| محادثة صغيرة معه |

790 75 9
                                    

"إن التظاهر بعكس ما تشعر به أمرُ مرهقُ للغايه، خاصةً وإن كنت تتظاهر بأنك بخير أمام عائلتك. فقط تخيل بأن عائلتك بحد ذاتها لم تستطع فهم ما بداخلك، لم تتقبل مزاجيتك المفرطة وتصرفاتك الغريبة. لم تفكر بك أو بما يجرى بداخلك، ولم تلاحظ ذلك الحُزن القابع بعينيك.. لهذا فضلت التظاهر بالقوة، لأنه الحل الوحيد لعدم إنهيارك. ربما التظاهر بالقوة هو فى حد ذاته إنهيار..
يُقال بأن العائلة دائمًا ما تأتى فى المرتبة الأولى. العائلة هى سر قوتك ومنطقة الأمان التى تحميك من قسوة الحياة، لكن ماذا لو كانت عائلتك هى أحد أسباب ضعفك وهشاشتك؟ ماذا لو كانت عائلتك هى السبب الرئيسى فى وحدتك؟ هل حينها سندعوها بعائلة؟ وهل توجد عائلة تسعى نحو تدمير أبناءها؟ نعم يوجد.. لطالما كانت عائلتى هى السبب فى عدم شعوري بالأمان. عادةً ما يولد الأبن ليجد والدته بجانبه تغمره بالحُب والحنان ووالده يسعى نحو حمايته والخوف عليه من المخاطر، لكني قد نشأت وسط روتين يومى لا يخلو من المشاجرات بين الطرفين. لم أشعر يومًا بحنان الأم أو خوف الأب على أبناءه، بل نشأت وسط جو مشحون دومًا بالخلافات حتى على أبسط الأشياء. ومع مرور السنين، تغيرت تمامًا. تعلمت أن أتغلب على كل ما يخيفني وأن أتظاهر بالبرود طوال الوقت. حينما كنت فى عمر الرابعة، كُنت أخشى الظلام بشدة وبدلاً من وجود عائلتي بجانبي كنت أرتجف خوفًا من وحدتي.. لكن ها أنا الأن أصبحت أحب الجلوس فى غرفتي المظلمة الباردة. أعتدت أن يخبرني الجميع بأني غريبة الأطوار وبأني لا أتصرف کباقي الأطفال. كنت هادئة، صامتة وأنطوائية عكس الأطفال تمامًا ولهذا لم أستطع تكوين صداقات مع أحدهم. علمت بأني قد نضجت مبكرًا منذ وقتٍ طويل، ربما هذا هو سبب أني أصبحت أكثر تعقيدًا الأن. حسبت بأن كل شئ سيتغير بعد ولادة كولينز. أعتقدت بأني سأتغير بوجودها حولي، لكني أصبحت أسوء فهما قد تناسيا تمامًا وجودي فى ظل وجود كولينز. كان من الطبيعي أن أكرهها، إلا أني لم أستطع حتىٰ التفكير فى ذلك. لطالما كانت كولينز جميلة وذات شخصية عفوية للغايه. كانت ألطف كائن على هذا الكون، ومنذ لحظة ولادته شعرت بأني فخورة كوني أختها الكبرى. أحببت إبتسامتها وأحببت اللعب معها. أصبحت أقضي معظم وقتي معها، أشاهدها تلعب كالملائكة وتكبر أمامي يوميًا. كولينز كانت إجتماعية منذ الصغر، لم تجد صعوبة فى التحدث مع الجميع أو تكوين صداقات مع أحدهم. لطالما كانت متفائلة، سعيدة والأهم محبوبة من قبل الجميع بينما كنت أنا نقيضتها تمامًا. أنا أفهم تمامًا سر تعلق كولينز بعائلتي، لكنها لم تستطع أبدًا فهم ما مررت به. حين أتممت عامي السابع عشر، قرر والدانا الإبتعاد عنا بسبب العمل. أصبحا نادرًا ما يتواصلا معنا ونادرًا ما نراهم. كولينز من كانت تتواصل معهم بالأصل، فى حين أنها كانت تقدم لهم عذرًا مختلف عن الأخر عن عدم حديثي معهم فى كل مرة. كولينز كانت تتفهم موقفهم وترى أنهم يفعلون ذلك من أجلنا، أما أنا فلم أكن أهتم لذلك حقًا. كيف أهتم لأشخاص جعلوني أصل لتلك الحالة. سحقًا، أنا لم أعد أهتم لأي شئ من الأساس والفضل يعود لهم بالطبع.."

𝒀𝒐𝒖'𝒓𝒆 𝒏𝒐𝒕 𝒂𝒏 𝒊𝒍𝒍𝒖𝒔𝒊𝒐𝒏 || أنت لست وهـم  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن