الفصل 6

1.3K 148 24
                                    

برد .. برد شديد ... بياض ناصع .. جليد متجمد .. وجه شاحب .. ثياب داكنة ...
لم يتغير شيء في هذا الكهف كما كان قبل اربعين عاما .. ذلك التابوت الزجاجي الذي يتوسط الجليد و يحمل ذلك الجسد الصغير الساكن ... صاحب الروح التائهة و القلب الميت...
انه زينون كما كان عاد ليجده كما تركه .. يبدو بريئا جدا في نومه الابدي ذلك و كأنه مسكين حكم عليه ظلما...
و كأنه لم يرتكب خطأ واحدا طوال حياته و كأنه لم يكن مسؤول عن مجزرة ادت الى مقتل الاف الارواح...
اقترب منه بخطوات بطيئه و مرر يده على سطح التابوت كأنه يتلمس بشرته البيضاء الباهتة ...
يا له من طفل ... طفل ؟؟؟ .... هذا صحيح انه طفل ... كان يجب أن يتعامل كارلوس معه منذ البدايه كطفل و يعلمه الصحيح من الخطا و لكنه كان يتغاضى عن كل شيء كأنه لم يرى شيئا كان يعلم ميول زينون الغير مسيطر عليه في التعذيب و الدم ... و لكنه كان يتغاضى عن الامر فقط لانه كان يخشى أن يخسر ما ضحى لاجله ليحظى بذلك المولود النادر و الفريد و لكي يحظى بالقوة لا متناهية و اللاحدود لها لحمايته و الحفاظ على مركزه الى الابد ... حتى انه فكر في جعل زينون يقضي على ابنه الاخر زيروس كي لا يزاحمه احد على الحكم مطلقا فهو يؤمن أن هذه الارض ملكه و هكذا ستظل ...
همس بصوت رقيق جدا لا يعهد في اصوات الزعماء الاشاوس الاقوياء بينما يداه لا تزال تتمرر بهدوء على سطح التابوت و عيناه الشاردتان لا تفارقان النظر الى وجه ابنه الملائكي :
_" مر وقت طويل عزيزي ... و لكنك لا تزال كما كنت لم تتغير مطلقا يا صغيري انت تحمل هذه النظرات البريئة و انت نائم بينما تصير مخيفة لدرجة تقشعر لها الابدان و انت صاحي ... لقد اشتقت لك يا عزيزي الصغير فهل اشتقت لي انت ايضا ... هل اشتقت للوقوف الى جانبي بينما اسير وسط الممرات و الجميع ينحني لي باحترام و اجلال ... هل اشتقت لقدومي الى غرفتك لاتاكد من انك نائم و لم تفر كالعادة الى سجون القلعة باحثا عن متعة جديدة هل تعي أن افعالك تلك هي سبب نومك الابدي هذا فبسببها اضطررت لاتخاذ هذا القرار المرير ... و انا الان محتار جدا بين ايقاظك و بين تركك لعقابك ... لا اعلم ما افعل أخشى أن اوقظك فاندم و أخشى أن لم اوقظك أن اندم ... انا الان في حالة لا احسد عليها لا اعرف ما يجب فعله. "
تنهد ثم ابتعد عن التابوت و جال بنظره في المكان كأنه يفكر للمرة الاخيرة في قراره قبل أن يتخذه و لكنه تحدث بصوت رزين و واثق:
_" لقد اتخذت قراري و لا يجب أن اتراجع الان في كل الأحوال ستنتهي حياتي على يد احد أبنائي فلما لا احاول "
اخرج خنجرا من جيبه بدا عتيقا و قديما للغاية يحمل جواهر مشعة بالوان الدماء و الظلام فالنور لا يعرف طريقا لارواح الشياطين كما ينعتهم البشر ... دفع سطح التابوت ليفتح ثم احدث جرحا في يده لتنهمر دماءه برتابة على معصمه قربه اكثر من شفتي ابنه لتتساقط احدى القطرات عليها و تتخلل تلك الجافتان المتعطشتان كصحراء قاحلة ... لتفتح عينيه الحادتين تبعث شررا مخيفا في ذلك الكهف كعيني ذئب مفترس انقذ مباشرة على فريسته ... قبض على معصمه والده و عضه مباشرة بلا مقدمات او حوارات ...
تعطشه للدماء طوال سنوات سجنه هنا لن يستطيع أن يروي ظمأه بسهولة هذا ما توقعه كارلوس الذي لم يستطع سحب يده او ابعاده عنه فشعر و كأن الارض على استعداد لاستقبال جسده المنهك و خائر القوى و لكن في اللحظات الاخيرة انسحب زينون ببطء شديد كأنه صار يعي ما يفعل ... رفع زمرديتيه بهدوء شديد نحو والده تبادلا النظرات لوقت طويل قبل أن يلعق زينون شفتيه و يمرر لسانه على معصم والده يمسح عنه الدماء ... ظل ممسكا اياه ثم قال:
_" مر وقت طويل والدي العزيز "
حدق كارلوس في عيني ابنه التي لم توحي باي مشاعر ليستنتج أن زينون بالفعل قد تغير و فقد احساسه بكل شيء و لم تكن تلك مجرد نزوة عابرة كما ظنها... ما حدث قبل سنوات عندما اعترف له زينون انه لم يعد يشعر بالمتعة التي كان يحس بها عند تعذيب ضحاياه و قتلهم...
رفع يده بقليل من التردد و كان يريد أن يمررها على راس صغيره و تفاجا بزينون يدفع براسه الى يده يبحث عن تلك الحركات البسيطة منه...
_" ابي تبدو مرتبكا و متوترا على غير العاده ... هذا لا يليق بزعيم مصاصي الدماء "
_" في الحقيقة انا ... "
فقاطعه زينون قبل أن يكمل كلامه :
_" امون لم يستحق الثقة منذ البدايه ... لقد كان امر تمرده و خيانته مجرد شيء مرهون بالوقت ... فابنه سيفيروس قد تربى في المجلس على يد السيدة راسيلا كما تعلم ... "
تفاجا كارلوس كثيرا مما جاء به زينون ليساله مباشرة و هو يسحب يده من راسه:
_" كيف علمت بهذا ؟ "
فاعاد زينون يد كارلوس الى راسه واجابه :
_" انا ابنك يا والدي احمل دماء عائلة كولينز في النهايه حتى و أن كانت مختلطة مع دماء بشرية ... الايستطيع افراد عائلة كولينز قراءة الافكار لمجرد تذوق دماء ضحاياهم؟ "
_" بلى كلامك صحيح ... اذن فقد استطاعت قراءة افكاري قبل قليل "
_" اجل و جزء من ذاكرتك كذلك ... في الحقيقة بما انك ضحيت و ايقظتني من سباتي رغم انك تعلم عواقب ذلك فانا يجب أن لا اخفي عنك شيء اليس كذلك ؟ لقد كنت اعلم أن امون منذ البدايه موالي السيدة راسيلا فعندما فقدت السيطرة في القلعة و تقاتلت مع امون أحدثت جرحا في عنقه تذوقت دماءه و رايت ماضيه و اكتشفت ما اخفاه من حقائق ... في الحقيقة لهذا عندما قمتما كلاكما بسجني هنا سحبت جزءا من قوته اضافة الى ذاكرته المتعلقة بي فانا في النهايه لم ارد أن يفضح امرك او يؤذيك اذا ما نقل حقيقة وجودي الى السيدة ... "
دفع زينون نفسه اكثر الى احضان والده و هو ينطق بآخر كلماته ثم قال :
_" انا اسف ابي لاني لم اكن معك لاحمي مشاعرك من خيانة صديقك ... "
وضع يده على صدر والده ثم قال :
_" فأنا أشعر بأن شيئا ما هنا يصدر صوتا مزعجا عندما ذكرت هذا الموضوع ... أضن أنه ما يسميه البشر القلب مصدر للمشاعر و هو يسبب الالم في بعض الأحيان في حالات الخيانة أضن بأن مصاصي الدماء ايضا يمتلكونه و لكنني لا امتلك واحدا حسب ما أضن "
ابعده كارلوس عنه قليلا ثم قال :"
_ لا داعي لتعتذر يا زينون ففي النهاية انا من سجنك هنا لسنوات طويله و لم اوقظك الا الان "
_" هذا لم يكن ذنبك يا والدي فانا نفسي لا استطيع السيطرة على نفسي و خشيت كثيرا أن اؤذيك بدل أن احميك كما وعدتك "
صمت كارلوس قليلا كأنه كان ينتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر ... اللحظة التي يطلب فيها من زينون ولائه التام ... ليقول بصوت حاول أن يكون حنونا قدر الامكان :"
_ زينون انت تريد حمايتي بالفعل ؟ "
_" طبعا ابي "
هكذا اجابه و هو يدفن نفسه اكثر في حضن والده بدلال ... فتابع والده قائلا :
_" اذن هل تصير احد العرابين العشرة إن طلبت منك ذلك؟ "
لم تتغير ملامحه الطفولية مطلقا ة اجابه بابتسامة صغيرة:
_" اذا كان هذا سيفرحك فانا سافعل "
لم يتخيل كارلوس أن هذا سيكون سريعا و سلسلا لهذا الحد لم يتخيل أن زينون سيقبل ببساطة بهذا الشكل رغم أن تصرفاته كانت دائما لا يمكن توقعها
_" هل انت متاكد ؟ انت تعلم انك لا يمكن ابدا أن تتراجع عن هذا القرار "
_" انا اريد ان ابقى الى جانبك دائما و احميك "
ابتعد عن والده ثم قال :
_" هل تريدني ان اؤدي القسم الان و هنا فأنا مستعد "
عانقه كارلوس بسعادة شديدة و قد كان متاكد انه لن يندم ابدا على إيقاظ زينون بعد الذي سمعه ... بل انه الان صار متاكد من انه سيصبح لا يقهر بوجود زينون الى جانبه ...
.
.
.
....to be continued......
.
.
.
ارجو ان الفصل قد نال اعجابكم 😍😍😘
أراكم لاحقا مع فصل جديد الى اللقاء

bloody nights 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن