كان الحاج إبراهيم محمّد من التجّار الكبار ، وكان لا يرد طلب طالب ، ولا يخيّب رجاء قاصد .
وفي يوم من الأيّام قصده السيّد ( . . . ) في مكتبه الكائن في ( خان الشّط ) المطلّ على نهر دجلة ، وعرض عليْه أمره .
وقال السيّد ( . . . ) للحاج إبراهيم : " إنني جارك ، وقد كان والدي مِن أصدقائك المقرّبين ، وحين حضرته الوفاة أوصاني أن ألجأ إليك إذ حزّبي أمرٌ أو ضايقني أعباء الحياة .
" إن الزّروع في هذه السّنة كما تعلم لم تعط ثمن بذارها ، فقد املحت الأرض ، وانقطع المطر ، وساء الحال ، فلا أعرف كيف أدبّر حالي .
" وكنت قد استقرضت مالًا من المصرف ، فلابد لي من دفع ديوني له وإلّا افتضح أمري وشمت بي الأعداء . . .
" واليوم أتيْتك لتقرضني خمسمائة وألْفًا من الدنانير ، لأدفع الدين الذي في عنقي لمصرف الرافدين ، وأشتري البذار ( وأدبّر حالي ) ، وموعدي معك لوفاء دينك عليّ في موسم حصاد الحنطة والشّعير في العام المقبل " .
وقام الحاج إبراهيم إلى خزانة نقوده في مكتبه ، وأخرج منها المبلغ ودفعه إلى السّيّد ( . . . ) وسجّل المبلغ في دفتر الحسابات .
وأبدى المدين شكره وأظهر امتنانه ، وأصرّ على كتابة سفتجة .
ولكنّ الحاج إبراهيم قال له : " لا شكر على الواجب ، وبيني وبينك الله ، فهو نعم الوكيل ، ونعم الشّهيد " .
وبعد سنة تقريبًا من هذا الحادث ، مات الحاج إبراهيم بالسّكتة القلبيّة ، وترك زوجة وأربعة أطفال ، أكبرهم في الثالثة عشرة من عمره .
أنت تقرأ
عدالة السماء
Randomقصص عدالة السماء كلها من الواقع ، قصص تبني ولا تهدم ، تعمّر ولا تخرّب وتقيم القلوب والعقول معًا على أُسس رصينة من الإيمان العميق . إن الكلمة الصّادقة التي تفيد الناس ، لأنها تؤثر فيهم ، وهي التي تمكث في الأرض ولا تذهب جفاءً.