"حسنًا، خذ لك قسطًا كافيًا من النوم لن أضغط عليك أكثر، عندما تشعر أنك بخير أخبرني بكل شيء، أنت تعلم جيدًا بأنني لست والدك فقط بل صديقك أيضًا، لا أريد أن أرى صديقي يعاني من المشكلات لوحده بل أريده أن يشاركني بها"

حرك بيتر رأسه بطريقة تعني "حسنًا"، ثم أخرج يده من جيب بنطاله وأمسك بمقبض باب الغرفة ليفتحه، فرآى اليكساندر الضمادات الملفوفة عليها وقال له بقلق:
"توقف! ماذا حدث عندما كُنتَ بالخارج؟ ما قصة يديك المضمدتين؟"

نظر له ببرود وبعينين انعدمت منهما الحياة وقال:
"سقطت أرضًا بينما كنت أجري"

رد عليه اليكساندر:
"اذًا ستصر على موقفك ولن تخبرني بالحقيقة، لن أضيع الوقت أكثر، تناول عشائك أولًا قبل ان يبرد ثم اخلد للنوم لتريح جسدك المنهك"

قال بيتر
"حسنًا، أخبرهم أن يحضرو لي العشاء للغرفة"

رد عليه اليكساندر باستغراب:
"ألن تأكل معي؟ كنت بانتظارك.."

قال بيتر:
"آسف أريد أن أبقى لوحدي"

انقلبت ملامح اليكساندر إلى ملامح حزينة وقال:
"حسنًا كما تريد، يبدو بأنك بدأت تضجر مني"

ثم رحل بقلبٍ مكسور وأمر الخدم بإحضار الطعام لبيتر في غرفته، وجه بيتر نظره إلى ظهر والده، من طريقة مشيته تلك علم بأنه قد أحزنه، حتى لو كان عدوه فرؤيته لذلك الشخص حزين تفطر قلبه، كيف لا ومنذ أن وعى على هذه الدنيا وهو لم يعرف سواه، شعر بالندم قليلًا على تصرفه الفظ معه

دخل للغرفة وجلس على سريره الخشبي المغطى بفراشٍ أزرق اللون، أثنى ركبتيه وضمهما إلى صدره ووضع رأسه عليهما، سافر بتفكيره بعيدًا حتى قطع حبل أفكاره صوت طرق الباب

- "من الطارق؟"

- "أنا سيزار، أحضرت لك العشاء كما طلب مني السيد"

- "ادخل وضعه على الطاولة"

دَخَلَ ووضع الطعام على الطاولة، بقي ساكنًا مكانه لم يتحرك، استغرب بيتر وقال له:
"مابك تحجرت هناك؟ ألن تغادر الغرفة؟ أم أنك اشتهيت الطعام؟ إذا كان كذلك تناوله فأنا لست بجائع"

فجأة ودون أن يرمش بيتر حتّى، وجد سيزار واقف خلفه ممسكًا بشعره واضعًا السكين على رقبته، قال له وهو يستشيط غضبًا:
"اسمعني أيها الطفل المدلل إن أحزنت ذلك الرجل مرة أخرى لن أتساهل معك سأقتلك هنا في غرفتك ولن آبه إن تم قتلي بعد ذلك، هل فهمت؟"

خاف بيتر من الوحش الواقف خلفه، أول مرة يمر بموقف كهذا، أجابه وقد جف ريقه خوفًا:
"ح..حسنًا حسنًا، أعدك أنني أفعلها مرة أخرى"

ازداد غضب سيزار وضغط بالسكين على رقبته أكثر حتى سالت بضع قطيرات من دمه عليها، فقال له:
"هل تقسم على ذلك"

رد عليه بيتر:
"نعم اقسم، هيا أبعد السكين عني لقد أصبحت تؤلمني"

أبعد سيراز السكين ثم أخرج منديل أبيض ومسحها به ليخفي آثار الدماء، توجه نحو باب الغرفة ووضع السكين في جيبه وبابتسامة باردة مزيفة طبعها على وجهه قال:
"تأكد بأن هذا سيكون تحذيري الأول والأخير لك، لن أتساهل معك أبدًا"

ثم خرج وأغلق الباب خلفه بينما بيتر بقي يحدق محدقًا بغضب، تلك الثواني جعلت جسده يرتجف ودماؤه تتدفق بسرعة عالية...

منظمة الظلام (مستمرة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن