الليلة الثالثة عشرةعلي (عليه السلام) جليس البيت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى على سيد أنبياء الله محمد وآله آل الله.
حديثنا ـ الليلة ـ حول الفترة التي انقضت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو جليس البيت، مسلوب الإمكانيات، وقد ابتدأت تلك الفترة من يوم وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) واستيلاء أبي بكر على مسند الحكم، ولما انقضت أيام أبي بكر أوصى من بعده إلى عمر بن الخطاب فكانت أيام حكمه عشر سنوات وشهوراً، ولما طعن عمر وأحس بالوفاة جعل الخلافة شورى، ورشح ستة من الصحابة وأمرهم أن ينتخبوا واحد من أنفسهم وإليكم التفصيل: لما علم عمر بن الخطاب بأنه ميت استشار الناس حول تعيين الخليفة، فأشير عليه بابنه: عبد الله بن عمر، فقال عمر: لاها الله ـ لا يليها رجلان من ولد الخطاب! حسب عمر ما احتقب، لاها الله! لا أتحملها حياً وميتاً.
ثم قال: عن رسول الله مات وهو راض عن هؤلاء الستة من قريش: علي، عثمان، طلحة، الزبير، سعد بن أبي وقاص، عبد الرحمن بن عوف، وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم إماماً.
ثم التفت عمر إلى هؤلاء الستة وقال: أكلكم يطمع في الخلافة؟ فسكتوا، فقال لهم ثانية فقالوا: وما الذي يبعدنا منها؟ وليتها أنت فقمت بها ولسنا دونك في قريش، ولا في السابقة ولا في القرابة.
فقال عمر: أفلا أخبركم عن أنفسكم؟ قالوا: قل، فإنا لو استعفيناك لم تعفنا، فالتفت عمر إلى الزبير وذكر عيوبه ثم التفت إلى طلحة وذكر سوابقه السيئة ثم التفت إلى سعد بن أبي وقاص وذكره بنقائصه، وخاطب عبد الرحمن بن عوف قائلاً: إنك رجل عاجز تحب قومك!! ثم التفت إلى علي وقال: وأما أنت يا علي فلو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحهم، فقام علي وخرج فقال عمر: والله إني لأعلم مكان الرجل، لو وليتموه أمركم لحملكم على المحجة البيضاء.
قالوا: من هو؟ قال: هذا المولى من بينكم.
قالوا فما يمنعك من ذلك؟ قال: ليس إلى ذلك من سبيل.
وفي رواية ابن أبي الحديد: ثم أقبل على علي (عليه السلام) فقال: لله أنت!! لولا دعابة فيك أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح والمحجة البيضاء.
ثم أقبل عمر على عثمان وقال: أما أنت يا عثمان ـ فو الله ـ لروثة خير منك!! هؤلاء الذين مات رسول الله وهو راض عنهم!! وقد ذكرنا ما يتعلق بهذا الموضوع في الجزء الأول من شرح نهج البلاغة.
التفت عمر وقال: ادعوا لي أبا طلحة الأنصاري.
فدعوه فقال له: أنظر يا أبا طلحة إذا عدتم من حفرتي (دفني) فكن في خمسين رجلاً من الأنصار حاملي سيوفكم، فخذ هؤلاء النفر ـ الستة ـ بإمضاء هذا الأمر وتعجيله، واجمعهم في بيت واحد، فإن اتفق خمسة منهم وأبى واحد فاضرب عنقه! وإن اتفق أربعة وأبى اثنان فأضرب أعناقهما! وإن اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرحمن بن عوف فارجع إلى ما اتفقت عليه!!! فإن أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب أعناقها، وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا فاضرب أعناق الستة ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم!!! كان هذا هو القرار الصادر بحق الستة الذين مات رسول الله وهو راض عنهم!!! ومات عمر، ولما دفن، جمع أبو طلحة المرشحين للخلافة في بيت عائشة، ووقف هو على باب البيت في خمسين رجلاً حاملي سيوفهم ولما استقر المجلس بهؤلاء الستة وقبل الشروع في الكلام نادى عمار بن ياسر ـ من وراء الباب ـ : إن وليتموها علياً سمعنا وأطعنا، وإن وليتموها عثمان سمعنا وعصينا، فقام الوليد بن عقبة وقال: يا معشر الناس: أهل الشورى إن وليتموها عثمان سمعنا وأطعنا، وإن وليتموها علي سمعنا وعصينا.
أنت تقرأ
الإمام علي من المهد إلى اللحد
Ficção Históricaكتاب يصف حياة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من ولادة إلى يوم استشهاده