٥

3.1K 308 5
                                    



وقف شوبنهاور بقامته الطويلة متعاليا على فريديريك الذي رغم طوله لم يبلغ سوى كتف الشاب الآخر . كانت أذناه طويلتان ، بارزتين من تحت شعره الأزرق الكثيف ، عيناه ذات اللون الأصفر تلمع بالشر منذرة بأشياء جهنمية ، وجهه كان مليئا بالثقب و الأقراط .

حاول أن لا يشعر بالضعف أو بالخوف لكن محاولاته فشلت تماما و ازداد احساسه بالنقص عندما تذكر أن ازميرلدا تقف خلفه مباشرة و لربما تكون تشاهد هذا المشهد الآن بتقزز .

الفتاة تكره الضعف ! و هو ضعيف .

أو هكذا كان يظن ، لأنه لم يثق بنفسه يوما ، لم يحاول أن يعرف نفسه أو أن يغامر .. كان غارقا بين كتبه يدرس و نسي أن هناك حياة في الخارج ، حياة نطبق فيها ما درسناه و نصنع فيها المجد بأيدينا .

" اذن فريديريك ، هل ستخبرنا عن ما حدث البارحة في حلبة التنانين أم انك تفضل أن أفشي الخبر بنفسي ؟"

" أنت لم تكن هناك !" تدخلت ازميرلدا " كما أنه لم يحدث شيء ! لم تحاول استفزازه !؟"

" لا تتدخلي " قال و دفعها بيده بعيدا .

كانت تلك اللمسة هي القطرة التي أفاضت الكأس ، شعر فريدي و كأن كل جزء من أصبح يحترق بنيران حامية و دون أن يعي بخطواته ، كانت قبضته تلتقي بوجه شوبنهاور و تسقطه أرضا .

" سحقا !!" صرخ سيليڤان و ركض نحوه يبعده عنه بينما يحاول فريدي التململ من صديقه و ابراح شوبنهاور ضربا .

كانت تلك حادثة لا تنسى في تاريخ الآكادمية ؛ كيف لشاب ضعيف كفريدي أن يفعل ما فعله بشوبنهاور !؟ كل من كان في الممر جمد في مكانه ، عم الصمت الأجواء و وقفوا جميعا منتظرين نهوض شوبنهاور عن الأرض .

كان هناك يقين أنه ما إن ينهض حتى يكون فريدي في عداد الأموات ؛ ظنوا أنه مسكين جدا و قليل الحظ سيموت في أول سنة له في الآكادمية .

لكن ما حدث بعد ذلك ، كان مفاجئة للجميع ، حتى لفريدي نفسه : بدل أن ينهض عن الأرض و يدافع عن نفسه ، استلقى شوبنهاور على ظهره و انفجر ضاحكا .

كانت شفته السفلى تقطر دما و مع ذلك لم يتوقف عن الضحك حتى أن ضحكاته غمرت المكان و أصبح الجميع يتبادلون نظرات الدهشة و الإستغراب .

" كنت أعرف " قال أخيرا و نهض ثم أخذ ينفض الغبار عن ثيابه " أتعلم يا غالليلو ؟ لديك قبضة قوية " ثم اقترب منه ليهمس في أذنه " و أراهن بكل ما أملك أنك راكب تنانين ماهر "

فتح فريدي فمه و لكنه لم يستطع اخراج أي شيء ، كان كمن سكب عليه دلو ماء بارد ، تجمد الدم في عروقه و اتسعت عيناه و بينما يغادر شوبنهاور المكان محاطا بالأنظار ، بقي الآخر واقفا لا يفقه شيئا .

                         ****

" هلا فسرت لنا ما حدث للتو ؟" قالت ازميرلدا بغضب " كيف تفعل هذا و من أين لك القوة لتضرب شخصا كشوبنهاور !؟"

آكادمية الفنون السحرية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن