الفصل الثالث

10.2K 279 3
                                    

الفصل الثالث :
ـ انتي بتقولي ايه يا ولية يا خرفانة ...انتي باينك اتهفيتي في عقلك ...قالها بصوت عالي ...
ـ اسمعني بس يا خويا والله احنا الي هنستفاد ...انت مش شايف العيشة بقت غلي ازاي وبنتك داخلة علي ثانوية والواد بيكبر واحنا مش عارفين نكفي منين ...جوزهاله وخد منه المقابل ....انت مش بتقول متريش ... قوله مثلا ان صاحبك مش هيسكت وهيفضحها ويفضحك معاها وهو الي طالب الفلوس ...اقتربت منه وربتت علي كتفه وهي تقول بابتسامة خبيثة : انا اخاف علي سمعتك برضه يا سبعي !!! القريشن دول ممكن تفتحلك بيهم محل بدل شغلانة الحكومة الي مش بنشوف منها غير ملاليم ومبنعرفش نكمل لاخر الشهر غير بمرتب السنيورة الي هيتقطع هو التاني .....
وكأنها دست السم في اذنه وهو استقبله بكل صدر رحب ....فكر قليلا ثم قال لها : طول عمرك مش سهلة ودماغك دهب ...صمت بتفكير ثم قال : بس اطلب منه كام يعني ؟؟!!
ـ اطلب منه 100 الف جنيه ...وقوله يا يدفع ياتروح من ايده حبيبة القلب لاخر العمر ....
.................................................
ظلت طوال الليل تبكي اثر الكدمات التي تملئ جسدها ووجع قلبها ...هي لا تعلم عمن كان يتحدث ولكن كل ما جال في خاطرها انها تذهب من سئ لاسوء ....
ـ بقولك ايه يا زفتة انتي مش ناقصة هي صوت عياطك اتهببي اتخمدي الواحد وراه مدرسة بكره ...دي عيشة تقرف ...كان ذلك صوت اختها الصغيرة وهي تنهرها بتذمر ....
حاولت ان تنام فهي ليس بمقدورها سوي النوم فحتي البكاء يحرمونه عليها .....
لديها أخ في الثامنة من العمر وأخت في الرابعة عشر وبالطبع كلاهما يعاملانها معاملة سيئة بسبب تلك الأفتراءات التي لطالما دستها امهما في آذانهما عنها ...حاولت مراراً استمالتهم الي جانبها كي تتخلص من شعور الوحدة الذي يلازمها ولكن بالطبع كانا يردانها خائبة .....
................................................
كان جالسا امام حاسوبه المتنقل في منزله يتحدث مع ابن عمه وصديقه الوحيد وكاتم اسراره "أسر" وقد حكي له عن قصتها وعن رغبته بالزواج منها ...يعلم انه ليس عليه فعل ذلك وانه بذلك يفضجها ويخوض في عرضها ولكنه كان حتما سيجن ان لم يتحدث مع احد الان ....
ـ نعم !!! بتقول كلمك وطلب منك 100 الف جنيه مقابل الجواز منها !!!
ضحك بتهكم ثم قال : اه قال ايه عشان صاحبه الي كان هيجوزهاله طالبهم عشان يسكت !! وهو اصلا لما كلمته شاط فيا وقال انه عمره م هيوافق علي جوتزي منها !! ودلوقتي لما فكر قال يساومني ...فاكرني اهبل ويتضحك عليا بكلمة ...
ـ والله يا صاحبي م عارف اقولك ايه بس ؟!!! خايف اقولك اتجوزها تطلع مش تمام وكمان ترضي بيها كده وهمه بيضحكوا عليك !! وخايف الصراحة اقولك متتجوزهاش اكون بظلمها وتكون انت بتحبها ...
ـ آسر انا مش بسألك انا مقرر خلاص انه مهما حصل هتجوزها ....كل يوم يا أسر ...كل يوم اشوفها في حلمي بتعيط دم بدل الدموع وبتترجاني اساعدها ...تعرف بقالي يجي شهرين علي الحال ده ...مش بشوف منها غير عينيها وهي كفاية تحسسني بالالم الي هي فيه ...هي عمرها م كانت ولا هتكون مخادعة او انسانة مش كويسة انا اعرفها من 3 سنين من ساعة م جات تشتغل في شركتي ...تعاملها محترم جدا مع كل الناس ...متدينة جدا وعمري م شوفت منها اي حاجة وحشة ...بس تعرف الي بجد شوفته هي الدموع الي في عنيها وشوفتها كتير اوي ... انا اه مبدأتش احس اني فعلاً بحبها الا من ساعة الاحلام الي ظهرتلي فجأة دي بس انا صليت استخارة امبارح وحسمت امري انا بس كنت بقولك عشان محتاج اتكلم مع حد وطبعا مفيش غيرك يا صاحبي اكلمه ....انا لو سيبتها معاهم معرفش ممكن يعملولها ايه ابوها ده بيبيعها بالفلوس ...مقدرش يا صاحبي مقدرش ....انا بقيت حاسس انها مسئولة مني خلاص ...
.......................................
كان قد اخبر والدها انه سيفكر في الامر ويرد عليه فقام بالاتصال بهو ابلاغه بموافقته علي ان يتم الزواج في اسرع وقت ممكن ...طلب منه ان يأتي ليتقدم لها في منزله حتي يراه الناس ويعلمون انها ستتزوج فقبل عرضه علي مضض ...يا الهي كم يبغض ذلك الرجل عديم المروءة والانسانية ...أيبيع فلذة كبده بالمال بحجة انه كي يخرس به فم صديقه ...كلما يحدثه يشعر برغبة عارمة في الذهاب واخذ حبيبته من ذلك الوسط القذر والمدنس الذي وقعت فيه والذي لا يتناسب مع برائتها وطهرها ....
عليه الذهاب اليوم ليتقدم امام الناس وليراها قبل الزواج !!! لا يعلم كيف ستكون ردة فعلها حينما تراه ؟! فبعد ان طلب منها رقم والدها في الشركة ورفضت رفضا قاطعا وحاسما لم يراها ....ولكن ليحدث ما يحدث هو لن يترك هذا الاسبوع يمر دون ان تصير زوجته وفي حماه من ذلك العالم الموحش ابد الدهر ....
.................................
أخبروها ان تتجهز فهناك شاب تقدم لطلب يدها من والدها وهو وافق وسيتمم الزيجة وعليه رؤيتها ....مهلا هي لم تعد تفهم شيئا هذه الايام ...منذ يومان يضربها والدها ضربا مبرحا ويقول انها قد فضحت سرها ...والان اين ذهب صديقه الكهل الذي اجبرها علي الزواج منه ؟؟!! أذا فهذا الشاب هو من ضربها والدها بشأنه ولكن من اين علم ؟؟!! ومن هو ؟؟!! ولما يريدها هي بالذات دونا عن غيرها وسيقبل بها علي وضعها هذا ؟؟!!
أوقف سيل الافكار المتدفق علي ذهنها صوت اختها التي دلفت الحجرة وهي تقول بحقد وحسد : اه مهي بيضالك في القفص ...بعد كل الي انتي فيه ده يتقدملك واحد زي ده ؟؟!! انا مش فاهمة أشمعنا انتي يعني ؟!!
تعودت علي اختها فبالطبع هي قد أخذت طباع والدتها كاملة فكما قال المثل "الي خلف مماتش " ...
قالت بخنقة : سارة الله يكرمك الواحد م ناقص ...صمتت قليلا ثم قالت بفضول عارم : هو شكله عامل ازاي ؟!
ضحكت ساخرة من نفسها ثم قالت : واحد زي القمر طول بعرض وباين عليه متريش من لبسه والعربية الي واقفة تحت البيت دي ...قالتها وهي تشير الي السيارة اسفل منزلهم ...
قامت من مكانها بسرعة لتنظر ولكن هالها ما رأت ...انها سيارته !! وكيف تنساها فهي دوما تراه وهويخرج منها صباح كل يوم ...كيف لها من الاساس ان تنسي شيئا ينتمي له ...ولكن كيف ؟؟!! أيعقل انه هو ؟؟!! أقد عرف ما حدث معها ؟؟!! أجفلها صوت زوجة ابيها وهي تقول : يلا يا ختي اطلعي شوفي عريس الهنا خلينا نخلص منك ومن قرفك ...
.......................................
لم تعرف كيف حملتها قدميها للخارج ....كانت تدعو الله في داخلها ان يكون ذلك ماهو سوي تشابه والا يكون هو فهي لن تتحمل ذلك ...لن تتحمل ان تتغير نظرته لها ...لن تتحمل نظرات الشفقة والاتهام في عينيه كما كانت مع سابقه ...يكفيها ألم وخذلان ...
كانت تمشي وعينيها مثبتتان علي الارض لا تقوي علي رفع نظرها ..ولكن اول ما تخلل حواسها هو رائحة عطره القوية التي كانت تأثرها ..انه هو وهي اصبحت متأكدة من ذلك ....أجلسوها معه بمفردهم كي يتحدثان ويري وجهها ..او بالاحري قبضوا ثمنها فصارت الان من ممتلكاته يفعل بها ما يشاء ليس من شأنهم الان ....
كان يتابعها بعينيه وهي آتية ...لم يري وجهها من قبل وكان في شوق لتلك اللحظة ولم يقلل شعور الضيق والاشمئزاز من الوجود مع شخص قذر كوالدها شغفه في رؤية وجه آسرته ...لم يستطيع ان يتبين ملامحها جيدا لانها كانت تنظر الي الارضية ولكن ما ان تركوهم سويا وجلست علي مقربة منه حتي صارت الرؤية واضحة له ....لكم هي بريئة وجميلة لا يعيبها سوي تلك الدموع التي تتلئلئ في مقلتيها العسليتين ....لكم ود الان ان يجذبها في احضانه ويمحو تلك القطرات التي تكويه وتعذب قلبه ...نظر لها بحنان بالغ وهو يقول : أمل ..عاملة ايه ؟!

أنتُهِكَ حقي بالحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن