تجلس نور تحت شجرة بحديقة بيتها تسرح بنظرها الى الشمس وهي تغيب نسمات الهواء العليل تلعب بخصلات من شعرها الطويل ،ثم استفاقت من شرودها على صوت طفلها يركض نحوها ماما ..ماما .
- اوه حبيبي طارق ماذا تريد ؟
-ماما اريد ان تدفعيني بالارجوحه وشدها من يدها هيا ماما هيا .
- قامت نور تحمله بين ذراعيها وتقبله وهو يضحك واجلسته على المرجوحه وهي تلاعبه .
من شباك غرفة النوم وقف مالك يراقبهم وهو يتامل هذا المنظر الذي يمتع ناظريه.
شرد بتفكيره لقد ملأت نور حياته خلال الاربع سنوات الماضيه وبقدوم طارق اصبحت حياته اجمل انهما فرحة حياته ولا يتصور حياته من دونهما .
اخذ يسعل ،سعلته اجبرته ان يبعد عينيه عنهما بالاونه الاخيره زادت حدة السعال واصبح يتعب كثيرا .
حدث نفسه :يبدو انني كبرت ،علي زيارة الطبيب غدا .
عاد يمتع نظره بنور وطارق وقرر النزول للحديقة والجلوس معهما .
-بابا ..بابا نطق طارق لرؤية مالك يقترب منهما وقفز يركض نحوه ، حمله مالك واخذ يداعب شعره الذي يشبه شعر امه .
- اوه مالك يجب عليك ان ترتاح انت متعب .
- لا تخافي عزيزتي انا بخير وساراجع الطبيب غدا .
اطمانت نور وذهبت تجلس تحت الشجره وتركتهما يلعبان سويا .
مالك كان نعم الزوج لها عوضها الحنان الذي فقدته طيب شهم كريم ويحسن معاملتها ولهذا قررت بعد سنه من الزواج ان تكون زوجته رسميا وعندما اخبرته لم تكن الدنيا تسعه من الفرحه فهو حقا كان يحلم ان يكون عائله وهي حققت له حلمه وكان نعم الاب لابنها طارق .
غابت الشمس وبدا الظلام يحل تدريجيا فنهضت وقالت : هيا يكفي لعبا اليوم هيا الى الداخل يا طارق ولاساعدك بالاغتسال وبعدها لنتناول العشاء .
-حاضر ماما .
ابتسم مالك ووضع يده على كتفها ودخلو الى منزلهم.
صباح اليوم التالي توجه مالك الي الطبيب الذي فحصه وطلب منه تحاليل واشعه فذهب واجرى المطلوب ثم توجه الى الشركه لمتابعة عمله فهي شركة مسؤولة عن تصدير القهوه الى عدة بلدان لذلك ما ان دخلها حتى انهمك في عمله الى اخر النهار .
اما نور فقد كانت تقضي وقتها بين مالك وطارق والاشراف على البيت والتسوق واعداد الطعام .
لقد كانت سعيده وراضيه وقانعه بما كتبه الله لها .
بالمساءعاد مالك من عمله واثناء جلوسهم على سفرة العشاء سالته نور :
يا عزيزي طمني ماذا قال الطبيب ؟
- قمت بعمل تحاليل وصور اشعه والنتيجة بعد 3 ايام انشاءالله .
-حسنا فعلت ،فيجب علينا الاطمئنان عن صحتك .
وبقي روتينهم العادي خلال الايام السابقه الى ان جاء موعد الطبيب الذي اطلع على الاشعه والصور والتحاليل .
- الطبيب : سيد مالك لقد اطلعت على التحاليل والاشعه وبصراحه اعتقد انه يجب يكون معك احدا من العائله ليساندك .
- تحدث يا سيدي ارجوك هل وضعي الصحي خطير لهذه الدرجه .
- يؤسفني يا سيد مالك ان اخبرك بانك تعاني من مرض السرطان وهو منتشر في رئتيك الاثنتين من الدرجه الرابعه .
ارتبك السيد مالك ولم تسعفه الكلمات بالتحدث فقام الطبيب وناوله كاس ماء ووضع يده على كتفه بعد ان انهى الكوب وقال :
سيدي كن قويا وتحلى بقوة الايمان فالاعمار بيد الله وكلنا مغادرون الحياه وما هي الا اسباب تتعدد والموت واحد .
- الا يوجد علاج ايها الطبيب ؟
- للاسف . وانصحك بان تتمتع بباقي الايام القادمه المتبقيه من عمرك مع عائلتك .
- وكم تبقى لي من الوقت ؟
-ثلاثة اشهر والله اعلم فالاعمار بيد الله.
شكر ه وخرج يجر قدميه جرا .
ركب سيارته وهام على وجهه بالشوارع يشعر نفسه كالتائه لا يعرف ما يفعل وكيف سيواجه نور بالخبر.
واخذ يفكر :
نور ااااااه يا نور ماذا سيحدث لكي انتي وطارق ،وطارق سيحرم من وجهه البرئ وفرت دمعه من عينيه وسرعان ما اخذ بالبكاء والحسرة تاكله من عز فرحته وسعادته خطفه المرض وبقي على هذا الحال مدة ساعتين .
ثم اخذ يحدث نفسه :هيا يا مالك ،تمالك نفسك عليك البدئ بالاجراءات التي تؤمن نور وطفلهما ،اخرج محفظته فهو يحمل صورة تجمعهم ثلاثتهم نظر الى نور عينان خضراء برموش كثيفه وشعر عسلي طويل ناعم وغمازتان تزينان خدودها وهي تبتسم وبياض ناصع تحسس وجهها على الصوره كم احبها لا يصدق انه سيفارقها عاد للبكاء على نفسه وعلى المسكينه التي عن قريب ستصبح ارمله وهي لا زالت بالسادسه والعشرين من عمرها .
نظر الى طارق -يشبه امه كثيرا - نفس الملامح ولون الشعر في غاية البراءة اخذ يفكر ماذا سوف يفعل ؟
واخيرا قرر ما يلي :
- لن يخبر نور اي شئ وسيحاول ان يكمل ما تبقى له من حياته وكان شئ لم يكن .
- سيترك كل ما يملك باسم زوجته وابنهما فهو احبه من كل قلبه وكانه ابنه من صلبه .
- عليه ان يقنع نور بالنزول معه الى الشركه والبدء بتعليمها كيفيه العمل وتوظيف مرافقه لطارق ترافقه طوال الاسبوع على مدار اربع وعشرون ساعه .
-القيام بعدة اتصالات لترتيب هذه الاجراءات .
اخرج هاتفه المتنقل وقام بطلب ذراعه الايمن بالعمل واملا عليه التعليمات التاليه :
اولا - الاتصال بمحامي الشركه واعداد وثاىق تنازل بكل ما يملك لزوجته وابنه .
ثانيا - اريد وضع كرسي اضافي في مكتبي بجانب الكرسي الخاص بي (لنور).
ثالثا - اعداد الغرفه التي بجانب مكتبه لغرفة اطفال مجهزه بكافة متعلقات الاطفال لتكون لطارق والمرافقه التي ستكون معه .
سجل الرجل كافة التعليمات و طمانه بان كل اوامره مطاعه ، وساله ولكن يا مالك ما سبب هذه التعليمات المفاجئه ؟- هو كان صديقه قبل ان يكون ذراعه الايمن ورفيق دربه في سنواته الماضيه واسمه ابراهيم .
فاجابه : ساخبرك يا ابراهيم عنما التقي بك وانهى الاتصال .
فكر والان جاء دور اهم مكالمه ،ولكنه متردد ان يقوم بها بل خائف جدا وضع راسه على عجل قيادة السياره واخذ يتافف بصوت مرتفع عليه ان يقوم بهذه المكالمه لقد حان وقتها لابد من القيام بها ولكنه خائف جدا بقي على هذا الحال فترة من الوقت لا يعرف كم المده التي قضاها بالتردد ولكنه بالنهايه تشجع وضغط زر الاتصال على اسم الشخص المطلوب .
نظر الى هاتفه جاري الاتصال ثم اجاب الشخص الاخر بالطرف الثاني :
- اهلا اهلا عمي مالك ، كيف حالك ؟ما اخبارك ؟وكيف اعمالك ؟ اوووه لقد اشتقت اليك كثيرا اطلت الغيبة عني انقضت اربع سنوات انت من اعز اصدقاء المرحوم ابي واعتبرك بمثابة ابي .
ثم
الو .... الو عمي مالك هل تسمعني ؟
تحدث مالك اخيرا بعد طول تردد اجل اجل اسمعك .
اريد لقاءك لامر ضروري .
- طبعا طبعا يا عمي تفضل باي وقت اهلا وسهلا بك .
- لا اريد قدومك الى اميركا ،تحدث مالك .
صدم الرجل وتلعثم وقال : ولكن هذه الفتره انا مضغوط بالعمل فانا قد استلمت مشروع كبير لبناء مجمعات سكنيه كبرى ( قرية سياحيه ) ونحن نمر بفترة حرجه حساسه من هذا المشروع اتمنى عليك ان تتفهم ذلك .
هل هناك امر طارئ او خطير ارجوك اخبرني ان كنت بضائقة ماليه فانني حاضر لتوجيه المساعدة .
اجاب مالك :
بالحقيقه الموضوع على درجة عاليه من الاهميه واريدك ان تعدني ان تحضر الى عندي في اميركا باقرب فرصه تتاح لك .
- اعدك يا عمي بالحضور باقرب وقت بعد ان انهي هذه المرحله الحاسمه من المشروع ولكني احتاج مدة شهر لانتهي وبعدها ساحضر اليك بالحال.
مالك :اتفقنا وسنبقى على اتصال يا سيف .!!!!
وانهى المكالمه .انتهى البارت واتمنى يعجبكم .
عطر الجنه ....لا تنسونا ولا تحرمونا من اراؤكم بالروايه .
أنت تقرأ
خبايا الاقدار
Romanceنور فتاة يتيمه عاشت حياتها في الميتم وانهت دراستها الثانويه فيه بتفوق وتاهلت للدراسة الجامعيه وهي بسنتها الاخيره متفوقة على طلاب دفعتها طموحها واحلامها عاليه ولكن لا احد يعلم خبايا الاقدار وما سيواجه في هذه الدنيا .....