الفصل الثاني

6.5K 153 2
                                    

اخذ جيرالد يفكر وهو ينتظر بصمت اثناء تناوله و فيرونيكا غداءه فى ان الامور بينه وبين صاحبة النزل لم تتحسن منذ اليوم الاول غير السعيد الذى جاء فيه منذ اسبوع
طبعا ما كان له ان يضحك بذلك الشكل عندما كان معها فى السيارة لقد جرح بذلك شعورها فقد ظنت انه يرى الزواج منها هذا سيئا منافيا للعقل بينما العكس هو الصحيح
لم يكن هذا يعنى انه اخبرها بذلك او انها اصبح يرى التوسط بالزواج هذا شيئا معقولا كلا فهذا لم يحدث انه فى الواقع لم يلمها لنبذه مع اولئك المتكفلين ولكن الذى كان يريد معرفته هو هل هناك من سبب يجعلها تستمر فى معاملته وكانه مصاب بالبرص
لم تحب رونى جيرالد مارسدن ولكنها لم تكن تعرف سبب ذلك بالضبط كل ما كانت تعرفه هو انها منذ مجيئه ليعيش فى النزل اخذت تشعر بالتوتر وكانها فى دوامة
كان الرجل يزعجها ويضايقها لمجرد وجوده وليس لقول او فعل
كان بالغ الضخامة متين البنية للغاية وكلما دخل الغرفة يبدو وكانه يملاها بوجوده وهو يستحوذ على انتباهها حتى ولو لم يقل شيئا وكان ما يؤرقها ويجرحها هو شعورها المذل بانه يراها امراة مضحكة بالنسبة الى الزواج منها 
كانت تتمنى ان يرحل
القى جيرالد حمله من الاخشاب على الارض وهو يتاوه ثم اخذ يمسح العرق عن وجهه بعصابة كان يلفها حول جبينه وعندما عاد فربطها فى مكانها وقف لحظة يستعيد فيها انفاسه كانت رائحة الاخشاب الحديثة القطع تغطى على شذا ازهار الصيف ولكن رغم هذا فقد كان فى استنشاق الهواء بعمق متعة بالغة ومن خلفه كان عويل المناشير تقطعها الشتائم المتصاعدة ما يشكل شبه جوقة تملا اذنيه بالطنين وراسه يدق كالمطارق
البناء .. اخذ جيرالد يفكر فى ذلك عابسا .. عندما كان لا شئ سوى عامل بسيط لم تكن مهنة الجبناء والضعفاء ذلك انه لم يكن جبانا او ضعيفا وعاد ليحضر حمله اخر من الاخشاب والعرق ينضح منه فى حرارة الشمس وهو يهز راسه مشمئزا من نفسه كانت كلمات مايك الكبير ما تزال تتجاوب فى اذنيه " ماذا تفعل هناك ايها الغبى ؟ اهذا ما جعلتك تتعلمه كل تلك السنوات ؟ ان تكسر ظهرك بمهنة كريهة كهذه "
وضم جيرالد شفتيه عابسا ان كلام مايك الكبير لا يختلف عما يقوله هو لنفسه خمس عشرة مرة يوميا طوال الاسبوعين الماضيين فهذه المهنة ليست كما لو انه يجلس فى مكتب مكيف الهواء وهو يضع تصاميم فيلات فخمة كهذه بدلا من ان يقرح يديه فى البناء بهما
ما زال الوقت مبكرا وهذا كل شئ فما زال الماضى حزءا من الحاضر وما زالت ثقته بمهنته واعتباره لنفسه من الضعف بحيث لا تحتمل اى رفض او نبذ ولكن لماذا لا يكون صادقا مع نفسه فقد كان خائفا
خائفا من ان يواجه يوما النبذ والتحيز فيلقى بكل انجازاته من النافذة ويعاود حالته الاولى
ولكنه هذه المرة لن ينهى عشرة اعوام اخرى فى السجن فهذه المرة ستكون حياته
انقبض قلبه لمجرد التفكير فى ذلك وهكذا حمل نفسه على الاقلاع عن التفكير وكانت هذه عادة نفعته جدا منذ زمن طويل وهى ان يمنع ذهنه من التفكير وهذا كل سئ
نظر الى ساعته فشعر بالانتعاش ان العمل سينتهى بعد ربع ساعة فهذا هو يوم دفع الاجر ... اول اجر له وكان قد استمر اسبوعين فى نفس العمل ولو علم مايك الكبير بذلك وهو السجين فى ذلك المكان الى نهاية حياته والبالغ الاصرار على جعل جيرالد يتوجه الى شئ افضل لو انه علم بذلك لتملكه الزهو على الاقل
اقتربت العطلة الاسبوعية ربما حان الوقت لكى يشترى سيارة لنفسه فيتوقف بذلك بالاعتماد على مساعدة صاحبة النزل ذات اللسان اللاذع والتى بامكانها باعتقاده تجميد اى رجل على بعد خمسين خطوة
ولشد ما كان يزعجه منها ابتسامتها التى كانت تتلاشى ويستحيل دفئها الى ثلج كلما اقترب منها او تكلم اليها ولامر ما كان يتمنى لو يراها تخصه بابتسامة ولو مرة
"مرحبا "
فاجفل لصوت مراقب العمال الاجش 
" هل لك ان تنام فى وقت الفراغ لا العمل ؟ والان اسحب كومة الاخشاب تلك الى هنا "
*****************************
هذا رائع عظيم انه سبب يجعل جيرالد مارسدن اخيرا يرى طريق الخروج
شعرت رونى بتوتر فى اعصابها الى حد خافت معه ان تنفجر فى اية لحظة كاوتار قيثارة بالغة الشد واخذت تروح وتجئ بين باب الشرفة والبيانو القديم الذى طالما عزفت عليه اثناء طفولتها
ما الذى جرى لتلك الخطوات الكريهة ؟ الساعة السادسة الا ثلثا فلماذا لم يعد بعد ؟
عادت الى البيانو ملقية ابتسامة مطمئنة الى الزائر الصامت الجالس على الاريكة بينما فى اعماقها كانت تتمنى لو تمسك بخناق جيرالد وتقذف به الى الخارج
من حسن الحظ ان العمة لويزا والاخرين كانوا جميعا فى الخارج ولن يلحظوا مبلغ تكدرها لتاخر ذلك النزيل الذى لايصلح لشئ ان اكتشاف العمة لويزا ان ذلك الشاب الظريف والذى تاخذ عنه فكرة ساميه وتضع فيه امالا كبرى ذلك الشاب قد ظهر اخيرا انه لا يعدو ان يكون جبانا كذابا
اهو صوت وقع خطوات ما تسمع ؟ وهرعت رونى الى النافذة نعم ... انه هو ووقفت نصف ثانية تلتهمه بنظراتها وقد زاد توترها لقوة مشاعرها المتضاربةالتى احدثها في نفسها وما لبثت ان تمالكت نفسها
وقالت بسرعة " عفوا ها قد حضر الان " ثم اندفعت خارجة من الغرفة
***********************************
كان جيرالد قد قطع نصف الطريق الصاعد الى النزل عندما انفتح الباب وخرجت منه صاحبة المنزل المزعجة عندئذ فقط ادرك ان صفة مزعجة هى ما يناسبها بالضبط
كانت ترتدى شورت قصيرا وقميصا قطنيا كانت تندفع نحوه وهى تنفث انفاسا ملتهبة ما الذى حدث لها الان ؟
وقفت امامه تعترض طريقه قد وضعت قبضتيها على خاصرتيها " اين كنت ؟ هل تعلم اننى انتظر عودتك ؟"
" حسنا ماذا ..."
" انك تترك عملك فى الخامسة ثم تمضى خمس دقائق فى جمع حاجياتك ثم عشر دقائق اخرى لتصل الى البيت"
اثار جيرالد استقبال صاحبة النزل له بهذا الشكل العنيف لتاخره وكانها زوجته
" كفى ما هذا ؟ منذ متى على ان اقدم اليك حسابا عن وقتى ؟ اننى انام اكل عندك ايتها السيدة ولكننى اجئ كما اريد والان ارجو المعذرة "
واذ ادار لها ظهره غاضبا ليتوجه الى الباب رات رونى باقتى زهور كان يحملهما بيده يخفيهما وراء ظهره
نسيت للحظة غضبها وهى تفكر فى مقدار السرور الذى ستشعر به لويزا والسيدة هينكنز
ولكنها ما لبثت ان تذكرت الزائر فى غرفة الجلوس فعادت عيناها تلتهبان مرة اخرى وهى تندفع نحوه تمسك بذراعه بشدة " اياك ان تجرؤ على وضع قدمك داخل المنزل قبل ان اتحدث اليك "
فنفض يدها عنه بسهولة وهو يقول " اه نعم فيما بعد ايتها السيدة "
" بل الان ايها السيد " وعادت تمسك به مرة ثانية
استدار نحوها محملقا بها " اسمعى اننى فى غاية التعب والارهاق من حرارة الجو كما اننى فى غاية من السام"
" حسنا وانا كذلك هل تريد ان تعلم السبب ؟ ساخبرك اذن انت رجل كذاب قذر يا سيد جيرالد مارسدن واذا كان هناك شئ لا اطيقه .."
وازاء اتهامات رونى هذه له اشتد الاضطراب الذى يشعر به واخذ يفكر شاعرا بالحذر فى انها عرفت دون شك لقد ادركت بل ادركوا جميعا وبطريقة ما كل شئ هذا بينما عادت هى تقول بحرارة " انك متسلل كاذب فقد اخبرت العمة لويزا انك عازب غير مرتبط بينما انت غير ذلك ان لديك اسرة اليس كذلك ؟ ايها القذر كما انك هجرت اسرتك انت ... انت ..."
وجعلها ازدياد الغضب لا تشعر ماذا تقول فسكتت تنتظر منه انكارا لكى تعود فتنهال عليه بالمزيد من الشتائم 
ولكن شتائمها لم تفعل فيه سوى انها اخرسته عن قول اى شئ ومضى ينظر اليها ذاهلا وهو يفكر ... ما هذا ؟ ما الذى جعل هذه المراة تتحدث عن اسرته بهذا العنف
وعندما راته رونى يقف محدقا بها دون ان يتفوه بكلمة صرخت فيه تقول " انت رجل حقير يا سيد مارسدن ويا ليت بامكانى ان ابعدك عن ذلك الطفل المسكين الذى اهملته "
" طفل اى طفل ؟"
لقد استطاع جيرالد ان يتكلم اخيرا وقد اختلط عليه الامر كليا ازاء ذلك الوابل من الكلمات والتصرفات غير المعقولة ولم يستطع ان يفهم شيئا بعد ان ادرك ان سره بقى مصونا اما بالنسبة لكل هذه الامور الاخرى
اهتزت ركبتاه فتهالك جالسا على الدرجات وهو يقول " ليتك فقط تخبرينى بوضوح عما تتحدثين عنه"
" اننى اتحدث عن بيتر مارسدن اتحدث عن ابنك" وكان صوت رونى ينضح بالازدراء وهى تتلفظ بهذه الكلمات
واذ تذكرت البرهان الدافع على ما تقوله والجالس داخل بيتها رات فى هذا الرجل منتهى النذالة وهو يجلس على درجات بيتها ناظرا فى عينيها و...
ومنحها انجار غضبها مجددا القوة على جذب جيرالد وايقافه على قدميه " ادخل الى المنزل يا حقير ادخل وانظر الى ذلك الصبى الصغير واخبره انك لا تعرفه اذا كنت تجرؤ وبعد ذلك يا سيد مارسدن اريدك ان تحزم امتعتك وترحل من هنا "
دار راسه ولم يقاوم دفعها له نحو الباب ابنه ؟ هل هذه المراة مجنونة ؟ ان ليس له زوجة ولا اولاد
فمن هو بيتر مارسدن هذا ؟ ان ليس لديه اقرباء وهو متاكد من ذلك حتى انه لا ينتسب الى اسرة تسمى مارسدن وانما اطلق عليه ملجا الايتام هذا الاسم
دخل الى المنزل ورونى فى اثره ملقيا بالازهار التى احضرها للويزا والسيدة هنكنز على منضدة فى الردهة ثم وقف بباب غرفة الجلوس
نظر الى ابنه المزعوم بعينين ضيقتين وقد خطر له على الفور وبشئ من الاسى ان وجهه هو لو كان مرتسما عليه نصف ما يعتمل فى نفسه من افكار سوداء لما كان مستغربا ان ينكمش هذا الصغير ذو الراس الاشعث بين الوسائد لمجرد رؤيته
اسرع يمر بيده على وجهه وهو يجاهد لاستعادة هدوئه والتخفيف من مظهر التهديد على ملامحه لم يكن من الغضب بحيث يستمتع باخافة الاطفال
قال يخاطب الصبى رافعا اصبعيه بالتحية " مرحبا "
ولكن لا جواب فقد كان كل ما بدا على الصبى على استجابة هو نظرة خوف فى عينيه
رسم على وجهه ابتسامة ثم تقدم وانحنى امام الصبى " اذن انت بيتر "
تردد الصبى لحظة ثم اوما بالايجاب
" هل ينادونك بيت او باى اسم اخر "
تواترت الذكريات المؤلمة فى نفس جيرالد وهو يرى الحذر والكابة المفرطة فى عينى الصبى وهو يهز كتفيه بمزيج من النفى والايجاب الم يجلس هو مثله على كثير من الارائك عندما كان طفلا حيث كان يعتنى به ويحقق معه غرباء كبار لم يكن يعرف او يحب احدا منهم
نعم حسنا ونهض واقفا وهو يحاول تمالك مشاعره ازاء موجه العطف التى اكتسحته فهو لم يكن الشخص الذى يحتاج اليه هذا الصبى وهو واثق من ذلك
" كم عمرك يا بيتر"
اجاب بيتر بصوت خافت " خمسة " قال ذلك وهو يدير عينيه الى يساره حيث جاءت رونى تجلس بقربه
نظر جيرالد اليها هو ايضا واجما وهو يفكر خمسة هل سمعت ايتها السيدة ؟ خمسة .... ان هذا يعنى اننى لا يمكن ان اكون والد هذا الطفل ولو بنسبة واحد فى المليون
" اين والدتك " القى سؤاله هذا وقد تلاشى كل اثر للرقة فى نفسه بتاثير ما اخذ يشعر به من احباط وقهر معظمه يعود الى عدم تمكنه من مواجهة هذه السيدة بالبرهان الذى يؤكد براءته
واجاب الصبى " لا ادرى "
" ما اسمها "
" ماما "
" من احضرك الى هنا ؟"
" جدتى "
" ما اسمها الاخر ؟"
" جدتى فقط "
" واين تعيش جدتك؟"
كان الياس قد جعل جيرالد عديم الصبر مظهرا توترا فى صوته يبدو انه اخاف الصبى وجعل رونى تهب واقفة
" جيرالد هل يمكننى ان اراك لحظة فى الردهة "
اذن فهو جيرالد الان والقى عليها نظرة حاقدة واذ راى تكدرها اخذ يفكر فى انه هو ايضا يماثلها تكدرا
ثم اجابها باختصار "كلا" وعاد يخاطب الصبى وانما بصوت اكثر رقة " اخبرنى اين تعيش جدتك يا بيت "
رفع الصبى بصره على الفور كانتا واسعتين بنيتى اللون ما يتناقض تماما مع لون شعره الاشقر الباهت ووجهه الانمش وساور جيرالد شعور خاطف بانه يعرف شخصا اخر له مثل هذا الشعر والعينين ولكن هذا الشعور سرعان ما تلاشى قبل ان يركز افكاره جيدا على الصورة
قال بيتر " فى ... فى بيستو" وعاد يحدق فى يديه اللتين لاحظ جيرالد شاعرا بطعنة الم فى قلبه بانهما صغيرتان قذرتان وممسكتان بكعكة من نفس النوع المحلى بالشوكولاته والذى كان فى صندوق غدائه هذا النهار
لم تعد النظرة التى القاها على رونى حاقدة عنيفة ومع ذلك فقد كان سؤاله للصبى اكثر رقة " الا تريد ان تاكل كعكتك؟"
ارتجفت ذقن الصبى وهو يهز كتفيه بصمت
فتابع جيرالد كلامه " ان الانسه سايكس هنا تصنع الكعك لذيذا جدا " وعندما تابعت نظراته نظرات بيتر الى حيث كانت رونى تقف راى ملامحها يكسوها نفس الارتباك والرقة ما جعل صوته يتهدج كان واضحا ضعف هذا الصبى وشعوره بالضياع ما كان تاثيره عليها كبيرا هى ايضا
عاد يساله " الست جائعا يا بيت" هز الصبى كتفيه مرة اخرى وتدحرجت دمعة من عينه على الكعكة
عادت رونى تقول وبسرعة " جيرالد ارجو حقا ان تسمح لى بكلمة معك " واذ رات نفور جيرالد من ذلك اضافت تقول "ارجوك"
ودون ان تنتظر لترى ان كان سياتى معها ام لا غادرت الغرفة ما اضطر معه جيرالد الى اللحاق بها
فقال للصبى وهو يربت على راسه " حاول ان تاكل الكعكة وساعود حالا "
******************************
ما ان اغلق جيرالد الباب خلفه حتى قالت له رونى " هذا الصبى لا يعرفك "
" انت تمزحين دون شك"
فقالت عابسة دون ان تلقى بالا لتهكم جيرالد البالغ " وبدا واضحا لى انك حقا لا تعرفه وانك حقا لا تظن انك والده"
" ان لدى خبرا لك ايتها السيدة وهو اننى لست فقط اظن ذلك وانما انا لست والده على الاطلاق " رد جيرالد عليها بذلك بغضب وهو يضيف قائلا " هل هذا كل ما جعلك تجريننى الى الخارج "
فقالت مترددة " كلا .... وانما ما اريد قوله هو كيف يمكنك ان تكون متاكدا الى هذا الحد انك فى الثلاثين من عمرك ولا بد انك ... تورطت مع نساء ... اليس من الممكن ...؟"
" كلا هذا غير ممكن "
"ولكن"
" اللعنة قلت لك كلا "
وتخلل شعره باصابعه ثم عاد يقول " اسمعى انا اسف ولكن عليك فقط ان تاخذى كلمتى لذلك وهى ان من غير الممكن ان يكون ابنى هل فهمت؟"
ولكن رغم انه كان يتمنى ان يبقى الامر عند هذا الحد فقد كان رؤيته لنظرات رونى المتشككة ولانه لأشد ما كان يريدها ان تصدقه ويكون ظنها به حسنا سمح جيرالد بان يطلعها على لمحة من ماضيه فقال عابسا " اسمعى الامر هو ان امى هجرتنى بعد ولادتى بساعات ولهذا عليك ان تصدقينى عندما اقول لك اننى لا يمكن ان اجنى على طفل بمثل ما جنت به امى على "
ودون ان يلقى عليها نظرة اخرى استدار وهم بالعودة الى غرفة الجلوس لولا ان قالت له بسرعة " انتظر فهناك شئ اخر "
"ماذا"
"المراة العجوز التى احضرت بيتر"
وبخطوتين كان جيرالد بجانبها " هل رايت المراة"
"نعم رايتها ولكن"
" ثم لم تساليها عن اسمها واين تعيش"
" كلا ولكن لو اعطيتنى فقط فرصة اشرح لك فيها "
اطلق شتيمة وحملق فى السقف وقال " هيا اشرحى لى الامر "
" قالت لى ان ليس بامكانها ان تبقى ..."
" هذا معلوم ..."
".... ولكنك ستفهم سبب احضارها الصبى اليك بعد ان تقرا رسالتها ..."
فشهق جيرالد واغمض عينيه وهو يسالها بصبر فارغ " تقولين رسالة اين هى "
سارت رونى الى منضدة فى الزواية التقطت عنا رسالة قدمتها اليه بصمت
فتح جيرالد الرسالة وبعد ان تبادل مع رونى نظرة سريعة عابسة اخذ يحدق فى سطورها
اخذت رونى تراقب توتر شفتيه وهو يقرا كانت ملامحه عابسه لكنها لم تلبث ان تملكها الجمود وهو يرفع بصره اليها مرة اخرى ودون ان ينطق ناولها الرسالة فاخذت تقرا:
عزيزى السيد مارسدن
انك لا تعرفنى ولكنك كنت تعرف ابنتى مارسى كمب وهى كانت والدة بيتر لقد قتلت فى حادث على الدراجة البخارية العام الماضى وتركت لى الطفل لاربيه ولكن حيث انه لم يعد باستطاعتى ذلك فقد حصلت على عنوانك فى روريغون عندما اتصلت هاتفيا بقصر الجزيرة...
القت رونى نظرة مستفهمة على جيرالد " قصر الجزيرة؟"
فجف فم جيرالد " ذلك موجود فى ماين وهو المكان الذى امضيت فيه السبع سنوات الاخيرة" وابتلع ريقه ثم اضاف يقول " هل تعرفين تلك المدينة ؟"
فهزت رونى راسها "كلا"
شعر جيرالد بالارتياح وهو يتظاهر بهز كتفيه بعدم اكتراث وهو يقول " لم تخسرى شيئا بذلك " بينما عادت تتابع القراءة
لقد كانت مارسى وضعت اسم ذلك المكان مع شهادة ميلاد الصبى وقد طلبت منى ان اتصل بك اذا ساءت الامور معى قائلة انك كنت صديقها الوحيد وانك ستساعدنى وهذا هو السبب فى اننى احضرت لك الصبى ..
خفضت رونى يدها بالرسالة ونظرت اليه واذ لاحظت ما يتملكه من كدر رق قلبها له رغم تصميمها على العكس وقالت له " ماذا يمكننى ان اقول ؟"
" لا شئ فهناك المزيد" ودون ان ينظر اليها ناولها الورقة الثانية التى كان يقراها وكانت شهادة ميلاد بيتر
وعلى الفور وقعت عينا رونى على اسم الاب .... الاسم الاخير مارسدن الاسم الاول جيرالد فعادت ترفع بصرها اليه 
"هذه تشهد انك والد بيتر "
" اعلم هذا ولكنه غير صحيح "
" لكن"
" تبا لكل ذلك " وشعر فجاة بان السر الذى كان يخفيه بكل عناية قد اوشك ان يفتضح بعد ان وقع فى الفخ لم يستطع ان يحافظ عليه اكثر من ذلك يا للبؤس فليس عليه ذلك بعد ان كفر عن ذنبه
صفق الجدار براحته ثم استدار يواجه رونى وقد امتلا غضبا وياسا ثم سالها بصوت هامس خشن قد امتلا بالوعيد "اتريدين حقا ان تعلمى لماذا انا متاكد من انه ليس ابنى "
حاولت رونى التراجع خطوة وقد اخافتها ثورته
ولكن جيرالد امسك بذراعها يثبتها مكانها " اتريدين ان تعلمى ما هو قصر الجزيرة يا انسة سايكس ؟ ساخبرك الان فاستمعى الى ..."
"كلا" وكانت رونى تهز راسها لا تريد ان تسمع اى شئ بعدما رات فى عينيه تلك النظرة الهائلة من الالم والتحطم
ارادت ان تغطى فمه براحتها لتمنعه من ان يتابع الكلام ولكنها ما ان همت بذلك حتى كان الوقت قد فات
كان صوته اجش مليئا بالياس والكلمات واضحة رغم خفوتها وهو يقول
" قصر الجزيرة هو سجن يا انسة سايكس انه اكبر اصلاحية فى الولايات المتحدة وقد كنت فيه حيث امضيت سبع سنوات "

أب بالصدفة_آن بيتزر_ روايات عبير دار النحاس  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن