الفصل العاشر....
وقفت تراقبه بصمت مكانها وتعابير وجهها تتشابه مع تعابيره، تجمع نظراتهما ذلك التفكير العميق لكن كل في عمقٍ مختلف أو لنقول في بحرٍ مختلف، لكل منهما تفكيره وتخطيطه المختلف، ولكن ماذا سينفع هذا؟ إن استمرا في الغوص أكثر فهل سيجدان القاع أم أن هذا ما زال بعيداً... لابد أنه ما زال بعيداً فهي تجهل الكثير الكثير عن هذا البحر وهو يتبع الوهم ليدله إلى الطريق الصحيح... لن يصل أي منهما إلى أي شيء خاصة هي لذا............
لقد قررت أخيراً.... صحيح أن الوقت متأخر جداً فالساعة توشك أن تتجاوز الثانية بعد منتصف الليل، هذا هو الأمر الذي دفعها للتسلل بهدوء من غرفتها عندما وجدت أنها غير محتجزة فيها الأمر الذي أثار تساؤلاتها... هل جيو مطمئن أنها لن تهرب في مثل هذا الوقت؟! لم تسأل نفسها كثيراً لأنها ستجد الاجابة حال خروجها من غرفتها ومباشرة قادتها قدماها إلى غرفة الجلوس وسط تلك الأضواء الخافتة والهدوء الذي كان ليكون أجمل لولا صوت الرياح في الخارج والتي تنبئ بهطول الأمطار في أي لحظة... إنه أول أيام فصل الشتاء... كانت لتحب هذا الفصل لو أنها لم تتعرض للمشاكل الكثيرة خلاله.. بالنسبة لفتاة دائمة الحساسية وهشة في مثل هذا الجو لابد أن يحصل هذا... حسناً لم تخض في ذكرياتها مع هذا الفصل فهناك أشياء أخرى أهم في ذاكرتها...
والآن ازدادت الرغبة بداخلها لمعرفة كل شيء الليلة بعد رؤيتها لــ جيو جالساً في غرفة المعيشة مقابلاً للتلفاز ومن الواضح أنه غير مكترث له مع أن جهاز التحكم بجواره وأحد الأفلام تعرض عليه.. لقد تعرفت على هذا الفيلم إنها تعشقه كثيراً... ابتسمت بداخلها مباشرة عندما تذكرت كيف كانت في مثل هذه الأوقات من الليل تجتمع مع غيلبيرت في غرفته ليشاهدا الأفلام ولا يلبثان طويلاً حتى يتفاجآ بوجود يولاند معهما في الغرفة وكيف كان يدخل بتلك الطرق المرعبة في كل مرة يأتي فيها إليهما وكيف كانوا يستمتعون معاً في تلك الأيام.... توقفت عن التذكر عند هذا الحد والسعادة العابرة التي اعتلتها اختفت كلياً... أغمضت عينيها واستنشقت الهواء بهدوء وعادت تخرجه على شكل تنهدات وقد قررت الإعلان عن قدومها فتعمدت اصدار أصوات لوقع خطواتها على الأرض لكن هذا لم ينفع في لفت انتباهه... فكرت، لا بد أنه مستغرق بالتفكير لدرجة لا تجعله ينتبه لها لكن ما الذي يشغل تفكيره إلى هذا الحد؟ ما أكد لها على أن الموضوع هام بنظره وقد أرهقه التفكير به هي وضعية جلوسه... مغمضٌ عينيه بدون حركة ويده مستقرة على جبينه، نظرت إليه باهتمام وحدقت بملامح وجهه وخصل شعره المبعثرة على الأريكة.. جل ما يهمها الآن هو معرفة الأمر الذي يشغل باله... متأكدة أنه ليس نائماً مع أن هيئته تخبر بذلك فهو يرجع رأسه للخلف وعيناه اللتان لا تتحركان وكذلك تنفسه المنتظم....
لم تصدر أصواتاً اضافية وتوقفت على بعد خطوتين منه واستمرت بالتحديق به بهدوء بينما عقلها يغوص في التفكير ليصبح وجهها بلا تعابير تدل على ما تفكر به هي الأخرى....
أنت تقرأ
رماد تختبئ تحته النار
Mystery / Thrillerحياةٌ باتت رمادية غابرة لا تعرف معنى الازدهار، نيرانٌ متوهجة حاولت تغطيتها بذرات رمادٍ آملة أن تطفئها لعلها وعساها تنسى، لكن؟!... لمَ لا؟ لماذا لا يزال كل شيءٍ عالقاً في عقلها؟! هل هذا كلُ شيء؟ أن تبقى أسيرة الماضي!