الليلة الثانية عشرةعلي (عليه السلام) عند وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين.
قال الله تبارك وتعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين)(1).
لقد ذكرنا من أول الشهر إلى الليلة الماضية شيئاً من اختصاص الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) برسول الله من حيث الانضمام والتربية والتأديب والتوجيه والأخوة والنفس وسائر الخصائص التي اختص بها كحديث الطائر المشوي وسد الأبواب وغير ذلك.
والليلة حديثنا حول وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وموقف الإمام من تلك الفاجعة العظمى والمصيبة الكبرى التي لم يشهد التاريخ مثلها، فقد مرض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعد أن بلغ من العمر ثلاثاً وستين سنة، وكان النبي ينعى نفسه إلى أصحابه وأهل بيته وزوجاته، ويخبرهم أن تلك السنة آخر سنوات حياته الشريفة المباركة، وأن شمس وجوده قد اقتربت من الغروب، ولهذا قام بتعيين الخليفة والإمام القائم مقامه، وقد تقدم الكلام في الليلة الماضية حول واقعة الغدير.
من جملة الأحكام الشرعية والتعاليم الإسلامية هو الوصية عند الإحساس بخطر الوفاة، قال الله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية)(2).
فهل من المعقول أن يموت صاحب الشريعة الإسلامية والمقتدى لقوافل المسلمين على مر القرون والأجيال ـ بلا وصية؟؟ هل يمكن أن يأمر النبي أمته بالوصية ويتركها هو؟ وعمله حجة وسنة يأخذ بها المسلمون؟ وهو القائل: (من مات بلا وصية مات ميتة جاهلية).
إن الأخبار والأحاديث والنصوص الواردة حول وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) مستفيضة متواترة، وقد زعم بعض الناس أن رسول الله مات بلا وصية وهم يبتغون من وراء هذا الافتراء تبرير مواقف بعض الأفراد، ولا يهمهم تشويه سمعة النبي والمس بكرامته والحط من مقامه.
وللمرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين كلام قيّم حول هذا الموضوع تقتطف منه محل الحاجة، قال ـ تغمده الله برحمته ـ : ونصوص الوصية متواترة، عن أئمة العترة الطاهرة، وحسبك مما جاء من طريق غيرهم في قول النبي (صلّى الله عليه وآله) وقد أخذ برقبة علي: (هذا أخي ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا).
رواه محمد بن حميد الرازي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لكل نبي وصي ووارث، وإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب (عليه السلام)(3).
أنت تقرأ
الإمام علي من المهد إلى اللحد
Ficção Históricaكتاب يصف حياة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من ولادة إلى يوم استشهاده