الليلة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الكرام البررة.
وبعد: لقد اتفقنا أن نجعل حديثنا وبحثنا في هذا الشهر عن أكبر شخصية عرفها التاريخ بعد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله).
وهي شخصية سيدنا ومولانا الإمام المرتضى أبي الحسن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه آلاف التحية والثناء، ونبدأ حديثنا بولادة الإمام (عليه السلام) في الكعبة.
ولا بأس قبل الخوض في بيان الواقعة، بذكر مقدمة تمهيدية فنقول: نحن بصفتنا مؤمنين بالله وبالقرآن العظيم لا محيص لنا عن قبول الأمور الخارقة للعادة والتي هي ما وراء الطبيعة، المذكورة في القرآن الكريم، ويقال لها: (الماورائيات) أو (الميتافيزيقيا).
فإن القرآن الكريم يتضمن أكبر كمية من الحوادث الماورائيات، ولا نستطيع (بصفتنا مسلمين) أن نرفضها أو نتردد في قبولها، وخاصة بعد أن آمنا أن القرآن كتاب من عند الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
مثلاً: طبيعة النار هي الإحراق، وإسناد الإحراق إلى النار من الأمور البديهية الثابتة، والقرآن الحكيم يحدثنا عن إبراهيم وأنه لما كسر الأصنام حكم المشركون عليه بالإعدام فقالوا: (حرّقوه) فأضرموا ناراً عظيمة اشترك جميع طبقات الناس في جمع الحطب لها، فوضعوا إبراهيم الخليل في آلة تسمى (المنجنيق)، وقذفوه من مكان بعيد في وسط تلك النار العظيمة.
قال تعالى: (وقلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم)(1) في الحديث ـ في تفسير هذه الآية ـ : لما خاطب الله النار بقوله: (كوني برداً) كاد إبراهيم أن يموت من البرد فقال تعالى: (وسلاماً) فسلم إبراهيم من الموت بالبرد.
وكذلك عصا موسى (عليه السلام) وانقلابها إلى ثعبان وابتلاعه الحبال والعصي التي كانت يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى، ثم عادت العصا كما كانت.
وهكذا ما قام به عيسى بن مريم (عليه السلام) من إبراء الأكمه (الذي ولد أعمى) والأبرص، وإحياء الموتى حتى الذين انقضت على وفاتهم مئات السنوات، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المعجزة في ثلاثة مواضع.
وهكذا وهلم جراً، من القضايا والحوادث الخارقة للعادة والطبيعة المستندة إلى إرادة الله وقدرته، ويسهل الإيمان بهذه الأمور كلها إذا حصل الإيمان بأن الله قادر على كل شيء، وأن جميع الموجودات خاضعة ومطيعة لإرادة الله تعالى.
إذا ثبت هذا فلا مانع لدى العقل من قبول انشقاق جدار الكعبة لدخول فاطمة بنت أسد حتى تضع ولدها الإمام في جوف الكعبة، وإليك الواقعة:
أنت تقرأ
الإمام علي من المهد إلى اللحد
Historical Fictionكتاب يصف حياة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من ولادة إلى يوم استشهاده