صوت همهمات من هنا وبكاء أطفالٍ من هناك، منهم من يغط بنومٍ هادئ ومنهم من يقرأ كتاباً ما ومنهم ومنهم....
الجميع جالسٌ في مقعده بهدوء عدى عن تلك الفتاة الشقراء والتي ترتدي ذلك الزي الأزرق....
كانت تتحرك بين الركاب وتوزع ابتساماتها وترى احتياجاتهم حتى توقفت عند طفلٍ صغير تحمله أمه بين ذراعيها، بدأت تلاعبه فقد بدى عليها أنها تحب الأطفال كثيراً..
تركته بعد دقائق لترفع رأسها وتتحرك حيث رأتها، تلك الفتاة التي تلفت الانتباه بشكل غير اعتيادي، تقدمت قليلاً لتبصرها بشكل جيد تلك الفتاة ذات الشعر الأسود والتي تجلس قرب النافذة تنظر خلالها....
شرودها واضح بعينيها الزرقاء الداكنة ووجهها الحزين غير أنه بقي محافظاً على جماله.
- عفواً آنسة......... يا آنسة .
استفاقت مما تفكر به على ذلك الصوت الذي يناديها فأبعدت رأسها عن زجاج النافذة ثم حركت رأسها لتقابل عينيها من نادتها وقالت بصوت بغاية الهدوء:
- نعم ... هل هناك شيء؟
- كنت أريد سؤالك هل تحتاجين شيئاً؟
شقت ابتسامة صغيرة تكاد لا تظهر بين شفتيها عندما أجابت:
- لا.. شكراً لك.
- كما تشائين إن احتجتِ لشيء فأنا موجودة.
أومأت الفتاة الجالسة بالموافقة بهدوء.....
تحركت الفتاة الشقراء مبتعدة عنها وابتسامة صغيرة تعلو محياها..
تفكر بتلك الفتاة الغريبة التي تكلمت معها قبل ثوانٍ معدودة..
لا تعلم لماذا انتابها هذا الشعور للوهلة الأولى التي التقت عينيها بعيني تلك الفتاة....
رددت في نفسها: (يبدو أن حياتها مزدحمة، هذا ما أشعر به حيالها ولا أعلم لماذا.. وجدت بعينيها حزناً ظاهراً، ناهيك عن شرودها، وأكبر دليل هو أنها لم تسمعني في البداية مع أنني كررت كلامي عدة مرات، وشكل وجهها الملائكي الذي يخترقه ذلك الحزن)..
كانت تحدث نفسها وهي تنظر إليها من بعيد وقد لاحظت عودتها لوضعيتها السابقة...
تنهدت بهدوء وقالت بهمس:
- لدي شعور يخبرني أن هذا اللقاء ليس الأول والأخير بيني وتلك الفتاة.
أنت تقرأ
رماد تختبئ تحته النار
Mystery / Thrillerحياةٌ باتت رمادية غابرة لا تعرف معنى الازدهار، نيرانٌ متوهجة حاولت تغطيتها بذرات رمادٍ آملة أن تطفئها لعلها وعساها تنسى، لكن؟!... لمَ لا؟ لماذا لا يزال كل شيءٍ عالقاً في عقلها؟! هل هذا كلُ شيء؟ أن تبقى أسيرة الماضي!