*دقه بدقه*
كان تاجرًا كبيرًا ، وكانت تجارته بين العراق وسوريّة ، يبيع الحبوب في سوريّة ، ويستورد منها الصابون والأقمشة .
وكان رجلًا مستقيمًا في خلقه ، كثير التديّن ،يزكّي ماله ويغدق على الفقراء ممّا أفاء الله به عليه من خيْر .
وكان يقضي حاجات الناس ، لا يكاد يردّ سائلًا ، وكان يقول : "زكاة المال من المال ، وزكاة الجاه قضاء الحاجات".
وكان يعود مرضى محلته ، ويتفقدهم كل يوم تقريبًا ، وكان يصلي المغرب والعشاء في مسجد صغير قرب داره ، فلا يتخلّف عن الصلاة أحد من جيرانه إلّا ويسأل عنه ، فإذا كان مريضًا عاده ، وإذا كان محتاجًا إلى المال أعطاه من ماله ، وإذا كان مسافرًا خلفه في عياله .
وكان له ولد وابنة واحدة ، بلغا عمر الشباب .
في يوم من الأيام ، سأل ولده الوحيد أن يسافر إلى سوريّة بتجارته قائلًا له : "لقد كبرت يا ولدي ، فلا أقوى على السّفر ، وقد أصبحتَ رجلًا ولله الحمد ، فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب إلى حلَب ، فبِع ما معك ، واشتر بها صابونًا وقِماشًا ثم عد إليْنا ، أُوصيك بِتقوى الله ، وأطلب منك أن تُحافظ على شرف أُختك".
وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى ، يوم لم يكن حينئذ قطارات ولا سيارات . . .
...
أنت تقرأ
عدالة السماء
Randomقصص عدالة السماء كلها من الواقع ، قصص تبني ولا تهدم ، تعمّر ولا تخرّب وتقيم القلوب والعقول معًا على أُسس رصينة من الإيمان العميق . إن الكلمة الصّادقة التي تفيد الناس ، لأنها تؤثر فيهم ، وهي التي تمكث في الأرض ولا تذهب جفاءً.