Part 16

803 105 53
                                    

عاد الى المنزل ليلقي هاتفه ومفتاح سيارته على المنضدة ثم يلقي بجسده الثقيل على السرير بتعب
نظر الى السقف امامه وعينيه تقدحان شرراً متطايراً ، ليس من شيء اكثر من نفسه ..!
لماذا انتابه كل ذلك القلق وجاب طرقات المدينة كالأحمق بحثاً عنها ؟
لماذا عليه ان يهتم بما حدث ، وبماذا سيحدث بعد ذلك !
رفع قبضته المحكمة امامه ليحدق بها بنظراته الباردة قبل ان يفتحها ليظهر خاتمها الذي تركته خلفها
هذا الخاتم الذي لم يكلف نفسه عناء وضعه بيدها لكنه ابدع في انتزاعه ..
تنهد بضجر من افكاره قبل ان يضعه جانباً ويغلق عينيه لينام ولكن بلا فائدة
تقلب طويلاً في فراشه لكن النوم جافاه كما جافاها طويلاً حتى بترته من اعماقها

نظر الى جانبها الفارغ من السرير ، عدة أشهر قليلة هي ما مرت على شغلها لهذا المكان لكن لماذا يبدو موحشاً هكذا ؟
رجل مثله اعتاد الوحدة وفضل تفاصيل سكونها على ضجيج العالم الخارجي ، لماذا يشعر بهذا الفراغ بعيداً عنها !
هو من تجاهل وجودها وعدها ازعاجاً اخترق حياته المثالية
والان بابتعادها يشعر بهذا الضيق يعشش في صدره والغربة تحتل روحه ...

نهض من مكانه بضيق ، ليس هو من تضعفه مثل هذه المشاعر العابرة
اتجه الى المطبخ ليأخذ علبة شراب تبرد حرقة صدرة التي يجهل سببها
تناول العلبة من الثلاجه ثم توقف بمكانه يتأمل طاولة السفرة الفارغة
هذه التي كانت عامرة كل مساء منذ دخولها منزله ، لكنها الليلة تبدو قاحلة باكية كما لو انها ترثي غيابها !
رغم انه لم يحفل يوماً بما عليها ، ولم يختمها بجلوسه لتذوق تلك الأطعمة المتنوعة التي كانت تحضرها
أهو مجرد اعتياد على تلك المواقف الروتينية التي كانت تتكرر يومياً ويتجاهلها !
ام انه شعور اعمق ، يسحبه كدوامة عاتية الى حيث السواد الحالك والفراغ المضني ..!!
لماذا تبدو كل تلك الأشياء الرتيبة التي كانت تصنعها له مثيرة في نظره الان ؟
تثير رغبته العارمة في تواجدها وتكريرها تلك الأفعال الخالصة من اجله وحده
تلك الفتاة التي كانت تتنقل في منزله كفراشة حرة في حقل ازهار ملونة
لكنه أحرق جناحيها وألقاها عاجزة في ظلال عناده واستبداده

رحلت ، تخلت عنه الان بينما كان يتمادى بأفعاله يقيناً انها لن تبتعد مهما فعل
ظن حبها الواسع وصدرها الرحب سيحملان كل أذيته فاستمر على عناده
هو من احرق البستان .. لكن عطر زهورها احتلت انفاسه وغرست في صدره بذرة ..
زرعت اصولها عميقاً وازهرت في صدره رغم محاولاته لحجب الشمس عنها لكنها نمت وتألقت في قلبه
لتجعله - وبكل انصياع - ينقاد الى تلك الفراشه لتصليه باللهب ..

شرب كل ما في العلبة دفعة واحدة ليلقيها أرضاً بغضب
رأى خيالها وهي تعترف بحبها قبل ان تترك قبلتها البريئة تموت على شفتيه الباردة
لعق شفتيه من اثار الشراب قبل ان يضرب بقبضته على يسار صدره حيث أعلنت تلك العضلة البائسة العصيان والخروج عن ملة عناده
رفع كفه الى عينيه يغطيها لثوان يهدئ فيها انفاسه قبل ان يبعدها وهو يحدق بالفراغ
همس : تباً تيا ... لكنني احبك أيضاً ....

" وريث القلب "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن