الليلة الرابعة

1.1K 58 10
                                    


الليلة الرابعة

علي (عليه السلام) والهجرة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وصلى الله على سيد أنبياء الله محمد وآله سادات أولياء الله.

ومن كلام لإمامنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): ( أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنه سيأمركم بسبي والبراءة مني.

فأما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة).

هذه الجملات تجدونها في أكثر كتب الحديث وخصوصاً في كتاب نهج البلاغة في ضمن خطب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).

أخبر الإمام الناس باستيلاء معاوية على رقاب المسلمين، وذكر صفة من رذائله وهي كثرة الأكل وعدم الشبع لأن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دعا عليه بقوله: (لا أشبع الله بطنه).

ولسنا الآن في مقام التحدث عن معاوية ونفسياته وإنما نقتطف من هذه الجملات جملة واحدة، ونجعلها محور حديثنا الليلة، وهي قوله (عليه السلام): (سبقت إلى الإيمان والهجرة) أما السبق إلى الإسلام والإيمان فقد مضى الكلام عنه، وأما السبق إلى الهجرة، فليس المقصود من الهجرة الانتقال من بلد إلى آخر، ولا يعد هذا فضيلة، فما أكثر المهاجرين! ولعل المقصود من الهجرة هو ترك الوطن وكل ما فيه لله وفي الله، وقد قال تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله)(1) وهذه الآية في شأن المجاهدين الذين يقتلون في سبيل الله والحجاج الذين يموتون في طريق الحج.

والله تعالى يفضل المهاجرين على غيرهم لأنهم تركوا كل ما كانوا يملكون من المال والأهل والولد لأجل المحافظة على دينهم والتخلص من المشركين الذين كانوا يحاربون المسلمين أشد محاربة.

وعلي (عليه السلام) سبق المسلمين إلى الهجرة، وقد اتفق المؤرخون وأجمعوا على أن علياً هو أول من التحق بالرسول وهو في المدينة وذلك بعد أن رد الودائع والأمانات إلى أهلها وعزم على الخروج من مكة إلى المدينة، وقد ذكر المؤرخون: أن أبا بكر هاجر مع النبي من الغار إلى المدينة فيمكن لنا أن نقول: أن خطاب علي (عليه السلام) كان موجهاً إلى الناس المخاطبين في ذلك اليوم وليس فيهم أبو بكر، وعلي سبق المسلمين إلى الهجرة، ويمكن أن نناقش في خروج أبي بكر مع النبي بأنه لم يقصد الهجرة أي ترك مكة وما فيها وإنما خرج مداراة ومجاراة وصحبة مع النبي وسايره حتى وصل إلى قباء خارج المدينة.

الإمام علي من المهد إلى اللحدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن