سقط من عينيها
الجزء السابعفي الليل تسلل شخص لغرفة متطرفة ببيت سامي ليجد نوال وبصحبتها ماجد بانتظاره
ـ سعفان بحيرة: أمال سي سامي فين يا ست أم طاهر؟
ـ نوال بهدوء: أضطر يسافر مصر الليلة وعشان كده بعت لك ماجد ابننا عند سالم.
سعفان وهو يفحص ماجد بعينيه: ربنا يخلي ما هو سالم قالي وأكدلي أن اللي جاله ابنكم الأستاذ، ربنا يحميه، بس افتكر نستنا سي سامي.
ـ نوال بهدوء: وهى دي أول مرة يبقى الكلام أو حسابك معي لو سامي مش موجود، وبعدين هو كان لازم يسافر قبل اللى هيحصل الليلة عشان يبقى فى شهود أنه بعيد.
ـ سعفان بدهشة: الليلة هو طلبكم أنتوا عايزنه بالسرعة دى!
ـ نوال بحزم: لازم الليلة يا سعفان، وعلى فكرة دول عمليتين مش عملية واحدة.
ـ سعفان بغموض: أسمع اللى عندك يا ست.
أخبرته نوال بالمطلوب منه لينعقد جبينه وهو يقول بخفوت: بس دول عمليتين أصعب من بعض وعايزين رجاله ياما، لا مختار جابر قليل، ولا الشغل في مصر سهل، وأنت عايزه كل حاجة تتم الليله.
ـ نوال بحزم: لو مش الليلة يبقى ملهاش لازمة [باستفزاز] ولو مش قدها ممتكسفش، قول وسامي يتصرف.
ـ سعفان بغلاظة: عيب الكلام ده يا ست، مش سعفان اللى تكبر عليه حاجة، أنا بس بافطمك أن الموضوع صعب وعايز رجاله ياما وفلوس كمان.
ـ نوال ببساطة: اللي أنت عايزه هتاخده وبزيادة، وده لا أول ولا أخر تعامل مابينا.
ـ سعفان بحزم: يبقى أتفقنا مين هيدلنا على المطلوب.
ـ نوال بتوتر: المفروض أن سامي كان قايل أن ماجد هينزل مع رجالتك مصر وطاهر هيروح يورى التانين المزرعة بس طاهر من الصبح مختفي وبنكلمه تليفونه مقفول.
ـ سعفان بسخرية: يمكن خاف يروح مع رجالتي.
ـ نوال بحده: مش ابني اللي يخاف يا سعفان، وهو حتى ميعرفش أى حاجة عن الموضوع اساسا لأنه جه فجأة ومن ساعتها وأنا بدور عليه أبلغه مش لاقياه.
ـ سعفان بحيرة: تفتكرى يكونوا سبقوكم ومسكوه.
ـ نوال باستنكار: لا طبعا تلاقيه هنا ولا هنا عادى وهيرجع المشكلة أنى كنت محتاجه معك عشان نخلص.
ـ سعفان بسرعة: خلاص نأجل واحدة من العمليتين.
ـ نوال بحدة: قلت لك مش هينفع لازم الليلة دي، أنت قدامك قد أيه وتكون جاهز.
ـ سعفان بتفكير: حوالى ساعة أو ساعة ونص عقبال ما الم الرجالة.
ـ نوال بنفاذ صبر: خلاص يمكن يكون جه ساعتها، ولو مجاش ماجد يطلع برجالة يوريهم المزرعة ويسيبهم هناك ويرجع بسرعة للرجالة الباقية ويطلعوا على مصر.
ـ ماجد بعصبية: ازاى يعني.
ـ نوال بحزم: خلاص يا ماجد، نتكلم بعدين، وأنت ياسعفان أتوكل على الله لم رجالتك ولما تيجى ليكون طاهر رجع يا نعمل زى ما قولت لك.
والتفتت لماجد بعد انصراف سعفان صائحة: احنا هنقف نتناقش قدامه يا ماجد.
ت ماجد بانفعال: وانا أعمل أيه وأنت طالبة منى أقوم بكل حاجة وفى ليلة واحدة.
ـ نوال بنعومة: طيب عندك حل تانى، وعامة يمكن طاهر يكون رجع أو تليفونه أتفتح ويروح هو، أطلع بس أنت حاول ترتاح الساعة دي، لأنها هتبق ليلة طويلة قوي.
***********************
بعد ثلاث أيام ببيت سامى
سامى يرقد بفراشه بحالة مزرية ومنيرة تقف بجواره تلح عليه بتناول الطعام
الذى عافته نفسه منذ ما حدث
ـ منيرة بحنان: يا عمى مش هينفع كده، أنت قاطع الزاد من يوم اللى حصل والدكتور قال أن ده خطر عليك.
ـ سامى برجاء: قولي لطاهر أني عايز أشوفه، قولي له أنى تعبان قوي ومحتاجه.
ليتفاجأ بصوت طاهر القاسى صائحا: محتاج أيه يا حاج، محتاج أيه وأنت نايم فى فرشتك ومعاك اللي بتخدمك، ودكتور داخل ودكتور طالع، سيبني بقى أشوف اللي مرمية فى التخشيبة هي وابنها ومحدش معبرهم.
ـ سامى بانكسار: والله يا طاهر ما أنا اللي بلغت ولا أنا اللي صورتهم، أنا كنت محبوس فى أوضة الكيماوي، وبعدين سمعت المفتاح بيتفتح أفتكرت حد منهم هيدخل لكن محدش دخل، فضلت ساكت شوية وبعدين قربت وجربت أفتح الباب لاقيته بيتفتح ومفيش حد بره، خرجت جرى بره الدار كلها، كنت هاستخبى فى أى حتى لحد ما أروح أرجع كل حاجة باسمى بالتوكيل، لكن جاتني غيبوبة السكر وفوقت لاقيت نفسي بالمستشفى، وأتفاجأت زيك باللى حصل.
ـ طاهر بسخرية: يعنى مين اللى هيكون عملها، منيرة وبايتة مع أمها العيانة بقالها ليلتين، وأنا ونصيبى أنى أتسرق ويغمى على وقتها ومرجعش ليلتها، يعني ماحدش غيركم أنتم التلاتة هنا [باسى] لو كان ماجد أتقبض عليه تلبس صدفة عمره ما كان هيجيب سيرتها لو قطعوه نسايل، لكن الفيديو اللي مع مختار ليها وهى بتتفق مع غسان هو اللي وداها في داهية، ومش بس كده ده بدل القضية بقوا قواضى، لأن الفيديو كان فى الأتفاق كمان على خطف حياة وأغتصابها، عارف أنهم غلطانين، لكن كان ممكن تربيهم بأى طريقة تانية غير دي، أنا لايمكن أسامحك على اللي عملته ده ولو أنت لسه موجود هنا فده عشان خاطر ربنا ومحايلة منيرة اللي أنت ياما بهدلتها، ولعلمك أنا وماجد لغينا التوكيل وأنت فى غيبوبة السكر وهو وأمي عاملوا لى أنا توكيل، ولو راحوا فى داهية بسببك أنا مش هارحمك.
وخارج مهرولا من الغرفة بغضب لتتابعه منيرة قائلة بحزن: ليه كده يا أبو مروان طول عمرك حنين ويوم ما تأسى، تأسى على أبوك.
ـ طاهر بحنق: وهى أمى وهو رماها فى السجن بايديه، وحتى مستكبر يعترف، طول عمره بيتعامل معي على أنى غبي بس المرة دى فاكرني مجنون عشان أصدق أن الباب أتفتح لوحده والفيلم أتصور لوحده ومحدش غيرهم هنا، أنا لايمكن أسامحه ابدا.
غصت وهى تبتلع ريقها بتوتر: ربنا يصلح الحال.
فكرت بنفسها اذا كان هذا موقفه من والده لشكه بأنه من فعلها فماذا سيفعل بها أن هى اعترفت له كما كانت تنتوي بأنها من قامت بذلك، نعم فهى قد تسللت للمنزل لأخذ بعض الأموال من غرفتها بدون معرفة نوال، فقد أشتد المرض بأمها واحتاجت للمال لزيارة الطبيب ولم تشأ أن تراها وتعلم سبب قدومها لتهينها كالعادة بسوء حالتهم المادية ويزداد تجبرها عليها، ولكن بعد أن أخذت الأموال التى قد سمح لها زوجها من قبل التصرف بها كما شاءت، وأرادت من التسلل من المنزل دون أن يراها أحد، حتى أستمعت للحوار الحاد القائم بين والديه تتبعه رؤيتها لتدخل ماجد العنيف وكل ما حدث بعدها حتى حبسهما لوالده بالغرفة، لتنصدم بسماعها لما تنتوي تلك الحية بل والأبشع توريط طاهر زوجها الحبيب فى مثل هذه الجرائم البشعة، لتتسلل خارج المنزل بهدوء بعد انصرافهما، وهى تنتوى الا تسمح لهم أبدا بتنفيذ جرائمهما، فطاهر هو حب عمرها الذى واجه الجميع رغم ضعف شخصيته للارتباط بها، رغم كونها من الجانب الفقير بالأسرة، وكذلك كان دائما يهون عليها ويعوضها بحنانه جبروت أمه المستبدة، كما أنها تحب حياة التى تعاملها بحنان ولما تسئ لها ابدا، فقررت أن تتصرف فهى على يقين من ضعف زوجها أمام أمه، فأتصلت بعمها مختار فهو أبن عم والدها، وأخبرته بالأمر، وأخذت عليه عهد بإبعاد زوجها عن تلك المشكلة بدون أن يدرى أى شئ عن تدخلها، ليعدها بذلك مقابل أن تعود خفية وتسجل له المقابلة المرتقبة، والتزم كلا منهما بوعده فتسللت هى وسجلت لقاءهما بالمجرم، وبعث هو بأحد الأشقياء ليعترض طريق زوجها متعديا عليه حتى أغشى عليه فخدره وتركه بعد أن سلبه كل ما معه ليبدو الأمر وكأنها حادث سرقة تمت بلا ترتيب، وفتحت لسامى الباب بالمفتاح الأحتياطى فى طريقها لبيت أبيها رحمة به، لتفاجأ بأن فعلتها تلك تسببت باتهام طاهر له بأنه من زج بوالدته فى السجن، لتلتزم الصمت بعد أن رأت نيران الغضب بعيني زوجها لأول مرة، ففى كل الأحوال فسامي ليس بالشخص البرئ، وهى لم تفعل ما فعلت إلا أنقاذا للجميع من جنون حماتها واجرامها.
***********************
بعد شهر بمنزل مصطفى
تدخل سهير لغرفة حياة لتجدها مرتدية ملابسها ومستعده للخروج
ـ سهير بحنان: هتخرجى من الجامعة على بابا؟
ـ حياة بابتسامة: ما انت عارفة الجدول ياست الكل، اخلص محاضرات يوم الخميس واجرى عليه، ويوم الحد بارجع من عنده على الجامعه الظهر وبرجع هنا، زى زمان أيام المدينة الجامعية عشان ميحسيش بأن فى حاجة أتغيرت.
ـ سهير بتردد: وهو عامل أيه؟
ـ حياة بابتسامة: الدكتور بيقول أن حالته أفضل؟
ـ سهير بتلعثم: حياة يا حبيبتى أنا ماقصرتش مع بابا.
ـ حياة بصدق: طبعا يا ماما، بالعكس الدكتور بيقول أن الفترة اللى عيشتوها سوا كانت عامل مهم فى استقرار حالته [بحزن] بابا مكنش عنده ضعف ثقة أو شخصية عشان معاملتك اللطيفة المحترمة تساعده،بابا كان مريض بالدونية بسبب تاريخ طويل من التحقير والانتقاد المستمر من قبل حتى ما يعرفك، هو كان محتاج مساعدة طبية من زمان، بس طبعا لا ظروفكم ولا ثقافتكم وقتها كنت تستوعب ده، أنت عملتي اللي عليكي وقتها حسب امكانياتك، احترامتيه واتعاملتي معه بانسانية رغم أنك لو كنت عملتي عكس كده مكنش هيعترض، بس هو كان محتاج أكتر من كده بكتير، خصوصا بعد ما أستسلم كالعادة وأضطر يخذلك، وده خلا حالته تنتكس وتحصله اضطرابات شخصية.
ـ سهير بتردد: امال أنا ليه حاسة أنك بتبعدى عنا وقاعدة لوحدك معظم الوقت
ـ حياة بأسى: ماما اللى حصل مكنش قليل، مش متخيلة أنى كنت بالغباء ده، أزاي ماشوفتهمش على حقيقتهم كل السنين دي، أزاي حبيت واحد زى الحيوان ده فى يوم من الأيام، صدمتي فيه في المستشفى كوم وصدمتى بعد ما عرفت اللي كانوا ناويين لى عليه كوم تانى، لولا أن وكيل النيابة وراني الشريط كان لا يمكن أصدق أن هم بالاجرام ده حتى وأنا عارفة أن مرات خالى مش بتحبني بس مش للدرجة دى.
قاطع نحيبها كلماتها لتحتضنها سهير بحنان: حبيبتى ده مش غباء منك الصورة اللى كانت قدامك أن خالك هو اللى أستحمل عارى ومتخلاش عنك، فطبيعي تثقي فيه، مش ذنبك أنهم مجرمين، عشان خاطري يا حبيبتي أنسيهم أنا ما صدقت أنك رجعتيلي ونفسي أشوف الفرحة فى عينيكي زى زمان.
ـ حياة بابتسامة: أن شاء الله.
***********************
بغرفة حياة فى شقة مصطفى
استيقظت حياة على صوت منار المحتد وهى تتحدث بهاتفها.
ـ منار بضيق: فصلته من الكهربا ورجعتها مرتين وعملت له رستارت أربع مرات وبرضه مفيش فايدة، برضو مش لاقط واي فاي، امال المشكلة من عند مين، حرام عليكم والله ده مش أسلوب، أوك هاجرب وأكلمك تاني، سلام.
ـ حياة بتعجب: في أيه! اهدى يابنتى مش كده.
ـ منار بانفعال: عملت لموبايلي ضبط امبارح ومن ساعتها مش لاقط الواي فاي وأنا لازم أدخل جروب البحث بتاعى عشان أعرض لهم اللى أنجزته ونربط شغلنا ببعض لأن الدكتور هيستلمه بعد بكره.
ـ حياة بهدوء: طيب شركة النت قالت لك أيه؟
ـ منار بغيظ: بتقول أن بدل باقية التليفونات شغالة يبقى يا أظبط تليفوني يا أظبط إعدادات الراوتر.
ـ حياة بدهشة: طيب ماهى معها حق، على فكرة فى تليفونات مش بتحس بإعدادت معينه، كانت زميلتى فى المدينة الجامعية مهندسة كمبيوتر وفعلا كانت بتقول ان اوتو اتناشر وتلاتاشر فى تليفونات مش بتحس بيها وأفضل إعداد هو اتو ستة.
ـ منار ضاحكة: أوتو أيه يا توتو، هو أنا كنت فاهمة من اللى عاملة تقولى ادخلي lan في الإعدادت عشان جاية تقولي لي أتو.
ـ حياة ضاحكة: أنت مشكلة هي ذنبها أيه أنك بتشتغلى على النت ومش بتفهمى الإعدادت، على فكرة بقى بتوع الكول سنتر دول بيصعبوا على، كله بيزعق لهم مع ان ملهمش ذنب وشغلتهم صعبة وبتصدع وتأذي الودان.
ـ منار برجاء: يبقى تساعديها وتدخلى زى الشاطرة تعملى الأتو ده، هادخل أخد شاور عقبال ما تظبطيه.
ـ حياة بتردد: لا طبعا مش هينفع أدخل للراوتر.
ـ منار بابتسامه: يعنى علشان فى أوضة أحمد، ياستى هو فين أحمد، لسه بدرى ده بيجى بس ساعة الغدا، وكمان عنده المحاضرة الأولى ونزل مع بابا وماما ويوصلوه فى طريقهم عشان عربيته فى الصيانة.
اضطرت حياة للرضوخ لالحاح منار واتجهت لغرفته مترددة مضطربة المشاعر، دلفت لغرفته فوجدتها غرفة رجولية بسيطة تتمتع بحسن الذوق، جلست على مكتبه وقامت بتشغيل حاسوبه لتجد وصول اشعار برسالة من محادثة يجريها أحمد مع أحد أصدقاءه تجاهلت الأشعارات المتبادلة للمحادثة فهى تعلم بأن رؤيتها لرسائله تجسس نهى الله عنه لولا التقاطها لتلك الكلمات التى أرعبتها.
ـ أحمد: بس هو بابا حياة تعبان شوية وعنده شوية ظروف
غامت الدنيا امام عينيها هل والدها مريض ولماذا يخفون الأمر عنها، و كيف ذلك وهى تهاتفه يوميا ولم تلاحظ شئ، لم تشعر بيديها وهى تمتد لتفتح المحادثة لترى باقى الحديث فوجدته مبهم لا يطمئنها على ما اصاب والدها.
ـ أحمد: أنت اللى حسيت كده لأنى طبعا لما بأكلمك ماينفعش أحكيلك عن ظروفها أنا باحكى اللى يخصنى أنا وبس ومشاعرى ناحيتها.
فزادت حيرتها ورغبتها فى الأطمئنان على والدها فتفقدت المحادثة من بدايتها لتجد
ـ شادى: عملت أيه قولت لها.
ـ أحمد: لا طبعا الوقت مش مناسب.
ـ شادى: أنت هتجنني الأول كنت بتسافر لها كل شهر تشوفها من بعيد ده غير أيام الإمتحانات اللي كنت بتتبهدل كل يوم رايح جاى عشان تتطمن عليها وقلت لك كذا مرة وقفها واتكلم معها كنت تقول أن الوقت مش مناسب عشان خالها ميعرفش أن حد من طرف والدتها بيتواصل معها ويحرمها من تعليمها.
ـ شادى: ولما قابلتها فى الكلية قولت لك كلمها قلت الوقت مش مناسب لانها واخدة فكرة غلط عن جواز باباك ومامتها ومش هتتقبل كلامك.
ـ شادى: وتعبت لما أتخطبت وقلت لك اتكلم معها قلت خلاص مابقاش مناسب تفتح معها موضوع زى ده لأنه حرام نخطب عل خطبة حد.
ـ شادى: ودلوقتى لما طلع اللى اتخطبت له زبالة وهى اكتشفت حقيقته وبقيت مراتك على سنه الله برضو بتقول الوقت مش مناسب.
ـ شادى: تعبيرات رمزية لوجوه غاضبة.
ـ أحمد: يابني مش مراتي، أنا مقتنع برأيها، مفيش رضا يعنى مفيش جواز وهي مارضيتش بي.
ـ شادي: وهي شافت منك أيه عشان ترضى بك، طول الوقت بعيد ومش ظاهر فى الصورة، حتى دلوقتى ممكن تقولى سيبت أوضتك ليه، أنتم مش لوحديكم فى الشقة، يعنى مش خلوة، ووجودك كان هيقربكم من بعض وتاخد عليك ويمكن ترضى وجوازكم يبقي حقيقة.
ـ أحمد: سايبها عشان حياة تعبت كتير واتحرمت من مامتها كتير ونفسي ترتاح وتشبع من مامتها براحتها ووجودي كان هيقيد حريتها ويضغط عليها ويمكن تفكر ترجع بيت الطالبات وأنا مش هاقدر على ده، أنت مش متخيل وقت الغدا ده بقى بالنسبة لي ايه، بقيت استناه طول اليوم وبالغى أى ميعاد يتعارض معه.
ـ شادى: تعبيرات رمزية لوجوه غاضبة.
ـ شادى: يا فرحتى بالغدا معها وانت ما بتفتحش بوقك بكلمة ، وفاكر أنها هتحس بك، أراهنك لو مفتكرتش سكوتك ده تجاهل وأنك سحبت طلبك لأيدها.
ـ أحمد: لا طبعا أنا قولت لها أن عرضي قائم لأخر يوم في عمري.
ـ شادى: بتصرفاتك دى هتفتكره كان كلام وخلاص.
ـ أحمد: يعنى أعمل أيه، بحبها وكل حاجة فيا فاضحاني، ساعات بحس ان نظراتي ليها مكشوفة والكل حاسس بيا فبحاول اتجنب ابصلها حتى، خايف نظراتي دي تكون محرجة ليها او تفهمها غلط، بحبها وبخاف اضايقها أو أضغط عليها عشان تحس بحبي، لا طبعا، راحتها عندى بالدنيا.
ـ شادى: محدش قالك ضايقها بس اتحرك شوية، أيه رايك توريها الكنز بتاعك بدل ماهو مرمى فوق الدولاب.
ـ أحمد: ياريت يجي يوم واقدر اوريه لها واحكى لها كل اللي فى قلبى بس هاقولها ايه أنا كنت بسرق حاجتك من أمك لما الاقيها قدامي، ده انا مكسوف من نفسي أنى عملت كده وأستغفرت ربنا كتير عشان يسامحني، ووقتها أنا كنت مراهق، وأنت تقولى وريه لها.
ـ شادى: طيب ما تزعليش انا بس كنت عايزك تتحرك وتاخد بالاسباب.
ـ أحمد: ما أنا باعمل كده فعلا، بادور على راحتها وأكيد هي حاسه بده، بأقرب من والدها وبزوره وبقى بيحبني جدا، بابني نفسي ومستقبلي عشان أستحقها، وأهم من ده كله باطلبها من ربنا في كل صلاة.
ـ شادى: ربنا يستجيب بس بصراحة، باباها ده هو اللى هيجنني، هو فين من كل ده،. كلامك عنه غامض هو مسجون أو رميها.
ـ أحمد: لا طبعا أبوها انسان محترم جدا.
ـ أحمد: بس هو بابا حياة تعبان شوية وعنده شوية ظروف.
ـ أحمد: أنت اللى حسيت كده لأني طبعا لما بأكلمك ما ينفعش أحكيلك عن ظروفها أنا باحكي اللى يخصنى أنا وبس ومشاعرى ناحيتها.
أغلقت المحادثة وهى بحالة من الهذيان ونبضات قلبها تهدر بعنف وضعت يدها على قلبها تهدئ من روعه فهي لاول مرة تشعر به ينبض هكذا حتى انها ظنت لوهلة انه سيتوقف فجأة، بدأت تسترجع المحادثة بعقلها رويدا وتحلل الكلمات وتفسر المواقف التي عرفتها توا، واحتلت الدهشة قسمات وجهها هل يكن لها أحمد كل هذه المشاعر، إلى هذا الحد لم تشعر به وكانت معدمة الاحساس، حبا كبيرا بهذا الحجم كيف لم تلمسه أو تنتبه له، لما كانت طوال الوقت تعتبر أن ما قام به تعويضا لها عن امها تخفيفا لتأنيب الضمير الذي يجب ان يشعر به بعد ان تمرغ بحنان امها وهي لا، ولكن ما ذنبه هو بفقدها لوالدتها اذا كانت والدتها نفسها غير مذنبة اساسا، اذن لما كانت من بلدة المشاعر لهذا الحد ولما كانت تفكر بطريقة جوفاء محورها هي وظروفها وفقدها فقط.، ثم ما هذا الكنز الذى يتحدثون عنه، انتقل بصرها بشكل لا إرادى لأعلى خزانته، وهى تتسائل هل من حقها أن ترى هذه الأشياء ولما لا الم يقل الأن أنها أشياءها هى وهو من سرقها وبل وأنه ايضا يتمني أن يعرضها عليها يوما، عند هذا الحد من التفكير تحركت تجاه الخزانة وهى تحمل ذلك الكراسي الذى كانت تجلس عليه توا، فوضعته أرضا مجاور للخزانة وصعدت واقفه فوقه تلوح بيدها فوق الخزانه حيث طولها لا يسمح لها برؤية شئ، لتصدم يدها بشئ صلب، تسحبه بهدوء لتجد صندوق صغير غير محكم الغلق، تحتضنه باهتمام لتنزل من على المقعد، تجلس على الفراش لتفتح الصندوق بروية لتحدق عينيها بدهشة وهي تفحص محتوياته التى كانت عبارة عن فستان لها وهى طفلة، ثلاث أوشحة صغيرة كانت تخصها، لعبتها المفضلة فى الماضي، عدة صور فوتوغرافية وهى تحتضن فاطمة فى عدة مناسبات بعد هروب والدتها، تمددت مسترخية وهى تفكر وقد وضحت لها الأمور تماما، فتلك الأشياء عدا الصورمن ضمن محتويات الحقيبة التى أعدتها لها والدتها من أجل هروبهما، تركها خالها وراءه حين حملها بعيدا عن أمها، وأحمد اخذ بعضها خلسة فى مراهقته ليتذكرها بها ويطفئ شوقه لها بملامستها، كما كان ايضا يأتى كل هذه المسافة لرؤيتها، ورغم عنها وجدت ذهنها يعقد مقارنة بين أحمد وماجد، بين من لم يفكر او يعمل الا لراحتها ومن بذل كل جهده ليذلها ويستولى على اموالها، بين من يحترم والدها ويستر عيوبه امام شخص لا تعرفه اساسا ومن كان يستمتع بالسخرية منه بكل فرصة متاحة للتقليل منه وهز ثقتها بنفسها، بين من يجاهر بمعصيته متفاخرا بمعاشرته للنساء ومن يستغفر الله لاحتفاظه ببضعة اشياء بلا قيمة ولم يفتقدها اصحابها حتى، بين من يطلبها من الله بصلاته ومن كان يتحايل ليحصل عليها بورقة لا قيمة لها، هى مصدومة منذ معرفتها بما انتوى لها ماجد ووالدته لولا رحمة الله بها، وهاهى صدمتها تزداد بمعرفة عمق ما يكنه لها أحمد، لتتورد وجنتاها عندما يصل تفكيرها لهذه النقطة، خاصة لأنتبهاها أنها الأن مسترخية على فراشه تتسرب اليها رائحته الرجولية، فتنهض متوترة وتنظر الى متعلقاته التي امام المرآة وتعترف لنفسها انها مميزة وهادئة، وبإلتفاتة منها الى المرآة رأت على وجهها ابتسامة مشعة ووجهها محمرا وسألت نفسها عن سر تلك الابتسامة و منذ متى وهي جميلة هكذا منذ متى لم تنظر الى نفسها بإعجاب كما الان.. والكثير من الاسئلة تدفقت دفعة واحدة الى عقلها وترتها اكتر وسرت القشعريرة بجسدها واعادت نبضات قلبها الى الخفقان الهادر، استعاذت من الشيطان واستغفرت ربها وتمتمت بكلماته المعهودة تهدئ من روعها ومن خفقان قلبها، اعادت الصندوق الى مكانه بعد أن أعادت محتوياته اليه ورتبت الغرفة كما كانت قدر المستطاع، وأغلقت حاسوبه بعد ضبط اعدادات الشبكة العنكبوتية كما طلبت منار، ووقفت على باب الغرفة تتطلع لها بنظرة جديدة، فدخولها اياها كان بداية لخروجها من حيرتها التى داهمتها منذ عودتها من النيابة ومشاهدة تدبير ماجد ووالدته.
***********************