لطالما تساءلت عن وجود الكون ؟ البعض يقول أنه بسبب انفجار، بينما الآخرون يؤمنون بوجود رب قادر على خلق كل جزيئة بهذا الكون ... فضولي كان بمثابة نار حارقة تنهش أعماق مبادئ لقنت إياها منذ صغري، لكنني سمحت لتلك النار بالتوهج، بل و ساعدتها على ذلك، حيث لم أمنع نفسي من السؤال و البحث عن الإجابة...
كنت طفلة في السادسة من عمري حين سألت والدتي عن مصدر الكون، هي أخبرتني أن أكف عن السؤال حول هذا الشأن، و أن أستعيذ بالشيطان و أذكر الله .. زممت شفتي بعدم رضى و تظاهرت بفعل ما أمرت به لكني لم أتوقف عن التساؤل، و إجابتها آنذاك كانت دافعا للطفلة الصغيرة للبحث عن الحقيقة، تلك التي قد تجعلني أشكك في مبادئي ... هي ربما ظنت أنه مجرد فضول صغر، لكنه لم يكن كذلك أبدا ...
خصصت حصص كثيرة لدراسة الدين منذ ولجت المدرسة، و كلها تذكر بعبادة الله، خالق الكون .. أنا فعلت ذلك، لقد آمنت به و عبدته، لكن ذلك لم يمنع الشكوك للتسرب لخاطري .. ما علمت عن الإله لم يكن كافيا ليسد منافذ الشك في روحي، لطالما علمت أنه خالق الأرض و أنه جدير بالعبادة و إلا عوقبت و رميت في النار؛ لم أعلم لم وجبت علي طاعته، مما جعلني أتسائل تارة أخرى، أ هذا الكون حقا خلق من تخطيطه ؟ أ هو وجد صدفة ؟ ...
حينما صرت طالبة إعدادية، صرت أكثر تفتحا على عوالم أخرى، و ثقافات أخرى، فرأيت المواضيع التي تتحدث عن الديانات الأخرى تستهويني، أحببت أن أعلم أكثر عن ما اتخذته حضارات عظيمة آلهة، الإغريق، الرومان و الفراعنة، و أمثالهم من الحضارات الإنسانية العريقة. هي لا بد و أنها آمنت بآلهة، وددت أن أتعرف عليها أكثر، رغبت في الغوص في التفاصيل عسى أن أجد الإجابة لكنني لم أجد ... بعضهم أرجع وجوده لعناصر الطبيعة كالماء و النار، لكن الأمر لم يكن كافيا بالنسبة لي، لم يشف غليلي و يهدأ فضولي، فتلك العناصر نفسها، من الذي أوجدها ؟
لم أطل البحث حول الديانات السماوية الأخرى فهي تتفق في هذا الشأن، أن للكون رب أوجده.
حينما لم أجد إجابتي إبان بحثي في الديانات، قررت أن أرى الأمور من وجهة نظر ملحد؛ لطالما كان سبيل الاقتراب من الحقيقة هو رؤية الحدث من منظور مختلف، ففعلت ذلك. ربما قد يبدو الأمر عاديا، لكنه بالنسبة لي كان شيئا اقشعر له بدني، ... قراءة ما كتب من طرف أشخاص لا يؤمنون بوجود الرب كان مخيفا، في كثير من الأحيان لم أقدر على المتابعة، تلك الأسطر كانت في عديد من الأحيان مقنعة لأقصى الحدود، كان الأمر مهولا لي و أنا في سنتي الأخيرة من الإعدادية و أولى سنواتي بالثانوية ... بحثي لم يجد نفعا، كعادة محاولتي السالفة، لكنني خرجت من بحثي هذا بجملة لا زالت الرعب يسري في كلما تذكرتها، "إن كان الرب خالق هذا الكون فعلا، فلم لم يوقف هذه الحروب و تركها تستمر ؟ لم لم يوقف الإنسانية عن تدمير نفسها و ترك البشر يقتل بعضهم بعضا ؟ هذا لأنه غير موجود" ...
كلما أتذكر الأمر، يخالجني شعور الراحة أنني لم أقدم على التعمق في منظور الملحدين إلا حينما كنت على إيمان كاف ليحفظني من الوقوع في حفرة ينفى بها وجود الرب؛ فعلى الرغم من عدم تطبيقي للدين بحذافيره، و بغض النظر عن كرهي للعديد من أحكام الدين، إلا أنني أومن بوجوده. أومن بكونه إلها رحيما، بغض النظر عن كيف وصفته الديانات و كيف وصفت سبل التقرب إليه.
بحثي عن أصل الكون لم ينته، و لن يفعل ما دمت لم أجد الإجابة .. فالتفكير في هذا الكون العظيم شيء رائع بالنسبة لأناس عاديين، لكنه مخيف و مهول بالنسبة لي؛ فكيف لشيء بهذه الضخامة أن يولد صدفة ؟ و ما مقدار عظمة الإله الذي استطاع إيجاد كون كهذا ؟ ...
أنت تقرأ
خواطر.
Randomمجرد كلمات مبعثرة، كتبتها لتحوي ألمي، لا للفت انتباه الآخرين ... مرحبا بكم في مملكة، حكامها مشاعري، سلاحها قلم، و أرض معركتها ورق ... شظايا من روحي هذه، أقدمها لكم في كلمات متواضعة، لعلها تلامس أرواحكم، فتشعروا بي ...