سلام يا رفيق... أود أن أخبرك عن ما يحدث لي في الأيام الأخيرة... أعلم أن هذا سيبدو مبتذلا جداً و سخيفا لكنني متعب و سئمت من الاستمرار في التمثيل، تراودني أفكار قاتمة السواد هذه الأيام و أظن أنني سأمتنع عن الطعام لبضعة أيام.
صديقي الودود... أود أن أخبرك عن هشاشة عظمي و تفتت أفكاري عن تبلور حلمي و شكي بصدقه إن كان سرابا، سأخبرك عن أفكاري الوجودية و الأبدية و السرمدية...
صديقي الحزين... سأخبرك ألا تحزن و بالرغم من أنني حزين و مصاب باكتئاب داخلي، الا انني مازلت أخشى عليك و أفتقدك افتقاد اليتيم و أعلم أنك لن تبادلني شعوري ما حييت، ربما ستكون خيانتي العظمى لك و بداخلي رغبة شيطانية بالابتعاد عنك طويلا...
صديقي البائس... لا تكن بائسا يا خديني، البؤس أمرٌ معتوه، يخيل إليك أنه يرافقك طوال حياتك لكنك لا ترى أنك من تجلب البؤس لنفسك، حذارِ من شيطان نفسك.
صديقي الضائع... لا تبحث عن نفسك بعد الآن، فأنت حتما يا وتيني تدور بدوائر مغلقة و فارغة، سأخبرك أن تبحث عن الله بعد الآن حتى تجد نفسك المتعطش للمعرفة الحقيقية و الكاملة.
صديقي المنسي... لن أخبرك أن لا تنساني بعد الآن لأنك ستفعل بالتأكيد، سأخبرك أن لا تنسى من تحبهم اليوم حتى لا ينساك من يحبك يوما ما، ثق بأنني سأبقى أحبك حتى لو نسيتني.
صديقي البعيد... أنت المتقد بين ثنايا القلب المتين، لا تبال بهذه المسافات العقيمة، أظن أنك بت الآن تفهمني و تبرئ نفسك من خطيئة الافتعال، أظن أنني أراك كلما نظرت الى زرقة السماء و أنك تراني كلما قلبت صفحة من دفترنا الأرجواني.
صديقي الذي أضحى غريبا... سأخبرك بوضوح أنني بت أكتب عنك مرغما بحكم الحب الذي جمعنا، لم أكن أعلم أن قلبك أبرد من سيبيريا الثلجية و أشد جمرا من حرارة افريقيا النارية.. و أكثر قساوة من ألمانيا النازية! لا أود أن أفتقدك بعد الآن لقد قطعت آخر حبال وصالنا بأنانيتك، شردت البؤساء الذين كانوا يسكنون قلبي "الحب و الإيمان"، أضعفت مسكينا يتلهف لرؤية حنينك، أنت بخيبتك لن تكون وطنا بعد الآن.. لن تبارح مكانك البغيض، لن تترنح أمام فؤادى المسكين...
صديقي الذي أخبرني عن الحزن قبل حدوثه... تحية لك أيها الأصيل النبيل، إن كل ما كتبته و قرأته لي نابع من أعماق روحك المهترئة، حذرتني من غدر الفؤاد و طعن المراد، لم تستطع كبح جماح خوفك الدفين، استرسلت تقص علي حكاية المساكين و حكاية وطن حزين.. هنيئا لك الرجولة يا صاحبي.