الجزء الثالث

6.8K 179 8
                                    

سقط من عينيها
الجزء الثالث

بعد ثلاث أيام ببيت سهير
ـ سامي بصوت هادر : يعنى أيه الأرض انشقت وبلعتهم، ما أنت لو كنت راجل ما كانت تتجرأ تعمل عملتها دي.
ـ فاروق بخفوت: والله وافقت وقالت هتسافر معايا.
سامي بتهكم: كانت بتضحك عليك يا مغفل، بس والله لو ما رجعوا ما في قدامى غيرك أنتقم منه على فضيحتنا.
أنكمش فاروق مكانه ولكن أنقذه من غضب سامي طرقات مهذبه على الباب فهب ليفتح مسرعا داعيا للطارق بنفسه لإنقاذه من نوبة غضب سامي.
ـ مصطفى بود: السلام عليكم.
ـ فاروق بترحيب: وعليكم السلام، أهلا يا باشمهندس، سعادته سامى بيه الغمراوى أخو مراتي، والباشمهندس مصطفى جارنا.
ـ مصطفى بهدوء: أهلا، كنت عايزك فى موضوع يا فاروق.
ـ فاروق بحرج: أسف يا باشمهندس عندنا ظروف كده، لو حضرتك عايزنى، يومين بس نخلص منها واجي لحضرتك البيت.
ـ مصطفى بحرج: أنا عارف الظروف دي وده اللي جابني.
ـ سامى بغضب: عارف ايه بالضبط؟
ـ مصطفى بحرج: عارف أنكم مش لاقين مدام سهير.
ـ سامي بحده: وأنت عرفت منين؟ 
ـ مصطفى بطيبة: هي كلمتني عشان أجي أخد بنتي، وفهمت منها المشكلة، وطلبت منها تستناني أما أجي وأتفاهم معكم، وأكيد أنتم عايزين مصلحة بنتكم، ومش هيرضيكم تضيعوا مستقبلها وتسيب تعليمها، أنا مرضيتش أقولها أنى هاجي عندكم الأول كنت خايف تهرب لأنها خايفة منكم قوى.
ـ سامى بهدوء غريب: تخاف من أيه، احنا أهلها زى ما أنت قلت، ولو كانت قالت أنها مش موافقة محدش كان هيغصبها، الجواز مش بالعافية.
ـ مصطفى بسعادة: والله أنا كنت متأكد أنها أتسرعت، بس أنت عارف قلب الأم، بس كويس أن حضرتك شخصية محترمة وتقبلت الموضوع بالبساطة دي.
ـ سامى بلهفة: طبعا دي في الأول و الأخر أختي، ويهمنى أمرها، هي فين دلوقتي.
ـ مصطفى بعفوية: هي مع بنتي في شقتي، أنا قولت الأصول أجي من شغلي عليكم ما يصحش أروح هناك في وجودها.
ـ سامي بغموض: ابن أصول بصحيح، بينا نروح نجيبها، عشان تعرف ترتاح في بيتك.
***********************
بشقة مصطفى استمعت سهير لصوت جرس الباب يرن بإلحاح ثم الباب يفتح وصوت مصطفى وهو يقول: أتفضلوا يا جماعه، أتفضل يا سامي بيه، أتفضل يا فاروق، البيت بيتكم.
صعقت وهى تسمع أصواتهما ترد تحيته، لماذا باعها، هي لم تقدم له ولأولاده إلا كل خير، فلماذا فعل هذا بها، وكيف وإيمان دائما كانت تصفه بالاحترام والطيبة وهذا ما جعلها تثق به فلماذا خان ثقتها، انتزعها نداءه من صدمتها.
ـ مصطفى بحماسة: مدام سهير، مدام سهير.
خرجت كذبيحة تساق لقدرها، ورأت نظرات الشماتة بعين أخيها، واللهفة بعين زوجها، والابتسامة بعين خائنها، واستمعت لصوته السعيد وهو يقول : أهو يا ستي أنا أتفاهمت مع سامي بيه والراجل تقبل الموقف، وهترجعي بيتك معززة مكرمه، وكمان صرف نظر عن موضوع الجواز.
إذا هو ليس بخائن وليس بنفس الطيبة التي وصفته إيمان بل فاقها بمراحل حتى  وصل لمرحلة السذاجة فكيف يظن بأن سامي سيتقبل الأمر بهذه البساطة ويترك ثروتها التي يسعى إليها ولكن قد يكون هذا هو السبب فهي قد شرحت له الأمر بدون تفاصيل ولا يعرف شئ عن هدف أخيها الحقيقي من تلك الزيجة، لا تعرف لما ارتاحت لمعرفتها انه لم يخن ثقتها رغم أن ذلك لن يفرق في موقفها شئ.
ـ سامي بشماتة: ولازمتها أيه الجوازة بقى وهى هاتمضي على اللي عايزه وكمان، هترجع هي وبنتها يعيشوا في بيتي، ولا أيه رأيك ي.. [قطع كلامه جرس الباب فذهب بنفسه ليفتحه ويدخل أربع رجال يبدو من مظهرهم وأسلحتهم أنهم غفر أو أفراد حراسة لينتشروا بالشقة بشكل مقلق].
ـ سامى بغموض: لا مؤاخذة  يا باشمهندس لما سيبتك بتشرب الشاي كلمت رجالتي عزمتهم عندك أصلي ما استغناش عنهم أبدا، قولتي أيه يا سهير هتمضي على ورثك وترجعي بيتي ولا لا.
ـ سهير بحده: أنت بتخرف ارجع فين وأمضي على أيه.
ـ سامي بحده: احترمي نفسك يا سهير، ومن ناحية هتمضي فأنت هتمضي، ولو ما مضيتيش على التنازل، يبقى هتمضي على محضر الزنا اللى هيتعملك أنت والباشمهندس.
ـ مصطفى بدهشة: أنت أتجننت أنت بتقول أيه، وهم بالتحرك ليمنعه أحد رجال سامي.
سامى بحقارة: بقول اللي البلد كلها هتشهد عليه، الهانم بقالها ثلاث أيام هربانة من بيت جوزها، والبلد كلها عارفة إننا بندور عليها، ولاقينها في بيت رجل عازب، يبقى أيه؟
ـ مصطفى بدهشة: أنت عارف أني كنت في شغلي، ولما رجعت، رجعت على عندكم.
ـ سامي بقذارة: اللي أنا أعرفه، أني جيت هنا أنا ورجالتي بعد ما سمعنا أنكم والعياذ بالله عايشين في الحرام، ولما جينا لاقيناكم فى وضع  يغضب ربنا.
ـ مصطفى بغضب: أنت تعرف ربنا أنت ورجالتك شهود الزور، بس على فكرة حسبتها غلط، الوحيد اللى من حقه يقدم البلاغ ده جوزها وأكيد مش هيظلم مراته عشان بتدافع عن مستقبل بنته.
نظرت كل الأعين إلى فاروق الذي أنكمش وجسده ينتفض وقد حاكى وجهه وجه الأموات في شحوبه.
ـ فصرخ به سامي وهو يلكزه بكتفه : هتكدبني يا فاروق وتعصى أمري.
ـ فاروق بصوت مرتجف: ما عاش ولا كان اللي يكذبك ولا يعصى لك أمر يا سي سامي.
فغر مصطفى فمه دهشة، فما رآه أمامه لا يصدق، ...... عديم الرجولة هذا يتهم أخته بالزنا زورا وبهتانا ليستولى على ميراثها، وذلك الديوث الذي يوافقه خوفا وجبنا، والأغرب تلك التي انهارت في البكاء بعد أن سمعت اتهام أخيها القذر وفجأة وبمجرد أن سمعت رد زوجها المخزي توقف نحيبها فجأة وأخذت تتطلع لزوجها بنظرات غريبة و كأنها جنت وقد تأكد من ظنه هذا عندما وقفت أمام زوجها لتقول بهدوء: طلقني يا فاروق. 
ـ سامى بتهكم: ما هو أكيد هيطلقك بعد الحكم، أيه اللي يخلي على ذمته واحدة خاينة ورد سجون، إلا لو عقلتي ومضيتي، ساعتها نبقى نشوف مسأله الطلاق بعدين.
وقفت للحظات صامته وكأنها تفكر بالأمر ثم تركتهم وأتجهت لأحد الغرف فمنعها
أحد رجال سامى من الدخول بناءا على وأمره.
ـ سامي بحده: رايحه فين مش عايزين نزعج البنات.
ـ سهير بتحدي: أنا مكنتش هاصحي البنات أنا كنت داخلة الف نفسي بالملاية عقبال ما تتطلب البوليس.
ـ سامى بغضب: يعنى مش خايفة من السجن، خلى بالك احنا بعيد عن الأنتخابات والف مين يخدمنى.
ـ سهير هازئة: وهاخاف من السجن ليه وأنا داخله مع عزوتي وناسي.
ـ سامى بحيرة: عزوتك!
ـ سهير بتهديد: أيوه، المحامى وهو ماسك قضية الزنا، هخليه يرفع لي يرفع دعوى فرز وتجنيب واستلم ميراثي وكمان قضية سرقة وخيانة أمانه وتزوير في أوراق رسمية، أصل أنا عارفة أنك بعت حتة أرض من ورثى لما كنت تحت وصايتك، وعارفه أنك خليت فاروق شاهد على العقد عشان لو عرفت أخاف ابلغ، بس طبعا دلوقتي لا أنت ولا هو تهموني.
ظهر الذعر على فاروق و التوتر على سامي  الذى قال : أنا عندي اللي يخرجني، أنت ملكيش حد، وبنتك وعيال الباشمهندس هيتشردوا.
ـ سهير بتحدى:  لا ما هو أنا لما أروح النيابة هاعترف أنى كنت بجيله وباخد فلوس، و بدل قضية الزنا هتبقى دعارة وهو هيبقى شاهد ويخرج، وطبعا هيشلها لى جميلة ويحط بنتى فى عنيه وأنا هكتب ورثى كله بأسمها وهو وصي بس، وتعيش ملكة زمانها وفلوسها هتنسى الناس أمها وأبوها.
ـ سامى بصياح: بقيتى واعية كده من امتى.
ـ سهير بسخرية: لا ما هو الكلب بتاعك كان مش وفى قوى، أنا كملت تعليمى واخدت الثانوية العامة، ومرات الباشمهندس كانت محامية وكانت بتفهمنى كل حاجة.
نظر سامى نظرات متوعدة لفاروق الذي زاد انكماشا وشحوبا.
ـ سامي بتحدي: بس أنا متأكد أنه لا يمكن تفضحي نفسك بالشكل ده.
ـ سهير بقوة: الحاجة الوحيد المؤكدة أنى مش هسيب بنتي للعقربة مراتك تذلها وتنتقم منها.
ـ سامى مهادنا: خلاص زي ما قولتى، أكتبى كل حاجة باسم البت تحت وصاية أبوها وهو أولى من الغريب.
ـ سهير بتهكم: وتخليه يبيعها ويتسجن هو وتاخد أنت اللي عايزه وأضيع أنا وبنتي، لا أنا أكتب لها كل حاجة تحت وصايتك أنت، وأطلق وأفضل فى بيتى هنا.
ـ سامى باعتراض: وتفضلي تكرهيها في، أول ما تكبر تودوني في داهية انتم الاتنين، لا كتابها يتكتب على أبنى قبل ما تكتبي لها أى حاجة.
ـ سهير بعناد: بعينك، موتى أهون، بنتي هتكمل تعليمها، وهتتجوز اللي تختاره.
ـ سامي بنفاذ صبر: يا بنت الناس قدامك حل من ثلاثة، يا أما  أبلغ البوليس وأنا هتصرف فى موضوع التزوير بمعرفتي، ياما حياة تتجوز أبنى، يأما تتطلقي زى ما انت عايزة بس تسيبى البلد والبنت ومترجعيش هنا تاني.
ـ سهير بعد تفكير: هاطلق وأمشي، بس بنتي تفضل في بيتها ويبقى في شروط في العقد تخليه ملغي لو سابت دراساتها العادية أو الدراسات الإسلامية، أو أتجوزت بتسنين قبل ما تبلغ السن القانوني، التنازل كله يتلغي وكل حاجة هترجع ملكي. 
ـ سامى مستنكرا: وأنا أبقى أستفدت أيه؟
ـ سهير بغضب: مش مكفيك ثمان سنين تنهب خيرها لغاية ما تبلغ سن الرشد.
حاول سامي مساومتها للحصول على مكاسب أكثر ولكنه وجدها عنيدة تفضل السجن أو الموت على أن تترك أبنتها معدمه تحت رحمته هو وزوجته، فأضطر للقبول بالمتاح  أملا أن تتغير الأحوال بالمستقبل ويستطيع استرجاع حقه بالتفرد بثروة أبيه، مكتفيا حاليا بعودة الثروة تحت ولايته وتصرفه.
ـ سامي باستسلام: هاتصل بالمحامي يجهز العقود ويجيب معه موثق من الشهر العقاري.
ـ سهير بهدوء: وأنا هاراجع مع المحامي بتاعي بالتليفون.
ـ سامى ساخرا: وكمان بقى لك محامى.
ـ سهير متجاهلة تعليقه: وما تنساش تتصل بالمأذون مش هامضي على اي حاجة قبل ما امضي على الطلاق.
تركته ينظر لها بغل وجلست بمكان منزوى باخر الغرفة، رأت فاروق يقترب ليجلس أسفل قدميها.
ـ فارق باكيا متذللا: طيب بدل اتفقتم عايزة تطلقي ليه يا ست سهير، والله انا ما هاضيقك أبدا، وهاعيش خدام تحت رجليكي بس خليكي معايا، احنا نديهم البت تعيش معهم بشروطك، وأنا هتحايل على سي سامي يسيبنا عايشين هنا ونبقى نزورها وهترجاه ما يجيبش سيرة الخيانة قدام حد عشان البت ما تسمعاش، وهى لما تلاقينا مع بعض مش هتصدق حتى لو سمعته.
: سهير بدهشة مصطنعة: وهاترضى تعيش مع ست خاينة!
ـ فاروق باندفاع: أنت ست الستات قطع لسان اللي يقول عليكي كلمة بطالة.
ـ سهير بتحدي: سامي قال، هتقدر تقطع له لسانه.
زاغت عيناى فاروق وتلعثم وقال بصوت مهزوز: أنا والله بحبك، ومش هتلاقى حد يحبك قدي، أنت عارفة أنه غصب عنى اوعي تزعلي مني.
ـ سهير باحتقار: انا عارفة كويس قوي أنك بتحبني، بس حب العاجز المقهور، أنت رضيت لنفسك الذل والإهانة وأنا لا يمكن أرضي بده عشان كده مش هينفع نكمل مع بعض، أنا مش مأمنه على حياتي معاك جبنك خلاك تبيعني أنا وبنتي مرة وهتبيعنا تاني وتالت لو اضطريت، متخافش انا مش زعلانة منك، بس ياريتنى كنت زعلانة كان ممكن يجي وقت وأتراضى، أنا مش زعلانة منك ولا شايفاك أصلا يا فاروق، فى كل مرة كنت باشوف فيها جبنك كنت بتصغر في عينيي، خصوصا بعدما أتأكدت أنه بقي طبع صعب تغيره حتى لو ظروفك نفسها اللي جبرتك عليه أتغيرت، لحد ما وافقته على اتهامه سقطت من نظري نهائي، الست ممكن تعيش مع واحد زعلانة منه أو مش بتحبه أو حتى بتكرهه، لكن لا يمكن تعيش مع راجل سقط من نظرها، واتعرى من رجولته قدامها، أنا مش شيفاك رجل يا فاروق عشان أرضى أعيش معاك، أنت سقطت من نظري وانتهيت بالنسبة لي.
ارتفع صوته بالنحيب، تجاهلته سهير واتجهت للجلوس بجانب مصطفى تحدثه همسا: أنا آسفة يا باشمهندس أنى عرضتك للموقف ده.
ـ مصطفى بخجل: أنت اللي أسفه، امال أنا أقول أيه وأنا اللي عرفتهم مكانك، بس والله أنا ما كنت متخيل الموضوع كده وميراث وطمع ، وأن أخوكي وجوزك بالأخلاق دي.
ـ سهير بتسامح: عارفة يا باشمهندس وعشان كده مش زعلانة من حضرتك.
ـ مصطفى بندم: بس أنا زعلان من نفسي، المرحومة ياما اتكلمت عن عقلك وذكاءك كان المفروض افهم أن قرار هروبك مش تهور زى ما فكرت، كان المفروض اعرف كل الظروف قبل ما اتصرف وابوظ الدنيا، وانا فاكر نفسى بساعدك.
ـ سهير برجاء: ما انت هتساعدني فعلا، انا محتاجة حضرتك تتصل بأخوك المحامى وتقرأ له العقود اللي هيجيبها محامى سامي وتتأكد أنها بتضمن تنفيذ شروطي.
ـ مصطفى بصدمة: انت هتسيبى لهم بنتك فعلا!
ـ سهير باستسلام: ده أهون المصايب.
ـ مصطفى بحدة: لا طبعا، احنا ما اعملناش حاجة، سيبيه يبلغ، واحنا ندافع عن نفسنا
ـ سهير بيقين: وانت صدقت انه هيبلغ، لا طبعا، الاختيار ده مش موجود، لكن له بديل مش هيقولوا قدام فاروق لكن هينفذه وبعدين يحطه قدام الأمر الواقع.
ـ مصطفى بحيرة: يعنى ايه؟
ـ سهير ببساطة: سامى هيقتلنا أنا وأنت وهيحط السلاح في أيد فاروق ويقول قتلهم دفاع عن الشرف.
ـ مصطفى مصعوقا: مش ممكن!
ـ سهير بلوم: مش هتصدقني تاني، والله هو ده اللي هو هيعمله، هيخاف نتكلم فى التحقيق ونضغط على فاروق ويتنازل وما يبقاش غير الفضيحة، لكن لو قتلنا فاروق مش هيقدر يتراجع ويبرأني فتتحول من جريمة شرف لجريمة قتل يتعدم فيها، يعنى الاختيارات الحقيقية هي، اننا نموت بفضيحة وولادنا يتفضحوا ويتشردوا وسامي يخلص مني ومن فاروق وياخد حياة وفلوسها، أو أنه يجوز بنتي لابنه وبمجرد ما اتنازل عن فلوسي لها يطردني ويبعدها عنى زى ما عمل زمان في أمي ويبقى كده فعلا سيبتها لهم، أو الحل الأخير.
ـ مصطفى بلوم: أنك برضه هتسيبها لهم.
ـ سهير بغموض: قصدك اسيبهم لها، لو قدرت اضمن تحقيق شروطي يبقى هما اللي تحت رحمتها مش العكس، حياة أتربيت صح حفظت القران وعرفت حقوقها اللي ربنا كرمها بيها من فاطمة، وعرفت القوانين وحقوق المواطنة من إيمان الله يرحمها، وانا علمتها عزة النفس والكرامة، كل ده وهى في تانية إعدادي، لو قدرت اجبره يسيبها تكمل تعليمها الديني فى معهد الدراسات الإسلامية اللي فاطمة بتدرس فيه بعد موت والدتها، فاطمة هتراعاها ومش هتسيبها ده غير أنها تعرف حقها اكتر كانسانة كرمها ربنا ووصى الرجل عليها، ولما تكمل دراستها وتدخل الجامعة عقلها هيكبر ؛وتعرف الصادق من الكذاب ولما توصل التمنتاشر وهى حرة من غير ما تتجوز طاهر وتبقى تحت رحمتهم هيعاملوها كويس لتخرج من تحت طوعهم وتهرب ويخسروا كل حاجة.
ـ سامى مقتربا منهم: ده أيه الوشوشه دي كلها، يظهر ان الموضوع بجد مش تأليف، مش معقول خدتوا على بعض بسرعه كده.
ـ مصطفى بغضب: اخرس يا حيوان يا عديم الرجولة.
ـ سامى بوقاحة: أهدى يا عم السبع، اللي بينكم ما يهمنيش، بالعكس ده هيخلي المدام بتتكلم طبيعي وهي بتسجل اعترافها بالخيانة.
ـ سهير بصدمة: اعتراف ايه الله هاسجله!
ـ سامى بخبث: امال عايزة بعد ما تخرجى من هنا مطلقة ومحدش له عندك حاجة، تجري على البت تحكي لها كل حاجة، أنت هتسجلي أنك خنتي فاروق مع صاحبه وأنك اتطلقتي عشان ما تقدريش تبعدي عنه حتى لو هتبعدي عنها هي، ولو فكرتي ترجعي، هاسمعه للبلد كلها وخلي بنتك ما تقدرش ترفع رأسها تاني.
ـ سهير بعد تفكير: مش هاقول خنته هاقول حبيته واطلقت عشانه، ومش هسجل اى حاجة غير بعد الطلاق ويكون على الابراء.
ـ سامى بتهكم: وليه بقى الابراء مش عايزة حقك وانت خارجة مفلسة كده، ولا عارفة أن فاروق مفلس، حقوقك انا اللى هادهلك.
ـ سهير بحده: على الإبراء يا سامي قولت لك مبقتش جاهلة لو طلقني من غير إبراء هيبقى طلاق رجعي ومن حقه يرجعني في أي وقت، وطبعا بعد التسجيل اللي بتقول عليه يبقى أنا اتسجنت رسمي وباعترافي كمان، لكن طلاق الإبراء بيبقى طلاق بينونة صغرى وما ينفعش يرجعني الا بموافقتى.
ـ سامي بغل: ياه كل ده من الثانوية امال لو كنتي دخلتي الجامعة كننت عاملتي فينا أيه.
ـ سهير بدهاء:عايزة أدخل الاوضة اغير هدومى قبل ما المأذون والمحامى يجوا، ولا بتاع الشهر العقارى هيقول ايه وانا بهدوم البيت وممنوعه اتحرك.
ـ سامي برفض: استني لما حد يدخل يشيل حياة ينزلها العربية.
ـ سهير بعزم: ادخل اتاكد أن البنات متغطية وبنتي محدش من رجالتك يلمسها يا أنت يا أبوها ينزلها.
ـ سامي بتهديد: ادخلي غطيهم وأنا هادخل بعديكي بدقيقة واحدة ، وانا اللى هنزلها.
دخلت الى ابنتها مسرعة حاولت افاقتها ولكنها وجدتها تتململ بين يديها فهمست باذنها وهى تحكم عليها ملابسها.
ـ سهير بقهر: أنت قوية، ربنا حملك أمانه نفسك ولازم تكوني قدها، والحاجة الوحيدة اللى تعيبك الحرام مش العيب، محدش يقدر يكسرك الا لو أنت سمحتى بده ، الضربه قوية بس الضربه اللى ماتموتش تقوى.
***********************
عودة من الفلاش باك
ـ انتفضت حياة وهى تردد بهلع: حرام عليكى، أنت عايزة منى أيه، دمرتي صورتك قدامي زمان، وجاية تدمري، حياتي كلها دلوقتي.
ـ سهير بقلق: أهدي يا حبيبتي، ما تعمليش في نفسك كده، انا مش عايزة منك حاجة غير أني اطمن ان جوازك طبيعي، مش تكمله لجريمتهم زمان، ولو بتحبيه عندي استعداد أسامحهم كلهم وافرح لك بس يكون حقيقي يستاهلك.
تحاول حياة بعصبية فتح باب السيارة فلا تفلح فقد تحسبت سهير غضب ابنتها وهروبها قبل معرفة الحقيقة كاملة.
ـ حياة بانفعال: من فضلك افتحى الباب عايزة أنزل.
ودت سهير لو منعتها من النزول حتى تكمل لها باقية ما حدث بالماضي ولكنها أشفقت على ابنتها من حالة التخبط التي صارت عليها ففضلت تركها رحمة بها وشفقة عليها.
ـ سهير بقلق: هنزلك بس حتى لو انت مصدقه انى خاينة فربنا قال {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} حاولي تتأكدي من كلامي، وأنا زى ما قولت لك مش عايزة منك حاجة ولا حتى اعتذار كفاية انك تكوني بحضني عشان أنسى اللي حصل كله وأسامح.
فتحت سهير الباب فاسرعت بالخروج، وظلت تجري وكأنها تطاردها حتى وصلت لبيت الطالبات لاهثة وارتمت على سريرها وحمدت الله على عدم تواجد احدى زميلتيها بالغرفة، حاولت النوم أو حتى الامتناع عن التفكير بما قالت لها ولكنها لم تستطع فكلماتها ظلت تتردد برأسها وذكرها هذه بالفترة التي ظل اعتراف أمها يتردد برأسها بعد أن أسمعها خالها إياه، طالبا منها أن تعتبر أمها ميتة ولا تتحدث بهذا الأمر مع والدها فيكفيه ما شعر به من مرارة بعد اكتشافه لخيانة أمها، ووجدت تفكيرها يتجه رغم إرادتها لأمر طالما حيرها ففي نفس الوقت الذي منعوها من محادثته بهذا الأمر حفاظا على مشاعره لما يتوانوا جميعا عن التعريض به من وقتا لآخر مهنين له ولها به، كما تتذكر عدم اقتناعها بالأمر في البداية فأمها المحبة الملتزمة الحنونة أبعد ما يكون عن فعلة بتلك الحقارة ولكنها استسلمت للأمر بعد غياب أمها الطويل،  استاءت من نفسها وهى تجد أن كلمات أمها قد أثرت بها وجعلتها تفكر بأشياء تدعم تلك القصة الملفقة، ولكنها قررت أن تطبق أمر الله بكتابه العزيز الذي تحفظه وتحاول التبين مما سمعت حتى يكون قرارها عادل ولا تظلم أحد، وقد عرفت الطريقة والشخص الذي تستطيع استخلاص الحقيقة منه، ولكنها قررت ألا تتعجل السفر وستسافر في نهاية الأسبوع ،في إجازاتها المعتادة؛ حتى لا تثير الشكوك.
**********************
بعد ثلاث ايام فى بيت سامى
- حياة بابتسامة: خلاص اتفقنا يا ام مروان، كل خميس اول ما انزل المركز وقبل ما أروح بلدنا هافوت اسلم على خالى ومراته ونقف شوية فى المطبخ تعلمينى شوية أكلات، ماهو ما ينفعش جوازى يبقى بعد كام شهر، وانا مش بعرف اطبخ.
- منيرة بطيبة: أنت تؤمرى يادكتورة، انا كل اسبوع هاعلمك حاجة ومن هنا لحد الجوازة هتبقى طباخة نمرة واحد.
حياة بحماس: اتفقنا وانا كمان هاعلمك تحطى مكياج زى الممثلين، صحابي فى الكلية علمونى،  بس ما رضتيتش احط زيهم فى الشارع،  اتعلمت عشان احطه لماجد بعد الجواز وهاعلمك تحطيه لطاهر عشان ينبسط بك اكتر.
فى المطبخ
- منيرة بانبهار: تسلم ايديك يا دكتورة وانا اللى كنت فاكرة انى هعلمك زى ما قولتي، ده انت ست بيت جامد، طاهر بيحب المكرونه قوي، واكيد البتاعة اللي اسمها لازانيا دى هتعجبه اوى
- حياة بخبث: طيب احمدي ربنا ان احنا سلايف، لو كنا ضراير زى ما خالى كان عايز، كنت زمانى عاملها له ومجنناكي
- منيرة باندفاع: والنبى ما تفكريني ده انا ايامها كنت هموت، وقلت اكيد هيتجوزك لا سهير ولا فاروق يقدروا على جبروت نوال وجوزها، وماصدقتش ان سهير قدرت عليهم ولو على حساب سمعتها.
بترت كلمتها وقد شحب وجهها بعد ان تنبهت لما تفوهت به فلطمت خديها وهى تهمهم : يا نهار اسود، يا نهار أسود، ربنا يسترك لو عرفوا اللى قلته، يبقى بيتي اتخرب وهيحرمونى من عيالي.
- حياة مطمئنة : ما تخفيش محدش هيعرف حاجة، انا كده كده عرفت من أمي، بس لو مش عايزهم يعرفوا انك كمان قلتلي، قولي لي كل اللي تعرفيه عن اللي حصل ايامها.
******************

سقط من عينيها - بقلم منى الفولي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن