سقط من عينيها
الجزء الثانيبعد مرور ست سنوات في بيت فاطمة صديقة سهير وجارتها
احتفلت سهير بعيد ميلاد حياة السادس بصحبة صديقتيها فاطمة وإيمان وكذلك أحمد ومنار أبناء إيمان
ـ سهير بسعادة: ربنا ما يحرمني منكم كل سنة بتصمموا تعملوا لحياة عيد ميلادها عندكم.
ـ إيمان بحب: احنا مش بنحتفل بعيد ميلاد حياة وبس، احنا بنحتفل بصداقتنا اللي ابتدات في اليوم ده.
ـ فاطمة بضحك: أما ده كان حتة يوم، أنا وإيمان كنا قاعدين نرغى كالعادة، وفجأة سمعنا صوات جامد ولما قلت لها أن اللي سكنت جنبنا جديد في البيت المهجور هي اللي بتصوت، نقح عليها عرق حرية المرأة وشغل الجمعيات النسائية بتاعتها، وقالت أن أكيد جوزك بيضربك، وخرجت جري وأنا جريت وراها عشان ألحقها قبل ما تخانقه، أول ما دخلنا لاقيناكي نايمة على السرير بتصرخي من طلق الولادة، وجوزك قاعد تحت رجليكي على الأرض ماسك أيديك يبوسها ويعيط، وست إيمان اللي كانت جاية تخانقه قعدت تهديه.
ـ إيمان ضاحكة: ولا ست فاطمة، اللي كانت عماله تهديني وتقولي ما ترحيش هو حر مع مراته، راحت مزعقه له وقالت له { يعنى عياطك هو اللي هيولدها} وطردته بره الأوضة
ـ سهير بحب: ربنا يخليكم ليا أنتم الاتنين لولاكم كنت مت أنا وبنتي ساعتها، ولدتوني، وساعدتوني، وما سبتونيش لوحدي من ساعتها.
ـ فاطمة بحب: ربنا ما يحرمنا من بعض.
رددت إيمان وسهير: آمين.
ـ إيمان باهتمام: أوعى تنسى السنة دي أول ما يفتح باب التقديم للمدارس تقدمي لحياة علطول.
ـ سهير بلهفة: هي دي حاجة تتنسي، ده أنا محضرة الملف ومستنية يتفتح باب التقديم، ده طول الوقت بأحلم باليوم اللى تتخرج فيه من الجامعة وتحقق هي حلم حياتي اللي ماقدرتش أحققه.
ـ إيمان بعتاب: وليه هي اللي تحققه، ما تحقيقه أنت.
ـ سهير بآسى: تاني يا إيمان، ما انا حكيت لكم كل حاجة وعارفين ظروفي، واللي عمله سامى ربنا يهديه.
ـ إيمان بهدوء: عارفه حكايتكم انتم الاتنين اه ، لكن بصراحة مصدومة من رد فعلكم.
ـ فاطمة بابتسامة: وأنا مالي بس أنا أتكلمت دلوقتي.
ـ إيمان بزجر: ده أنت الأزمة الكبيرة، يعني كنتي مدرسة عربي لثانوي بنات، ودارسه دراسات إسلاميه، وأول ما باباكي طلق مامتك وأتجوز عيلة صغيرة ومامتك تعبت بسببه، كل اللي عملتيه أنك استقالتي وقعدتي تخدمي مامتك وفتحتي البيت مقراءة تحفظي البنات قرءان عشان تعرفي تصرفي على علاج مامتك.
سهير بدهشة: وهى كده غلط!
إيمان بحزم: طبعا، الهانم كانت بتعلم بناتنا أيه، أنهم يهربوا من مواجهة مشاكلهم، طيب في دراساتها الإسلامية، مسمعتش أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وأنك تنصر الظالم برده عن ظلمه، ليه ما واجهتش باباها وطلبت منه يتحمل مسئوليته ويصرف عليها وعلى والدتها وخدت منه حقوقهم.
سهير باقتناع: ما هي راحت له ومراته طردتها كنتي عايزها تشتكيه يعني، حرام طبعا.
إيمان باستنكار: مين اللي قال أنه حرام، تفريطك في حقك هو اللي حرام، أيام النبي عليه الصلاة والسلام، واحدة أسمها خنساء بنت خذام اشتكت أبوها أنه جوزها بدون إرادتها النبي مقالش حرام تشتكي أبوكي، لا حكم لها بإبطال عقد الزواج، والأغرب أنها اعترضت وقالت أنها موافقة على الجواز بس كانت بتثبت حق المرأة في اختيار زوجها، والنبي ملمش عليها تضيع وقته، وموقفها بقى سند لكل نساء المسلمين بعدها.
فاطمة بحزن: خلاص بقى اهو مات بعد ما كتب كل حاجة للعروسة، وهو دلوقتي بين أيادي الله.
إيمان بانفعال: ماشي، لكن أتعلمنا من غلطنا، أبدا، بعد ما تعرفنا على سهير وعرفنا حكايتها، قلت لكم اكلم سامح عم الولاد، اهو محامى في مجال حقوق المرأة وبيعرف يتعامل كويس مع سامي وأشكاله، خوفتوا، وهى أختارت أن هي وبنتها يحفظوا عندك قرأن عشان بنتها تعرف دينها وحقوقها، طبعا ده صح جدا ومعنديش أي اعتراض، لكن على خط موازي كان لازم تنفذ الأوامر اللي حفظتها بالقرأن، يعنى تقرن العلم بالعمل زى ما ربنا امرنا.
ـ سهير بحيرة: مش فاهمه.
ـ إيمان بهدوء: مش أنت برضه حفظتي سورة الرعد.
ـ سهير بتلقائية: من زمان.
إيمان بهدوء: كويس، ليه بقى ما فكرتيش في قوله الكريم { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } يعنى بدل ما أنت كل همك أنك تبنى شخصية بنتك، أبنى معها شخصيتك أنت كمان وأتغيري علشان ربنا يغير حالك.
ـ فاطمة بحيرة: تعمل أيه يعنى.
إيمان مداعبة: بلاش البعبع بتاع المواجهة دلوقتى بما أن قلبكم خفيف، لكن ليه منتظرة حياة تحقق لها حلمها بالتعليم، ليه متكملش هى تعليمها، واحنا نساعدها.
ت سهير بتردد: ياريت، بس ما فتكرش أن فاروق هيوافق، أنا حاولت معه كتير من يوم ما جينا هنا أنه ينسى اللي فات ويعرف أننا بقينا أحرار ومسئولين عن حياتنا، بس هو دايما قبل أى قرار بيفكر في رأي سامي وكأننا لسه عايشين عنده، أنا عارفة أنه غصب عنه بس خايفة بطريقته دي يأثر على حياة وشخصيتها.
فاطمة بتشجيع: ربنا يهديه، بس هو كمان بيموت فيكي وما بيرضاش يزعلك [مشاكسة لإيمان] هي دي الأفكار واضح أن دماغك ما بتشتغلش إلا والباشمهندس راجع بالسلامة، طبعا من بعد بكره هنرتاح منك أسبوع لغاية ما يرجع الموقع تاني
إيمان بحب: طبعا وإياك حد فيكم يرن حتى عليا ده هو أسبوع إجازة يتيم كل شهر، ده بيوحشني قوي.
سهير بحب: ربنا يخليكم لبعض.
إيمان بلهفة وصراخ: آمين.
ليضحكنا على لهفتها
***********************
في بيت سهير
ـ سهير بدلال: فاروق، عايزة أطلب منك طلب.
ـ فاروق بحب: أنت متطلبيش، أنت تأمرى يا عيون فاروق.
ـ سهير بابتسامة: عايزة أقدم ورقى وأرجع أكمل تعليمي.
ـ فاروق بذعر: يا نهار أسود، أنت عارفة سي سامي ممكن يعمل أيه لو عرف بحاجة زى دي.
ـ سهير بحده : أولا أسمه سامى مش سي سامي، وبعدين أنت بتخاف منه ليه، هو ماله ومالنا، أنا مراتك أنت، وبطلب منك أنت، ولو على الفلوس أنا شايله قرشين ومش هاطلب منك حاجة.
ـ فاروق بانكسار : بخاف منه زى ما أتعودت طول عمري، وأنت عارفه أن البيت والأرض طالعين من عينيه وما هيصدق نعمل حاجه زى دي عشان يتلكك لنا ويرجعنا نعيش تحت عينيه ونرجع للغلب اللي كنا فيه، وأنا عمري ما أتكلم على فلوس لان المال كله مالك وأنا عايش من خيرك، وعارف كويس أني أجير في أرضك وبس.
سهير بندم : آسفة والله ما قصدت أضايقك، أنت عارف أن طول عمري نفسي أكمل تعليمي، وكان نفسي أبقى حاجة كبيرة قوى، وبعدين أنت جوزي وأبو بنتي وعيلتي كلها، ولو سمعتك بتقول على نفسك أجير عندي تاني، هاخصمك ومش هاكلمك تاني أبدا.
ـ فاروق بحب : وأنا أقدر على خصام الغاليه أم حياة، بس زى ما فهمتك والله سامي ما هيسكت على حاجة زى دي.
ـ سهير بضيق: حرام كده يا فاروق، أنت ليه معذب نفسك برضاه، أنت زيك زيه [بحنان] لا والله أنت كمان أحسن منه كفاية طيبتك وحنية قلبك، بس لو تبطل تفكر فيه وتفكر في مصلحتنا كنا نبقى أسعد عيلة في الدنيا.
ـ فاروق بحب: أنا فعلا أسعد رجل فى الدنيا كلها من يوم ما اتجوزتك، وعارف أن دي نعمة أنا ما أستهلهاش، وأني تعبتك معي بطبعي ده وقليت منك كتير، بس والله غصب عنى يا ست الناس، أنا بأسمعك وأنت بتكبري بي قلبي بيطير من الفرحة وببقى عايز أبقى قد اللي بتطلبيه مني، بس أول ما عقلي بيفكر اللي ممكن سي سامي يعمله في لما يعرف أنى عملت حاجة تضايقه ما بقدرش وبافتكر عم الست لما علقني في الشجرة وأنا ابن ثمان سنين عشان مسمعتش الكلام.
ـ سهير بعطف: أنا أسف يا فاروق أنا مكنتش عايزة أقلب عليك المواجع، بس أنت مش عارف الفرحة اللي في قلبي لما أتخيلت أني ممكن أرجع أتعلم [صمتت لحظات للتفكير ثم صاحت بأمل] خلاص لاقيتها، أنا هقدم ورقي منازل في مدرسة بعيد عن هنا، وما نقولش لحد، وساعة الامتحانات توديني وتجيبني وكأننا في مشوار أو بنكشف عند دكتور، عشان خاطري يا فاروق، لو بتحبني.
ـ فاروق بتنهد: لو بحبك، ما عاش ولا كان اللي يرفض لك طلب، اللي أنت عايزه هيكون وربنا يستر.
***********************
مرت ثلاث سنوات أخرى سعيدة بحياة سهير حصلت على الثانوية بفضل دعم صديقتيها، وحفظت القرآن كاملا هي وأبنتها التي حرصت على تنشئتها تنشئة صحيحة قائمة على الحوار وتحمل المسئولية، فتتصرف الفتاة ذات التسع أعوام بحكمه ونضج يفوق سنوات عمرها، وحاولت حياة أقناع زوجها بأن تلتحق بالجامعة، ولكنه عارض بشدة خوفا من بطش أخيها خاصة بعد وفاة عمها جابر، فالجامعة ليست بقريتهم وستحتاج للسفر وسيعرف أخاها بما كتماه من أمر رجوعها للتعليم وحصولها على الثانوية العامة، فسكتت على مضض خاصة بعد أن يئست من تغييره بعد أن باءت كل محاولاتها لبث الثقة بنفسه للفشل فهو على الرغم من مرور من ما يقرب العشر سنوات بعيدا عن سطوة شقيقها إلا أن زوجها مازال يرتعد من مجرد ذكر أسمه كم أنها قد لاحظت حزنه بعد حصولها على الثانوية لازدياد الفوارق بينهم لصالحها كالعادة فلم تشأ بأن تزيد من ألمه وتقوقعه.
***********************
بعد سنتين في منزل سهير
فاروق يحتضن سهير التي تبكى وتنتحب بانهيار
ـ فاروق بحزن: أهدي بقى يا قلبي، مش قادر أشوفك كده، البقاء لله، دى نهايتنا كلنا.
ـ سهير وهى ترتجف بين يديه: مش مصدقة أنها راحت قدام عينيا، وما أقدرتش أساعدها.
ـ فاروق بحنان: هتساعديها أزاي بس، دي عربية اللي موتتها، يعنى كنتي هتقدري توقفيها، احمدي ربنا أنك خرجتي من الحادثة سالمة، أنا وبنتك ما نقدرش نعيش من غيرك.
ـ سهير باكية: وهى ولادها هيعيشوا إزاي من بعدها، ده حتى تليفونها راح في الحادثة، ودفناها من غير من نبلغ حد من أهلها حتى جوزها وابنها اللي في الجامعة ميعرفوش أنها ماتت، أبنها جاي بكره الخميس مش عارفة هيعمل أيه، وربنا يستر علي جوزها لما يرجع بعد عشر أيام، دول كانوا بيحبوا بعض قوي.
***********************
بعد تسعة أيام ببيت فاطمة
فاطمة بحزن : عملتي أيه؟
سهير بآسى: رجعتهم بيتهم، ما يصحش أستنى راجل غريب في بيته فخليت فاروق يقعد معهم يستنى أبوهم يشرح له اللي حصل، وسيبت لهم أكل يكفيهم الأسبوع الأجازة، لغاية ما يشوف هيتصرف أزاي، ربنا يعينه.
ـ فاطمة بحزن: طبعا أنت مستغربة أنا ليه صممت أن ولاد الغالية يقعدوا عندك أنت، زى ما أنت عارفة، أنا فاتنى قطر الجواز وأنا بخدم أمى الله يرحمها، واحنا فى الأرياف لو خليت ولاده عندي يبقى برسم على جواز، ولو جه يسأل عنهم ولا حاجة، هتبقى سمعتي في الأرض، لكن أنت عايشة مع جوزك وبنتك ربنا يخليهم لك، ومحدش يقدر يجيب سيرتك، ده غير أن أحمد هيسافر لكليته ووجود منار مع حياة هيهون عليها شوية، أنت عارفة هما متعلقين ببعض قد أيه.
***********************
في بيت سهير
ـ فاروق بحنان: عملت زى ما قلتي أستنيته وسلمته العيال، وحكيت له اللي حصل، وفهمته أن منار فى عيننا لو عايز يسيبها، وأن مش هينقصها حاجة، ويبقى يتصل ويسألها ولو لاقنا مقصرين يأخدها.
ـ سهير باهتمام: والولاد حالتهم أزاي.
ـ فاروق بتأثر: أول ما شافوه ماتوا من العياط، وهو لما عرف كان هيتجنن.
ـ سهير بحزن: ربنا يصبرهم.
***********************
بعد مرور شهر فى بيت سهير
ـ مصطفى بحرج: بجد أنا مش عارف أقولكم أيه، أنتم وقفتم معايا أكتر من الأخوات، أنا عارف أنى هتقل عليكم، بس أنا اضطريت أوافق أسيبها، زي ما المدام صممت، لأن ما ينفعش أخدها معايا والامتحانات قربت، ولا هقدر أسيب شغلي أكتر من كده وأقعد معها.
ـ فاروق بصدق: مفيش داعي للكلام ده، دي سهير كانت هتتجنن لو كنت خدتها، أنت ما تعرفش غلاوة المرحومة وولادها عندها.
ـ مصطفى بامتنان: لا عارف، إيمان الله يرحمها ماكنتش بتبطل كلام عن المدام والأستاذة فاطمة، ده غير اللي بيحكيه الولاد عن الأسبوع اللي مكنتش موجود فيه، ومعاملتكم ليهم، ربنا يكرمكم ، بس زى ما اتفقت مع حضرتك، أنا هادفع مصاريف بنتي بالكامل، وكفاية قوي أنكم رفضتم تاخدوا مصاريفهم الفترة اللى فاتت.
ـ فاروق بعتاب: عيب الكلام ده يا باشمهندس، ده لولا ا ن ده شرطك عشان تسيبها، احنا كان مستحيل كنا نقبل ناخد ثمن ضيافتها.
ـ مصطفى شاكرا: كتر خيركم، وانا هاظبط أموري في أقرب وقت وهارجع أخدها.
ـ فاروق بصدق: براحتك، وربنا يقويك ويصبر قلبك.
***********************
بعد مرور ست أشهر وأنتهاء السنه الدراسة
ـ فاروق بترحيب: الدنيا كلها نورت ياسي سامي.
ـ سامي بتعالي: شكرا، وانت يا سهير موحشتيكيش، تقولي أروح أشوف أخويا.
ـ سهير بفتور: طبعا وحشتنى، نورت البيت.
ـ سامي بغموض: أدينا هنقرب البعيد، وهتيجى عندنا كتير، ولا بنتك كمان مش هتوحشك.
ـ سهير بتوتر: بنتى، مش فاهمة.
ـ سامي هازئا: مانا جاي طالب أيد بنتك لطاهر أبني، و أكيد هتيجى كتير تشوفيها ونشوفك.
ـ سهير بذهول: حياة بنتي اللي عندها تلاتاشر سنه وفى تانية أعدادي، لأبنك اللى عنده أربعه وعشرين ومتجوز ومخلف، وخرج من المدرسة من رابعة ابتدائى.
ـ سامى هازئا: أيه ابتدائي وإعدادى، هو هيتوظف ولا هيتجوز، وكونه متجوز ده حقه بدل الواحدة أربعة.
ـ سهير بحده: يتجوز أي حد إلا بنتي أنا مش موافقة.
ـ سامي متهكما: ومين طلب موافقتك، ومن أمتى الحريم كان ليها رأى، أنا بكلم أبوها، ولا أنت رافض نسبي يا فاروق.
ـ فاروق بسرعه : وانا أطول ده أنا يحصلي الشرف.
ـ سهير بحده : أنت بتقول أيه!
ـ سامى بتحدى: يقول اللى هو عايزه، هو وكيلها والمسئول عنكم أنت الاتنين وأنتم عليكم السمع والطاعة، الشهر الجاي تجيبهم وتيجي عشان كتب الكتاب.
ـ فاروق بخنوع: حاضر ياسي سامي.
خرج سامى ليخرج وراءه فاروق مهرولا مرددا لعبارات الترحيب
وعاد ليجدها مازالت تحت تأثير الصدمة
فاروق بتوتر: مالك بس يا سهير
ـ سهير بذهول: مالي، أنت وافقت تجوز بنتك لواحد أكبر منها بكتير، جاهل ومتجوز ومخلف، وبتسألني مالك.
ـ فاروق بخضوع: وأنا كنت أقدر أرفض، ده سي سامي.
ـ سهير بحدة: سيدك أنت لأنك وافقت تبقى عبد، لكن لا سيدي ولا سيد بنتي، وبقولك أهو الجوازة دي لا يمكن تتم، وأعمل حسابك من النهارده هتنام في المضيفة ملكش مكان في حياتنا بعد كده.
ـ فاروق بحزن: كده يا سهير بتطرديني هي دي الأصول.
ـ سهير بصياح غاضب: دلوقتى بتتكلم عن الأصول، وهى جوازة زى دى أصول، والطريقة اللى طلبها بها أصول، ولما احنا اللي هنروح ببنتنا للعريس في بيته دي أصول، وخوفك وجبنك وأنك عمرك ما كنت سند ولا ضهر دي أصول، تلاتاشر سنة وأنا باحاول أفهمك أن الوضع أتغير وأن سامي أخو مراتك اللي ليها حق عنده، يعنى هو اللي مكسور لنا لكن رضاك بالذل هو اللي ضيع حقي وسامحتك، لكن دلوقتي ضعفك هيضيع بنتي، وده اللي لا يمكن أسامح فيه، أخرج يا فاروق، أخرج مش عايزة أجرحك أكتر من كده.
***********************
بعد أسبوعين من محاولتها للضغط على فاروق لرفض هذه الزيجة تأكدت أنه لا فائدة مرجوة منه فخوفه من سامي أكبر بكثير من رغبته بإرضاءها، فعلمت أنه لا حل سوى الهرب منهم جميعا فهي لن تترك أبنتها تحيا خادمة لنوال لتتكرر معها نفس مأساة طفولتها
***********************
في منزل سهير
ـ سهير بتوتر: منار هاتى تليفونك يا حبيبتي وأطلبي بابا أنا عايزة أكلمه.
ـ منار بأدب: أتفضلي يا طنط.
ـ سهير بحرج: السلام عليكم يا باشمهندس.
ـ مصطفى بلهفة: وعليكم السلام، أيوه يا مدام سهير منار حصلها حاجة؟
ـ سهير باضطراب: لا منار بخير، انت مخضوض كده ليه.
ـ مصطفى زافرا براحة: أسف، بس مش متعود أن حضرتك تكلمينى.
ـ سهير بخجل: أنا أسفة بس الموضوع مهم.
ـ مصطفى باحترام: لا أبدا أنا تحت أمر حضرتك.
ـ سهير بحرج: أنا محتاجة حضرتك تيجى أو تبعت حد يا خد منار.
ـ مصطفى بارتباك : أنا أسف أنا عارف أنى تقلت عليكي بس أنا كنت ناوي الأجازة دي أخدها وأنا ماشي.
ـ سهير باستنكار: أيه اللي حضرتك بتقوله ده، الموضوع مش كده خالص، أنا عندي ظروف عائلية وهاضطر أمشي، ومينفعش أسيبها لوحدها، وفاطمة فى العمرة، وبعد أذنك أنا هاخد نمرة حضرتك، وأول ما أستقر في مكان هبقى أتصل أطمن على الولاد.
ـ مصطفى بحرج: أنا أسف مش قصدي أضايقك، بس ممكن أعرف أيه الظروف اللي عندك يمكن أقدر أساعدك، يمكن أرد لك جزء من أفضالك على ولادي.
لم تتمالك سهير نفسها من شدة ما تعانيه فأخذت تبكى وتنتحب فحاول تهدئتها و أصر على معرفة الأمر فشرحت له الموقف بكلمات سريعة موجزة وأخبرته بقرارها بالفرار بابنتها ولكنها حدثته لأنها لم تستطع ترك منار بمفردها.
ـ مصطفى بتعقل: الهروب مش حل، انا جاى بعد خمس أيام، وهتكلم مع أخوكى وجوزك، وأكيد هاعرف أقنعهم.
ـ سهير منتحبة: بأقول لحضرتك كتب الكتاب بعد خمس أيام واحنا المفروض هنسافر عندهم بعد بكرة، يعنى لازم امشي بكرة بالكتير، عامه متقلقش على بنتك أنا هوديها عند الست اللي بتنضف لي البيت وهاديها فلوس كتير، واقلها تخليها عندها خمس أيام لحد ما أنت ترجع.
ـ مصطفى بصدق: أنت وحياة كمان تهموني، أنت عارفة هتروحى فين.
ـ سهير بحيرة: مش عارفة، بس أنا معايا مبلغ معقول، هاصرف أمورى وربنا يسهلها بعدين.
ـ مصطفى بإقناع: طيب أنا عندي حل، بدل مش مجهزة هتروحى فين خليكي مستخبية في شقتي، وأنا هاحاول أجي في أقرب وقت ممكن، ونشوف هنعمل أيه عشان أطمن عليكم أنتم الأتنين.
ـ سهير بتردد: هافكر وهشوف هاعمل أيه وهرد على حضرتك.
فكرت سهير ووجدت أن فكرته لا بأس بها خاصة وهى لا تعرف إلى أين ستذهب، وقد يستطيع مساعدتها فشقيقه كما أخبرتها إيمان يعمل كمحامى متطاوع للدفاع في قضايا المرأة، فتركت منار بشقة والدها وأخبرت فاروق أن مصطفى بعث بمن يأخذ أبنته وأنها ستستعد للسفر معه غدا، حاول استمالتها لتتركه يعود للمنزل لهذه الليلة ولكنها أصرت على موقفها، وبعدما خلد للنوم تسللت ومعها أبنتها وذهبت للاختباء بشقة مصطفى.
***********************