هنا لم تجيبه لانها لا تعرف بما تجيبه فهى تريده حقا ولكنها تشعر بالشفقة تجاه حسام فهى بين نارين
لم ينتظر يحيى لردها واغلق الهاتف وخرج من مكتبه متوجها اليها فوجد زياد امامه مكفهر الوجه
يحيى بتعجب من منظره فساله ما بك ؟
زياد الى اين انت؟
يحيى متعجبا من رده عليه بسؤال فقال وهو يهز كتفيه على منظر زياد قائلا / انا ذاهب لهنا وسانهى كل شىء مع حسام وساتى بها الى هنا وساتزوجها
زياد وهو لا يزال على نفس ملامحه اجابه ببرود / وكيف ستتزوجها وانت فى نظر القانون فاقد الاهلية
يحيى / اعلم ذلك ولكن الزواج اساسه الاشهار وانا ساشهر ذلك وساتزوجها عرفى لحين ثبوت اهليتى ساعقد عليها شرعى او ساثبت الورقة العرفى
وهل اخذت رايها فى ذلك ام بنيت رايك على فكرك فقط
يحيى بضيق / هى تحبنى وانا متيم بها ولن نجعل مثل تلك التعقيدات ان تفرقنا ما دمنا نستطيع ان نتجاوزها مؤقتا
زياد بتوتر واخذ يبتلع ريقه ويتلعثم ويحاول ان يجد اى مقدمات لكلامه ولانهما صديقين فلم يخفى هذا على يحيى فساله بسرعة ما بك هكذا متوتر
زياد اثناء قدومى اليك الان تفاجات بشهندة داخلة من بوابة الفيلا على اساس ان هنا هى من بالداخل وتريد ابنها وعندما عرفت انها ستعرف كل شىء ففضلت الا تدخل قبل ان احكى لها انا حتى تتفهم الامر ولا تكشف سرك
يحيى وقف مصعوقا من هول الخبر والصدمة واذا به يتحول الى نار متاججة فى لحظة وركل الكرسى الذى امامه وقال وهل توا ما تذكرت ان لها ابن . هل توا ما انتهت من نزواتها لتاتى واتخذ ولدها ممن ائتمنته عليه . كيف ائتمنت هنا عليه وهى لم تعرفها . كيف صمد قلبها كل تلك الفترة وهى بعيدة عن ابنها فما كان الوضع ان لم تكن هنا ملاك وكانت فعلت معه مالا يحمد عقباه . ورب العزة ما كان يكفينى فيها فصل رقبتها عن جسدها و...
قطع عصبيته صوتها الذى يحمل كل معانى الانوثة والدلال من خلفه وهى تقول يحيى حبيبى اشتقت اليك
صدم يحيى من سماع صوتها فاختلطت عليه المشاعر فكم كره ان يسمع منها حرفا وكره ذاته التى هامت بها يوما ولكن ما ان التفت اليها الا واختلطت عليه مشاعر اخرى فتذكر كم عشقها
ظل هكذا وهى جواره وعلمت ما دار فى خلده فهى حقا لا تقاوم وقد كان يعشقها بكل ما اوتى من مشاعر فاقتربت منه وهى حذره وحضنته واخذت تقبله بهدوء لتربكه واخذت تخلل اصابعها بين خصلات شعره حتى ان زياد نفسه توتر من وضعهم بينما يحيى كان لا يزال على نفس وضعه واقفا متبلدا لا يعرف من يقف امامه ما شعوره حاليا هل هو ضيق منها ام انه انسجم معها واختلجته مشاعره القديمة نحوها ام انه يفكر فى هنا ولم يبالى بلمسات شهندة
واخيرا اخذ نفس عميق ليهدا من روعته وقشعريره جسده من لمساتها ونهرها وابعده عنه واخذ ينظر اليها باشمئزاز وقال محقرا لها / لم اعتاد ان يلمسنى جسد ملطخ ممن قبلى ولا تتركى لعقلك العنان ليعتقد اننى حتى الان اسيرك فقد عرفت معنى الحب الحقيقى واصبحت اسير لقلب هوانى وانا ميت
اصبحت اسير لقلب لم يجذبنى له بالشهوات بل خاف على من الشهوات
بكت امامه بدموع التماسيح وقالت / كيف كنت تريدنى ان ابقى جوارك وانا احمل فى احشائى قطعه منك فكنت اخشى عليه من اشقاؤك وما صبرنى ان من اخاف عليه ما هو الا انت
ابتسم لها بجانب فمه كنوع من السخرية وقال تقولين انك خشيتى ان تظلى بجوارى لانكى تحملين فى احشاءك قطعة منى وان ما كان يصبرك عن فقدى ان من معكى ما هو الا انا وفى ذات الوقت تتركيه لغريبة لا تعرفيها لتربيه هى وتتفرغى انتى لنزواتك اليس كلامك متناقض . الستى تشعرين بالخزى من نفسك مما فعلتى
شهندة مدعية البراءة / ارحمنى يا يحيى فحبك كان يتملكنى ولم استطيع التفكير الا فيك وكنت احاول ان ارحم عقلى بالخروج مع اخر فكيف تظلمنى لهذا الحد
علت ضحكة يحيى بسخرية اكبر وقال / احقا ما تقوليه فهل كذبتى وتحاولين ان تصدقى كذبك الم تقولى انى انا الذى اكتفيت بكى فقط بينما انتى التى لا يقاومك الرجال
ارتعدت اوصال شهندة فكيف عرف ذلك واعتقدت ان هنا هى من قالت له ذلك ولم تعرف انه كان يسمعها بنفسه فاقتربت من وهى تتمايل وبدلال قبلته مره اخرى وقالت / لا تعطيها الفرصة لتوقع بيننا فيبدوا انها تغار منى ورادت ان تكسب قلبك على حساب قلبى
فهم يحيى ما ترنو اليه فابتعد عنها وقال / وهل الملائكة ينتظر منها مثل تلك الافعال
لم تفهم شهندة ولكنها همست قائلة / ولكن بيننا ولد واريد ان اربيه بيننا حتى لا يؤثر على نفسيته ثم انى لم استخرج له شهادة ميلاد حتى الان
تنبه يحيى لكلامها وتذكر ولده فهو حقا لم يكتب حت الان باسمه فشرد قليلا وقد شعرت انها قد وصلت لمبتغاها من التاثير عليه فاكملت قائلة كما اننى خائفة من اشقائك فقد شعرت منذ ايام انهم يتتبعونى واخشى ان يفعلوا بى اى شىء ان علموا ان لى ابن منك
تركها يحيى وعاد مرة اخرى لغرفة مكتبه وهو فى قمه ضيقه فقد انقلبت الدنيا عليه فى لحظة
دخل خلفه زياد بينما منعها هى من الدخول عليه فهو اراد ان يعطى ليحيى مساحة للتفكير دون ان تؤثر هى عليه بدلالها وما ان دخل الا ووجده واقفا امام النافذه محدقا للسماء فى نقطة فى الفارغ وهومضيق عينيه وشارد الذهن
لم يطع زياد صمته وتره يلملم شتات تفكيره ليقرر ماذا سيفعل وعندما طال الوقت وهو على نفس وضعه فى صمت تام قال زياد ماذا ستفعل الان كاد ان يتكلم لا انه وجد الباب يفتح وتدخل مدام صفاء وهى تقو حازمة الموقف / تزوجها يا بنى
فزع يحيى من صوتها وصدم اكثر من جملتها ويجدر الاشارة الى ان زياد ايضا قام من مكانه وهو يحدق فيها مصدوما هو الاخر من كلمتها
يحيى بعصبية / اتزوجها . كيف يا امى تقولين هذا اترضينها على ؟ اترضين على يحيى فؤاد ان يتزوج من امثالها ؟
ردت عليه مدام صفاء وهى تبكى وتقول انا لم اتمناها لك يوما ولكنها فى نفس الوقت لحمك وام ابنك وبنت اختى ووحيدة وان لم تتزوجها ستظل هكذا تبيع جسدها لكل من يدفع لها المال فقد تعودت على العيشة فى مستوى عالى ولم تتعود على ان تكافح وتعمل وحتى ان اشتغلت فلا يكفيها اى مرتب لان تعيش ف نفس مستواها وهذا سيلطخ اسمك واسم ولدك
اقترب منها يحيى وقد انهدمت اماله فى لحظة وسالها وماذا عن تلك التى وهبتنى حياتها بدون اى امل فى فهل اخدعها الان واخذلها بعدما عدت الى الحياة
مدام صفاء بدموع اكثر / هنا ملاك يا بنى وستقدر الموقف حتم وساشرح لها انا بنفسى
زياد اخيرا تدخل وقد وصل لقمه ضيقه فقال بكل عصبية / رايتك انتى وولدك تلصقون بها صفة الملائكة وكانكم نسيتم حقيقتها انها بشرولها مشاعر واحاسيس ووجدتكم تاخذون دوما القرارات وتحددون انتم مصيرها دون ان تشركوها حتى فى اخذ القرارا فى مصيرها فمن البداية انتى اعطيتيها الامان وكتبتى كل شىء باسمها وهذا كرم اخلاق فى ثقتك بها ولكنك لم تهتمى بما قد تعانيه او تقابله من اشقائه جراء ذلك فكل ما همك هو الحفاظ على اموالك وولدك وبعدها قلتى له ان يلحق بها فى المطار وكنتى واثقة من موافقتها ولم تعملى لشعورها اى اعتبار اما ابنك فلم يكن الا صورة مصغرة مثلك فقرر فى الحال ان يخطفها ويجعلها اسيرته دون ان يفكر فيها ان كانت ستوافق عليه ام لا وبعدها يقرر انه سيتزوجها عرفى وظن انها ستوافق حتما على قراره ولم يعطى لها حتى اى حرية فى ابداء رايها والان تقررى ان يبتعد عنها ويتزوج من ام طفله وتؤكدين بكل ثقة انها ستتفهم الامر
وفجاة اكمل كلامه بصياح وقال / اين مشاعر الناس واحاسيسهم عندكم الم تفكرون فيها هى نفسها لما دوما تؤكدون انها ستفعل ما تفكرون انتم فيه فى لعب هذا بمشاعر الاخرين
صدم يحيى من لهجة صديقه وللوهلة اختلطت عليه الامور فهو مقتنع بكلامه ولكن يراوده شعور بالغيره على هنا منه فهل قال ذلك لانه لا يزال يحبها وود ان يبتعد عنها ليتزوجها هو ام انه فعلا اخطا
وفى الحقيقة كل الثلاثة كانوا محقين فى كلامهم وقراراتهم مدام صفاء لم تترك اموالها وولدها لهنا الا لثقتها فيها ولم تنتظر قرارها لان ثقتها فيها جعلها تتاكد من موافقتها وكونها قالت لابنها ان يتزوج من شهندة فهذا ايضا كان قرار نابع من تعقلها للامور وكونها كانت واثقة فى انها تستطيع ان تفهم هنا ولانها مؤمنه بعقلها الرشيد كانت واثقة انها لن ترفض ما قرروه
اما يحيى فكل قراراته كانت نابعه من عشقه لها فهو حقا قد هام وتيم بها ولم يعد فى استطاعته ان ترى عينه غيرها وكونه اعتقد موافقتها على الزواج عرفيا منه فقد كان قلبه هو من يتحدث فكثيرا ما نرى العشاق يتصرفون تصرفات قد تبدوا للغير غريبة وقد تبدوا لهم هم انفسهم كذلك ولكن بعد مرور الوقت ولكن فى وقت ذروة عشقهم يتغيب عقلهم ويبقى القلب هو المسيطر الوحيد فهو لم يخطىء ابدا ولكنه كان عاشق
اما زياد فلانه كان ينظر بعين العقل من خارج الدائرة فاستطاع ان يحلل ما لم يستطيعون هم تحليله لانفسهم فشعر باحقيه هنا فى الاشتراك فى اخذ القرار وكان لا بد ليحيى ان يعلم ان صديقه لن يفكر ابدا فيها ما دامت اصبحت تخصه ولكن ان حضر العشق غاب العقل
ظل الثلاثة صامتين لفترة وظل يحيى شاردا وقد شل عقله عن اتخاذ اى قرار فقد اصبح مشتت الافكار فولده من حقه ان يحيا بين ابوين مثل باقى اقرانه وهذا اقل حق له فى الحياه بل ويجب ان يفتخر بهم كذلك ولكن ما ذنب هنا وما الذى سيصيبها ان علمت ذلك
ولكن السؤال الذى ظل يجول فى عقله هل ستتخلى عنه هنا ام ستظل معه
وللمرة الثانية تكون مدام صفاء هى القاطعة لهذا الصمت وقالت يا بنى الحل الان ان تتزوج من شهندة لانك ان لم تتزوجها فقد تفشى سرك لاخوتك وتخرب عليك كل مخططاتك كما انه لزاما عليك الزواج منها لاجل استخراج شهادة ميلاد لابنك والامر الثالث والاخير ان تتستر انت على لحمك
ظل يحيى شاردا وهو جالسا على الكرسى خلف مكتبه وبدا يدفن وجهه بين كفيه ثم خلل اصابعه بين خصلات شعره وارجعه للخلف
لاحظ زياد توتر صديقه وتوامه فكان هو صاحب الكلام فى هذه المرة وقال / اسف يا صديقى ظلمتك فى الكلام ولكن هذا من شعورى بالظلم تجاه تلك المسكينه فما ذنبها انها عشقت ميت فى البداية والنهاية
رفع يحيى راسه ببطء ونظر لصديقه وقال ميت فى البدايو والنهاية ؟
نعم فهى عشقتك وانت ميت وعندما عدت لحياتك ستتركها ايضا فانت فى الحالتين بالنسبة لها ميت
ولما قولت اذن اك ظلمتنى ما دمت ميت فى بدايتى ونهايتى ؟
لانى اعلم انك قد تفعل ما انت قادم عليه وانت مجبروليس مخير
تنهد يحيى بالم وقال / انا لن اتخلى عن هنا حتى وان دفعت حياتى لاثبات انى متمسك بها فما دمام الموت يهوانى فى كل احوالى فشرف لى ان اموت وانا اثبت لها حبى افضل من ان اظل حى ولم اعبر لها عما يكنه قلبى
وماذا ستفعل ان رفضت هى هذا الوضع ؟
أنت تقرأ
عشقها الأسد (الجزء الثانى) -الكاتبه رباب عبد الصمد
Romansكل حقوق الملكيه خاصة للكاتبه رباب عبد الصمد تكلمة الجزء الاول