الليلة السادسة

981 44 15
                                    


الليلة السادسة

علي (عليه السلام) والجهاد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على ما أنعم وصلى الله على سيد العرب والعجم محمد وآله أهل الجود والكرم.

قال الله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون)(1) الآية.

الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحافظ على الأمن والسلام، وهو الذي يحافظ على النفوس والأموال والحقوق أكثر من أي دين آخر، وأبغض شيء عند الإسلام هو إراقة دماء البشر وسلبهم نعمة الحياة بغير حق، ولكن الشرع والعقل والقانون يسمح بإراقة دم كل من يقف حجر عثرة في سبيل إسعاد أبناء البشر.

مثلاً: بلدة ليس فيها طبيب ولا دواء، وقد انتشرت فيهم الأمراض وأخذت منهم كل مأخذ، فجاء طبيب يداوي المرضى ويهب لهم الدواء مجاناً وبلا عوض، ويصلح كل ما فسد منهم ويعيد إليهم ما فقدوه من الصحة والعافية والسلامة ليعيشوا سعداء أصحاء.

وإذا بجماعة يحولون بين الطبيب وبين تداوي الناس ويحاربونه بكل ما لديهم من قوة ليحطوا من نشاط الطبيب، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وكلما صاح فيهم الطبيب وصرخ وذكر لهم الهدف الذي يبتغيه لأجلهم وهو الخير ازدادوا عناداً، وجعلوا يهددون المرضى ـ الذين قد تحسنت صحتهم ولمسوا العافية من نصائح الطبيب ـ بالوعيد، وكأن هؤلاء لا يعجبهم أن يروا السلامة والصحة تخيمان على رؤوس المرضى.

أليس العقل يحكم على هؤلاء المهرجين بالإعدام؟ أليس هؤلاء أضر على البشر من الحيوانات المفترسة؟ أليس هؤلاء أشد خطراً من الأمراض الفتاكة التي تهدد البشر بالفناء؟ فالمريض هو المجتمع الجاهلي الفاسد، والطبيب هو الرسول، والمهرجون هم المناوئون للرسول، على هذا أمر الإسلام بجهاد المشركين والكفار الذين حاربوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم كان في مكة وهجموا عليه ليقتلوه وكفاه الله شرهم، واضطر النبي أن يترك مسقط رأسه ويهاجر من وطنه كي يستطيع الاستمرار في الدعوة إلى مبدئه وإذا بالأعداء يطاردونه، وتتحزب الأحزاب ضده، ويستعين بعضهم ببعض للقضاء على الرسول ومبدئه وعلى كل من اعتنق ذلك الدين الذي اعتبروه ديناً جديداً.

ولا بد للرسول الأعظم أن يقف أمام هؤلاء للدفاع عن نفسه ومبدئه فهو بحاجة ماسة إلى الأنصار والأعوان ليقاوم بهم الأعداء الألداء، وهم ـ الأنصار ـ أصحابه الذين أسلموا على يديه وهاجروا من مكة، وفيهم الشيوخ والكهول والشبان والمراهقون، وقد امتلأوا حباً للإسلام وتسلحوا بسلاح الإيمان الذي هو أقوى سلاح.

الإمام علي من المهد إلى اللحدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن