بحلَقتْ سوزي بنظرةٍ تضلعَ فيها طلب حدبٍ لم يعرف مكانًا بأفئدةِ المتعسفين أولئك !
لتمدّ يدًا متسخةً ببقايا آثامِ الآخرين، و بشرتُها البيضاءُ استأصلَها شحوبٌ باهت، هندامٌ ممزقٌ عن طريقِ عجلةِ الزّمن و جورهِ، منهم من تطلّع بشفقة
الآخرُ بأُهكومةٍ، و منهمْ من لم يَتَطلع
" الله لم يقْسِم لي اليومَ، هو أدرى بمصلحتي "
قالَتها و اماراتُ أملٍ نُسجت عندَ تلكَ الملامحِ الشاحبةِ ككهلٍ سبعينيٍ في بدنِ فطيمةّ لم تتجاوزِ العقدَ، رغمَ قنوطِِ جوفِها، لكنّها لن تفصحَ بذلك
لتهطلَ قطراتُ غيثٍ غاسلةً البشرَ من ذنوبهم، لكنْ ما الَذي ستغسلهُ في تلكَ الفطيمةِ؟
هل لها ذنبٌ؟، بلْ معاناتُها مخلفاتُ ذنوبِ بشرٍ أغرتهم مغلفاتُ الحياةِ، ليتعبوها تاركينَ فلذاتَ أكبادٍ يقاسونَ الجور !
" وقتُ اللعب، مرحَى "
صدَحت و اتقادٌ طفوليٌ سكنَ تلكَ النبرةَ المائلةَ للبكاء، لتبدأَ الدورانَ حولَ ذاتها بحبورٍ لطالما سكنها، و تلكَ الكلماتُ نطقها ثغرها الطفولي
" الحياةُ جميلة "
لكٍن أوقفها صراخُ جارها المتعصبِ
" كفى لقد صدعتِ رأسي، مشكلةٌ الأطفال الذين بلا أبٍ و أم، لا أخلاقَ و لا إحترام"
أغلقَ النافذةَ بعدَ أن رمَى زجاجًا انتفضَ لهُ فؤادها الهشُ النقي، هل هيَ حقًا لا تمتلكُ الأخلاق؟
" لكن أنا لديّ أخلاقٌ، لست سيئة"
نبسَت بقنوطٍ، و قد استوقَفت لعبتها، ما اثمهَا؟ والدها تركَها و توفت أمها و كذلك جدها، هي ليست سعيدةً باحتضَانها للشوارعِ التي ضمت السكارَى ليلًا!
لم تختَر أن تمدّ يدَها مقللةً من غرورِها بحثًا عن عدةِ عملاتٍ نقدية
لا تحبُ أولئكَ الذين يصرِفون الأموال هدرًا، و حينَ يصل لها، يبحثونَ عن العملاتِ المعدنيةِ و يفخرونِ بسماعِ صوت قرعها حينَما تصل قاعَ الصندوق .
لا تحبُ أن تجمعَ الطعامَ من القمامةِ فتأكلَ بقايَا خبزٍ يابسةٍ، قويةٌ على تلك الأسنانِ الصغيرة !
هي إلى الآن، تُبقي بابَ المنزلِ مفتوحًا حينَ تخلد للنوم، خوفًا منها أن يأتيَ والدها ليلًا فلا يمكنهُ الولوج .
أحلامها بسيطةٌ، كوبُ حساءٍ، و عصيرُ برتقالٍ، و أمٌ و أبٌ يشاركونَها فرحتها بعرضِ مسلسلها المفضلِ .
امتزَجت حبيباتٌ شفافةٌ من السماءِ العليا و سماءِ مقلتيها، لتمسحَها مادةً يدها مبعثرةً القمامةَ علها تجدُ طعامًا لها
" هذا خبزٌ يابس، يكفيني "
قالتْها و حزنٌ خيمَ في نبرتِها، لتمسكهُ عارجةً لمنزلها الأظلمِ .
هذهِ المرةُ، لم تبقِ البابِ مفتوحًا، فشعورُ يأسٍ داهمها فُجأةً، لتقضمَ من ذلك الخبز المتيبس و هي ترتَقي السلمَ
و حينَ وصلت للسلمةِ الأخيرة، هوتْ، كم حاولتْ يدها الصغيرةُ التمسكَ بالسلمِ، لكنَها هوت
مدّت يدَها متلمسةً ذلكَ السائلَ القرمزيَ الكثيفَ الذي تجمعَ في رأسها
الرؤيا تتلاشَى كتلاشي أحبابها، و النّفس ثقلَ حتى باتَ كثيرًا على مجراها التّنفسي
بسمةٌ نمت في ثغرها، قبلَ أن تغلقَ مقلتيها بسلامٍ لم يعرف مكانهُ سابقًا وسط الحروب .
بذلكَ الثوبِ الناصعِ البياض، كملاكٍ تخلص من غياهبِ الحياةِ ليواجهَ من هو أرحم من أبيه و أمه، الخالق
بعدَ قرابةِ الثلاثةِ أيامٍ، افتقدها جارُها الذي فتحَ الباب والجًا للمنزلِ الذي افتقد للروحِ
" سوزي الصغيرة، استيقِظي ! "
صدحَ قائلًا و ذعرٌ التقط النبرةَ المذعرة، ليحاولَ ايقاظها و قدْ فشلت تلكَ المحاولاتُ، فروحُها ذهبت للخالقِ شاكيةً لهُ ظلم البشر
تجمهرَ الناسُ حولَ تلكَ الصغيرةِ، او بالأصحِ جثمانها، أين كانوا جميعهم حينَ داهمها القنوطُ حاملًا اياها بين أجنحةِ الموت؟
هل الآن وقتهم؟
ألم ينتبِهوا لتلكَ الدميعاتِ التي ذرفتها مقلتها؟
أنا سوزيْ الصغيرة، التِي كتبتْ في دفترِ النسيانِ حينَ حيت، و حين توفت عرفها الجميع، التي نامت و لم تستيقظ، هل تتذكرونني؟ .
. . .
هذهِ القصة حقيقيةٌ، قررتُ أن أصورها من وجهة نظري، كما أن المغني مايكل جاكسون لم ينسَ سوزي ليقومَ بانشاءِ اغنية بعنوان
little susie .آرائكم بالون شوت؟ .
أنت تقرأ
سوزِي الصغيرة | little susie [✓]
Kısa Hikayeهل لا زال الكونُ يذكر سوزي؟ . _______ ▪ معَ توْقيْعِ السّوء . ▪ بعضُ الحُزن .