1- إعدام

427 14 0
                                        

1-إعدام
_____________

انخفضت درجة الحرارة لحد رهيب في منطقة قارصة البرودة بمدينة(لوكومتيف)بروسيا،بدأ جنود الحراسة الذين يحيطون باسوار هذا السجن الرهيب في قلب تلك البقعة المخيفة أشبه بالدببة داخل معاطف الفراء السمكية التي يرتدونها،والتي تخفي أجسامهم بالكامل،حتي بداية أقدامهم التي غاصت داخل أحذية سميكة مبطنة بطبقات من الفراء؛في محاولة لاتقاء البرد الشديد،و الجليد الذي ينهمر بلا انقطاع.

و وسط كل هذه الظروف،برز فريق من الجنود في ثكناتهم وهم يحملون بنادق آلية،و يجرون في قسوة رجلا أشقر الشعر،ذو وجه مربع،أزرق العينين،متين البنيان،مفتول العضلات،شبه فاقد الوعي،تثير حالته المزرية و ملابسه الخفيفة التي لا تناسب الجو البارد الشفقة في قلب اعتي الوحوش ضراوة.

ومن خلف الجنود ظهر ضابط بملامحه القاسية الصارمة و قوامه الممشوق،و تابع حركة الجنود و أسيرهم في برود،قبل أن يقول بعدم اهتمام:أوقفوه عند ذلك الجدار.

جذب الجنود الرجل حتي الجدار و ثبتوا قيوده الحديدية في مفصلات و مسامير مثبتة بالحائط.

انعقد حاجبا(مالكوفيتشي)وهو يقول للجنود:اتخذوا أماكنكم.

أسرع الجنود يصطفون ببنادقهم الآلية في خط مستقيم علي مسافة عشرين مترا.

في حين رمق(مالكوفيتشي)الأسير في تشف ويقول:استعد.

رفع الجنود فوهات بنادقهم الآلية و صوبوها تجاه جسد الرجل،فقال(مالكوفيتشي)وهو يشير بيده لجنديين يقفان أمام عنبر المعتقلين:هيا.

استدار الجنديان يفتحان باب العنبر الضخم،تقدم جندي ممسكا بقيد حديدي موضوع بيد أحد المعتقلين وموصل بالسجين الذي خلفه كأنها حلقة ثم في المؤخرة جندي ممسكا بآخر القيد الحديدي، و أوقفوا المساجين بحيث يواجهون الجدار الذي قيدوا الرجل إليه،واقفين خلف الجنود.

كان المعتقلون يرتجفون بشدة من فرط البرد و الرهبة،ومن نظرات(مالكوفيتشي) الباردة المخيفة،وهو يدير عينيه في وجوههم،قبل أن يشير بيده لقس واقف.

تقدم القس من الأسير ثم قال:(فيدرور سينكي)ما هي أمنيتك الأخيرة؟

نظر(فيدرور)للقس و عينيه غارقتان بالدموع،وهو يتذكر شريط حياته.

قطع تفكيره صوت القس يقول:(فيدرور)هل لديك طلب أخير؟

هز(فيدرور)رأسه نافيا،ليذهب القس بعيدا عن الجدار،شد  (مالكوفيتشي)قامته و أدار عينيه في وجوه المعتقلين قبل أن يقول بصوت جهوري،يفيض بالقسوة والصرامة:ينبغي أن تعلموا جميعا أنه لا أحد يمكنه مخالفة نظام و قواعد دولتنا عامة،أو معتقلنا خاصة،ومن يفعل سيلقي مصيرا أسوء من أبشع كوابيسه..هل تفهمون؟

خيم عليهم صمت رهيب،وكلهم يتطلعون إليه في خوف،و حلوقهم جافة من شدة التوتر،فأدار عينيه في وجوههم ثانية،ثم تابع:أمام أعينكم مثال لتأكيد ما قلته..كلكم تعرفون(فيدرور سينكي)..هذا المعتقل حكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص لمحاولته قتل حاكم الإمارات العربية المتحدة بمساعدة مرتزقة،وقتل أشخاص مدنيين،اعلموا أن من يفكر مجرد التفكير في أن يخرق القانون، سيدفع الثمن غاليا.

استدارت العيون في حسرة إلي الرجل المقيد.. و قال أحد المعتقلين في صوت خافت:خسارة.

قال(مالكوفيتشي)في صرامة وهو يرفع يده و يخفضها:أطلق.

لم تكد يده تنخفض،حتي انطلقت رصاصات بنادق كتيبة الإعدام..

و أصابت كل الهدف..

بلا استثناء..

و انتفض جسد(فيدرور)في عنف،و تفجرت بقع الدم من صدره و رأسه و عنقه..ثم تهاوت رأسه علي جسده..

واستمر الصمت الرهيب مهيمنا على الساحة..

و وسط كل هذا الصمت،اتجه دكتور إلي الرجل في خطوات واسعة،و التقط معصمه،و توقف لحظة لقياس نبضه،ثم اعتدل في وقفة عسكرية و قال في حسم:انتهي الأمر.

و تألقت عيون(مالكوفيتشي)ببريق ظافر و..

ولكن مهلا..
هذة ليست بداية الأحداث بالتاكيد..

فالبداية لم تكن موجودة في(روسيا)..

لقد بدأت المهمة الفعلية في(لندن)..

و هذا يثير موجة من التساؤلات..

لو أن المهمة الفعلية في(لندن)،فكيف وصل (فيدرور)إلي معتقل بمدينة(لوكومتيف)؟

و لماذا تم اعتقاله؟و كيف؟

للحصول على جواب لكل هذة التساؤلات،يحتاج الأمر إلي العودة إلى نقطة البداية عندما حدثت عدة عمليات قتل لعدد من الشخصيات العربية،لدرجة نبهت جهاز المخابرات العامة المصرية؛ليحدث تعاون مشترك مع السعودية،و أرسلت مصر أفضل و أحدث ضباطها لينفذ خطة مجنونة نجح بها في الدخول لمنظمة غامضة تدعي الشياطين،ومهمة(فيدرور)كانت تدمير مؤتمر السلام الدولي مع إحدي المرتزقة(*).





(*)(راجع الجزء الأول تحت عنوان الجلاد.)

مهنتي القتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن