الليلة الخامسة

863 60 12
                                    


الليلة الخامسة

اقتران النورين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على رسول الله وعلى آله آل الله.

قال الله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم)(1).

النكاح من سنن الله تعالى في عباده، والمقصود منه التناسل والتكاثر تحت ظل القانون الإلهي، وليس الهدف منه إشباع الغريزة الجنسية فقط بل هو في ضمنه وإنما هو كالحصن يحفظ الإنسان من فساد الخلاعة وويلات الفجور.

والهدف الأسمى من النكاح هو: تأسيس بيت عائلي لتكوين جيل يربط الوالدين بتقبل المسؤوليات التي يتطلبها الجيل من بدو إيجاده إلى أن يقطع أدوار الحياة، وأطوارها من جنين ووليد ورضيع وفطيم وصبي وغلام ومراهق وشاب ويافع، أو بنت وشابة وفتاة وامرأة.

فالنسل بحاجة ماسة ـ في أدواره ـ إلى الكفيل والمربي والمنفق والمؤدب والولي، إلى جانب حاجته إلى الرضاعة والحضانة والتربية والعناية والخدمة وتأمين لوازم الحياة من المأكل والملبس والمسكن والتعليم وما شابه ذلك.

ولا يندفع أحد إلى تحمل هذه المسؤوليات كما يندفع الوالدان، ولا أظن أني أحتاج في هذا البحث إلى إقامة الدليل والبرهان.

فهل تكون المرضعة كالأم؟، وهل الموظفات في دور الحضانة والروضات يسهرن الليالي للطفل المريض كما تسهر الأم الحنون؟؟ وقد قيل: ليست الثكلى كالمستأجرة، فهناك فرق كبير وبون شاسع بين من يندفع للعناية والرعاية بالأطفال بدافع الأبوة والعاطفة والمحبة التي لا يكدرها شيء، وبين من يتحمل مسؤولية بدافع الراتب والوظيفة.

وإدراك أهمية هذا الموقف كثيراً ما يحول بين الوالدين وبين إجابة رغبات الأولاد وتحقيق هواياتهم التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فالارتباط بالعائلة يدفع الإنسان إلى التفكير حول تأمين حياته والخوض في معركة العمل المثمر والإنتاج المفيد، وفي الوقت نفسه يردعه عن كل مجازفة تهدد كيانه وحريته وتعرقل عليه المساعي كالإقدام على جريمة القتل أو ارتكاب الجنايات التي تؤدي إلى شقاء الوالدين.

وإن هذه الأحزاب والمبادئ ـ التي استولت على الشباب واستنزفت منهم كل نشاط وطاقة ـ لم تنجح إلا بعد أن تقهقرت سنة الزواج بين المسلمين، وكثر عدد العزاب والبطالين الذين لا تربطهم بالحياة البيتية والعائلية أية رابطة أو مسؤولية، ولعل الحديث المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) يشير إلى هذا الموضوع حيث قال (عليه السلام): من تزوج فقد أحرز نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر.

الإمام علي من المهد إلى اللحدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن