في الجنة ،
استرحت في ظلال هذه الأرض المباركة وأكلت من ثمارها من ما لذ وطاب. ثم اكملت مسيري فيها حتى وصلت الى اللب. كان فيه شجرة عملاقة ترقد في سلام. تبين لي من حلقاتها المكشوفة انها قد عاشت قروناً طويله، وبينما انا في غفلتي اناظرها أتى صوت من خلفي يقول:
"سلام يا غريب."
"من انت !؟ "
لقد كان رجلا يرتدي عباءة سوداء باهته وقبعة قديمة ذابله يخفي أسفلها هويته المجهولة، أزاح الرجل قبعته فكشف عن سماويتيه الفاتحة. كانت عيناه غائرة ، غائصة في جفونها وتنطق بالغموض. اما شفاتيه الرقيقة وإبتسامته المبهمة كانت تزرع شكاً في قلبي اتجاهه ! اقترب مني ببطء ثم اجاب عن سؤالي:
"ادعى فارقيس، يبدو أن الأقدار أرشدتك الى النعيم"
" ما هذا المكان ؟ "
" تريقالي ، هذا هو اسم الارض التي تطئ قدماك عليها."
" كيف وصلتَ الى هنا يا فارقيس ؟"
"هذه أرضي ، تريقالي هي بيتي ووطني وأهلي"
" . . . "
" ماذا عنك يا غريب ؟ كيف تمكنت من تجتاوز الغابة المحرمة ؟"
" لقد تكسر زورقي في النهر الهائج، وقذفتني مياهه الغاضبه الى الغابة وهناك بقيت ضائعاً لشهور حتى وصلت الى بيتك"
" بيتي، وبيتك كذلك. فهذه الارض تختار اَهلها بنفسها، وصولك لها لم يكن محظ مصادفه ! هنالك الكثير مِن مَن لقوا حتفهم عند حدود الغابة لكن النور إختارك، لتنجو وترى النعيم وسط ظلام الجحيم. رجاءً كن ممتناً لهذا يا غريب"
" صحيح، إن وصولي الى هنا كان معجزة وانا اقدر هذه النعمة. لكن لي اهل وموطن ينتظرني"
" انا اتفهمك ، لابد انك اشتقت لبيتك. وهذه الارض الخيرة ستدلك الطريق"أخذ الرجل حزمة من تراب تريقالي، واحكم قبضته عليها بشده ثم بسطها كل البسط.
فإذا بها تخرج متشكل على هيئة فراشات من تراب ينبض فيها الحياة وبحرية صارت تطير في السماء."الحق بتربة هذه الارض المباركة يا غريب وتذكر ان وطنك
الحقيقي 'تـريـقــالــي' سيكون دائماً في انتظارك متى ما أردت العودة"***
-نهاية الفصل الأول-
اسم الفصل: "كابوس"