الليلة الخامسة عشرةعلي (عليه السلام) في صفين
بسم الله الرحمن الرحيم
حديثنا الليلة حول الحرب الثانية التي وقعت في أيام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهي واقعة صفين، تلك المجزرة الرهيبة، التي تقشعر الجلود من استماع الحوادث، والفجائع التي وقعت في تلك المعركة، وضياع الحق وغلبة الباطل عن طريق الخدعة والغدر والمكر والتزوير، وتتجلى صحيفة أمير المؤمنين نقية بيضاء متلألئة، وتتمثل فيها العدالة والتقوى والورع، نذكرها في صورة موجزة: لما انتهت غزوة الجمل في البصرة ووضعت الحرب أوزارها، ورجع الإمام (عليه السلام) إلى الكوفة مظفرا منصورا، بعث كتابا إلى معاوية يأمره بأخذ البيعة له (عليه السلام)، وبعث الكتاب بيد رجل إلى الشام، وجمع معاوية بعض مشاهير الشام وأمرهم بإشاعة هذا الخبر وإذاعته فيما بين الناس: (أن عليا قتل عثمان، ومعاوية ولي دم عثمان، فيجب الطلب بثأر عثمان ودمه)9 وأعانه على هذه الفكرة عمرو بن العاص واشترط على معاوية أنه إذا بايعه وأعانه على حرب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخرجوا مصر من تحت سلطة أمير المؤمنين (عليه السلام) يكون عمرو بن العاص والياً وأميراً على مصر، فبايعه على ذلك وبايع أهل الشام معاوية أيضا.
فنهض معاوية بجيشه الجرار وأقبل إلى (صفين)، وهو اسم أرض كبيرة واسعة، مستعداً للقتال ونهض الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بعسكره إلى ذلك المكان وبعد أيام من وصوله استعرت نار الحرب فيما بين الفريقين وجرت أنهار من الدماء، وتكونت أتلال وجبال من الأجساد المضرجة من القتلى من الفريقين.
فقد وصل أبو الأعور السلمي وهو على مقدمة جيش معاوية إلى منطقة صفين، الكائنة بالقرب من مدينة الرقة في سوريا، ونزلا منزلا اختاروه واسعا واستولوا على شريعة الفرات.
فوصل مالك الأشتر ومعه أربعة آلاف رجل وهم مقدمة الجيش العلوي، فاصطدموا بأبي الأعور وأزالوهم عن الفرات، فوصل معاوية مع الجيش الجرار، فانسحب الأشتر عن الفرات، فاستولى معاوية وأصحابه على شاطئ الفرات وصار الماء لديهم فوصل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه مائة ألف إنسان ويزيدون، فأمر الإمام الجيش أن ينزلوا ويضعوا أثقالهم وأحمالهم، وتسرع بعضهم إلى ناحية معاوية واقتتلوا قتالا قليلا.
وتقدم طائفة من الناس إلى الفرات ليستقوا فمنعهم أهل الشام فأرسل الإمام (عليه السلام) صعصعة بن صوحان إلى معاوية رسولا يعاتبه على تسرعه بالاستيلاء على الماء وجرى هنا كلام طويل.
كان عمرو بن العاص ينصح معاوية ويأمره أن يفسح المجال لأصحاب علي ليشربوا، ولكن غرور معاوية منعه عن قبول النصيحة، وخاصة بعد أن استولى أصحابه استيلاء تاما على الفرات، حتى قال معاوية: يا أهل الشام هذا أول الظفر، لا سقاني الله ولا أبا سفيان إن شربوا منه حتى يقتلوا بأجمعهم.
![](https://img.wattpad.com/cover/152327023-288-k381327.jpg)
أنت تقرأ
الإمام علي من المهد إلى اللحد
Ficción históricaكتاب يصف حياة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من ولادة إلى يوم استشهاده