الفصل الاول

18.4K 340 5
                                    

الفصل الاول :

جالسة عند قبر والدتها تبكي بشدة ...تحدثها كأنما لم تغادر عالمهم قط قائلة : وحشتيني اوي يا ماما ...مش قادرة اعيش في الدنيا دي من غيرك والله تعبت جداً...عدي 5 سنين يا ماما ومفيش حاجة اتعدلت ... بموت كل يوم اكتر من الي قبله ....نفسي بس في حضنك مش عايزة اكتر من كده ...نفسي الاقي حد يحس بيا ويخفف عني ...بيقتلوني بكلامهم يا ماما ...تعبت ...تعبت من نظارتهم ليا ...بحس نظارات الناس كلها فضحاني ومعرياني ...اتنقبت عشان ارتاح من نظراتهم الي بتمومتني ومفيش فايدة ...حاسه ان الناس كلها بتشاور عليا وبتتكلم في شرفي ...نفسي اجيلك يا ماما ...نفسي اووي ...من اليوم الي موتي فيه انا كمان موت والله انا كمان موت ...كانت تبكي بكاءاً عالياً وشهقات متتالية تصدر منها ...ثم اكملت بحسرة وألم : امنيتي المستحيلة اتحققت يا ماما ...تصدقي انه قالي امبارح انه عايز يطلب ايدي ...تعرفي اني للحظة فرحت قبل م افتكر انا فين والامنية دي فين ... انا بحبه اووي ....الالم المرادي اتضاعف اووي يا ماما لدرجة انه بقي بياكل كل خلية فيا ومش عارفه ارتاح ازاي ؟!!
............................................................
بعد ان انتهت من زيارتها لوالدتها حيث ان هذا اليوم هو الموافق للذكري الخامسة لوفاتها ...عادت امل الي منزلها وهي مثقلة بهموم تضاعفت بعد تصريحه لها ...احبته وهي العشق محرم عليها ..اين عشقه من حياة كتب عليها الاعدام والالم كحياتها...
قطع تفكيرها صوت زوجة ابيها الشمطاء"نعمة" وهي تقول : اهلا اهلا ياختي ...اخيرا شرفتي ؟!! وانتي بسلامتك متهببتيش روحتي الزفت شغلك ليه ثم ضحكت ضحكة ساخرة وهي تقول بأشمئزاز : ولا بتحتفلي بمرور خمس سنين علي انك بقيتي مغتصبة قد الدنيا ...
قالت لها بألم وعينيها مليئة بالدموع : حرام عليكي يا شيخة بقي ارحميني انا مش ناقصة هو انتي مبتحسيش !!
ـ شوف البت كمان بتزعقلي !! انتي صدقتي نفسك يا حيلتها ولا ايه ؟!! قومي يا بت خشي نضفي الاوض طالما متهببتيش روحتي الشغل هو انا الخدامة الي جبهالك ابوكي ...
لم ترد عليها ودلفت الي الداخل بقهر لتفعل ما امرتها به فليس بوسعها سوي ذلك والا اوسعها والدها ضربا بسبب اتهماتها الباطلة نحوها ...
بعد ان انتهت من فعل ما طلب منها جلست علي فراشها واخذت تنتحب بخفوت ...تبكي والدتها ...تبكي حياتها التي دمرت ...تبكي برائتها التي سلبت علي حين غرة ...تبكي قسوة والدها واهانته لها المستمرة هو وزوجته واولاده ...تبكي من احبت وتركها وهي في امس الحاجة اليه ....تبكي من خانها قلبها ودق له وهي تعرف انه لايمكن ان يكون نصيبها ...ذكري هذا اليوم تمزقها فقدت كل شئ في يوم ...اخرجها من ذكرياتها المؤلمة صوت هاتفها ..اخذته لتجيب وهي تعلم من المتصل ...فمن يبحث عنها ويهتم لامرها غيرها ..صديقتها "ياسمين " ..
حاولت ان تزيل اثار البكاء من صوتها وهي تقول : الو
ـ الو يا حبيبتي ...مبترديش من بدري ليه ؟؟!!هموت من القلق عليكي ..
ـ معلش يا حبيبتي انتي عارفه كنت بزور ماما وبعدين رجعت مرات ابويا خلتني انضف ولسه مخلصة ومهدود حيلي اووي مخدتش بالي انك اتصلتي ...
قالت بصدمة وأسي علي حال رفيقتها : هي الولية دي مبتتهدش ..هي متعرفش الي انتي فيه !! وطبعا سميتلك بدنك بكلمتين من بتوعها !! ربنا ينتقم منها ياارب علي الي بتعمله فيكي ده ..
ـ ربنا موجود
ـ طاب وهتعملي ايه في الموضوع الي كلمتيني فيه امبارح ده انا قلبي اتقطع اقسم بالله ...عشان خاطري اوعي توافقي ...هو ابوك ده ايه حجر !!
قالت بألم وهي تبكي : هعمل ايه يعني ؟؟!! هو في حل تاني ؟!! ابويا مش بيدور عليا ...ابويا بيدور علي سمعته وسمعة عياله ...واظن انتي عارفه كل م يتقدملي عريس بيعمل ايه ؟!! بيفضل يشتم فيا ويضرب فيا لحد م أنام من الوجع ..بيحسسني ان انا الي قولتلهم يعملوا فيا كده !! ولا كلمته الي بقت لبانة في بوقه " انا سايبك في البيت ده عشان بس اسمك اتسجل علي اسمي " ...نظراته ليا هو ومراته وعياله الي دايما بتحسسني بالنقص ...ابويا الي مشغلني عشان ياخد مني فلوس قعادي معاه !! بس ابوس ايدك اسكتي ....
ـ طاب يعني مش فاهمة ترضي تتجوزي واحد أرمل وقد أبوكي ومخلف عيال في سنك ليه تعملي في نفسك كده حرام عليكي نفسك ؟؟!!
ـ أصل انا في وقت افكر اووي مش كده ...مفيش قدامي غير الحل ده الراجل صاحب ابويا وعارف ظروفي مكدبش عليه وقاله انه ...أكملت وداخلها يكاد يتفتت من الألم "عايزها خدامة ليا "...فكرك يعني الناس هتسكت ان كل عريس يتقدملي نرفضه ...سنة والتانية وانا الي هتفضح ومحدش بيرحم حد !!
ـ قدامك الحل التاني بس انتي الي مش راضية تفكري فيه ...انتي محترمة وملتزمة وحلوة ومعاكي مؤهل عالي وشغالة شغلانة حلوة جدا ...ليه...ليه ترمي نفسك الرمية السودة دي ...اقبلي عرضه وخليه يكلم باباكي واحكيله الي جرالك وهو انسان محترم وهيقف جنبك اكيد ...
ـ انتي اكيد مجنونة !!! انتي واعية للي بتقوليه ده ؟؟!! ياشيخة اذا كان الي كنت بحبه وهو قال ايه بيحبني من واحنا عيال صغيرة ومتربيين سوا وكنا مخطوبين وفاضلنا شهرين ونتجوز اول م ده حصل سابني !! ببساطة قالي مقدرش اكمل معاكي وانتي كده !!راح اتجوز اول واحده لقاها في وشه عشان يبعد عني !!امه هي الي كانت بتتحايل عليه عشان يرضي يكمل معايا ويستر عليا حتي يتجوزني شهر ويطلقني رفض !! وانتي تقوليلي ده الي هيفهم !! ده الي هيرضاها علي نفسه !!يعني حتي مش فرق المستوي الخرافي بس الي بينا ...لا وياخد واحدة ناقصة كمان !! بس يا شيخة امانة عليكي اسكتي انا فيا الي مكفيني كفاية اليوم ده عليا ...روحي شوفي عيانينك وسيبيني انا يمكن ربنا ياخدني وارتاح ...ولم تنتظر ان تسمع ردها واغلقت الهاتف ثم القت بجسدها علي الفراش ودخلت في نوبة هيستيرية من البكاء انتهت بنومها او غيابها عن الوعي كالمعتاد ...ولكن من الذي يشعر بما تقاسيه من آلام ...
................................................
كانت تعمل بالمشفي الذي سجلت فيه كمتدربة لكلية الطب قسم "عظام " ولكن عقلها ليس معها ...تفكر في صديقتها التي علي وشك ان تدمر بكل معاني الكلمة وهي واقفة ...تعجز عن مساعدتها ...منذ اليوم الذي انقذتها فيه من الانتحار وعلمت قصتها وهي علمت فيه بأنها يجب ان تظل معها ولا تتركها مهما حدث ...ذات قلب طيب وروح نقية دنستها قذارة السفهاء ...اودت بحياتها ...عملت في كل سنين معرفتها بها الماضية علي ان تخفف عنها ولو حتي القليل من آلامها ...ولكنها ان كانت تنجح في هذا فما كانت تنجح فيه الا صوريا ...ولكن هذه المرة هي لن تقف مكتوفة الايدي تري حياة اعز صديقاتها واطهرهم تنتهي ......
...............................................
كان جالسا في مكتبه بمقر شركته لتصميم البرامج الالكترونية ...لا يستطيع ان يذيلها عن تفكيره لحظة ...لم يكن هكذا ابدا ...لم تجذبه اي انثي قط ...سواها ....من وقع صريع عينيها فقط والتي لا يري سواها ...ولكنه يلمس اثرها في كل شئ في حياته ...يراها في خياله وهو مستيقظ ويحلم بها حينما يغمض عيناه ....ذلك الحلم الذي يراه منذ بصورة مستمرة منذ ان رآها يراها تبكي دما وتطلب منه المساعدة والنجدة ....لكم يعذبه هذا الحلم ...يجعله عاجز لا يعلم ماذا يفعل كي يخفف عنها آلامها التي اصبح يراها واضحة للعيان في عينيها التي تآثره ...ولكن هيهات ...حينما تشجع وطلب رقم والدها كي يتقدم لها فاجأته بالرفض الشديد والصد .....قاطعه صوت طرق علي الباب تلاه دخول سكيرتيرته الشخصية قائلة : مستر فارس في واحدة برة طالبة تقابل حضرتك ...
ـ مقالتش مين ؟!
ـ لا يا فندم
ـ طاب دخليها لما نشوف في ايه ..
دلفت الفتاة المزعومة الي حجرته فقال بأدب : اتفضلي ممكن اساعدك بأيه ؟!!
توترت قليلا ثم قالت : أحم ...يعني انا مش عايزة مساعدة ...صمتت قليلا ثم قالت ببعض الشجاعة : أنا ياسمين صاحبة أمل فاروق الي بتشتغل هنا وكنت عايزة أكلم حضرتك في حاجة ....

أنتُهِكَ حقي بالحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن