8

3.5K 96 0
                                    


أفاق كريـم من شروده ليطلق تنهيدة طويله وهو ينظر الي فراغ الغرفة امامه ، عاد ببصـره اليهـا ليملس علي شعرها برفق وحنان..
تجرد من معطفه ثم تمدد بجانبها بإرهاق و نظر اليها مجدداَ ليجدها ترمش بعينيها كدليل علي اقتراب استيقاظها ، فتحت خلود اعينها بتعب ثم اغلقتهما مجدداَ بتمهل ، فتحتهما مرة اخري لتقع اعينها عليـه وهو ينظر اليها بصمــت..
مرت لحظات سريعة الي ان تكونت الدموع في اعينها مجدداَ لتتحول الـي بكاء مرير وهي تقول:
- انت السبب..
نقل كريـم بصره بين اعينها لوهلة ثم تنهد وقال:
- تفتكري لو عايز اقتله .. هوديه المستشفي؟
لم تجب وحاولت كتم بكاءها ولكن وجدته يجذبها اليه ويحتضنها بقوة ثم يقول بخفوت:
- صدقيني يا خلود هو عمل كدا عشانـك ، مرضاش يقولك عشان متتعبيش.
- انا كدا ارتحت يعني؟
قالتها بمرارة ليصمت كريـم للحظات ثم يرفع وجهها وينظر اليها ثم يقول:
- انتي دلوقتي معايا..
اخفضت بصرها بضيق ولكن سرعان ما اجهشت في البكاء ليملس كريـم علي شعرها تاره ويربت علي ظهرها تارة اخري ، الي ان هدأت تماماَ وخلدت الفتاة الي النــوم بين ذراعيه..
********
مرت الايام عليهما وحالة خلود تتحسن يوماَ بعد يوم..
بدأت اول ايام الاسبوع كعادتها تستيقظ لتشاهد الشروق ولكن هذه المره من شرفة غرفتهما الكبيره..
شعر كريـم بلسعة برد تلفح جسده وبالأخص انه اعتاد ان ينام بلا قميص لراحته الشخصيه..
ضم حاجبيه بإنزعاج ثم فتح عينيه بتمهل فلم يجدها بجانبه ، جلس سريعا ونظر الي ارجاء الغرفة ليجد الشرفة مفتوحة بالكامل و قرص الشمس علي وشك الصعود عالياَ..
تنهد براحة وهو يفرك فروة رأسه فتلك الصغيرة تتعبه وترهق تفكيره دائما ، نهض من مكانه ثم اتجه الي الشرفة –وهو عاري الصدر– ليجدها توليه ظهرها وتتوسط قرص الشمس الذي بدأ في السطوع.. !
تقدم نحوها بخطوات هادئة ثم تسللت اذراعه لتلتف حولها ويحتضنها من الخلف لتنتفض بفزع ليقول ضاحكاَ:
- متخافيش دا انـا..
تنفست الصعداء وهي تضع يدها علي قلبها لتجده يسير بأصابعه علي أذرعها الي ان وصل لكفها ليشبك اصابعهما ويفرد ذراعيها فوق ذراعيه ويقول ممازحاَ:
- شوفتي تايتنك يا خلود؟!
ابتسمت رغماَ عنها فنظر اليها كريم ثم اقترب من وجهها وداعب انفها بأنفه برفق لتشيح بوجهها عنه وتتقدم خطوتين الي الامام لتبتعد عنه فيتابعها بإبتسامة ثم يقف بجوارها ويتابع معها شروق الشمس:
- صاحيه بدري ليه؟
تنهدت خلود ثم قالت بعد لحظات:
- عادي .. بحب اصحي بدري اشوف الشروق وبعد كدا هروح المدرسه..
ضحك كريـم بسخرية ثم قال:
- مدرسه ؟!
ضمت خلود حاجبيها بتعجب ولكن لم تعلق وقالت مغيرة مجري الحديث:
- انت مش خايف تاخد برد ؟!
نظر اليها بتعجب ثم تقدم نحوها قليلا بتمهل وهو يقول:
- اللي يسمعك يقول خايفه عليـا ؟!
ارتبكت ملامحها لتشيح بوجهها للجانب الاخري ثم تقول:
- لا عادي .. انت حر.
ابتسم كريم ثم اقترب منها اكثر و ادار وجهها برفق لتنظر اليه فيقترب بوجهه منها ويقبل جبينها ثم يضع جبينه علي جبينها ويلف ذراعيه حول خصرها ويقول ممازحاَ:
- ما انتي لو خايفه عليا كنتي قفلتي الباب وراكي وانتي خارجه ، بدل ما تسبيني للبرد عـ الصبح.
حاولت التهرب منه لتبتعد وتقول بسرعة:
- عن اذنك..
امسك ذراعها ليوقفها ثم يقول بإنزعاج:
- علي فين ان شاء الله.
- انهارده الحد .. مدرسه اكيد!
امتعض وجه كريم سريعا ثم قال:
- انا مش هخليكي محتاجه حاجه يا خلود ، يعني مش هتحتاجي علامك في حاجه .. وانا مفضلش خروجك من البيت لوحدك وإخطلاتك بزمايلك..
تفاجأت من كلماته لتقول بصدمه :
- يعني ايه الكلام دا.
ذم كريم شفتيه ثم قال:
- كلامي مفهوش اي غموض يا حبيبتي ، مفيش تكميل دراسه ليكى يا خلود..
ثم تابع بثقة عمياء بنفسه:
- انا مش فقير ومش هخليكي تحتاجي تشتغلي لا دلوقتي ولا في المستقبل..
عادت ملامحها الي الجمود و العناد لتقول بتحدي:
- طب ايه رأيك هروح .. هكمل دراستي وادخل الجامعه واشتغل كمان عند فيك.
صر كريم علي اسنانه بإنفعال ثم تقدم منها بخطوات ثابتة الي ان توقف علي بعد سنتيمترات بسيطة وقال بهدوء مخيف:
- صدقيني يا حبيبتي لو عصيتي كلامي هتشوفي وش مش هتحبيه ابداَ .. اوعدك بكدا..
ثم تخطاها ودلف الي الغرفه مجددا ، ظلت مكانها للحظات تفكر الي ان سمعت صوت اغلاق باب الغرفة وبعد قليل صوت محرك سيارته..
عادت الي الغرفة بتمهل وذهن منشغل ؛ من المستحيل جدا ان تتنازل عن مستقبلها الذي عانت فيـه لتصبح من الفئة المتفوقه..
حسمت امرها بالعصيان والثبات لترتدي ملابسها وتمشط شعرها الحريري ثم تخرج من الغرفة بتمهل..
هي تعلم ان تلك المربية ستكون في القصر الآن لرعايتها حتي وصول كريـم ، فكرت كثيراَ في كيفية الهروب منها إلي ان وجدت نفسها في الطابق السفلي امام الباب..
ابتسمت بنصر ثم تقدمت بحذر وهدوء اليه ولكن انتفضت عندما سمعت صوتها:
- علي فين العزم؟!
التفتت لتجدها هي فإبتسمت بتوتر ثم قالت:
- ها .. ابـــدا انا بس كنت هطلع الجنينه اتمشي شويه..
رفعت المربية المسنة احد حاجبيها ثم قالت بتعجب:
- وهو اللي بيطلع الجنينه بيتسحب كدا يا هانم؟
ضحكت خلود بحرج ثم قالت :
- اه انا .. اصل بحب الهدوء من صغري.
- مممم
همهمت بها المربية لتقول خلود ببراءه:
- صح يا طنط هو كريم بيجي من الشغل الساعة كام؟
- بيجي علي الغدا وساعات لا ، حسب الشغل اللي عنده.. بس اشمعني؟
- ابدا بسأل عادي .. يلا سلام يا قمر انتي وهتاخر في الجنينه عشان متقلقيش عليا..
- طيب براحتك..
خرجت خلود من الباب وهي لا تصدق انها بالفعل خرجت بتلك السهوله وستتمكن من العوده قبله ولـن يعلم بشيء.. !
تابعتها المربية من النافذة لتجدها تخرج بالكامل من القصر فأخرجت الهاتف سريعا و اتصلت بأحد الارقام:
- الــو كريـم بيه .. حضرتك زي ما بلغتني الهانم الصغيره خرجت بحجة التمشيه في الجنينه بس خرجت خالص بره ... العفو..حاضر يا بيه. !!
*********
في مكان اخر ما ان جاء وقت الراحة حتي خرج الجميع و ظلت هي في الفصل وحيده ، مرت لحظات الي ان دلفت صديقتها كوثر لتركض اليها بلهفة ويحتضتنان بعضهما لتقول كوثر:
- انتي كنتي فين يا بنتي كل المده دي ؟؟
- انا كويسه يا كوثر بس شوية مشاكل..
- احكي في ايه ؟ احنا من ساعة مستر كريـم الحليوة دا متقابلناش..
ظهر علي وجهها الضيق وهي تقول:
- الحليوه ؟! انا ابقي مرات الحليوه يا كوثر.
فغرت كوثر فاها بصدمة كبيرة وهي تقول بعلو صوتها:
- اتــجوزتيـــه يا خلـــود ؟؟
وضعت خلود كفها فوق فم كوثر ثم قالت بإنغعال:
- ششش هتفضحيني يا غبيه..
ابعدت كوثر يدها ثم قالت بعدم تصديق:
- ازااي وباباكي وافق بكدا ؟؟ انتي وافقتي ازاي؟؟ هو اه حليوه وزي القمر ، بس مش للدرجه دي يا خلود.
- ايـــه خدي نفسك شويه خليني احكيلك اللي حصل..
- اه احكي وريحيني..
قصت عليها خلود ما حدث وموت والدها المفاجيء وزواجها الإجباري ، لتقول كوثر بضيق:
- الندل الجبان .. صحيح مفيش رجاله اليومبن دول.
لتقول خلود بتهكم:
- ليه يا كوكي مش دا الحليوه و زي القمر ؟
ثم تابعت بإنفعال:
- مش دا كلامك؟؟ .. وبعدين احترمي نفسك يا كوثر ومتشتميش.
- الله الله الله .. انت وقعت يا خوخ ولا ايه؟
لتقول خلود مغيرة مجري الحديث بأسي:
- اللي مضايقني انه قالي انهارده الصبح مفيش ليكي مدارس وانا مش هخليكي محتاجه حاجه.. اعمل ايه يا كوثر؟
- اطلقي .. وجوزهولـي.
ثم تابعت برجاء:
- جوزهولي بليز وانا راضيه بكل شروطه دي .. بلا تعليم بلا قرف.
ذمت خلود شفتيها بضيق لتعتدل كوثر ثم تقول بجديه:
- طب ما انتي جيتي اهو انهارده !
- هو في الشغل يا كوثر..
- يعني ايه يعـ..
قطعت كلمتها بشهقة صدمة ثم قالت:
- اوعـي يا خلود تكوني جيتي من غير ما تكوني قولتيله؟؟
نظرت اليها خلود وصمتت لتقول كوثر:
- يــختــــاااي .. هتطلقي يا خلود في اول سنه ليكي يا حبيبتـي..
كادت خلود ان تعنفها ولكن دلف المدرس لتستأذن كوثر وتخرج من الفصل وتتابع خلود دروسها بذهن مشتت..
*******
عادت خلود الي القصـر وهـي تظن انها اتت قبل ميعاده بكثير ، صدقت فـ معاد رجوعه لم يأن بعد ، دلفت من الباب لتجد الطابق السفلي هاديء تماماَ:
- الحمد لله الدادة مشت.
تمتمت براحة ثم اتجهت الي الدرج وصعدته ثم اتجهت الي غرفتهما ، دلفت من الباب لتجد الغرفة مظلمة تماماَ ، اغلقت الباب خلفها وهي تأمل ان تبدل ملابسها قبل رجوعه من عمله..
اتجهت الي مقبس الكهرباء لترفعه فتنير الغرفة ثم تلتفت لتصتدم بجسده لتصرخ بفزع وتتراجع بذعر من الصدمه:
- كنتي فين؟؟
قالها كريـم بهدوء شديد لترتبك خلود وتعجز عن النطق ولكن قالت فجأة لتتهرب منه:
- كنت تحت في الجنينه بتمشي فيـ.. !
قطع كلماتها بصفعة جعلت توازنها ينعدم لتسقط ارضاَ... !!  

غرورك انجب عنادىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن