اليوم ككلّ يوم، يخرج من منزله قاصدا عمله الذي يبعد شارعين عن منزله، و الذي هو إيصال البيتزا. كعادته منذ ما يقارب السّنتين، هو يخرج من منزله في العاشرة، و يذهب سيرا علي الأقدام إذ انّه لا يملك حتّى دراجة. يسير، و في مسيره يمر أمام نفس الأبنية، يرى نفس الأوجه، و ما تغير فقط هم الاطفال الذين يلعبون هنا و هناك قد ازدادوا طولا بانشات لا أكثر. هو قد اعتاد على هذه الأوجه، فهم من يقابلهم يوميًّا مذ طرد من منزل والديه. لما؟ لأن حلمه بعيد كل البعد عن حلم والديه المتشدّدين.
اعتاد و ألِف الجميع، الّا واحدًا، ليس و حده من يهابه، بل كل من في الحيّ يخافه. فتى قصير بعض الشّيء، وجهه أشبه بلوحة فنّيّة، ابيض كبياض الثّلج، و شعره ينافس الشّمس بلمعانه، ثغره منتفخ وردي اللّون كحبّة الكرز تغري المرء لتذوّقها، امّا عيناه فحادّة رغم رقّة منظرها و كانّه صقر في مهمّة صيد. رغم رقّة منظره، الّا أن هالة غموض خطرة تحيط به و تجعله يبدو كوحش كاسر.
كلما مرّ الفتى من أمام منزل ذلك الغامض، خطواته تسرع من تلقاء نفسها، لربما خوفا من نظراته الحارقة التي يتبعه بها، أو ربما ريبة مما يمكنه فعله إذا كانت نظراته وحدها تبدو قاتلة. و يصل اخيرًا إلى مكان عمله، حيث يأخذ الدّرّاجة النّارية و يضع فيها الطّلبات، ثم ينطلق لايصالها، حيث يوصل الطّلب الاوّل و يقف منتظرا نصف ساعة لأخذ ماله، و الطّلب الثّاني فيأخذ نصف السّعر بحجّة التّاخير، امّا الثّالث فلا يخرج الّا إذا أخرج القمامة معه، و هكذا، حيث يصل إلى نصف اليوم، و يعود إلى المطعم و يأكل الطّعام الذي يعدّه طاهي المطعم للعاملين في وقت الإستراحة. بعد أن ينهي طعامه، يعود لعمله في التّوصيل، هذا هو روتينه اليومي.
لكن في ذلك ليوم، كان عليه ايصاله الطّلب لذلك المنزل الذي لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه، منزل الفتى المريب، كابوسه و كابوس الكثيرين غيره. لكنه يونغي، و لن يجعل إشاعات مخيفة توقفه رغم أنه هو نفسه مرتاب منه.
حمل الطّلب، و أخذ الدرّاجة منطلقا إلى تلك الوجهة المخيفة. حين وصل، أخذ الطّلب، و وقف أمام الباب متردّدًا، لم يعرف إذا ما كان عليه أن يطرق الباب أو يضعه و يذهب، و ها هو أختار الخيار الثّاني بحجة انّه يحمل المال و سيدفع منه. كان على وشك فعل هذا حين فتح الباب و وقوف أمام موصل البيتزا ذلك الفتى المريب. ابتلع ماء ريقه بصعوبة، ثم قال:"طلبك سيدي."
◀▶◀▶◀▶◀▶◀▶◀▶◀▶◀▶◀▶◀▶هذه الصفحة الأولى...
أتمنى أن تنال هذه الرّواية اعجابكم...😊😊😊😊😊😊
كل عام و أنت بخير شوشو
أنت تقرأ
الجوهرة المميتة
Mystery / Thrillerلم أكتب أي شيء في الوصف سوى انّها للبالغين🔞. إذا لم تحبب هذا، أخرج بهدوء. إذا أحببت هذا، استمتع.