"
السندباج" هو الوحيد الذي يتحمله في هذه الدنيا بعد موت أمه.
في البدايه كان مجرد شئ يفرغ فيه طاقته العصبيه ، وبعد مرور الوقت اصبح صديقه
في الصباح وفي اوقات الغضب ..
يربط قبضته برباط ضاغط
ويضربه بيمناه ويسراه ويدفع جسده للحركه حوله في خفه وقوه .
لم يكن مصارع لكنه كان دائم الغضب .
تحولت رياضة البوكس بعد فتره الي منفذ يخرج فيه طاقته السوداء فيرتد علي جسده
طويل القامه و تجعل من بنيانه كامل في عين الناظر إليه..
لكنه لم يري ما في عيون الناس ،
احيانا كان ينسي من هو وكيف هو....
فقط يتذكر حادث السياره المشؤم الذي اصابه وهو في طريقه لاستلام جواب تعينه
في جامعه القاهره ،
ووجهه الذي ما زال يحمل الذكري الأليمه..
فقدت عين له بصرها يوما بعد يوم وضاع سوادها في بياضها فأصبحت كعين شبح ،
وتمزق جانب وجهه فزادته تشوها ، وسقط شعره من التفكير في أمره او ربما من
أدويه الاعصاب والمسكنات .
فأرتاح لحلق شعره كاملا وانبات لحيته حتي تواري سوءه النتوء في وجهه...
بعد ذلك الحادث خسر الكثير وأهمهم نفسه ....
فعندما اخبروا امه ان ابنها الوحيد في المشفي في غيبوبه بعد ان تحطمت سيارته
علي طريق سريع ،
فقدت الوعي ولم تستيقظ ، لم يكن حاضرا عندما غسلوها ودفنوها ،لم يكن واعيا في
عزائها الاخير،و لم يشعر بالتعاسه قدر الفجيعه عندما قالت له اخته ذات اللسان
السليط يوما
(انت السبب في موت ماما يا عادل)
و بلاءه الاكبر عندما اجتمعت اخواته الكبريات وطالبوه بحقهن في ميراث ابوهم
الذي لم يتحصلوا عليهم في حياه امهم، وأموال امهم التي كانت ثمنا لتلك
السياره ..
كانت ليلة كالكابوس نام فيها مفجوعا واستيقظ خاسرا لكل جماد وحي.
بكي امه كما لم يبكي بعمره ،هي له حب العمر ونور الدرب ...
كانت سنده كما لم يكن هو لها ..
فهو المدلل الوحيد ...وبعدها اصبح الخاسر الأكبر.
لماذا يذكر نفسه كل صباح بتلك الذكريات الكئيبه ؟
ربما ليكون دافعه اكبر في لكم ذاك الكيان المحشو بالرمال ....
بعد ان يتصبب جسده المفتول عرقا ..
يخرج من غرفته للحمام يستحم ويلقي بملابسه في الغساله ويخرج ملابس العمل
الانيقه ...
يربط رابطه العنق بعنايه وينظر لوجهه في تحدي ، ويسأل نفسه في تهكم
"علام حصلت مقابل كل ما فقدت ايها المثابر؟!"
يتأكد من هيئته وهندامه ويضع عطر خفيفا لانفه فقط ، ويسرع حتي يلحق بأولي
محاضراته ...
لم يكن يهوي التدريس ، لكنه لن يفلح إلا فيه بعد تلك الاصابات الكثيرة،
فبتعينه في الجامعه براتب قليل اكرم كثيرا من انتظار الصدقات من أخواته ..
فوساطه صديقا لأبوه ومال دفعته امه اصبح يسير عليه ذالك المنصب في الجامعه
"مدرس مساعد"
لحين اشعار اخر
ربما بعد ان يبيع الشقه ويعطي اخواته ميراثهم ويحصل علي مالا يكفيه لعمل زرعه
عين، او لمقدم شقه صغيره له او للبحث عن زوجه..
لماذا ركود الحال يارب؟!
يسأل نفسه وهو واقف في انتظار سياره اجره يستقلها آملا ان لا يتأخر...
تقترب منه فتاتان في سن صغير تنظر إليه احداهن في ريبه ..
انه يعلم انه يبدوا مخيفا ...
جسد مفتول ،رأس حليق، وجهه مشوهه، وبدله انيقه ،كأنه حارس شخصي لزعيم عصابه.
يحاول اجتناب النظر إليهن لكنه لا يستطع،فتمتلئ عيناه غضب ويتمني ان يربطها في
عمود ويلكمها بكامل قوته وغضبه ..
فعيناها تنظر له بخوف وعينه غاضبه منها.
لماذا لم يعتاد علي تلك النظرات بعد؟؟
فهو يقف امام المئات من الطلاب كل يوم ويتلقي منهم اكثر من ذلك مخبأه تحت
تصرفات متسلقه ومحاوله في اظهار الادب .
تتوقف السياره فيركب جوار السائق، ويحاول ضبط نفسه والتحكم في اعصابه ....
يأتيه طيف امه في فكره من افكاره ،
ماذا كانت لتقول لو رأت وجههي مشوها هكذا؟؟
(حبيبي يا بني...حسدوك يا غالي ولا يهمك من بكرهاللي تؤمر بيه ينفذ افضل جراح
في مصر يعملك جراحه يرجعك اجمل واوسم من الاول يا روحي ...)
اخذ يتخيل صوتها الحنون وهي تحاكيه
فيبتسم قلبه بحزن...
ويتمني ان يكون الانتحار وسيله ناجحه للخروج من الحياه لانه سيكون من اول
المستخدمين له.
كل افكاره بائسه مثله...
بعد الكثير من المرور في شوارع القاهرة المزدحمه تقترب السيارة من ميدان
الجامعة فيتعمد عادل ان يخرج منها قبل الاقتراب اكثر ..
وفي الشارع الذي يسبق الجامعه يأخذ خطواته في جديه محاولا ان لا يلتفت لاحد
ظنا منه انه كل من الشارع ينظرون عليه...
لم تكن نظارته الشمسيه تستر كل وجهه ، ولم يكن إلا ليبالي ببلاءه....
عندما يقترب من باب الجامعه تلفت نظره مجددا ،تلك الفتاه التي اعتادت ان تجلس
أنت تقرأ
لماذا أحببتيني!؟
Romanceوإن تعشقيني فلا شيء عندي لكي تأخذيه ولا انا شئ..ولا قلب عندي لكي تعشقيه فقد تندمين وتمضين عني وفي القلب سرا ولا تعرفيه بأني وهم ...وحبي خيال وقلبي سيبقي بعيد المنال فلا تعشقيني لاني المحال