الحلقة الرابعة

2.9K 186 49
                                    


🔸ما إن رأى علي تلك الفتاة السافرة في الشارع تمر من أمامه حتى أطرق ببصره إلى الأرض، شعر برغبة عالية أن يرفع رأسه وينظر مجدداً، لا أنكر أن النظرة الأولى قد أثارت في نفسه الشهوة، أراد أن ينظر... تذكر أن الله يرى، بدأ يردد في نفسه: أستغفر الله.. أستغفر الله..إن الله يرى.. إن الله يرى.. أسرع في خطواته ليحسم الموقف فقد أرهقه الصراع ! ابتعد عنها.. لكن تلك النظرة الأولى لا زالت في باله، وتلك الصورة الشيطانية لا زالت تمر في مخيلته.. ماذا يفعل ؟

🔹توجه من صميم قلبه إلى حبيبه الله عز وجل.. ووجه عقله وتفكيره نحوه وبدأ يردد من قلبه : أستغفر الله.. أستغفر الله.. اللهم صل على محمد وآل محمد..أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. وما هي إلا لحظات حتى هدأت نفسه، وذهبت تلك الصورة الشيطانية من مخيلته..

🔸وصل علي إلى البيت، كان يشعر برغبة أن يختلي بربه، يريد أن يطهر قلبه من أوساخ هذا النهار المرير، ولن تغفو عيناه قبل أن يرضي ربه ويستغفر من ذنبه.. كان قلبه يعتصر ألماً وندماً..وما إن رأى الشيطان اللعين منه هذه النية، حتى إشتعل غيظاً وبدأ يوسوس له:👹 - بأي حالٍ ستقف بين يدي الله، وأنت المذنب العاصي، أنت بعيد عن الله، ما أقبح ذنوبك، لن يقبل الله توبتك 👹

🔹لكن علي ليس غبياً.. يعلم أن الشيطان اللعين بوسوسته هذه يحاول أن يعطيه صورة سيئة عن الله عز وجل، لكن الله سبحانه أرحم الراحمين... ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ...وبابه مفتوح لعباده المذنبين،...﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيم﴾ُ... ومهما عظمت ذنوبه فالله أعظم..ومهما كبر تفريطه فالله أكبر...﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾...إنّ اللهَ تعالى أشدُّ فرحاً بتوبة عبده من رجلٍ أضلّ راحلتَهُ وزادَهُ في ليلةٍ ظلماءَ فوَجدَها، فاللهُ أشدُّ فرَحاً بتوبةِ عبدِهِ مِن ذلكَ الرَّجلِ براحلَتهِ حِينَ وجدَها (كما روي عن الإمام الباقر عليه السلام)

🔸قام علي واغتسل بنية التوبة، ثم قام فصلى ركعتين بكل خضوعٍ واستغفر الله سبعين مرة، ثم توجه الى الله من صميم قلبه وبدأ يلهج بأدعية الصحيفة السجادية تائباً معتذراً نادماً مشتاقاً إلى الله، يلثم سجدته من صميم قلبه ويعفِّر جبينه بين يدَي ربه والدموع في عينيه، فشعر وكأن الله سبحانه قد مسح بيد رحمته على قلبه فسكن، لقد عاد علي الى حبيبه الله عز وجل ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّه﴾...﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ ❤️

🔹وما إن أنهى علي دعاءه وقام من مُصلاه حتى سمع صوت الهاتف، لقد وصلته رسالة على الواتسأب.. نظر الى الرقم.. من يكون هذا يا ترى الذي يكلمني في هذا الوقت المتأخر ؟ فتح الواتسأب :
▪️مرحبا علي 😊
▫️أهلا، من ؟
▪️أنا "لين" صديقتك في الجامعة ☺️...

😨إنها هي !! ماذا تريد مني ؟؟!

🔹حمل علي الهاتف ووقف مكانه لا يعلم ماذا يفعل وهو يقول في نفسه : هل أوبخها ؟ هل أعمل لها حظر ؟ هل أقول لها لا تكلميني بعد هذا اليوم أبدا فأنتِ لا يمكن أن تكوني صديقتي ؟!

😔 لا أخفي عليكم أنّ قلبي كان ينبض بشدة فأنا لم أكلم فتاة في حياتي، لقد تربَيت على العفة والتقوى، وقريتي بحمد الله بيئتها محافظة لا ترى فيها فتاة سافرة ! لم أكن أتوقع يوماً أني سأكون في هذا الموقف ! ولا أخفي عليكم أيضا أن نفسي الأمارة كانت تدعوني للتكلم معها، أو تشدني لكي أفتح صورة البروفايل وأنظر إليها، لكني تذكرت توبتي لربي... أنا اليوم أتمنى لو أنني في حينها عملت لها حظر فوراً.. وأقفلت الباب بوجه نفسي الأمارة والشيطان اللعين... لكني لم أفعل 😔 لقد كتبت لها :

▫️أريد أن أقول لك بكل صراحة، أنا شاب مؤمن، وديني لا يسمح لي أن أختلط مع الفتيات.. عندما طلبتي مني مساعدتك في الدرس وافقت على طلبك مُحرجاً لكي لا أكون سبباً في رسوبك، لكن أرجوك ابتعدي عني فلا يمكنني أن أكون صديقك.

أجابتني : ▪️علي أنا لست فتاة فاسقة كما تظن، وأنا أحببت أن أتقرب منك لأنها أعجبتني أخلاقك العالية، فأنت لست كبقية الشباب الذين أعرفهم، وأعدك أنني لن أضايقك بشيء فقط اقبلني كأخت لك لا أكثر😊

🔸في تلك اللحظات جالت في بالي أفكار كثيرة.. تارةً أقول : يبدو أنها ليست فتاة سيئة قد أكون سببا في هدايتها ثم أتزوجها 😳 تارة أقول: لا لا.. هذا الشيطان اللعين يحاول استدراجي من هذا الباب 👹

في قلب هذا الصراع النفسي العنيف أرسلت لي :

▪️علي دعني أعرفك قليلاً عن نفسي 🙈

▪️لقد توفت أمي وأنا صغيرة، وتربيت مع أبي، كان أبي ثرياً.. لقد أمّن لي كل ما أحتاجه في حياتي، لم يحرمني من شيء إلا من العاطفة 😔 هو كان يظن أنه بالألعاب والثياب والهدايا والمجوهرات سيسد النقص الذي سببه لي فقدان أمي...

▪️ لكنه لم يعلم أنني كل ما كنت أحتاجه هو عطفه وحنانه لا أكثر.. كان يبقى بعيداً عن البيت منشغلاً بتجارته وملذاته.. كان سيء الخلق كثيراً كان يعود في كثير من الأحيان الى البيت سكراناً ويبدأ بالتكسير والضرب 😔 كنت أظن أن كل الرجال مثله فكرهتهم ! لكني عندما رأيت أخلاقك يا علي علمت أنني كنت مخطئة ففي هذه الدنيا رجال طيبون أمثالك ☺️

🕌﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾
📚سورة الأعراف، الآية ١٧

🕌 سُئِل أمير المؤمنين علي (عليه السلام): - بما يُستعان على غضّ البصر؟ فقال (عليه السلام):《بالخمود تحت سلطان المُطَّلع على سرِّك》
📚ميزان الحكمة ج١٠ ص٤٣٤٤

على باب الجامعة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن